حسين حسان: أخطاء فتاوى البنوك الإسلامية سببها قلة الخبرة وليست متعمدة

رئيس الهيئات الشرعية في البنوك الإماراتية لـ «الشرق الأوسط» : التطبيق الصحيح للمعاملات المصرفية يجنبها المخاطر

TT

اعتبر رئيس الفتوى والرقابة الشرعية لثمانية بنوك إسلامية إماراتية، أن أسباب الأزمات المالية تعد نتيجة لأزمة البنوك التقليدية ولا علاقة لها بالصيرفة الإسلامية.

وأوضح الخبير الشرعي أن الأسباب التي أدت وتؤدي إلى الأزمات المالية هي سعر الفائدة، وأن النظام المالي الإسلامي على النحو المتقدم هو النظام الوحيد المتاح للعالم الذي يقدم حلول الأزمات المالية.

وأكد الخبير أنه ليس هناك من بين المنتجات المصرفية الإسلامية ما يسهم في وجود الأزمة، وأن الأزمة التي سببها النظام التقليدي القائم على سعر الفائدة أدت إلى عدم قدرة بعض المتعاملين مع البنوك الإسلامية على الوفاء بالتزاماتهم، فعقود التمويل الإسلامي، عقود لو طبقت تطبيقا صحيحا، فإنها لا تسهم في خلق الأزمات أما التطبيق غير الصحيح للصيرفة الإسلامية فيترتب عليه مخاطر تجنيب أرباح المعاملات التي تنفذ على خلاف أحكام الشريعة.

وقال الخبير في الرقابة الشرعية حسين حامد حسان، إن النظام المالي الإسلامي على النحو المتقدم هو النظام الوحيد المتاح للعالم الذي يقدم حلول الأزمات المالية، لأنه ليس فيه أي سبب من الأسباب التي أدت إلى هذه الأزمات، فلا يقوم على سعر الفائدة ولا التجارة في الديون ولا المشتقات التي تدخل في باب القمار.

واعتبر حسان أن الصناعة المالية الإسلامية ومؤسساتها من بنوك إسلامية وشركات تأمين وتمويل واستثمار وأدواتها مثل الصكوك، تقوم على أساس التمويل بحقوق ملكية ولا تقوم بالإقراض لعملائها، ومن هنا فإن جميع أسباب الأزمات المالية التي تعد نتيجة لأزمة البنوك التقليدية لا تنطبق على الصيرفة الإسلامية، معللا ذلك بأن الأسباب التي أدت وتؤدي إلى الأزمات المالية هي سعر الفائدة «فإذا ارتفع سعر الفائدة سبب أزمة مالية، وإذا انخفض سبب أزمة مالية كالأزمة التي يعيشها العالم».

وأكد حسين حامد في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن البنوك الإسلامية محصنة من الأزمات المالية التي تترتب على النظام القائم على سعر الفائدة، وهو كلام ثابت بالأدلة لأن كل أسباب الأزمة لا توجد في الصيرفة الإسلامية.

وتابع «لا يجوز لأحد أن يتدخل في نظام الاقتصاد الحر كما يقولون، كذلك الصيرفة التقليدية تجيز شراء وبيع الديون وتسنيدها، وتجيز المشتقات مثل المستقبليات والاختيارات والبيع القصير أي بيع الإنسان ما لا يملك والبيع على الهامش» أما الصيرفة الإسلامية «لا تعرف شيئا من هذه الأسباب التي أدت وتؤدي إلى الأزمات المالية».

وفيما إذا كان هناك بعض المنتجات المصرفية الإسلامية أسهمت في وجود أزمة لاحقة للأزمة المالية، يرى حسان أنه «ليس هناك من بين المنتجات المصرفية الإسلامية ما يسهم في وجود الأزمة، أما الأزمة التي سببها النظام التقليدي القائم على سعر الفائدة - برأيه - أدت إلى عدم قدرة بعض المتعاملين مع البنوك الإسلامية على الوفاء بالتزاماتهم لقلة السيولة لديهم، فتأثرت البنوك الإسلامية، وذلك لا يرجع إلى نظام الصيرفة الإسلامية نفسه، وإنها هي عدوى جاءت من النظام الرأسمالي القائم على سعر الفائدة لأن العالم كله يعيش كقرية واحدة.

أما بالنسبة لعقود التمويل الإسلامي التي أثير كثير من الجدل حولها مؤخرا ومدى تطابقها مع أحكام الشريعة، فيرى حسان أن عقود التمويل الإسلامي «لو طبقت تطبيقا صحيحا، فإنها لا تسهم في خلق الأزمات، لأن التمويل يقوم على أساس حقوق ملكية، ولكن الأزمة المالية العالمية أثرت على قدرات عملاء البنوك الإسلامية على الوفاء بالتزاماتهم وخصوصا في المجال العقاري».

وفي الحديث عن المخاطر التي تواجه الصيرفة الإسلامية ونمو هذا القطاع، فمن أبرز هذه المخاطر برأي حسان هي «عدم الالتزام الكامل في استخدام هذه المنتجات الإسلامية، ذلك أن الاستخدام غير الصحيح تترتب عليه مخاطر تجنيب أرباح المعاملات التي تنفذ على خلاف أحكام الشريعة، والصيرفة الإسلامية ليس فيها ما يؤدي إلى الأزمات المالية ولكن الأزمات المالية سببها النظام التقليدي الذي يؤثر بدوره على البنوك الإسلامية، أما المعاملات المصرفية المتوافقة مع الشريعة مخاطرها محسوبة إذا ما طبقت تطبيقا صحيحا».

وفيما إذا كانت جميع المنتجات المصرفية الإسلامية متوافقة تماما مع الشريعة ولا يعتريها أي مقدار من الخطأ، يقول حسان «لا أظن أن أحدا من خبراء الشريعة أو أحد أعضاء هيئاتها الشرعية يتعمد إصدار الفتاوى على خلاف أحكام الشريعة، بل إنهم يصدرونها حسب اجتهاداتهم وفهمهم لهذه الأحكام، وقد يخطئ المجتهد في اجتهاده، ولكنه مأجور على هذا الاجتهاد، فالعلماء أعضاء الهيئات الشرعية يجتهدون دائما في التعرف على أحكام الشرع في المعاملات الجديدة وقد قطعوا شوطا كبيرا في تطوير وابتكار المنتجات، ولا يجوز بحال من الأحوال التشكيك في أمانتهم أو إخلاصهم، وإذا أخطأ أحدهم فإن الآخرين يصححون له هذه الأخطاء».

وبين حسان أن الأخطاء في التطبيقات «إنما تنتج عن قلة خبرة بعض العاملين في البنوك الإسلامية وليست متعمدة، فالذين جاءوا إلى البنوك الإسلامية من البنوك التقليدية مخلصون ويرغبون في التطبيق الصحيح ولكن لم تتح لهم الفرصة الكافية للتدريب، ومن هنا تقع بعض الأخطاء»، مشيرا إلى تطور هائل في هذا الاتجاه لجهة تراجع أخطاء التطبيق بسبب برامج التدريب المكثفة التي بدأتها البنوك الإسلامية.

ويؤكد الخبير الذي يترأس عدة هيئات شرعية لبنوك إسلامية وشركات متوافقة مع الشريعة في الإمارات، إدراك الغرب لأهمية قطاع الصيرفة الإسلامية «فهناك استثمارات كثيرة في المنتجات الإسلامية من مؤسسات وبنوك غربية وخصوصا في الصكوك وصناديق الاستثمار ذلك أن الصناعة المالية الإسلامية صناعة آمنة وأصبحت منتشرة في العالم كله، وهناك بنوك إسلامية تأسست في بلاد أوروبية ومتوقع المزيد في السنوات القريبة القادمة.

وأضاف أن أسواق الإمارات تعتبر أكثر الأسواق العربية والعالمية ازدهارا في مجال الصيرفة الإسلامية - برأيه - ففيها 8 بنوك إسلامية بالإضافة إلى شركات تأمين وتكافل إسلامية وشركات تمويل إسلامية، وأداء هذه البنوك والمؤسسات أداء متميز ونتائجها طيبة ونموها مطرد، وهي تعد نموذجا للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية وتعمل في جو من الحرية، ولذا فإنها سوق لتطوير وابتكار المنتجات.

ويشغل حسين حامد حسان رئاسة هيئة الفتوى والرقابة الشرعية، في كل من بنك المشرق بدبي وبنك دبي الإسلامي وبنك السلام بالسودان، وبنك الإمارات والسودان، ومصرف الشارقة الإسلامي، ومصرف الإمارات الإسلامي وبنك الخليج الأول في أبوظبي، وشركة «أملاك للتمويل» بدبي، بالإضافة إلى عدة مواقع متقدمة لمؤسسات مالية أخرى كشركة «أمان الإسلامية للتأمين» بدبي.