توقعات بتوسع دائرة التأمين الإسلامي وزيادة الشركات العاملة فيه خلال 2011

خبراء يقدرون بلوغ حجم قيمة التأمين الإسلامي 7.4 مليار دولار بحلول عام 2015

TT

توقع خبراء في مجال التأمين أن يقترب عدد الشركات التي تنشط في صناعة التأمين الإسلامي في عام 2011، من 300 شركة تغطي معظم أنحاء الكرة الأرضية، واعتبروا أن منطقة الشرق الأوسط تمثل ثقل ومركز هذه الصناعة، مع إقرارهم بعدد من التحديات التي ما زالت ماثلة، كندرة الكوادر وضعف المعرفة بحقيقة هذه الصناعة.

وقال الخبراء لـ«الشرق الأوسط»، إن العام الجديد موعود بزيادة معدل نمو سوق التأمين التكافلي، مما يكون من شأنه تحقيق توقعات تفيد بأن تفوق قيمة التأمين الإسلامي في عام 2015 مبلغ 7.4 مليار دولار.

وقال الخبير الدكتور مراد زريقات، المدير الإقليمي للمنطقة الوسطى لشركة التأمين العربية التعاونية، إن التأمين الإسلامي التكافلي في 2011 مرشح لأن يخطو بجدية نحو التنظير، لينزله منزل التطبيق والقبول لدى معظم الأفراد، والمؤسسات، متوقعا أن يزداد عددها بما يساعد على نمو سوق التأمين التكافلي بما يتراوح بين 15 و20 في المائة، لتصل قيمة التأمين الإسلامي في عام 2015 إلى 7.4 مليار دولار، استنادا إلى دراسة للباحث الدكتور علي محيي الدين القرة داغي، رئيس مجلس أمناء جامعة التنمية البشرية بعنوان «الفائض التأميني في شركات التأمين التكافلي الإسلامي».

وأضاف «مع ظهور الأزمة المالية العالمية أواخر عام 2008، وما صاحبها من انهيار لمؤسسات الاقتصاد الرأسمالي، من بنوك وشركات تأمين، تصاعدت صرخات الاستنجاد بالاقتصاد الإسلامي في الغرب قبل الشرق، حيث رأوا فيها فرصة جديدة لتطبيق نظريات الاقتصاد الإسلامي، مما يعني أن فرصة وجوده في السوق الأوروبية والأميركية وغيرها من البلاد غير الإسلامية أكبر مما كانت عليه خلال الثلاث سنوات الأخيرة».

وأوضح أن السنوات الأخيرة شهدت نوعا من التطبيقات العملية للاقتصاد الإسلامي، ولكنها تظل محل مراجعة وتصحيح وتطوير، مبينا أن هذا التطبيق أخذ شكل مؤسسات تنشط بقوة في السوق الاقتصادية تماما كما هي مؤسسات مالية، سواء مصارف أو شركات تأمين تكافلي وشركات إعادة تأمين تكافلي.

وأشار زريقات إلى أن حجم أعمال التأمين التكافلي بلغ عالميا، حسب تقديرات شركة «أرنست ويونغ»، الذي قدم ضمن القمة العالمية الخامسة للتكافل في دبي العام الميلادي الماضي 8.8 مليار دولار عام 2009، مقابل 5.3 مليار دولار عام 2008، مفيدا أن معدل النمو العالمي المركب لصناعة التكافل على مستوى العالم يبلغ 39 في المائة، وفي منطقة الخليج يصل إلى 45 في المائة.

وتابع «بنظرة إلى السوق السعودية نجد أن عدد الشركات العاملة في السوق حتى 2010 هو 28 شركة تأمين مباشر، بإجمالي رأسمال مدفوع بالكامل 5.8 مليار ريال (1.5 مليار دولار)، ويصل أعلى رأسمال لشركة في السوق لما يقارب 800 مليون ريال (213.3 مليون دولار) وأقل رأسمال لشركة في نفس السوق 100 مليون ريال (26.6 مليون دولار)».

وأضاف المدير الإقليمي للمنطقة الوسطى لشركة التأمين العربية التعاونية أنه توجد بالسوق شركة واحدة لتقديم خدمات إعادة التأمين التكافلي برأسمال مدفوع بالكامل قدره مليار ريال (266.6 مليون دولار)، موضحا أن إجمالي حجم الأقساط بالسوق السعودية بلغ عام 2008 نحو 13.8 مليار ريال (3.6 مليار دولار) بنسبة نمو 27 في المائة عن أقساط عام 2007، موضحا أنه حسب نسبة الزيادة المحققة، فإنه يتوقع أن يكون إجمالي أقساط التأمين التعاوني والتكافل 13.8 مليار ريال (3.6 مليار دولار)، وفي عام 2010 يتوقع أن يصل حجم الأقساط إلى 17.5 مليار ريال (4.6 مليار دولار).

وبناء على ذلك يعتقد زريقات أن صناعة التأمين التكافلي بدأت في ترسيخ مفهومها وساعدت على قيام صناعة إعادة التأمين التكافلي، مشيرا إلى أنه تأسست في البحرين شركة «هانوفر ري تكافل»، وفي ماليزيا تم تأسيس شركة «ميونخ ري تكافل»، وعدد آخر من شركات إعادة التكافل حتى يكون التطبيق موافقا للضوابط الشرعية بدرجة معقولة.

وقال «إن قيام شركات التأمين وإعادة التأمين التكافلي بعملها وفق المقاصد الشرعية يحتاج إلى وجود جهاز يقوم بضبط ومراجعة أداء الشركات وفق الفتاوى التي تصدرها هيئة للفتوى داخل الشركة أو خارجها وتقديم الفتوى والرأي الشرعي في ما يعرض عليها من مشكلات في التطبيق».

وبحسب الدكتور السيد حامد حسن محمد، نائب المدير العام لشركة «البركة للتأمين» بالسودان، فإن مسيرة التأمين الإسلامي بدأت منذ عام 1979، ولكن بعد مرور عقد من بدايتها شغف العالم بها وشغلت بال الكثيرين، ونتيجة لهذا الشغف والانشغال فقد تسارعت خطى انتشار التأمين الإسلامي حتى تجاوزت مؤسساته اليوم 200 شركة تنتشر في كل قارات العالم، وأصبح مركزها وانتشارها الكثيف منطقة الشرق الأوسط.

ويعتقد أن شأن المنتجات التأمينية الإسلامية شأن أي منتج جديد، حيث يكون قابلا للتطوير والتجديد والتعديل، ليواجه التحديات التي تواجه في كل مرة مع مرور الزمن، غير أنه يأمل في أن يكون عام 2011 عام نجاح لمسيرة العمل التأميني الإسلامي، مقرا بالحاجة الماسة لتقويم وتقييم هذه المسيرة المتمثلة في الوصول إلى أماكن الخلل والعمل على وضع الحلول المناسبة التي إذا أخذ بها ستمضي بالمسيرة إلى آفاق أرحب وأوسع.

وأيقن حسن أن مسيرة التأمين الإسلامي ستسود العالم مستقبلا، وأضاف «هذا اليقين لعلنا نلمس بشائره، حيث غدا العالم اليوم مهتما بأمر الاقتصاد الإسلامي، بل يسعى سعيا حثيثا لتطبيق أدواته وسيزداد هذا السعي بعد أن مر الاقتصاد الإسلامي بنجاح من الأزمة المالية العالمية الأخيرة التي هزت العالم في الفترة 2007 و2010».

ولتحقيق سيادة التأمين الإسلامي لنظم التأمين الأخرى، قال حسن لا بد من مراجعة انطلاقته لتحسين وتمتين مسيرة هذه الانطلاقة بإزالة ومعالجة ما يعترضها من مشكلات وعقبات، مع ضرورة أن تبادر الجهة التي بدأت فيها هذه المسيرة بالتقويم والتقييم، متوقعا توجها نحو الاهتمام بمسألة إعادة التأمين.

ودعا الجهات المعنية لضرورة تفعيل الجانب الرقابي على التنفيذ، وذلك بتأهيل الكوادر الفنية من الناحية الشرعية، بالإضافة إلى أهمية التعاون مع الكليات والمعاهد الشرعية، مع ضرورة وضع حلول للمشكلات العملية المتعلقة بالأنظمة واللوائح التنفيذية والوثائق الاسترشادية الصادرة عن الجهات الرسمية.

كما يرى نائب المدير العام لشركة «البركة للتأمين» بالسودان ضرورة إعادة صياغة اللوائح التنفيذية والعقود الاسترشادية لتنص على أن العلاقة في عقد التأمين «الوثيقة» قائمة بين هيئة المشتركين وشركة التأمين، وليست علاقة مباشرة بين المؤمن لهم والمؤمن، مع النص صراحة على نوع العقد الذي يحكم هذه العلاقة من الناحية المالية، داعيا إلى تعديل الأوعية الاستثمارية غير المتوافق مع الشريعة، كالذي يحدث في السندات وودائع البنوك المحلية.

وأكد حسن أن للتأمين التكافلي مبررات لانتشاره بشكل موسع، على الرغم من أن آثار الأزمة المالية ما زالت تواجه عددا منها ليس بسبب النظام الذي تعمل به، ولكن بسبب ارتباطها بشكل أو بآخر مع أعمال تأمينية غربية قد تكون مرتبطة هي الأخرى بشركات ومؤسسات مالية وتجارية ينالها قسط من الأثر المباشر من الأزمة عليه، مؤكدا على أهمية تخطي هذه المخاطر بشيء من السياسة الاندماجية الحكيمة وفق الشرع.

ومع إقراره بأن نجاح الأعمال أصبح منوطا بالشركاء الاستراتيجيين، لضمان استمرار العمل في السوق، فإن حسن يعتقد أن هناك الكثير منها أخذ موقعه في السوق واتجه نحو سياسة الاندماج، مبينا أنه في حالة تقييم تجربة التأمين التكافلي، لا بد من ملاحظة وضع العالم اقتصاديا في عام 2011 تجعل منه أحد أهم الشركاء الاستراتيجيين، لضمان البقاء في السوق، والاستمرار في الأنشطة الاقتصادية بطبيعة الحال.

من جهته، يأمل الدكتور فهد بن حمود العنزي، خبير التأمين وعقوده، أن يشهد عام 2011 جرأة في مسألة تطبيقات التأمين التعاوني، مؤكدا أن ما يراه في هذا السياق على مدى الأعوام الماضية لا يفيد بأنه تم تحقيق صيغة التأمين التعاوني التي تتوافق مع الشريعة، مما يعني برأيه أن التطبيقات التأمينية الحالية، أقرب إلى التأمين التجاري منه إلى التأمين التعاوني، بجانب ارتكاب واضح لمخالفة ضد نظام مراقبة شركات التأمين التعاوني في مادته الأولى التي تنص على عدم التعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية.

وأكد أن هناك الكثير من الملاحظات التي تشكك في نقاء عملية التأمين التعاوني مع الاجتهاد المقدر من قبل الفقهاء في المسائل المرتبطة بعلاقته بالتأمين التجاري، موضحا أن مسألة تكييف العلاقة بين حملة الوثائق «المشتركين» ما زالت مثار جدل محتدم بين فريقين، فبينما يعدها أولهما أنها علاقة معاوضة، يعدها الفريق الآخر علاقة تبرع مما يعني أنه ما زالت هناك حاجة إلى فصل حاسم فيها.

وحث الخبير التأميني على أهمية تقييم تجربة التأمين التعاوني بشكلها السابق، على أمل تصحيح مسيرته خلال عام 2011، مبينا أن التأمين التعاوني ما زال أسيرا من الناحية التطبيقية لأسلوب التأمين التجاري، موضحا أن شركات التأمين ولوائحها التنفيذية ووثائق التأمين المطبقة أقرب إلى التأمين التجاري منها إلى التأمين التعاوني مما يجعلها تقف على مسافة من القوانين الشرعية في هذا الصدد.

وبما أن قطاع التأمين التعاوني يعتبر مكونا أساسيا في القطاع المالي في كل القطاعات، فإن التوسع فيه والتعامل مع شركاته المختلفة، بحسب العنزي، بالضرورة جزء مكمل للنظام المصرفي، مشيرا إلى أنه لا يقل أهمية من حيث الأصول المتداولة لديه، ومن حيث الموارد المالية، خاصة السيولة التي استطاعت شركات التأمين الوصول إليها وجمعها، متوقعا أن تتطور الأساليب والأعمال الفنية التي تقوم بها شركات التأمين خلال عام 2011، بالإضافة إلى تجويد أعمال إعادة التأمين والشركات التي تقدم الخدمات المتصلة بها، مؤكدا أن عقد التأمين قابل للتطوير والتقييم.

ويعتقد بشكل عام أن هناك بعض الدول التي لديها القدرة على أن تطور هذه الصناعة منذ فترة زمنية، كالسعودية والأردن والمغرب والكويت، ومن المؤمل أن تشهد مزيدا من التطوير في 2011، مشيرا إلى عدد من التحديات التي تواجه صناعة التأمين وتحتاج لمواجهة مع بدايات هذا العام.

وقال «إن تحديات صناعة التأمين في عام 2011 لا تنفصل عن التحديات التي واجهتها في السنة الماضية، كعدم قدرة بعض الشركات على تطبيق مواد وبنود اللائحة التنفيذية التي صدرت عن مؤسسة النقد العربي السعودي، بالإضافة إلى ضعف الثقافة والتوعية التأمينية، الأمر الذي يتطلب تضافر جهود جميع أطراف هذه الصناعة من شركات وجهات رقابية حكومية ومزودي الخدمة التأمينية بمختلف أشكالها».

ولفت العنزي إلى أن من أشكال التحديات أيضا، ضعف تدريب وتأهيل العاملين في هذه الصناعة، بالإضافة إلى عدم قدرة تعاون الجهات والقطاعات العامة والخاصة في تنفيذ بنود اللوائح الخاصة بتنظيم صناعة التأمين في السعودية، من أجل الرقي في خدمة العملية التأمينية، داعيا الجهات التي ترتبط بهذه الصناعة بشكل أو بآخر، كإدارة المرور ومكاتب العمل ووزارة الصناعة والتجارة والمراكز الطبية وغيرها، بالتزاماتها تجاه المؤمن لهم من أجل ثقة متبادلة مع المواطنين.