مصر: «عقود التمويل» تعيق مشاركة البنوك الإسلامية في القروض الكبرى

صغر رؤوس أموالها وغياب آلية مشاركتها مع البنوك التقليدية قيدا نموها

TT

تراجعت مشاركة البنوك الإسلامية في القروض المشتركة التي طرحت في السوق المحلية، والتي يعود بعضها إلى مشكلات خاصة بعقود التمويل التي تتم صياغتها وفق النظم التقليدية.

ويرى البعض أن عقود التمويل تتطلب صياغة وفق نظم خاصة بالمصرفية الإسلامية، بينما يرى البعض الآخر أن البنوك التقليدية لا توجه الدعوة لنظيرتها الإسلامية لكي تشارك في القروض.

وللبنوك الإسلامية طبيعة خاصة في التعامل مع القروض المشتركة تتفق مع الشريعة الإسلامية وأحكامها، فهي تشترط أنظمة معينة تتطابق مع الشريعة في حالة دخولها مع البنوك العامة أو الخاصة العاملة في السوق للمساهمة في قروضها المشتركة، أهمها إبرام عقود مرابحة منفصلة عن العقود الجماعية، وهو ما يعوق البنوك الإسلامية للمشاركة في هذه القروض.\ ويرجع اختلاف الأنظمة والسياسات الخاصة وأسعار التمويل بالبنوك الإسلامية عن الخاصة وأسعار التمويل بالبنوك الإسلامية عن التقليدية وراء ابتعاد البنوك التقليدية عن اقتحام البنوك الإسلامية في أي قرض تديره أو تسوقه، فهناك الكثير من القيود في عملية التمويل، في حالة وجود البنوك الإسلامية بها.

وقال خبراء إن البنوك الإسلامية سعت مؤخرا إلى البحث عن صيغ للدخول في مجال القروض المشتركة، والبحث عن حلول لكي لا تعوق مشاركتها مع البنوك التقليدية في عمليات التمويل، مثل «بنك التنمية الوطني»، إلا أنه على الرغم من ذلك لا تزال مشاركة تلك البنوك ضعيفة في مجال التمويل بالبلاد.

وأرجعت بسنت فهمي مستشار «بنك البركة - مصر» تراجع حصة البنوك الإسلامية في مجال القروض المشتركة إلى حال الاقتصاد بشكل عام، والذي تراجعت فيه عمليات التمويل، وقالت: «عدد ضئيل من الشركات هي التي طلبت قروضا كبيرة، وبالتالي فإن مشاركة البنوك الإسلامية ستكون ضعيفة بها، كون الحصة السوقية للبنوك الإسلامية بمصر لا تتعدى 5 في المائة من إجمالي النشاط المصرفي».

وأضافت أن حجم البنوك الإسلامية ورؤوس أموالها لا يمكنها من تمويل مشاريع كبرى أو أن تأخذ المبادرة في تمويلها، فعمرها لم يتعد الثلاثين عاما.

وعلى الرغم من صغر حجم البنوك الإسلامية مقارنة بالبنوك التقليدية، فإنها تنمو بشكل جيد وبخطوات سليمة، بحسب ما قالته بسنت، مؤكدة أن الأعوام المقبلة قد يتحسن فيها أداء الاقتصاد، ما قد ينعكس على أداء البنوك الإسلامية.

أما فيما يتعلق بالمشكلات الناجمة عن عقود التمويل المشترك للمشاريع، فأكدت بسنت أن البنوك الحكومية المصرية، مثل «البنك الأهلي» و«بنك مصر» يهتمان الآن بإنشاء فروع للمصرفية الإسلامية، وهو ما قد يساعد البنوك التجارية على إيجاد صيغة مناسبة للبنوك الإسلامية، حيث يتطلب هذا تخصيص شريحة تمويلية بعقد مختلف يقوم على الصيغة الإسلامية. وقال «بنك البركة» الإسلامي في وقت سابق إنه توصل إلى صيغة تقوم على دخول البنك لتمويل الآلات والمواد الخام عبر نظام الإيجار والمرابحة، مؤكدا أن البنوك الإسلامية تمول شراء الأصول فقط.

وجاء على لسان نائب رئيسه، أشرف الغمراوي «رغبة العميل تتحكم في عملية ضم بنك معين لقرض مشترك من خلال تخصيص نسبة معينة من القرض تتطابق مع الشريعة الإسلامية، وأغلب القروض المشتركة التي تم طرحها في السوق مؤخرا لم تتوافر فيها هذه النسبة، ولذلك تراجعت أنشطة البنوك الإسلامية في المشاركة في القروض المشتركة في الآونة الأخيرة».

وأشار خبراء مصرفيون إلى أن البنوك التقليدية تفتقد خبرة التعامل مع البنوك الإسلامية، لإيجاد صيغة ملائمة لإشراكها في القروض المشتركة، فيما عدا بعض البنوك التي تملك فروعا إسلامية تمكنها من تسويق القرض وإشراك البنوك الإسلامية بها.

وخلال الربع الثاني من العام الحالي، حققت البنوك الإسلامية نموا كبيرا في إيراداتها مقارنة بالبنوك التقليدية العادية، إلا أن حجم تلك الإيرادات يعتبر ضئيلا إذا ما قورن بالبنوك التقليدية، كون أن رؤوس أموال تلك البنوك ضئيلة، وتحتاج تلك البنوك إلى زيادة في رأسمالها، لكي تزيد حصتها السوقية، وهو ما بدأه بالفعل «البنك الوطني للتنمية» الذي رفع رأسماله إلى ملياري جنيه، أما «بنك البركة» فيسعى إلى وصول رأسماله إلى مليار جنيه خلال الخمس سنوات المقبلة.

وتسعى البنوك الإسلامية العاملة في مصر، وهي: «بنك فيصل الإسلامي» و«بنك البركة المصرفي» و«البنك الوطني للتنمية»، إلى زيادة حصتها السوقية خاصة في قطاع التجزئة من خلال استحداث أدوات جديدة لتمويل الأفراد، إلى جانب سعي بعض البنوك إلى إطلاق صناديق استثمارية جديدة، فيعتزم «بنك فيصل الإسلامي المصري» إطلاق صندوقين استثماريين برأسمال 50 مليون جنيه لكل منهما أحدهما يستثمر أمواله في أسهم الشركات العقارية المدرجة في البورصة، بالإضافة إلى الاستثمار في مواد البناء، أما الصندوق الثاني فهو صندوق نقدي، كما يسعى البنك إلى التوسع في مجال الاستثمار المباشر لتمويل شركات جديدة تتوسع من خلالها أنشطة شركات تابعة للبنك، كما يدرس «البنك الوطني للتنمية» تأسيس شركة للتمويل العقاري، بحسب ما قالته نيفين لطفي المدير التنفيذي للبنك، إلى جانب دراسته لأدوات جديدة قد يتيحها البنك خلال الفترة المقبلة، في حين يدرس «بنك البركة» إطلاق صندوق عقاري جديد برأسمال 50 مليون جنيه لينضم إلى الصندوقين اللذين طرحهما البنك خلال الفترة الماضية من خلال الشركة التي يمتلكها البنك لإدارة الأصول.