رئيس مجموعة «دار المال»: الرياض هي عاصمة المصرفية الإسلامية في العالم

جناحي لـ«الشرق الأوسط»: بنك الإثمار تعرض لسحوبات بلغت 1.1 مليار دولار في 9 أشهر ولم يتأثر

خالد جناحي الرئيس التنفيذي لمجموعة «دار المال» الإسلامية («الشرق الأوسط»)
TT

أكد خالد جناحي، الرئيس التنفيذي لمجموعة «دار المال» الإسلامي، أن الخطط والسياسات التي استخدمتها المجموعة منذ أن أشعلت شرارة الأزمة المالية الأولى شرارتها في الاقتصاد العالمي، والقطاع البنكي على وجه الخصوص، أثبتت أنها سياسة صحيحة.

وأفصح جناحي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» عن خطط المجموعة التوسعية، التي تنطلق من السعودية باعتبارها «أكبر سوق واعدة في المنطقة في صناعة الصيرفة الإسلامية»، واصفا العاصمة السعودية الرياض بأنها «عاصمة المصرفية الإسلامية للعالم».

وارتكز في هذا الجانب على وصفه بأن الاقتصاد السعودي هو أكبر اقتصادات المنطقة، ويتمتع بسيولة عالية، بالإضافة إلى إقبال كبير من السعوديين على القطاع، ما يدعم نمو الصيرفة الإسلامية هناك. وقال: «كل البنوك الإسلامية الموجودة حاليا تستهدف السوق السعودية».

واعتبر جناحي أن لمجموعة «دار المال» الإسلامي، التي يترأس مجلس إدارتها الأمير محمد الفيصل، آفاقا بعيدة لتطوير سوق المصرفية الإسلامية على المدى القريب لتطال جميع أنواع العمليات البنكية في القطاع، مؤكدا أن لصناعة المصرفية «رائدين رئيسيين، هما: الأمير محمد الفيصل، والشيخ صالح كامل». وعلق قائلا: «وضعا الرائدان القوانين الصحيحة للقطاع، وكلنا نعمل عليها الآن».

وأوضح جناحي أن أرباح مصرف الإثمار، التابع للمجموعة، سجلت في الـ6 أشهر الأولى من العام الحالي أرباحا قياسية بلغت 120 مليون دولار أميركي، مقابل خسائر بلغت 107 ملايين دولار في 2009، معتبرا أن تحقيق هذه النتائج «يأتي بسبب التركيز الشديد الذي انتهجته المجموعة للمحافظة على السيولة التي يمتلكها البنك على الرغم من ظروف السوق والمطالبات التي كانت تشمل جميع البنوك».

وهنا كشف جناحي عن أن ما يقارب 1.1 مليار دولار سحبت من قبل المودعين في بنك الإثمار خلال الفترة من الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي، معتبر أن سحب هذا المبلغ الكبير خلال الفترة الماضية وفي ظل ظروف الأزمة المالية العالمية «يؤكد السياسة الناجحة للبنك على الرغم من كل الظروف الصعبة التي تجتاح الأسواق العالمية». وأضاف جناحي أن بنك الإثمار يعتبر أكبر بنك في البحرين تعرض لمثل هذه السحوبات «من دون أن يتسلم أي دعم من قبل أي جهة رسمية».

وبحسب جناحي، فإن بنك فيصل الإسلامي في مصر، وهو الشريك الرئيسي للمجموعة، حقق أرباحا جيدة، على الرغم من الظروف الاقتصادية غير المواتية التي اجتازها الاقتصاد على خير، مضيفا أن البنك يستحوذ على نسبة 95% من عمليات الصيرفة الإسلامية هناك، بحجم موجودات يزيد على 6 مليارات دولار.

وتحدث الرئيس التنفيذي لـ«دار المال» الإسلامي التي تأسست في جنيف عام 1981 ويمتلكها 7 آلاف مساهم، عن توسعات المجموعة في مجالات أخرى متعددة تبدأ من الشركة العقارية التابعة لبنك الإثمار، يطلق عليها «نسيج» والتي تعمل الآن على مشروع عقاري ضخم في السعودية بحجم 500 مليون دولار لإنشاء وحدات سكنية لمتوسطي الدخل «باعتبار أنها تشكل فرصا مغرية للاستثمار حاليا».

وتمتلك مجموعة «دار المال» الإسلامي 54% من بنك الإثمار، و49% من بنك فيصل الإسلامي في مصر، و25% من بنك البحرين والكويت بالإضافة إلى بنك الإجارة الأول، وبنك فيصل باكستان.

وقال جناحي: إن مجموعة «دار المال» الإسلامي القابضة ستركز عملياتها في القترة المقبلة على ثلاثة قطاعات أعمال رئيسية، هي: الخدمات والأنشطة المصرفية الإسلامية بالإضافة إلى الاستثمار الإسلامي والتأمين الإسلامي. وأشار إلى أن المجموعة ستقدم الخدمات المصرفية الإسلامية بأشكال مختلفة تتمثل في عمليات الخدمات المصرفية التجارية والخدمات المصرفية للأفراد في البحرين وباكستان ومصر، فيما تمارس نشاطات الأعمال المصرفية الخاصة وإدارة الصناديق في سويسرا. وأضاف جناحي: «كما تتواجد شركات التأمين الإسلامية التابعة للدار في كل من البحرين والأردن ومصر والسعودية وماليزيا؛ حيث تقدم الخدمات إلى الجاليات الإسلامية في الشرق الأوسط وأوروبا».

وتقدم مجموعة «دار المال» الإسلامي الخدمات المصرفية الإسلامية بأشكال مختلفة تتمثل في عمليات الخدمات المصرفية التجارية والخدمات المصرفية للأفراد في البحرين وباكستان ومصر، فيما تمارس نشاطات الأعمال المصرفية الخاصة وإدارة الصناديق في سويسرا.

كما تتواجد شركات التأمين الإسلامية التابعة للدار في كل من البحرين والأردن ومصر والسعودية وماليزيا؛ حيث تقدم الخدمات إلى الجاليات الإسلامية في الشرق الأوسط وأوروبا.

وأعلن بنك الإثمار، التابع للمجموعة، في مارس (آذار) الماضي، عن طرح إصدار الحقوق لمضاعفة رأسمال البنك من 200 مليون إلى 400 مليون دولار.

وبهذا الاكتتاب في إصدار الحقوق، تحافظ مجموعة «دار المال» الإسلامي على نسبة تملكها في البنك الإسلامي، والبالغة نحو 40% من إجمالي رأس المال.

ويقول خالد جناحي: «إن الخدمات المالية العالمية صناعة ديناميكية ومتغيرة ولا تثبت على حال؛ لذا فإنه لا يمكننا أن نكتفي بما حققناه من إنجازات فنقف عندها».

وأضاف أن هذه التحديات صعبة بالنسبة للصناعة العالمية للخدمات المصرفية والمالية. وعليه، فإن بعض شركاتنا التابعة والزميلة للمجموعة، تعاني، بطبيعة الحال، حيال ذلك. ومع ذلك، فإن تلك التحديات لم تعمل إلا على تعزيز عزمنا القوي، الأمر الذي يدفعنا نحو المضي قدما، وذلك على الرغم من بعض الصعوبات، هذا إلى جانب التطوير المستمر للعمل المصرفي الإسلامي العالمي، وصناعة الخدمات المالية.

وأردف: «في الأشهر القليلة الماضية انتهت واحدة من شركاتنا التابعة الرئيسية، بنك الإثمار، من عملية إعادة تنظيم شاملة مع شركته التابعة والمملوكة بالكامل له، مصرف الشامل، ليصبح بنك الإثمار بذلك بنكا إسلاميا يقدم الخدمات المصرفية للأفراد. كما نجح بنك الإثمار في جمع مبلغ 103 ملايين دولار من خلال إصدار الحقوق، وذلك من أجل المساعدة في تمويل خطط توسيع عمليات التجزئة. وفى الوقت نفسه، فقد تقدمت واحدة من شركاتنا الزميلة الرئيسية وإحدى كبريات شركات التكافل في العالم، وهي مجموعة سوليدرتي القابضة، نحو الأمام في تنفيذ خططها التوسعية الاستراتيجية. وقد عملت هذه الشركة على زيادة وجودها في الأردن، إضافة إلى المملكة العربية السعودية من خلال شركة سوليدرتي السعودية للتكافل، وهي عبارة عن مشروع مشترك بين مستثمرين سعوديين بارزين ومجموعة سوليدرتي، وقد أطلقت هذه الشركة بنجاح اكتتابها العام الأولي الضخم في مارس».

وتابع: «ظلت الشركة الإسلامية للاستثمار الخليجي (البهاما) المحدودة على ربحيتها، وهي شركة تابعة لنا، وذلك جنبا إلى جنب مع بنك الإثمار، على الرغم من أن العام الماضي كان عاما صعبا وعام تحد. وفي الواقع، وعلى الرغم من الظروف المعاكسة، فإن تلك الشركة قد شهدت مزيدا من النمو في الأموال تحت الإدارة، نتيجة للاستثمارات السابقة في الموظفين وأنظمة خدمة العملاء. ولقد منحت هيئة سوق المال في المملكة العربية السعودية الشركة ترخيصا لتأسيس شركة تابعة جديدة لتقديم خدمات استشارية في مجال الاستثمار. وفي السياق نفسه، فقد سجل شريكنا الرئيسي في مصر، وهو بنك فيصل الإسلامي المصري، عاما ناجحا بتحقيقه أرباحا جيدة، وذلك على الرغم من الظروف الاقتصادية غير المواتية. ويمتلك البنك حصة تهيمن على السوق المصرفية الإسلامية في مصر، ويواصل البنك زيادة عدد فروعه من خلال قنوات التوزيع وغيرها، وزيادة قاعدة ودائعه. كما حققت شركتنا الرئيسية التابعة في باكستان، بنك فيصل المحدود، أداء جيدا وسجل البنك أرباحا عام 2009. إن شبكة البنك الكبيرة والمتزايدة والمكونة من 136 فرعا موزعا على المحافظات الباكستانية الأربع بالإضافة إلى منطقة آزاد كشمير، جنبا إلى جنب مع المكاتب في المدن الرئيسية، تقدم جميعها خدمات ذات كفاءة عالية بطريقة فعالة».

وبشأن القلق من أن تدفع التطورات الاقتصادية الحكومات الخليجية إلى الانكفاء عن الإنفاق على المشاريع وبالتالي تركها من دون إنجاز وتعطيل التنمية، اعتبر جناحي أن ذلك سيشكل «الخطأ الأكبر». ورأى أن البعض قد بدأ بالفعل السير في هذا الطريق.

وأوضح جناحي أسباب تحذيراته بالقول: «تطوير البنية التحتية في الخليج فقط سيتطلب إنفاق أكثر من 550 مليار دولار خلال الأعوام المقبلة، وإذا توقفنا عن متابعة هذه المشاريع، فسنكون أمام مشكلة بعد ثلاثة أو أربعة أعوام، وهنا أتحدث ليس فقط عن البناء والطرقات، بل عن البنية التحتية الصحية والتعليمية أيضا».

ومر جناحي على أداء المصارف الخليجية حاليا، بالقول إنها كانت على مر السنين مصدر التمويل، متمنيا على حكومات المنطقة ضخ السيولة في السوق عبر المؤسسات المالية لاستكمال المشاريع الموجودة، عوضا عن نقل الأموال إلى الخارج لشراء السندات الأجنبية.

وذكر جناحي أن الأموال المدفوعة لشراء السندات تعود من جديد للخليج عبر المصارف على شكل سيولة قابلة للإقراض، لكن بتكلفة مرتفعة.

ودعا الرئيس التنفيذي لـ«دار المال» الإسلامي إلى ضرورة تحديد الأولويات في منطقة الخليج في الفترة الراهنة، كما دعا إلى إعطاء الأولوية المطلقة لحماية الأسواق المحلية.

وذكر جناحي دول الخليج، التي قال إنها كانت ترغب دائما بالتمثل بالنموذج السنغافوري للتنمية، بأن سنغافورة قامت بإنفاق جميع الأموال التي اكتسبتها على النمو الداخلي، وبعد ذلك انتقلت للاستثمار في الخارج بالفائض، معتبرا أن مشكلة المنطقة تتمثل في تخصيص الفوائض لسوء في شراء الأسهم والسندات في الغرب، عوض الاهتمام بالسوق الداخلية.

وفيما يتعلق بالعمل الخيري قال جناحي: «إن العمل المؤسسي الخيري هو جزء من ثقافتنا في الشرق الأوسط. وفي الواقع، فإن هذا الأمر يأتي ضمن التعريفات الدقيقة للزكاة التي هي أحد أركان الإسلام، وهي الركن الثالث، موضحا أن «الشركات في دول كدولنا خلال الأعوام الـ15 الماضية قد حظيت بالوصول إلى العالمية، وعلى هذا الأساس فإن هذه الشركات بحاجة إلى التفكير في المسائل العالمية».