الرئيس التنفيذي لبنك غيت هاوس: الحكومة البريطانية تدعم الصيرفة الإسلامية بقوة

ريتشارد توماس لـ «الشرق الأوسط»: لندن ما زالت المركز المالي بجميع مفاهيمه

ريتشارد توماس («الشرق الأوسط»)
TT

ما زالت تشغل العاصمة البريطانية لندن المركز المالي العالمي باحتضانها لكل ما هو جديد وفريد في عالم المال والأعمال، كان من بينها قطاع المصرفية الإسلامية، لتعد بريطانيا أكبر الدول الأوروبية تعاملا بها في أوروبا والغرب بأكمله. وأكد ريتشارد توماس أحد المحاربين القدامى في قطاع الاستثمارات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية الرئيس التنفيذي لبنك غيت هاوس ومركزه لندن الاحتضان البريطاني للقطاع وفسر تفاصيل الاهتمام البالغ بالمصرفية الإسلامية في لندن من خلال حواره مع «الشرق الأوسط».

* بداية نود معرفة المزيد عن تاريخك في العمل المصرفي خاصة في قطاع الصيرفة الإسلامية؟

- عملت في القطاع لفترة تزيد عن 28 عاما زودتني بخبرة فريدة، بدأت مديرا للعمليات المصرفية وفقا للشريعة للمؤسسة المصرفية العربية في لندن، ذلك إضافة إلى عدد من الوظائف الكبيرة في بنك الكويت المتحد، والبنك السعودي الدولي في لندن، وخلال هذه الفترة منذ أن بدأت العمل المصرفي لم أترك الصيرفة الإسلامية أو لندن.

* أنتم مصرف إسلامي في لندن، ما هي الميكنة المتبعة لضمان أن الاستثمارات متوافقة مع الشريعة الإسلامية؟ - إن خدمة الشريعة الخاصة بنا هي خدمة مميزة يقدمها بنك «غيت هاوس»، فبالإضافة إلى هيئة متخصصة في الأمور التشريعية لدينا، يمكن لـ«غيت هاوس» تصريف جميع العمليات المصرفية بطريقة سريعة في جميع العمليات، سواء من البنية أو التقييم أو التدقيق لضمان الالتزام بالشريعة. ويقدم الفريق أيضا خدمة مستقلة للمؤسسات الأخرى التي تحتاج إلى خدمات استشارية في مجال الشريعة.

تميزنا بجلب الهيئة إلى لندن، يرأسها الشيخ محمد شحاتة، بالإضافة إلى هيئة أخرى خارجية يدعمنا فيها الشيخ نظام يعقوبي، وهما اثنان من أهم أيقونات الشريعة. لقد جئنا بالعلماء إلى قلب البنك، فهم يلعبون دورا حيويا مثل المحامي الجيد وأمين الصندوق الجيد، فعليك بضم العالم الجيد طالما تعمل في هذا القطاع. والعمل بهذه الطريقة ليس شائعا في أغلب البنوك الإسلامية. الموافقة على أي من شهادات الاعتماد تتطلب وقتا طويلا لمراجعتها والموافقة عليها، ولكن بوجود الهيئة هنا في لندن تسهل العملية بنسبة 50 في المائة أسرع من العمليات التقليدية.

* بدأت العمل في القطاع وكان من أهدافك التطوير، ما سبب التأخير في التواصل مع أهم مراكز الصيرفة الإسلامية في العالم مثل ماليزيا على سبيل المثال؟ - عملية التواصل مع ماليزيا خاصة لم تكن سهلة على الإطلاق، على الرغم من أنها من أكبر مراكز القطاع في العالم، بدأنا مع السعودية وكانوا أكثر تعاونا في ذلك الوقت. أود أن أذكر أننا حاولنا جاهدين عمل ذلك في البداية ولكن السوق كانت مغلقة على التعامل المحلي، الأمور تبدلت في الوقت الحالي وبدأت ماليزيا الاهتمام ببناء العلاقات مع الاستثمارات الخارجية، مما جعلنا أكثر اهتماما بالأمر ووقعنا مذكرة تفاهم مع ماليزيا الآن والعلاقة جيدة مع البنك المركزي هناك.

* ماذا عن هيمنة الصيرفة الإسلامية في الغرب؟ - ما زالت الصيرفة الإسلامية لم تشعب جذورها في عالم المال الغربي بالشكل المطلوب. شعبيتها فائقة الحدود في العالم الإسلامي، ولكن قلة المعرفة بها تؤثر بشدة على الطلب عليها. ما زالت نماذج العمل بها تدرس من قبل بعض العملاء، من يعلم بالمصرفية الإسلامية في الغرب يرحب بالتعامل بها. قد يرى البعض أنها وسيلة بديلة لتمويل مشاريع، والمنافسة تكمن في كيفية توصيل المفهوم وإنجاز المهمة البنكية.

* تخصصت استثمارات بنككم في منطقة الخليج أكثر من الغرب رغم أن مركزكم لندن، لماذا؟ - كما أوضحت لك، ما زالت الصيرفة الإسلامية لم تقدم في العالم الغربي ما يجذب انتباه المستثمر الأوروبي ليتجه إليها تاركا التمويل التقليدي، خاصة فيما يتعلق بالمراجعات التي تستلزم هيئة شرعية في مراجعة الطلبات والموافقة عليها، مما يؤخر الإنجاز المطلوب في الوقت الحالي، «الوقت له ثمن كبير».

* حدثنا عن طبيعة الاستثمارات والعمليات التي يجريها مصرفكم؟ - قد تختلف طبيعة العمل في مصرف غيت هاوس عن مصارف كثيرة أخرى، فنحن لسنا مقرضين، ولكننا نستثمر في البيع المصرفي الكامل. نتباين بشكل كبير مع خدمات بنوك التجزئة ولكننا لسنا مقرضين. نحن غالبا نخدم عملاء الشركات والشركات المتوسطة الحجم، وغالبا ما تكون المعاملات لدينا بحجم كبير إضافة إلى عمليات أخرى مثل الاستثمارات في الدمج والاستحواذ وإدارة الثروات. نحن بنك استثماري، ليس من عملنا أن نقرض مبالغ كبيرة، ولكننا نعمل على إيجاد حلول للأعمال وإنتاج المنتجات المصرفية التي تعمل عليها المصارف.. نعيد بناء المصارف، نعمل على إعادة إحياء الشركات التي كانت تعمل على الاستثمارات ولكنها واجهت مصاعب ارتبط بالأزمة المالية العالمية، بالإضافة إلى عملنا على تمويل مشروعات في كل أنحاء العالم وفقا لعملائنا، في الوقت الذي تقف فيه الخزانة البريطانية بجانبنا وتسهل عمليات البيع والشراء وفقا للشريعة. ونعمل أيضا في غيت هاوس على تحقيق متطلبات السوق الخارجية في شراء العقارات، وتمويلها والإشراف عليها، بجانب استحواذات أخرى مثال سكن الطلاب.

* بريطانيا ما زالت هي السوق الكبرى في المصرفية الإسلامية أوروبيا، ماذا ترى هنا مستقبلا؟ - تدعم الحكومة البريطانية الصيرفة الإسلامية بقوة، وتقدم كثيرا من الخدمات لتوسيع هذه السوق التي احتضنتها منذ ظهورها، وينعكس ذلك على عدد المسلمين البريطانيين الكبير في بريطانيا بغض النظر عن الحزب الحاكم إن كان المحافظون أو العمال، كل الحكومات رأت أنها تحتاج إلى أن تخدم هذا المجتمع وفقا لشريعته ليحصل على حسابات بنكية ورهون عقارية.. وأستدرك مثالا أفخر به دائما عندما اتصلت بلدية ويستمينستر بشأن تمويل خارجي لمساعدة المسلمين في منطقة فقيرة جدا تابعة للبلدية، سائلين عن كيفية مساعدتهم وفقا للشريعة لإقامة أعمال خاصة بهم. التمويل كان بمبالغ ضئيلة، ولكنه ساعد الكثيرين. ولذلك ما زلت أقتنع أن لندن ما زالت المركز المالي العالمي، على الرغم من عدم رضا أو موافقة الكثيرين، فما زال هذا المركز يستقطب الاستثمارات الجديدة بكل مفاهيمها، والاستفادة أيضا من العوائد الكبيرة التي تعود على السوق هنا.

* تشعبت دراسة الصيرفة الإسلامية في أوروبا بشكل كبير.. ما تعليقك؟ - أصبحت دراسة الصيرفة الإسلامية من أهم مفاتيح الدخول في الحي المالي وعالم الأعمال، ومن الشروط الأساسية أن تحمل شهادة أو تضيف أي نوع من الخبرة والمعرفة بالقطاع إلى سيرتك الذاتية. يمكنني ذكر عشرات الجامعات والمعاهد التي تدرس برامج جيدة جدا في الصيرفة الإسلامية ومن أهم الجامعات البريطانية درم، وكاس بيزينس سكول. وقد أوضح ما أقول بمثال عندما كنا نحضر المؤتمرات المالية منذ 10 سنوات فقط، كنا نعد على الأصابع، أفتخر الآن بعدم معرفتي لأغلب الحاضرين في المؤتمرات.

* ما هي آخر العمليات التي أجراها البنك؟ - آخر العمليات كانت في القطاع النفطي، واستثمرنا في تمويل شراء معدات للحفر في مشروع ضخم في الكويت، تكلفت نسبة التمويل نحو 124 مليون دولار.

* كيف يمكنك أن توضح عمليات إدارة الثروات في الخليج وأوروبا؟ - وجدنا حلولا إيجابية جدا، وبعض البرامج في إطار التجربة في الوقت الحالي لضمان الاستقرار خاصة وسط عدم الاستقرار الذي تشهده السوق في الوقت الحالي ويتوافق مع الشريعة الإسلامية. وجدنا استثمارات في قطاعات كثيرة، كان أحدها قطاع الماء على سبيل المثال. وبالفعل نحن نختلف في أساليب الربح التي تنتج عن الاستثمارات عن البنوك التجارية الشائعة في كل العالم. كل معاملة لدينا هي عملية مميزة ولا ترتبط بأخرى، كل الاستثمارات في الضوء ولا تتطلب مخاطر عالية، فنحن بنك استثماري حقيقي يتعامل بأخلاقيات ومسؤولية عالية.