سورية: البنوك الإسلامية تستنجد بالعلماء لتفنيد الشبهات والتوعية بالمزايا

الشكوك تنوعت ما بين العلاقة مع البنوك التجارية والتمويل الإسلامي

TT

أطلقت البنوك الإسلامية في سورية حملات توعوية وتعريفية بالمصرفية الإسلامية وفوائدها ومقارنتها بالبنوك التقليدية، وذلك لرفع مستوى المعرفة لدى المستثمرين في البلاد والتعريف عن أهمية المصرفية الإسلامية.

وشرعت المؤسسات المالية في تنظيم ندوات ولقاءات فكرية عبر رفع مستوى المعرفة لدى رجال الدين من فقهاء وخطباء مساجد، وذلك عبر إقامة الندوات واللقاءات الفكرية التي كثرت في سورية خلال الفترة الأخيرة، بعدما لوحظ وجود ضعف وعي ومعرفة بالخدمات الإسلامية وظهور لغط في الكثير من المفاهيم، الأمر الذي أدى إلى خلق حالة من الشبهة تجاه هذه المفاهيم.

وأفاد في حديث لـ«الشرق الأوسط» الدكتور عبد الستار قطان مدير عام دار المشورة في دمشق، أن التوعية بالمصرفية الإسلامية يأتي في إطار الدعوة إلى فكر جديد بعيد عن التشكيك والتدليس الذي يحاول البعض إلصاقه بالصيرفة الإسلامية وخدماتها، مشيرا إلى أهمية تقريب الأمور وتبسيطها واستحضار قصص ومواقف يعرفها الناس وإجراء مقارنة بينها وبين الأمور التي تثار حولها الشبهات.

وأضاف قطان: «إن الدعوة لأي فكرة جديدة لا بد أن تحاط بمواقف مشككة حتى يعرف الناس حقيقتها، ثم إن الشبهات حول المعاملات المالية وردت في القرآن الكريم، وتقول الآية الكريمة (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا)، ولذلك نجد ما يثيره البعض بالقول إن الربا مثل المرابحة والقرض مثل البيع، بينما ورد في القرآن (وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا)».

وفي كل ذلك ـ يقول قطان ـ «إننا كمختصين نواجه مهمة توضيح الفروقات وإزالة الشبهات التي قد تثار حول المعاملات الإسلامية، خصوصا المعاصرة منها التي لم تتطرق إليها أحكام الشريعة فيما مضى»، مشيرا إلى الاعتماد على البحث العلمي وإن كانت بعض الخلافات تمثل أبرز أدوات خدمة المصرفية الإسلامية.

ولفت إلى شبهة أن «التمويل الإسلامي مثل التمويل الربوي» باعتبار أن كلتا الطريقتين تؤدي إلى أن العميل سيدفع زيادة محددة على مبلغ التمويل الأصلي، مبينا أن القاعدة الشرعية الإسلامية تقوم على النظر إلى الوسائل والحكم عليها بالإضافة إلى النظر إلى الناتج، فتشابه الناتج لا يعني بالضرورة التشابه مع الأحكام الفقهية، وأنه وفقا للشريعة الإسلامية فإن الغايات لا تبرر الوسائل، إذ لا بد أن تكون الوسائل والغايات مقبولة لدى الشريعة.

كما تطرق الشيخ قطان إلى الشبهة الأخرى وهي شبهة «تعامل المصارف الإسلامية مع المصارف التجارية ومع المصرف المركزي»، موضحا أن المصارف الإسلامية لا ترى أن التعامل مع المصارف التجارية والمركزي حرام، وبالنسبة للمصرف المركزي فدوره إشرافي لا يمكن تجاوزه، وهو إشراف ضروري كي تستقيم السوق وتطبق القوانين بصرامة.

وأكد حول ما يتعلق بالمصارف التجارية أن طبيعة الأعمال تفرض أن يكون لكل مصرف شبكة من العلاقات مع جميع البنوك داخلية وخارجية لتنفيذ اعتمادات مستندية للعملاء، وبالتالي الشريعة لا تمنع المصرف الإسلامي التعامل مع المصرف التجاري ما دامت المعاملات غير مخالفة للشريعة، مبينا أن «توكيل المسلم غير الملتزم أفضل من توكيل غير المسلم وفقا لأحكام الشريعة».

أما الشبهة الثالثة التي تحدث عنها الدكتور عبد الستار قطان ضمن حديثه لـ«الشرق الأوسط» فتتمثل في استغلال البنوك الإسلامية علاقتها مع الهيئات الشرعية والتواطؤ على تحليل بعض المعاملات المحرمة والاعتماد على أصول شاذة في الفقه الإسلامي.

وأكد قطان أن الشريعة الإسلامية تتميز بتنوعها المذهبي والفقهي الواسع جدا، مشيرا إلى أنه لا يخفى على المختص أن في هذه المذاهب خلافات في جميع المسائل الفقهية، خصوصا في باب المعاملات المالية، بل إن الخلافات قد توجد داخل المذهب الواحد، وبالتالي فإن الهيئات الشرعية تأخذ في عين الاعتبار هذا التنوع الواسع والذخيرة الفقهية الكبيرة التي تجعلها أمام بحر واسع من الخيارات.

ولفت إلى أن ذلك يدعم اختيار ما يناسب العصر والمستجدات بما لا يخرج عن الإطار العام للشريعة الإسلامية، وغالبا ما تلجأ الهيئات إلى ترجيح بعض الآراء على البعض الآخر وفقا لأدوات الترجيح المعروفة بالفقه الإسلامي، ثم إن تقاضي الهيئات الشرعية مكافآت عن عملها في المصارف الإسلامية لا يقدح في مصداقيتها واستقلاليتها.