نحن بحاجة لصناديق ذات عوائد منتظمة

TT

تظهر الساحة الاستثمارية للصيرفة الإسلامية في المملكة العربية السعودية فقرا في الصناديق الاستثمارية المأمونة التي تقدم عوائد وتوزيعات منتظمة لحملة الوحدات المستثمرين بها، حيث إن جل الصناديق الاستثمارية الموجودة تقوم بعكس العائد على قيمة الوحدة، حيث تضاف العوائد والتوزيعات التي يجنيها رأس المال المستثمر إلى رأس المال فيكون الربح رأسماليا، مما يعني أن المستثمر إذا أراد الاستفادة من هذه الزيادة فعليه بيع جزء من وحداته وذلك في حال كان نظام الصندوق يتيح له ذلك، أما إن كان نظام الصندوق مغلقا فعليه الانتظار حتى تنتهي مدة الصندوق وتتم تصفيته لحصوله على استثماره وعوائده، ومما لا شك فيه أن هذا الخيار قد لا يناسب الكثير من المستثمرين ممن يرغبون في الحصول على عائد منتظم من استثمارهم أو ممن هم محتاجون لذلك كنوع من الدخل المنتظم كالمتقاعدين وبعض النساء والجمعيات الخيرية والأموال التي تحت ولاية القضاء كأموال القصر والمجاهيل والمعتوهين ومن لا ولي لهم، وهذه الشريحة من المستثمرين تمتلك ثروة هائلة غير مستثمرة على الوجه الصحيح أو مجمدة تأكلها الصدقة، ويكفي للدلالة على ذلك ما أظهرته الإحصائية التي نشرتها جريدة «الرياض» في شهر أبريل (نيسان) عن الأموال التي تحت ولاية القضاء في المملكة، حيث تجاوزت العشرة مليارات ريال سعودي، وبالتالي فيجب على الشركات الاستثمارية الإسلامية في المملكة والقائمين عليها التفكير في إيجاد صناديق متدنية إلى متوسطة المخاطر ذات عائد مجزٍ لا يقل عن 6% سنويا (بعد خصم مصاريف الصندوق) يتم توزيعه على حملة الوحدات بشكل دوري (شهري، ربع سنوي) بحيث تلبي حاجة هذه الشريحة من المستثمرين.

إن البعض يظن أن هذه معادلة صعبة، فكيف يمكن الجمع بين العائد المنتظم المجزي وتدني المخاطر في صناديق مهيكلة وفق أحكام الشريعة الإسلامية؟ إلا أنني أرى أنها ليست معادلة صعبة نظرا لغنى الفقه الإسلامي بالكثير من العقود التي تكفل ذلك، مثل عقد البيع مع استثناء المنفعة، وعقد الإجارة المنتهي بالوعد بالتمليك وهذا النوع من العقود يضمن للصندوق وجود دخل منتظم يمكن توزيعه دوريا على حملة الوحدات وهو العائد الإيجاري، كما يكفل في الوقت نفسه تدني المخاطر على رأس المال، حيث يكون الأصل المؤجر إما مباعا أو تم احتساب ثمنه ضمن الدفعات الإيجارية، وفي كل الأحوال فإن أصول الصندوق ستبقى باسمه إلى حين سداد ثمنها بالكامل إضافة للضمانات الأخرى التي يمكن لمدير الصندوق الحصول عليها مما يضمن لحملة الوحدات استثمارهم.

إن هذا النوع من الصناديق ليس من المستحيل وجودها فهي موجودة بالفعل، فعلى سبيل المثال صندوق الإجارة الإسلامي الخامس لبنك الكويت الوطني حقق عائدا سنويا بلغ 7.5% وهو يقوم بتوزيع هذا العائد على حملة الوحدات شهريا.

ومن هنا فإنني أطرح تساؤلا طالما طرحه الكثيرون غيري: لماذا يبقى المستثمر في المملكة حبيسا بين مطرقة صناديق المرابحة ذات العائد الضئيل الذي لا يكفي لدفع الزكاة، وصناديق الأسهم ذات المخاطر العالية التي أكلت الأخضر واليابس؟ لماذا لا تتنوع القنوات الاستثمارية المتاحة أمام المستثمرين وفقا لحاجاتهم وقدرتهم على المخاطرة؟ لماذا لا نسعى لتوظيف الأموال المجمدة في تنمية الاقتصاد المحلي؟ لماذا لا نسعى لتنويع القنوات التمويلية أمام القطاع الخاص في المملكة بمثل هذه الصناديق؟

إن الإجابة عن هذه الأسئلة منوطة بهيئة سوق المال التي يجب عليها أن لا تكتفي بالرقابة، بل يجب عليها الحث على التنوع والإبداع في المنتجات وتسهيل إجراءاتها وتقديم المحفزات لها، حيث إننا ما زلنا سوقا ناشئة، كما أنها منوطة بالقائمين على الشركات الاستثمارية.

والله من وراء القصد.

* مستشار في المصرفية الإسلامية