صالح كامل: نقل هيئة التصنيف والرقابة إلى «البنك الإسلامي للتنمية»

رئيس مجلس البنوك الإسلامية لـ «الشرق الأوسط»: عدم تجاوب المصارف أسهم في عدم تفعيل الهيئة وتوقفها

تهدف الهيئة الشرعية للتصنيف والرقابة إلى حماية الهوية الإسلامية للصناعة المالية الإسلامية من الانحراف وفي الاطار الشيخ صالح كامل («الشرق الأوسط«)
TT

أكد لـ«الشرق الأوسط» مصرفيّ إسلامي رفيع المستوى، أن بنك الإعمار المزمَع إنشاؤه قريبا، حصل على الموافقة النهائية من مصرف البحرين المركزي ليكون مقره في العاصمة المنامة.

وقال صالح كامل رئيس المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية، إن البنك حصل كذلك على موافقة مبدئية من ماليزيا وقطر لاستضافة البنك البالغ رأسماله 10 مليارات دولار، ويهدف إلى معالجة مشكلة إدارة السيولة بين البنوك الإسلامية.

وأضاف كامل أن مليار الدولار الأولَ للبنك موزع على «البنك الإسلامي للتنمية» ومجموعة «البركة» المصرفية وصالح كامل نفسه، إلى جانب عدد آخر من المستثمرين لم يسمِّهم لكنهم قريبا يجمعون المبلغ المطلوب لتشغيل البنك.

وتابع كامل أن المؤسسين للبنك سيجتمعون قريبا للبت في الدولة التي ستحتضن البنك الجديد، وآلية طرح الاكتتاب لجمع بقية المبلغ التسعة مليارات دولار، التي ستكون عبارة عن أسهم عادية للمؤسسات المالية الإسلامية والأفراد.

وخلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» لم يُخفِ كامل تذمُّره وأسفه تجاه واقع المصرفية الإسلامية، مؤكدا أن الهيئة الشرعية للتصنيف والرقابة التابعة للمجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية التي تم إنشاؤها وتسمية أعضائها، سيتم نقلها إلى «البنك الإسلامي للتنمية».

وقال إنهم اتفقوا مع «البنك الإسلامي للتنمية» أن تنقل إليه الهيئة حتى يكون لها نفوذ ودور أكبر بين البنوك والمؤسسات المالية، معللا ذلك بأنه نتاج الإحباط الذي تعرض له شخصيا وعدم التجاوب من قبل البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية، وفضّل نقل الهيئة إلى «البنك الإسلامي للتنمية» حتى تأخذ دورها الذي من أجله تم إنشاؤها.

وكشف صالح كامل عن جملة من الإحباطات والمعوقات التي تعرضت لها مشروعات المجلس العام للبنوك الإسلامية، إلى جانب «وجود أشخاص لا يحبون صالح كامل شخصيا الذي قد يكون أهم سبب في عدم الترحيب بالهيئة الشرعية للتصنيف والرقابة على المنتجات المالية الإسلامية».

ونفى صالح كامل أن يكون لغرفة تجارة جدة أي دور في ابتعاده عن الساحة المالية الإسلامية وإنما غيابه عائد إلى ظروفه الصحية، فـ«منذ تسعة أشهر وأنا أتنقل بين المستشفيات والدول للعلاج»، معترفا بنوع من التقصير تجاه المجلس العام للبنوك الإسلامية.

وفي ما يتعلق بآلية انتقال الهيئة الشرعية للرقابة والتصنيف إلى «البنك الإسلامي للتنمية»، أوضح كامل أن اجتماعا مهما لمحافظي البنوك المركزية في «البنك الإسلامي للتنمية» في أذربيجان الشهر المقبل، سيتم من خلاله عرض الموضوع والموافقة النهائية عليه.

وأفاد كامل: «يئسنا من الدعم من البنوك الإسلامية، وليس للمجلس العام موارد مالية، وهيئة الرقابة والتصنيف تحتاج إلى ميزانية كبيرة ولا تحقق دخلا»، وأنه يأسف لعدم تجاوب الآخرين معه لإحياء شعيرة الوقف الإسلامية.

ولم يُخفِ صالح كامل، الذي يملك عددا من البنوك الإسلامية، مشاعره تجاه مَن أزعجتهم أسماء أعضاء الهيئة الشرعية للتصنيف والرقابة، مبينا أن اختيار الأعضاء جاء وفقا لمدى تفرغهم لعمل الهيئة ولمدى اتساع أفقهم ومعرفتهم بواقع المصرفية الإسلامية، والأهم من ذلك كله عدم تساهلهم مع البنوك الإسلامية.

وشن كامل هجوما عنيفا على رجال الأعمال، وقال إنهم لا يرغبون في العمل الجماعي وتطوير الاقتصاد الإسلامي وروح الشريعة الإسلامية، مبينا أن الفردية تطغى على العمل وعلى حساب العمل الجماعي الذي هو روح الشريعة، وأن هذا هو واقع المصرفية الإسلامية حاليا.

وأفاد كامل أنه لم يكن يتوقع هذا العزوف وعدم التجاوب من قِبل قادة المصرفية الإسلامية والبنوك فيها عندما بدأت فكرة إيجاد هيئة شرعية تراقب المنتجات المالية الإسلامية وتصحح أخطاءها، مشيرا إلى أن عضوية المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية تضم أكثر من 100 بنك ومعظمهم لم يتجاوب مع مشروع الهيئة، بل إن كل الاشتراكات التي يتم دفعها مقابل العضوية التي لا تتجاوز نصف مليون دولار سنويا لا تكفي لقيادة المجلس العام نحو تحقيق أهدافه، بل إن ميزانية الهيئة الشرعية وحدها تحتاج إلى أكثر من أربعة ملايين دولار سنويا.

وحول وجود مراكز إسلامية لا تعاني عجزا في ميزانيتها كهيئة المحاسبة والمراجعة الإسلامية، شدّد كامل على أن الكل يعاني عجز ميزانيته وغير صحيح أن هيئة المحاسبة لا تعاني مشكلات مالية بل إنها باتت تقبل في عضويتها «كل من هبّ ودبّ» حتى إن مؤسسات ليست لها علاقة بالصناعة اشتركت في عضوية هيئة المحاسبة والمراجعة.

وأكد كامل أن تطبيقات البنوك الإسلامية حاليا ليست سليمة بالكامل، وعليها كثير من الملاحظات، ولم يستبعد البنوك التي يملك بها أسهما من هذا الاتهام، موضحا أن تطبيقات الشريعة الإسلامية الحالية لا تراعي «المقاصد» في منتجاتها.

وتضم قائمة أعضاء الهيئة 18 عضوا منهم تسعة مستقلين تم تحديدهم من عدد من المجامع الفقهية وممثلي البنوك المركزية في بعض الدول. أما البقية فتوزعت على بنك السودان المركزي، والبنك المركزي في باكستان، وبنك «نيقارا» ماليزيا، و«البنك الإسلامي للتنمية»، ووزارة الأوقاف الكويتية، ومصرف البحرين المركزي.

وتهدف الهيئة الشرعية للتصنيف والرقابة إلى حماية الهوية الإسلامية والالتزام الشرعي للصناعة المالية الإسلامية من الانحراف والتعدي على مختلف المستويات، سواء في ما يتعلق بالخدمات والمنتجات أو آليات العمل أو الموارد البشرية أو غيرها.

كما تهدف الهيئة إلى تفعيل حوكمة الالتزام الشرعي بشكل عام، وتحديد منهج الاستنباط ونظام للفتوى والاجتهاد في المعاملات المالية الإسلامية، ووضع القواعد العامة لذلك ونشرها وإيجاد القبول العام لها من مختلف الجهات ذات العلاقة، والتنسيق مع الهيئات الشرعية المختلفة من أجل تنظيم الاجتهاد الجماعي في القضايا والموضوعات الحساسة، ووضع محددات للمسائل التي تستوجب العمل على توسيع دائرة الاستشارة حولها والعمل على نشر الالتزام بالقرارات المجمعية والمعايير الشرعية.

ومن أبرز خصائص الهيئة: الاستقلالية، من خلال خدمة خاصة من علماء وخبراء مستقلين ليس لهم أي علاقة مباشرة أو تحيز أو تضارب مصالح مع الجهات المعنية، والحيادية عن طريق تقديم خدمة آراء وتوصيات وتصنيفات للمنتجات المالية بشكل موضوعي ونزيه يهدف إلى المصلحة العامة ولا يميل إلى طرف ضد آخر، والشمولية لمختلف أنواع المنتجات والخدمات، والمهنية من خلال الدقة والاهتمام بتوفير تفاصيل المعلومات، والمعيارية عن طريق استنادها إلى معايير تصنيف شاملة، والانتشار بواسطة الوسائل الاتصالية المتاحة.

وفي ما يتعلق بمعايير الهيئة فقد تم وضع عدة معايير من أبرزها: معايير مراجعة الأسس الشرعية، ومعايير مراجعة سلامة التطبيق، إلى جانب التصنيف من خلال العمل جنبا إلى جنب مع الجهات ذات العلاقة بالصيرفة والمالية الإسلامية والسعي لتحقيق الفائدة لجميع الأطراف بمن فيهم جمهور المستثمرين والمتعاملين مع الصناعة، والمؤسسات المالية الإسلامية بمختلف أصنافها، والجهات الإشرافية والرقابية ومؤسسات البنية التحتية للصناعة. وقطعت الهيئة شوطا كبيرا في سبيل وضع الخطوات الأولى لعملها، وذلك بعد عدة اجتماعات ولقاءات للمؤسسين وأعضائها، إلا أن جميع نشاطاتها توقفت قبل نحو عدة أشهر.