إضافة معيارين محاسبيين لمعايير هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية

د. محمد الشعار الأمين العام للهيئة لـ«الشرق الأوسط» إدخال المذهب الأباضي للمجلس الشرعي.. وقريبا المذهب الزيدي

أعضاء المجلس الشرعي لهيئة المحاسبة والمراجعة خلال بداية مؤتمر الهيئات الشرعية الذي عقد نهاية الأسبوع الماضي. («الشرق الأوسط»)
TT

أقرت هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية إضافة معيارين جديدين هما معيار «الإفلاس» ومعيار «السيولة: تحصيلها وتوظيفها».

وجاءت إضافة هذين المعيارين بعد نهاية جلسات المؤتمر التاسع للهيئات الشرعية للمؤسسات المالية الإسلامية الذي عقد في المنامة نهاية الأسبوع الماضي.

وقال لـ«الشرق الأوسط» الدكتور محمد الشعار الأمين العام لهيئة المحاسبة والمراجعة: إن المعايير وصلت بعد إضافة هذين المعيارين إلى 84 معيارا محاسبيا للبنوك والمؤسسات العاملة وفق الشريعة الإسلامية، موضحا أن إقرار المعيارين الجديدين جاء بعد دراسة متأنية خلال العامين الماضيين، كما هو الحال لبقية المعايير التي تخضع للمراجعة والتقييم قبل إقراراها.

وبين الشعار أن المجلس الشرعي للهيئة وافق على انضمام أعضاء جدد، هما الشيخ أفلح بن أحمد الخليلي من عُمان ليمثل المذهب الإباضي في المجلس الشرعي، والشيخ وليد بن هادي من قطر، مشيرا إلى أن الهيئة تحوي كل المذاهب الأربعة إلى جانب الشيعي «الجعفري» وأخيرا الإباضي، وقريبا سيتم إضافة المذهب الزيدي.

وتهدف الهيئة من تنويع المذاهب إلى مراعاة كل المؤسسات المالية الإسلامية، والتي تتوزع في كثير من الدول الإسلامية وتعمل في مجتمعات تختلف فيما بينها في المذاهب التي تتبعها.

وأضاف الشعار أن المؤتمر الأخير شهد حضورا كبيرا فاق 90 في المائة من أعضاء المجلس الشرعي، وأن مواضيعه كانت متنوعة وتراعي الأحداث والتطورات التي يشهدها العالم، خاصة بعد الأزمة المالية العالمية، إلى جانب ما استجد من قضايا تمس الصناعة المالية الإسلامية في العالم.

وكان المؤتمر قد شهد حضورا من المهتمين في الصناعة، وشهد تتويج عدد من المحاسبين الشرعيين، ليكونوا نواة لمستقبل الرقابة الشرعية في المؤسسات المالية الإسلامية.

وخلال المؤتمر شدد الشيخ عبد الله بن سليمان المنيع، الباحث الشرعي رئيس الهيئات الشرعية في بعض البنوك الإسلامية، على أهمية وجود هيئة شرعية في البنوك المركزية، لما لها من متانة وقوة في متابعة المصارف الإسلامية.

وقال المنيع إن البنك المركزي البحريني أنشأ هيئة شرعية ونتطلع لأن تقوم بدور كبير، وأن تحذو حذوها كل البنوك المركزية في بقية الدول الإسلامية، خاصة أنه مضى على إنشائه زمن.

وأكد المشاركون في المؤتمر ضرورة الاستفادة من تداعيات الأزمة المالية وما تبعها من أزمات أخرى، محذرين قادة الصناعة المالية الإسلامية من الوقوع في مثل الأخطاء المصرفية التقليدية التي عانت كثيرا من الانهيارات في العامين الأخيرين.

وقال رشيد محمد المعراج محافظ البنك المركزي إن الصناعة المالية الإسلامية بحاجة إلى مزيد من الاهتمام لمتانة تلك الأسس ورسوخها، لأن المشكلة لا تتلخص في إيجاد السبل الكفيلة لتواصل الصناعة نموها، وإنما أيضا في السعي إلى النأي بها عن المشكلات والمخاطر التي يمكن أن تخلف أثرا سلبيا في ثقة الجمهور بهذه الصناعة. إذ إن الوقائع التي شهدتها الأعوام القليلة الماضية، والتي زعزعت ثقة الجمهور في الصناعة المالية التقليدية في أنحاء عدة من العالم، يجب أن ينظر إليها باعتبارها إشارة تحذير من المخاطر التي يمكن أن تنشأ عن توجيه الاهتمام اللازم لمسألة إرساء الأسس الصلبة لهذه الصناعة.

وتابع المعراج أنه يجب أن تستقى تلك الأسس من الصناعة المالية الإسلامية نفسها، ذلك أن من المهم أن يراعي جميع العاملين في هذه الصناعة المبادئ والأسس التي تقوم عليها، ذلك لأن المؤسسات المالية الإسلامية تختلف عن التقليدية بوجود مستوى إضافي من الضوابط متمثلا في المجلس الشرعي، الذي ينهض بدور أساسي في تحري التزام الإدارة بالمعايير الأخلاقية، إلى جانب دوره المهم جدا في مجال مطابقة المنتجات والمعاملات للشريعة الإسلامية.

وبين المعراج أن النمو الذي حققته الصناعة المالية الإسلامية اقترن بزيادة التعقيد في المنتجات والمعاملات التي يطلب من علماء الشريعة اليوم مراجعتها، وأنه على ضوء ذلك أطلق مصرف البحرين المركزي مؤخرا بالشراكة مع صندوق الوقف مبادرة جديدة تهدف إلى توفير المزيد من الفرص التدريبية للباحثين الشرعيين في مجال المنتجات والأسواق المالية. ونأمل أن توفر هذه المبادرة للباحثين الشرعيين ما يحتاجون إليه من مهارات وأن تمكنهم من الاضطلاع بدورهم المحوري في التحقق من التزام الصناعة المالية الإسلامية بالمبادئ التي تنتهجها.

وأضاف المحافظ أنه من منظور رقابي، هناك قواسم مشتركة كثيرة بين المسائل التي تنشأ وتستجد في الصناعة المالية الإسلامية والصناعة المالية التقليدية، وأن دورهم كجهات رقابية يتمثل في ضمان أن يكون القائمون على إدارة تلك المؤسسات المالية من ذوي السمعة الحسنة والنزاهة والخبرة والكفاءة، إلى جانب التحقق من امتلاك تلك المؤسسات لرأس المال الكافي الذي يمكنها من استيعاب الخسائر الناشئة عن مزاولة أعمالها، ومن توفر السيولة الكافية لديها لتلبية حالات سحب الودائع غير المتوقعة.

وأضاف رشيد المعراج أن الصناعة المالية الإسلامية تتطلب وجود نظم احترازية تتناسب واحتياجاتها. ومع ذلك، فإن النظم المعتمدة في الصناعة المالية التقليدية تظل نقطة البداية نحو تطوير هذه النظم الاحترازية لدى المؤسسات المالية الإسلامية. ولأن تلك النظم في تغير مستمر فلا بد لنا من أن نأخذ في الحسبان حجم التغير الواجب إدخاله على النظم الاحترازية لدى المؤسسات الإسلامية. لقد تمخض عن الأزمة المالية العالمية عمليات مراجعة شاملة للمعايير الدولية المطبقة على المصارف التقليدية، كما أن الجهات الرقابية في مختلف دول العالم تعلمت الكثير من الدروس المهمة من هذه الأزمة. وسيكون من الأهمية بمكان مستقبلا أن تستوعب الصناعة المالية الإسلامية دروس الأزمة.

من جانب آخر، أوضح الشيخ إبراهيم بن خليفة آل خليفة وزير الإسكان البحريني رئيس مجلس أمناء هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية أن الهيئة تسعى إلى مراجعة المعايير الحالية وصياغة معايير جديدة خلال السنوات القليلة القادمة ليصل مجموع ما تصدره من معايير إلى أكثر من 90 معيارا مع نهاية الدور الحالي لمجالس الهيئة.

وتابع الشيخ خليفة أن المعايير التي وضعتها الهيئة صارت ملزمة للمؤسسات المالية والمصرفية في كثير من دول العالم، إلى جانب أنها استرشادية في بعض الدول التي لا تلزمها على البنوك الإسلامية.