عماد المنيع: البنوك المركزية والمؤسسات الإشرافية تضعف المصرفية الإسلامية

رئيس «بيت السيولة» الكويتية لـ «الشرق الأوسط»: أتوقع إعادة هيكلة المصرفية الإسلامية في الكويت

عماد يوسف المنيع
TT

كشف نائب رئيس مجلس الإدارة في شركة بيت إدارة السيولة الكويتي، أن شركته بصدد التوسع في أسواق جديدة ومنها بالتحديد السوق السعودية، لأنها سوق واعدة تتوافر فيها مقومات الاقتصاد الاستراتيجي، من رأسمال وقوة بشرية، مستدركا في نفس الوقت، حاجته إلى تطوير البيئة القانونية والتشريعية الجاذبة.

وقال عماد يوسف المنيع، نائب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة بيت إدارة السيولة للاستثمار بالكويت، لـ«الشرق الأوسط»، إن الشركة مملوكة بالكامل لبيت التمويل الكويتي وتمتلك رأسمال مدفوع بالكامل يتجاوز 380 مليون دولار، مشيرا إلى أن الشركة تخطط للمساهمة في تطوير المنتجات الإسلامية وطرح العديد منها، بالإضافة إلى ترتيب العديد من التسهيلات الائتمانية للشركات المختلفة عن طريق الصكوك والتسهيلات المجمعة.

وتوقع المنيع أن تشهد الكويت إعادة هيكلة أعمال وأنشطة المصرفية الإسلامية في الكويت، حتى لا تتكرر الاندفاعية السابقة في الأنشطة الاستثمارية، ويعتقد أن اللاعبين الجدد تحكمهم الرغبة الاستثمارية التجارية المحضة، وقال إن الصناعة المصرفية الإسلامية تواجهها العديد من التحديات، بسبب غياب التشريعات المقابلة للقوانين الوضعية في البلدان، الأمر الذي يزيد من صعوبة التقييم القانوني للعمليات، مؤكدا أن عدم مرونة البنوك المركزية والمؤسسات الإشرافية ووكالات التصنيف العالمية يعتبر تحديا إضافيا كبيرا.

وأوضح المنيع أن هناك بعض المآخذ على المصرفية الإسلامية، ويأتي في مقدمتها الاضطرار لمقابلة المتطلبات الإشرافية أو التصنيفية لبعض الهياكل في بعض الدول دون منح المتطلبات الشرعية الدرجة الأكبر من الاهتمام. وهنا حوار معه:

* أولا نرجو إعطاء نبذة مختصرة عن بيت السيولة من حيث وجوده وأهدافه ومشاريعه وحجم رأسماله وموجوداته؟

- تم تأسيس شركة بيت إدارة السيولة للاستثمار في الكويت في بداية عام 2008 كشركة استثمار تعمل وفق أحكام الشريعة الإسلامية وتخضع لرقابة وإشراف بنك الكويت المركزي. وبيت السيولة شركة مملوكة بالكامل لبيت التمويل الكويتي وتمتلك رأسمال مدفوع بالكامل يبلغ 100 مليون دينار (380 مليون دولار) تقريبا. وهي تعتبر بادرة جديدة من رواد العمل المالي الإسلامي في بيت التمويل الكويتي تجاه تشجيع صناعة الصكوك الإسلامية في الأسواق المحلية والإقليمية والعالمية وتجاه الرغبة في تطوير الاقتصاد الإسلامي عن طريق ابتكار منتجات وأدوات مالية واستثمارية مطابقة لأحكام الشريعة الإسلامية تحت إشراف ورقابة هيئة الفتوى والرقابة الشرعية في بيت التمويل الكويتي بهدف خدمة المجتمع والعملاء وكافة الجهات المالية والاقتصادية والصناعية والخدمية في القطاعات الحكومية وشبه الحكومية والخاصة.

* ما أهم النجاحات التي حققها بيت السيولة خلال عمره القصير، وما التحديات المصرفية التي تواجهه وكيف يعمل على معالجته لها؟

- تواجه شركة بيت إدارة السيولة تحدي العمر القصير نسبيا منذ التأسيس عندما تتواجه مع الآخرين، إلا أنها تستمد قوتها وقدرتها على المنافسة من خبرتها المتميزة وإمكاناتها الفنية العالية وشبكة علاقاتها العالمية من سنوات عملها في بيت التمويل الكويتي تحت مسمى إدارة الاستثمار الدولي. وعلى الرغم من حداثة تأسيس الشركة، فإننا وبفضل جهود فريق العمل المخلص بعد الله، تمكنا من حصاد عدة جوائز عالمية أتت ثمرة صفقات محلية وعالمية ناجحة قادتها شركة بيت السيولة عالميا. فقد تمكن بيت السيولة خلال السنة المالية الأولى من عمره من قيادة ثلاث صفقات تمويل دولية خلال عامي 2008 - 2009 لصالح عملاء محليين ودوليين تكللت جميعها بالنجاح المتميز، أتبعها بالمشاركة في قيادة هيكلة وترتيب وتسويق ثلاث عمليات صكوك عالمية لإمارة رأس الخيمة ثم مؤسسة التمويل الدولية التابعة لمجموعة البنك الدولي ثم شركة «جنرال إليكترك» الأميركية العملاقة. هذه الصفقات حققت ثماني جوائز عالمية لبيت السيولة خلال سنته الأولى. وفي ما يتعلق بالنتائج المالية، فإن الشركة حققت أرباحا تشغيلية صافية منذ بداية عامها الأول، على الرغم من كافة الصعوبات المالية المتعددة التي واجهتها.

* كيف تعامل بيت السيولة مع الأزمة المالية العالمية وما آثارها عليه؟

- أقول «رب ضارة نافعة»، لقد كان لزاما على بيت السيولة أخذ أقصى درجات الحيطة والحذر والاستفادة من الأزمة المالية الائتمانية العالمية، لبذل العناية اللازمة والحذر الإضافي للبقاء في بر الأمان خلال هذه الأزمة، وخاصة أن تعاملات الشركة غالبا تتم لصالح عملاء يباشرون أعمالهم ضمن المنظومة العالمية. وعليه، فقد تم التزام مبدأ المحافظة والاعتدال في اتخاذ القرارات الاستثمارية، وكذلك تنويع الأصول والخدمات نوعيا وجغرافيا لتنتهي في تسجيل نتائج إيجابية في وسط العاصفة المالية العالمية، كما لعب بيت السيولة دورا فعالا في محاولة تقديم بعض الحلول خلال الأزمة المالية عن طريق تقديم استشارات إعادة الهيكلة لديون بعض الشركات المحلية والمساعدة في التفاوض مع البنوك الدائنة لتلك الشركات للوصول إلى أفضل الصيغ العملية المتاحة.

* ما رؤيتكم كخبير مصرفي واقتصادي للتعاطي مع المصرفية الإسلامية في ظل الأزمة المالية العالمية؟ وما تقييمكم لواقع المصرفية الإسلامية بشكل عام وفي الكويت بشكل خاص؟ - على الرغم من كل الآلام التي سببتها الأزمة المالية العالمية على الصيرفة الإسلامية، وعلى الرغم من فداحة تكلفة هذه الأزمة على كثير من المتعاملين في الصيرفة الإسلامية، وخصوصا على أولئك الذين لم يراعوا أصول المهنة، سواء الشرعية منها أو القانونية منها أو الإدارية وغيرها منها، فإن الدرس قد استوعب بالكامل، وإن على الأطراف الدخيلة على أصول هذه الصناعة أو على أولئك المستفيدين الذين ركبوا مطيتها دون الاهتمام بأساسياتها وبتبعاتها أن يعيدوا النظر في أنفسهم وفي ما اقترفته أيديهم. كما أتوقع أن يكون لهيئات الفتوى والرقابة الشرعية في المؤسسات المالية اهتمام أكبر في ما يصدرونه من فتاوى وفي ما يؤدونه من رقابة على أعمال مؤسساتهم وأيضا عملائهم. أما ما يتعلق بواقع الصيرفة الإسلامية في الكويت، فإنني أتوقع إعادة هيكلة لأعمالها وأنشطتها وبعض لاعبيها الرئيسيين، كما أتمنى ألا تتكرر الاندفاعية السابقة في الأنشطة الاستثمارية الإسلامية، وخصوصا أن اللاعبين الجدد في الساحة لهم سوابق مالية تقليدية أكثر منها شرعية، وأن أهدافهم المعلنة من الولوج في الساحة تحكمها الرغبة الاستثمارية التجارية.

* هل لكم أي نوع من التعاملات مع المنتجات المصرفية الإسلامية؟

- إننا في بيت السيولة كمؤسسة استثمارية متخصصة في أعمال هيكلة الصكوك والهياكل التمويلية المشابهة، لا نقدم منتجات مصرفية للأفراد، بل نقدم خدماتنا الاستشارية للعملاء من المؤسسات الحكومية وشبه الحكومية وكبريات الشركات كترتيب التسهيلات الائتمانية والصكوك ونقوم بذلك منفردين أو من خلال علاقاتنا بالبنوك الدولية المختلفة، حيث نقوم بطرح هذه الإصدارات بالأسواق العالمية لبيعها وكذلك تسجيلها بالبورصات العالمية. هذا هو الخط الرئيسي لبيت السيولة. أما بالنسبة للخط الفرعي المرادف، فإننا نقوم من خلاله بهيكلة صناديق استثمارية مطابقة لأحكام الشريعة في أنشطة اقتصادية مشابهة للخط الرئيسي، وتعرض منتجاتها الاستثمارية بين فترة وأخرى على مجموعة منتقاة من العملاء التابعين للمالك الرئيسي للشركة وهو بيت التمويل الكويتي.

* هل يمكن أن نتعرف على جانب من هذه المنتجات الإسلامية التي تتعاملون معها؟

- كما ذكرنا سابقا أن الخدمات الرئيسية التي تقوم بتقديمها شركة بيت السيولة، هي أولا ترتيب الإصدارات للصكوك الإسلامية سواء للحكومات أو الشركات. كما نقوم أيضا بتنظيم التسهيلات الائتمانية المجمعة في ما يسمى بـ«Syndicated Loan»، علما أن بيت السيولة يقوم بهيكلة هذه المنتجات بما يطابق الشريعة الإسلامية وأحكامها.

يضاف إلى ذلك تأسيس وتسويق وحدات الصناديق الاستثمارية المختلفة في قطاعات مثل الطيران والسفن ووسائل النقل الأخرى والمعدات الصناعية، التي يتم طرحها للعملاء سواء الأفراد أو المؤسسات المالية المختلفة.

* هل هناك أي نوع من التعاون مع بنوك إسلامية، وهل يمكن تسمية هذه البنوك التي تتعاملون معها في هذا الصدد؟

- إن طبيعة عمل بيت السيولة كمؤسسة مالية استثمارية تحتم عليه التعامل والتعاون مع جميع البنوك والمؤسسات المالية المحلية والإقليمية والعالمية، سواء كانت إسلامية أو تقليدية دون ذكر أسمائها وإلا فلن تكفي هذه الصفحة. علما أن أي تعاملات مع الجهات التقليدية تتم هيكلتها بما يتماشى مع أحكام الشريعة الإسلامية.

* برأيكم، ما التحديات التي تواجه صناعة المصرفية الإسلامية حاليا ومستقبلا، وكيف يمكن معالجتها؟

- إن الصناعة المصرفية الإسلامية ما زالت تعتبر حديثة نسبيا مقارنة بالصناعة المالية التقليدية، وعليه فإن هناك الكثير من التحديات التي توجد بشكل طبيعي، منها عدم وجود التشريعات والقوانين في كثير من القوانين الوضعية في البلدان، الأمر الذي يزيد من صعوبة التقييم القانوني للعمليات. كما أن عدم مرونة البنوك المركزية والمؤسسات الإشرافية ووكالات التصنيف العالمية في التعامل وفق الخصوصية التي تعمل بها المصرفية الإسلامية تزيد من هذه التحديات. إلا أننا كذلك نجد أن الوعي بضرورة تعلم وتطوير الصيرفة الإسلامية أخذ في الازدياد بشكل كبير، وخاصة في بعض الدول والأسواق الأوروبية والآسيوية.

* هل ترى أن هناك أي مآخذ على شكل التمويل الإسلامي القائم الآن؟

- نعم .. هناك بعض المآخذ التي أهمها الاضطرار، وأكرر الاضطرار لمقابلة المتطلبات الإشرافية أو التصنيفية لبعض الهياكل في بعض الدول دون منح المتطلبات الشرعية الدرجة الأكبر من الاهتمام. إن هنالك حاجة ماسة لبذل المزيد من الاهتمام المؤسسي لأعمال البحث والدراسة والتطوير لهياكل شرعية جديدة لها صفاتها الخاصة التي تميزها عن بقية الهياكل الموجودة حاليا في الأسواق.

* ما خططكم التي تزمعون تنفيذها في المستقبل القريب؟

- من خطط بيت السيولة في المستقبل إن شاء الله، المساهمة في تطوير المنتجات الإسلامية وطرح العديد منها وكذلك ترتيب العديد من التسهيلات الائتمانية للشركات المختلفة عن طريق الصكوك والتسهيلات المجمعة، كما أنه من خططنا أيضا التوسع في أسواق جديدة، ومنها بالتحديد السوق السعودية التي نعتقد أنها سوق واعدة واقتصاد استراتيجي توجد فيه كافة العناصر الضرورية اللازمة، من رأسمال ومقومات اقتصادية وكثافة سكانية، ولكنها أيضا تحتاج إلى الأهم وهو تطوير البيئة القانونية والتشريعية الجاذبة برعاية حكومة خادم الحرمين.