أعضاء الهيئات في البنوك السعودية يفضلون السرية في مناقشة قضايا العملاء

انتقادات لعدم إعلان عقد ملتقى «المرابحة طويلة الأجل».. والتحفظ على إعلان التوصيات

TT

يبدو أن أعضاء الهيئات في البنوك السعودية باتوا يفضلون مناقشة قضايا العملاء بعيدا عن المهتمين ووسائل الإعلام كما لمحت تداولات ملتقى شهدته العاصمة السعودية الرياض مؤخرا للهيئات الشرعية للبنوك الإسلامية السعودية، بالتعاون مع الهيئة العلمية للاقتصاد والتمويل.

وعلى الرغم من أهمية اللقاء المنعقد وكونه يمسّ شريحة كبيرة من المتعاملين مع البنوك الإسلامية، فإن القائمين على الملتقى فضلوا السكوت، وتنظيم اللقاء بسرية تامة بعيدا عن المهتمين ووسائل الإعلام، في الوقت الذي كان فيه موضوع اللقاء هو «المرابحة طويلة الأجل»، الذي كان يحمل في طياته أهمية كبيرة على الرغم من حداثته.

ووضعت «الشرق الأوسط» عددا من الاستفسارات أمام المنظمين، إلا أن بيانهم لم يعدُ كونه بيانا عاديا لا يحمل أي إجابة واضحة للصحيفة، الأمر الذي اعتبره بعض المهتمين بهذا المجال هروبا من الأسئلة، التي دائما ما يتلقاها أعضاء الهيئات الشرعية. ويرى بعض الخبراء أن المجتمعين كان من المفترض أن يجيبوا عن عدد من الأسئلة والاستفسارات التي تهم قطاعا كبيرا من عملاء البنوك، وأهم هذه الأسئلة هدف اختيار عنون اللقاء وهو «المرابحة طويلة الأجل»، وإلامَ انتهى إليه المجتمعون أو ما توصلوا إليه من توصيات.

كما يرون أن اللقاء عُقد برعاية من أحد البنوك الإسلامية، الأمر الذي قد يتعارض مع بعض مصالح البنوك الإسلامية، وكذلك أن المجتمعين جلهم من أعضاء الهيئات الشرعية داخل البنوك السعودية، ما يضعف من استقلالية الرأي والتوصيات التي يمكن أن يخرج بها المجتمعون.

وطالب البعض بإجابات واضحة عن عدم تنظيم اللقاء أو غيره من اللقاءات المشابهة برعاية أحد المجامع الفقهية، أو هيئة كبار العلماء السعودية. والمعروف أن مجمع الفقه الإسلامي الدولي، حرم بعض المنتجات التي أسهبت البنوك الإسلامية في طرحها ومنها البنوك السعودية، مثل «التورق». وشدد مجمع الفقه الإسلامي في رؤيته التي أطلقها في مؤتمر الشارقة العام الماضي، على ضرورة التزام المؤسسات المالية والمصارف الإسلامية استخدام صيغ الاستثمار والتمويل المشروعة، وتجنب الصيغ المحرمة والمشبوهة، والالتزام بالضوابط الشرعية.

إلى ذلك، يرى بعض المهتمين في هذا الشأن أن مثل هذا التوجه يوحي إلى العملاء بأن فتوى المعاملات المصرفية باتت حكرا على الهيئات الشرعية في البنوك السعودية، الأمر الذي يقلص معه جهود المجامع الفقهية والهيئات الشرعية في البنوك العاملة في بقية دول العالم، خصوصا أن سرية اللقاء تشير إلى عدم الرضا عن قرارات المجمع الفقهي الإسلامي الذي حرم «التورق»، فضلا عن أنه توجه يبرز محاولة الانفصال عن هذا المجمع وتهميش دوره.

ومن ضمن الانتقادات التي وُجهت إلى المجتمعين أسباب عدم دعوة بعض العلماء في دول العالم حتى تكون القرارات والتوصيات معيارا لجميع المؤسسات المالية الإسلامية، فضلا عن أن القضية المطروحة للنقاش ليست بقضية استراتيجية تتطلب السرية والتكتم، بل هي قضية عامة للجميع.

وجاء من مآخذ الاجتماع أنه لم يدع المهتمين وبعض المشايخ والعلماء وطلبة العلم، الذين كان من المفترض أن يستفيدوا من نقاشات اللقاء، ويطرحوا استفساراتهم وتساؤلاتهم، إلى جانب أن نقاشات اللقاء المطروحة تتشابه مع ما يتم طرحه من قبل الهيئة الشرعية لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية والتي تعقد لقاءها السنوي أمام وسائل الإعلام كافة، على الرغم من أن هذه الهيئة تضم في عضويتها أهم أعضاء الهيئات الشرعية في السعودية.

وكثير من المهتمين بالمصرفية الإسلامية لا يشككون أبدا في نيات العلماء من أعضاء الهيئات الشرعية، ولكنهم يرون في الوقت ذاته أن الأعضاء مطالبون أكثر بالضغط على البنوك الإسلامية لتلافي السلبيات الحاصلة في طرح المنتجات البنكية، وكذلك -وهو الأهم- عدم إغراق المجتمعات الإسلامية بالديون بسبب التمويلات الموجهة غالبا للأفراد.

وكان الملتقى قد عُقد بالتعاون مع الهيئة الإسلامية العالمية للاقتصاد والتمويل، في فندق «إنتركونتننتال» في الرياض تحت عنوان «المرابحة طويلة الأجل».

ورأس الجلسة الشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع رئيس الهيئة الشرعية في معظم البنوك السعودية. وقُدم في الملتقى بحثان: الأول قدمه الدكتور يوسف بن عبد الله الشبيلي عضو الهيئة الشرعية في بنك البلاد، والثاني قدمه الدكتور سامي بن إبراهيم السويلم، الخبير الشرعي والاقتصادي المعروف.

وتلا ذلك أربعة تعقيبات من الدكتور عبد الستار أبو غدة عضو الهيئة الشرعية في بنك الجزيرة، والثاني من الدكتور محمد القري عضو الهيئة الشرعية في بنك الجزيرة، والثالث من الدكتور صالح بن عبد الله اللحيدان مدير عام المجموعة الشرعية في مصرف الراجحي، والأخير من الدكتور عبد الرحمن بن صالح الأطرم رئيس الهيئة الشرعية في بنك الإنماء. كما حضر اللقاء أعضاء آخرون في الهيئات الشرعية منهم الدكتور عبد الله بن محمد المطلق، والدكتور عبد الله بن خنين، وعدد من المشايخ ومديري الإدارات الشرعية في البنوك المشاركة. ووفقا للدكتور محمد العصيمي (من الهيئة الشرعية في بنك البلاد) فقد حظي اللقاء بنقاش ومداخلات وتفاعل من المشايخ، أثرت الموضوع وأضافت إليه العديد من النقاط المهمة التي لامست همّا مشتركا لدى المشاركين.

وأضاف العصيمي أن أبرز التوصيات التي أوصى بها المجتمعون هي عقد الملتقى القادم بعنوان «مشكلات وحلول التمويل طويل الأجل في البنوك الإسلامية»، ويكون تنسيق الملتقى القادم على المجموعة الشرعية في مصرف الإنماء.