الشيخ ابن منيع: تفعيل الهيئات الشرعية في البنوك المركزية لصالح المصرفية الإسلامية

قال لـ «الشرق الأوسط»: أدعو بالهداية لمن ينسبون لي ترويج المصرفية الإسلامية

الشيخ عبد الله بن منيع أثناء مؤتمر الهيئات الشرعية الذي عقد أخيرا في المنامة
TT

على غير العادة المعروفة عنه، فاجأ الشيخ عبد الله بن سليمان المنيع حضور مؤتمر الهيئات الشرعية، الذي عقد أخيرا في المنامة، بمطالبته للبنك المركزي البحريني بتفعيل الهيئة الشرعية لديه، وجعلها أكثر نشاطا، من خلال إعطائها مزيدا من الصلاحيات. وقال المنيع في حديثه لـ«الشرق الأوسط» على هامش جلسات المؤتمر، إن الهيئة الشرعية التابعة للبنك المركزي من شأنها تقوية المصرفية الإسلامية وجعلها أكثر سيطرة وهيمنة على البنوك الإسلامية، رافضا أن تكون مطالبته رسالة يقصد بها البنوك المركزية الأخرى. فإلى تفاصيل اللقاء.

* كيف تُقيِّم مؤتمر الهيئات الشرعية الذي نظم في المنامة أخيرا؟

- هذا المؤتمر الذي قامت عليه وهيأته وأعدته هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، كان مؤتمرا موفقا، واشتمل على الكثير من المبادرات المباركة، ومن ذلك ما جاء في افتتاح المؤتمر ومداخلتي في هذه الافتتاحية من حيث توجيهي الاقتراح إلى محافظ البنك المركزي البحريني في أن يُفعِّل الهيئة الشرعية عنده في البنك المركزي، بحيث تكون هيئة شرعية مركزية مشرفة على الهيئات الشرعية التي هي لكل بنك مصرفي إسلامي، حتى يكون للبنك المركزي قدرة على الهيمنة والرقابة على هذه المصارف الإسلامية المتعددة. وكما هو الحال في مراقبة ومتابعة ما يتعلق بإجراءات وبتنفيذ وبتطبيقات المصرفية التقليدية. وبناء على هذا فقد تقدمت بهذا الاقتراح، وكان له أثر إيجابي من حيث استجابة المحافظ رشيد المعراج، وقد ارتاح لهذا الاقتراح ووعد بتنفيذه وتفعيله.

* هل كنت توجه رسالة إلى البنوك المركزية في تكوين هيئة شرعية موحدة لكل دولة؟

في الواقع ممكن أن تكون رسالة غير مقصودة، وإنما هي في الواقع اقتراح موجه إلى البنك المركزي البحريني؛ لأن عنده هيئة شرعية، لكن لا تزال صلاحيتها ضيقة جدا جدا، فنريد أن يوسعوا من صلاحيات هذه الهيئة الشرعية، وبعد إعطاء هذه الهيئة قدرتها وعطاءها النافع، بعد ذلك ممكن أن تكون هذه الهيئة قدوة للبنوك المركزية في البلدان الأخرى، لا سيما في الخليج.

* ماذا تناول المؤتمر من موضوعات؟

- المؤتمر تناول مجموعة كبيرة من المعاملات والإجراءات والنشاط المصرفي، فكان فيه التكافل، وفيه كذلك ما يتعلق ببيوع السلم وبيوع المرابحات وبيوع التقسيط والتورق، والفرق بين التورق المعتبر وما يسمى بالتورق المنظم. فالمؤتمر تناول الكثير من ذلك، وكذلك النظر في العقود الصورية، وفي العقود الحقيقية، وما أثر هذه العقود الصورية على المصرفية الإسلامية، والكثير من الأمور التي تهم المصرفية الإسلامية.

* هل ترى أن هناك عقودا صورية في البنوك الإسلامية؟

- لا شك أنه توجد عقود صورية؛ ما يسمى الآن بالتورق المنظم؛ حيث يأتي العميل للبنك، ويقول: أنا في حاجة إلى 100 ألف ريال (26.6 ألف دولار)، فيقول البنك: تفضل، هذي مجموعة أوراق مستندية وقِّعها، وغدا تجد ما تريد في حسابك، فماذا عمل؟ هل اشترى أو باع؟ وحينما تم لفت النظر إلى هذا الشيء عولج واستبعد، وصحح الوضع فصار جيدا. وما تقول عنه كان في السابق، ولكننا الآن استطعنا أن ننبه البنوك الإسلامية، وأن نصحح هذا الوضع، وأن نمنعهم من هذا الشيء.

* كيف تكون العقود الصحيحة؟

- يأتي العميل إلى البنك، ويقول أنا الآن أريد أن أشتري منك سلعة مؤجل ثمنها بقيمة 100 ألف ريال أو 200 ألف ريال، أقل أو أكثر من ذلك، ثم بعد ذلك يبيع له البنك هذه السلعة ويعطيه تفويضا، فيذهب هذا العميل إلى من عنده السلعة ويتفاهم معه، إما أن يأخذ سلعته إلى بيته أو أن يبيعها له أو يوكله ببيعها أو يبيعها لآخر. فأصبحت العملية واضحة الآن، من حيث البيع ومن حيث الشراء، والإيجاب والقبول، ومعرفة السلعة نفسها، وما نوعها، وما مقدارها، وما قيمتها، إنما في السابق كان لا يدري شيئا، فقط يعرف عن حسابه أنه أودع فيه مطلوبه.

* ألا ترى فضيلتكم أن اختلاف الفتاوى في المصرفية الإسلامية أحد معوقات نموها؟

- هذا الكلام مبالغ فيه؛ في أن هناك خلافات ما بين الهيئات الشرعية في المصرفية الإسلامية، فالهيئات الشرعية الآن في الواقع متفقة في الغالب على جميع العناصر الأساسية في ما يتعلق بالأخذ بالمصرفية الإسلامية، فليس هناك أي هيئة شرعية تبيح أن يكون هناك تعامل في البيع أو الشراء بأصول وهمية، وبأصول قد لا يملكها من يبيعها، بمعنى أنه يبيع ما لا يملكه. فجميع العناصر الأساسية في ما يتعلق بالمصرفية الإسلامية محل اتفاق بين الهيئات الشرعية، وبناء على هذا فنحن لا نرى ما يقال عن أن هناك اختلافات أو شيئا من هذا القبيل، فقد تكون الاختلافات في أمور جزئية.

* ماذا تسمي الانتقادات التي وجهت لقرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن تحريم التورق؟

- التورق مسألة التعامل بها كانت موجودة في عهد أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والأمر نفسه أخذ به مجموعة من فقهاء العالم الإسلامي وأصحاب المذاهب الأربعة، كذلك المصرفية الإسلامية وجدت أنها طريق من طرق التمويل، وتمويل بطريقة مباحة، فأخذت بها. لكن في الواقع الشيء الذي جعل الأخذ بها مثار جدل وقلق واعتراض هو سوء التطبيق، والتورق المنظم حرام؛ لأنه لم يشتمل على شيء من شروط البيع والشراء، لذلك جاء المجمع الفقهي التابع لمنظمة العالم الإسلامي ليقول إن هذا التورق ليس تورقا شرعيا، وإنما هو معاملة ربوية مظللة بظلال كاشف، فالمجمع دفع المصرفية الإسلامية إلى تصحيح الأخذ بنظام التورق.

* كيف ترى عالمية المصرفية الإسلامية؟

- يوجد مجموعة كبيرة الآن من زملائنا لهم نشاط كبير في بعض الدول الغربية، على اعتبار أنهم أعضاء هيئات شرعية في مؤسسات مالية قائمة هناك، وهؤلاء يستطيعون أن ينشروا المصرفية الإسلامية، وأن يبينوا مبادئها واتجاهاتها السليمة التي ضمنت لها في الغالب العوائد الصحيحة، ونحن إذا أردنا الآن أن نقارن بين المصرفية الإسلامية القائمة في البنك نفسه، فلدينا في السعودية الآن مجموعة بنوك، وفي الواقع كان أصلها بنوكا ربوية، ولكنها اتجهت لإنشاء مصرفيات إسلامية داخل أقسام من نشاطاتها، وفي الوقت نفسه في المقارنة من حيث العائد بين نشاط المصرفية الإسلامية ونشاط المصرفية التقليدية، اتضح أن هناك عوائد كبيرة لها، وأصبح لها مصداقية، وثقة كبيرة لدى كثير من العملاء.

* الكاتب حمزة السالم تكلم كثيرا عن المصرفية الإسلامية، وأنها تروج للمصارف. لماذا لم ترد عليه؟

- لم أقرأ له شيئا.

* لكنه ذكرك بالاسم، وأنك تروج للمصرفية الإسلامية؟

- قلت لك لم أقرأ له شيئا، وإنما قيل لي إنه تكلم عن المصرفية الإسلامية.

* طالما أنه خصك أنت، بماذا ترد عليه؟

- أقول لحمزة السالم «الله يهديه» فقط.