تتارستان أرض الفرص

لاحم الناصر

TT

حضرت في الأسبوع الماضي اجتماعا نظمته المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص (وهي إحدى الشركات التابعة للبنك الإسلامي للتنمية) لبعض رجال الأعمال مع رئيس وزراء جمهورية تتارستان، السيد رستم ميناكوف، في البحرين، وذلك بهدف التعريف بشركة تتارستان العالمية، وهي شركة استثمار تعمل وفق أحكام الشريعة الإسلامية، هدفها البحث عن الفرص الاستثمارية المناسبة في جمهورية تتارستان وتسويقها على المستثمرين المسلمين للاستثمار فيها. ولعل الكثير منا لم يسمع بهذه الجمهورية المسلمة الغنية بالموارد الطبيعية من النفط والغاز، التي تحتضن الكثير من المصانع الروسية بدءا بالسيارات وانتهاء بالطائرات المروحية. كما يوجد بها الكثير من الصناعات التكنولوجية الدقيقة، فهي إحدى أهم جمهوريات الاتحاد الروسي، وتصنف عاصمتها قازان على أنها من إحدى أفضل المدن الروسية من حيث بيئة الأعمال، وهو ما انعكس إيجابا على حياة سكانها. ويشكل المواطنون التتر نحو 52% من إجمالي عدد السكان البالغ 3.8 مليون نسمة، فيما يشكل الروس نحو 39.5%، والنسبة الباقية من أعراق متعددة من الأوكرانيين والبشكير وغيرهم من الأعراق التي كانت تحت الحكم السوفياتي. حيث كانت سياسة السوفيات آنذاك إذابة الأعراق بعضها في بعض عبر عمليات التهجير القسري بهدف محاربة النزعة الانفصالية لدى هذه الشعوب، ومن ثم فإننا نجد أن عدد التتار الذين يعيشون في روسيا يزيد عن عدد من يعيش في جمهورية تتارستان، حيث يتجاوز عددهم السبعة ملايين نسمة. ويعتبر التتار امتداد لبلغار الفولغا الذين عرفوا الإسلام بفضل السفارة التي أرسلها المأمون في عام 922م، وكان على رأسها العالم المسلم أحمد بن فضلان. وقد جعلت جمهورية تتارستان من هذا التاريخ عطلة دينية، حيث إن التتار يدينون بالإسلام، فهم إخوان لنا في الدين، تربطنا بهم وشائجه وعراه، فهم بحاجة اليوم لنا للتواصل معهم بعد أن زال الستار الحديدي الذي حال بيننا وبينهم دهورا. ونحن بحكم هذه الوشائج والصلات مدعوون للاستفادة من هذه الفرص الاستثمارية المتاحة في هذه الجمهورية الفتية وعدم تركها للمؤسسات الغربية التي تسعى للظفر بها، ومن أهم هذه الفرص المتاحة والواعدة في هذه الجمهورية فرصة الاستثمار في القطاع المالي الإسلامي حيث يتوقع أن يلقى إقبالا من المستثمرين في هذه الجمهورية المسلمة بحكم تدين أهلها، الذي ساعدهم على الاحتفاظ بهويتهم الإسلامية طوال الحقبة السوفياتية، إضافة إلى فرص الاستثمار في قطاع الطاقة والاتصالات والنقل والصناعة والتكنولوجيا وصناعة الغذاء.

لقد بين السيد رئيس الوزراء في هذا الاجتماع أن الجمهورية تتميز باستقلال قرارها الاقتصادي عن روسيا، كما أنها لا تضع قيودا على تحويل الأموال منها وإليها، فنظامها الاقتصادي نظام حر، وهي ترحب بالمؤسسات المالية المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية للاستثمار والعمل فيها، ولعل في مشاركتها في إنشاء هذه الشركة مع المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص لأكبر دليل على هذا الترحيب. كما أن المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص عبر دخولها في هذه الشركة مع حكومة تتارستان أرادت أن تسهل على رجال الأعمال والشركات في العالم الإسلامي الوصول للفرص الاستثمارية في هذه الجمهورية بطريقة تكفل حفظ حقوقهم نتيجة لما يتمتع به البنك الإسلامي كمؤسسة مالية دولية من حماية لأمواله وأموال المستثمرين معه من أي ممارسات غير قانونية. ويساهم ذلك في ميلاد ثقة أكبر لدى المستثمرين للاستثمار في هذه الجمهورية. ولا شك أن هذه المبادرة من المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص يجب أن تقابل بالمثل من رجال الأعمال والشركات، حيث ستتوفر لهم الفرص الاستثمارية على طبق من ذهب ودون أي عناء فما عليهم سوى اتخاذ قرار الاستثمار وهذا ما يحسب للمؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص والقائمين عليها. ولعلي أفرد مقالا في الأيام القادمة للتعريف بهذه المؤسسة وأنشطتها وكيفية استفادة رجال الأعمال منها في تنمية أعمالهم. والله الموفق.

* مستشار في المصرفية الإسلامية