خبير مصرفي يؤكد الحاجة إلى إنشاء سوق إسلامية عالمية مشتركة

رئيس بنك «ستاندرد تشارترد - صادق» لـ «الشرق الأوسط» السعودية وماليزيا وباكستان والسودان مهيأة لتبني التجربة

آفاق خان («الشرق الأوسط»)
TT

طالب خبير مصرفي رفيع المستوى، بإقامة سوق إسلامية مشتركة، تكون نواة لسوق إسلامية عالمية، تساعد على تماسك الاقتصادات العالمية، التي تتداعى بسبب الأزمة المالية العالمية.

ودعا آفاق خان، الرئيس التنفيذي في مجموعة «بنك ستاندرد تشارترد - صادق»، البنوك الإسلامية، إلى التوسع في تجربتها بشكل أكثر جدية وابتكارية، ومن ثم محاولة الاستفادة من ذلك في تبني التجارب المصرفية الإسلامية مجتمعة، على أوسع نطاق ليشمل سوق المصرفية الإسلامية جميع البلدان الكبيرة المهتمة بهذا الشأن، مثل السعودية وماليزيا والسودان وباكستان وغيرها من البلاد ذات الاهتمام المشترك، بهدف تقنين العمل المشترك لإقامة تكامل سوق مصرفية إسلامية مشتركة، وفق خطط استراتيجية بعيدة المدى، ومدروسة بشكل علمي وفني، وذلك لخلق سوق إسلامية عالمية واسعة، تقدم كأفضل أنموذج للعالم أجمع.

وأكد آفاق خان في حوار مع «الشرق الأوسط»، على أهمية دور مجلس الخدمات المالية الإسلامية في تحقيق هذا الهدف بالتعاون مع البنوك الإسلامية والبنوك المركزية الإسلامية، مشيرا إلى أن المصرفية الإسلامية وصناعتها، حققت إنجازات كبيرة غير مسبوقة في مجال المنتجات والتمويل الإسلامي، بالمقارنة مع المصرفية التقليدية على مستوى العالم.

وفيما يتعلق ببنك «ستاندرد تشارترد - صادق»، أوضح خان أن البنك مضى على تأسيسه أكثر من 50 عاما، ولديه عدد كبير من الفروع المنتشرة على رقعة واسعة من آسيا وأفريقيا، تشمل منطقة الشرق الأوسط، إذ لدى البنك وجود قوي في دول الخليج العربي، امتدادا من قطر والإمارات، كما لدى البنك بعض الأعمال المعتبرة في السعودية يتم القيام بها بواسطة فرع البنك في البحرين، كما يتبع له البنك الإسلامي العربي في آسيا.

إلى تفاصيل الحوار:

* ماذا عن بنك «ستاندرد تشارترد - صادق» وحدود خدماته المصرفية؟

- يعتبر بنك «ستاندرد تشارترد - صادق»، أحد البنوك القديمة، إذ مضى على تأسيسه أكثر من خمسين عاما، ولديه عدد كبير من الفروع المنتشرة على رقعة واسعة من آسيا وأفريقيا، تشمل منطقة الشرق الأوسط، إذ لدى البنك وجود قوي في دول الخليج العربي، امتدادا من قطر والإمارات، كما لدى البنك بعض الأعمال المعتبرة في السعودية يتم القيام بها بواسطة فرع البنك في البحرين، كما يتبع له البنك الإسلامي العربي في آسيا.

* ما تجربة بنك «ستاندرد تشارترد - صادق» في التمويل الإسلامي؟

- قدّم بنك «ستاندرد تشارترد - صادق» خبرات إيجابية وكبيرة في مجال التمويل الإسلامي والمنتجات الإسلامية، كما أن البنك يملك حلولا متكاملة لعملائه على امتداد خدماته وفروعه، تشمل جميع النواحي ومنها تمويل المشاريع – الصكوك – تمويل الطائرات – تمويل السيارات – بالإضافة إلى التمويل النقدي والتمويل التجاري، في ظل استمرارية طرحه حلولا مالية أخرى جديدة ومتجددة، بهدف تقديم أفضل الخدمات المالية والمصرفية لعملائه.

* ما التحديات التي تواجه بنك «ستاندرد تشارترد - صادق» تحديدا؟

- بنك «ستاندرد تشارترد - صادق» لا تواجهه تحديات كبيرة، كما أنه لم يتأثر بما يحدث الآن في أجزاء كبيرة من العالم بسبب الأزمة المالية العالمية، بل إن بنك «ستاندرد تشارترد - صادق» يتمدد وينتشر في كثير من البلاد بخطى ثابتة وحثيثة مستصحبة التطور والتجدد والزيادة في انتشار. وحاليا يتجه البنك نحو آسيا وأفريقيا بشكل كبير، بالإضافة إلى حضوره ونمدده في منطقة الشرق الأوسط.

* هل تعتقد أن هناك مشاكل وتحديات تواجه التمويل الإسلامي الوضع الراهن؟

- أعتقد أن المصرفية الإسلامية وصناعتها قطعا شوطا كبيرا وحققت إنجازات كبيرة غير مسبوقة في مجال المنتجات والتمويل الإسلامي، خاصة إذا وضعت في مقارنة بينها وبين نظيراتها في المصرفية التقليدية على مستوى العالم. والواقع يؤكد أنه برغم الأزمة المالية العالمية وانعكاساتها على قطاع كبير من اقتصاديات ونظمه المصرفية، فإن التمويل الإسلامي بشكل خاص لم يتأثر بشكل مباشر بهذه الأزمة التي تعتبر أكبر تحد على الإطلاق، ذلك لأنه ليس لصناعة ونظم المصرفية الإسلامية علاقة البتة بمسببات هذه الأزمة التي انطلقت من الولايات المتحدة الأميركية بما لها من علاقة وطيدة بنظمها الاقتصادية والمصرفية، كان أولها نظام الرهن العقاري، ونظام الفائدة المتبع في نظامها المصرفي، بالشكل الذي لا تسمح به الشريعة الإسلامية وصيغها.

وبالتالي، إذا نظرنا إلى ما يحدث في اقتصاديات العالم ونظمه المالية المصرفية، مع ما تواجهه من مصاعب جمة حالية، نجد أن البنوك الإسلامية ونظمها المالية، الأكثر أمانا وقبولا، ما حدا بالعديد من الدول الغربية إلى البحث عن طرق الاستفادة من النظام المالي المصرفي الإسلامي، خاصة أن الشريعة الإسلامية ترسخ لما يعرف بالاقتصاد الحقيقي المتمثل في خدمات حقيقية.

* ما رؤيتكم كخبير مصرفي واقتصادي للتعاطي مع المصرفية الإسلامية في ظل الأزمة المالية العالمية؟

- هناك تقريبا شبه إجماع على أن الشركات والمؤسسات المالية والتجارية والاستثمارية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية كانت أقلّ تأثيرا من الشركات التقليدية بانعكاسات الأزمة المالية الإسلامية، والسبب الرئيسي في ذلك هيمنة القيود المفروضة على تلك الشركات والمؤسسات في عملية الاستثمار وسياساتها المتبعة فيها.

وحاليا الاتجاه العام في العالم في الاهتمام بالمصرفية الإسلامية ليس وليد اللحظة، ولكنه منذ منتصف التسعينات، حيث أخذ الاتجاه ينحى منحى الاستثمار المتوافق مع الشريعة الإسلامية وبزيادة مطردة خلال الفترة الأخيرة، وبالتالي لا نرى هناك أي تراجع في النمو، ولكن يمكن أن نسميه تباطؤا في النمو، إلا أن واقع الحال يقول إن هذا الاتجاه سوف يعود إلى الأفضل في المديين المتوسط والبعيد.

* هل يعني ذلك أن المصرفية الإسلامية لم تتأثر بالأزمة المالية العالمية؟

- أستطيع القول بشكل عام أن الواقع يشير إلى أن هناك تقريبا شبه إجماع على أن الشركات والمؤسسات المالية والتجارية والاستثمارية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية بمختلف نشاطاتها، خرجت على الأقل بأقلّ الخسائر من الشركات والمؤسسات المالية التي تعمل وفق النظم التقليدية، وهذا في حدّ ذاته ربح وكسب يحسب لنظام المصرفية المالية الإسلامية التي لا تنقاد لهيمنة القيود المفروضة على تلك الشركات والمؤسسات في عملية الاستثمار وسياساتها المتبعة فيها في البلاد الغربية لا سيما الأوروبية منها بجانب الولايات المتحدة.

وهذا يؤكده توجه العديد من الدول الغربية للاستعانة بنظام المصرفية الإسلامية ومزاياها التي أفادتها تجربتها الطويلة نسبيا في إيجاد معالجات للكثير من إشكالاتها وتحدياتها، حيث تلاحظ أخيرا توجه فرنسا واليابان بالإضافة إلى ألمانيا، وسبقتهم في ذلك بريطانيا نحو الاستثمار المتوافق مع الشريعة الإسلامية وبشكل متزايد.

* برأيكم، كيف يمكن الاستفادة من هذا الواقع والتوسع في تجربة البنوك الإسلامية؟

- أعتقد أن هذا يعتمد على المسؤولية الفردية والجماعية، ما بين البنوك الإسلامية والقائمين على أمرها من جهة، والجهات الرقابية والتشريعية من جهة أخرى، مع أهمية تقييم تجارب هذه البنوك بشكل مستمر.

كما أنه من الأهمية بمكان، أن يقوم كل بنك على حدة، بالتوسع في تجربته بشكل أكثر جدية وابتكارية، ومن ثم محاولة الاستفادة من ذلك في تبني التجارب المصرفية الإسلامية مجتمعة، على أوسع نطاق ليشمل سوق المصرفية الإسلامية كافة الكبيرة المهتمة بهذا الشأن، مثل السعودية وماليزيا والسودان وباكستان وغيرها من البلاد ذات الاهتمام المشترك، بهدف تقنين العمل المشترك لإقامة تكامل سوق مصرفية إسلامية مشتركة، وفق خطط استراتيجية بعيدة المدى، ومدروسة بشكل علمي وفني، وذلك لخلق سوق إسلامية عالمية واسعة، تقدم كأفضل أنموذج للعالم أجمع، كما يمكن الاستفادة من قدرات مجلس الخدمات المالية الإسلامية في تحقيق هذا الهدف بالتعاون مع البنوك الإسلامية والبنوك المركزية الإسلامية.

* هل ترى أن هناك أي مآخذ على شكل التمويل الإسلامي القائم الآن؟

بالتأكيد هناك بعض المآخذ وبعض الملاحظات التي لا بد من الانتباه إليها، وأهمها على الإطلاق هو غموض أو عدم سلامة ترجمة المنتج الإسلامي من الشوائب، إذ لا يوجد في عالمنا اليوم خبراء في مجال المنتجات الإسلامية الاستثمارية لهم في الوقت نفسه القدرة على تحليل الحلال أو تحريم الحرام أو تشريع هذا المنتج أو غيره على بينة كافية.

وحتى هذه اللحظة، لم يتوافر هذا المزيج في الخبير الاقتصادي الإسلامي في هذا الجانب، غير أننا نجد خبراء اقتصاديين واستثماريين وماليين كما نجد على الجانب الآخر لجانا وشرعيين. وعلى الرغم من أن الوضع الآن أفضل بكثير عما كان عليه في السابق، فإننا ما زلنا في حاجة ماسّة لخبير يمزج ما بين الخبرة الاقتصادية المتعمقة وفي الوقت نفسه الخبرة الشرعية المحكمة التي تمنح صاحبها القدرة على الإفتاء الشرعي في تصنيع منتجات متوافقة مع الشريعة الإسلامية، والقدرة في الوقت نفسه على تحديد المنتجات غير المتوافقة مع الشريعة الإسلامية.

هذه الحلقة المفقودة لا بد من إيجادها، حيث إن كثيرا من المعنى المقصود به المنتج الاستثماري الذي يضيع عند تحويله إلى منتج ما، ما يعني الحاجة إلى التدريس والتدريب ومن ثم البحث عن الآلية التي توفر كيفية تحويل المنتج التقليدي إلى منتج متوافق مع الشريعة الإسلامية.