«المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص»

TT

أُسس «البنك الإسلامي للتنمية» عام 1975م، بناء على رؤية من الملك فيصل بن عبد العزيز - رحمه الله - ودعمه الخاص في ذلك الوقت، وكان الهدف منه دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية لشعوب الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامية، والمجتمعات الإسلامية في الدول غير الأعضاء، مجتمعة ومنفردة، وفقا لمبادئ الشريعة الإسلامية. حيث كان الكثير من الدول الإسلامية في ذلك الوقت حديث عهد بالاستقلال عن الاستعمار، وكانت الدول المستقلة محل استقطاب من قبل المعسكر الشرقي الشيوعي في ذلك الوقت في محاولة لاستثمار مشاعر العداء للاستعمار، المتمثلة في كره كل ما يمثل الغرب الرأسمالي في ذلك الوقت. كما أن الدول الإسلامية المستقلة كانت تعاني من الفقر والتخلف، مما قد يجعلها فريسة سهلة أمام هذه القوى ومحل نفوذ لها. ومن هنا، فقد جاءت فكرة «البنك الإسلامي للتنمية» لتكمل أضلاع رؤية الفيصل حول التضامن الإسلامي في ذلك الوقت، بحيث يكون التضامن سياسيا واقتصاديا. ومن هنا أيضا، فإن الدول الأعضاء في «البنك الإسلامي للتنمية» هي من دول المؤتمر الإسلامي، إلا أن أكبر مساهم في «البنك الإسلامي للتنمية» هي المملكة العربية السعودية، حيث تبلغ مساهمتها في رأسمال البنك 24%، وهي دولة المقر.

وقد سعى «البنك الإسلامي» منذ إنشائه لتحقيق أهدافه باحترافية ومهنية عالية، مما جعله مؤهلا للحصول على أعلى التصنيفات الائتمانية وهو AAA. وتمثلت هذه الاحترافية في توجه البنك نحو تأسيس الكثير من المؤسسات المالية المتخصصة، سعيا منه لتحقيق أهدافه بفعالية. وقد كان من أهداف «البنك الإسلامي للتنمية» تنمية القطاع الخاص في الدول الإسلامية الأعضاء، فأسس «المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص» قبل نحو 11 عاما، لتكون نافذته على القطاع الخاص، والذراع المالية له للاستثمار والتنمية في هذا القطاع، عبر تقديم الدعم والمساندة لهذا القطاع ماليا، عبر الإسهام المباشر في إنشاء الشركات أو توفير التمويل لشركات القطاع الخاص، سواء كان هذا التمويل من المؤسسة مباشرة، أو من ترتيبها وإداريا بتقديم الخدمات الاستشارية. وتركز المؤسسة في عملياتها الاستثمارية والتمويلية على المشاريع التنموية، التي تخلق فرص العمل وتسهم في نقل التقنية، وتوطن الصناعة وتحقق التكامل بين الدول الأعضاء. ويبلغ رأسمال المؤسسة المصرح به عند تأسيسها مليار دولار، المدفوع منه 500 مليون دولار. وقبل ثلاثة أعوام، تمت الموافقة على زيادة رأس المال المصرح به إلى الضعف، وهو مليارا دولار، المدفوع منه مليار دولار بهدف تعزيز قدرة المؤسسة على القيام بواجباتها المناطة بها.

وقد بلغت عمليات المؤسسة منذ إنشائها نحو مليار وثمانمائة مليون دولار أميركي، وقد حققت المؤسسة قبل عامين نموا ملحوظا رغم الأزمة المالية العالمية، حيث حققت ارتفاعا في صافي الدخل قارب 10 في المائة، فيما زادت قيمة الأصول بنسبة 12.45 في المائة. ولعل جزءا كبيرا من هذا النمو يعود، بعد فضل الله، إلى ما تتمتع به المؤسسة من كفاءات بشرية مؤهلة، تتمتع برؤية ثاقبة، وحس رفيع بالمسؤولية، وُظف لتطوير أعمال المؤسسة بما يخدم أهدافها في تنمية العالم الإسلامي، وتعزيز الروابط الاقتصادية بين الدول الإسلامية وزيادة الشراكة بين مجتمعات الأعمال في الدول الإسلامية الأعضاء.

إلا أن من أبرز منجزات الإدارة الحالية، من وجهة نظري، سعيها لاستفادة دولة المقر، وأكبر مساهميها المملكة العربية السعودية، من خدمات المؤسسة عبر تعزيز الشراكة بين المؤسسة والقطاع الخاص، فأسست مع بعض رجال الأعمال شركة «إيوان للتطوير العقاري» وشركة «أنفال كابيتال المالية». كما تسعى بالتعاون مع صندوق الاستثمارات العامة لإنشاء شركة للتمويل العقاري في السعودية برأسمال يبلغ ملياري ريال (533.3 مليون دولار)، تبلغ حصة صندوق الاستثمارات العامة فيها نحو 400 مليون ريال (106.6 مليون دولار). وهناك الكثير من المشاريع والاستثمارات الأخرى في المملكة العربية السعودية الموجودة على أجندتها، إضافة إلى توفيرها كثير من الفرص الاستثمارية الجيدة للمستثمرين السعوديين في الكثير من الدول والمجتمعات الإسلامية التي كانوا يجهلونها، أو يتهيبون دخولها، مثل الجمهوريات الإسلامية في روسيا الاتحادية، وبعض الدول الأفريقية، حيث تتمتع استثمارات الشركة بحصانة دولية، بحكم تبعيتها لـ«البنك الإسلامي للتنمية» المصنف كمؤسسة مالية دولية.

إن مجتمع الأعمال في المملكة العربية السعودية مدعو للاستفادة من توجه المؤسسة، وذلك عبر السعي للحصول على التمويل منها، والمشاركة في الاستثمارات التي تعرضها، وذلك لما تتمتع به المؤسسة من خبرة ومهنية عالية وقدرة على الوصول إلى الأسواق المالية الدولية، وشبكة علاقات مع الكثير من المؤسسات المالية في العالم الإسلامي. والله ولي التوفيق.

* مستشار في المصرفية الإسلامية