نجاحات المصرفية الإسلامية في الأزمة المالية لم تسعفها في احتواء النظام المالي العالمي

خبراء يؤكدون أن الفرصة كانت متاحة أمام النظام لتغليبه على النظام الرأسمالي

TT

في الوقت الذي أبرزت فيه الأزمة المالية العالمية مكامن القوة في النظام المالي الإسلامي، لم يسعف ذلك النظام في انتشاره بشكل أكبر مما عليه اليوم، خصوصا مع التوقعات التي كانت تنظر إلى قدرة المصرفية الإسلامية في احتواء النظام المالي العالمي.

ويتساءل بعض الخبراء عن مدى جدوى تغليب خيار النظام المالي الإسلامي على خيار النظام المالي الرأسمالي، خصوصا أن النجاح كان حليفه إبان تداعيات الأزمة، وكانت الفرصة أكبر لنشر ثقافته وأدواته المختلفة.

وقال مصرفيون لـ«الشرق الأوسط» إن الأزمة المالية العالمية وفرت فرصة كبيرة للعالم للتعرف على هذا النظام المالي الإسلامي، إلاّ أن دخلاء الصناعة المالية الإسلامية أساءوا إلى سمعتها وشوهوا صورتها بالشكل الذي جعلها في موضع الشك عند الغرب، وخصوصا الأوروبيين والأميركيين.

وحمل المصرفيون جهات حكومية وأخرى خاصة معنية بإدارة الاقتصاد في بعض البلدان الإسلامية تقاعس المصرفية المتوافقة مع الشريعة، وتقهقرها أمام النظام المالي الرأسمالي، إذ إنه ما بين ميزات المصرفية الإسلامية وتحدياتها تقع مسؤولية تصحيح وضعها لتكون هي الخيار الغالب للنظام المالي عالميا، مؤكدين أن الأزمة المالية أبرزت الكثير من التساؤلات لتقييم تجربة المصرفية الإسلامية وتطوير منتجاتها.

وأكد الخبير المصرفي الدكتور مستعين علي عبد الحميد أن النظام المالي العالمي وبخاصة ذلك الذي يتم تطبيقه في أميركا ليس فيه من ميزة تمكنه من الوقوف بصلابة أمام النظام المالي الإسلامي.

وقال مستعين: «إن النظام الرأسمالي المتطرف الذي تقوم عليه المؤسسات المالية الأميركية لم يستطع الصمود أمام الأزمة المالية الإسلامية، ولذلك فهو أكثر هشاشة من مثيله في المنتشر في أوروبا وغيرها من البلاد، والتي تدين مؤسساتها المالية بالنظام نفسه، لأنه أكثر تطرفا في تطبيقه لهذا النظام، إذ يقوم بتطبيق قوانينها بحذافيرها».

وأشار إلى أن أوروبا ترتكز في تطبيقاتها المالية على نظرية اللورد كينز البريطاني، الذي حاول أن يضع كوابح لقوانين النظام الرأسمالي المتطرفة، ومن ثم فتح المجال واسعا لصناعة نوع من المرونة، حيث فتح فرصة للتدخل الحكومي متى دعت الحاجة.

وقال عبد الحميد: «حاول الرئيس الأميركي التدخل، وذلك بدعمه صناعة السيارات مثلا التي انهارت بسبب الأزمة المالية العالمية، ولكنه واجه مشكلات ومقاومة حادة من قبل صقور الكونغرس الأميركي، أولئك الذين يحمون النظام المالي الرأسمالي، حيث يعتبرون المساس به كالمساس بعقيدتهم». وأضاف: «عقيدة حماية النظام المالي الرأسمالي تقوم على اعتبار أنه يقوم بتصحيح أوضاعه تلقائيا، أي ذاتيا، بينما رؤيتهم للتدخل الحكومي فيه تعني المساهمة في انفتاحه على النظم المالية الأخرى بما فيها النظام المالي الاشتراكي أو الإسلامي».

ويرى أن الفرصة كانت وما زالت مواتية لدخول المصرفية الإسلامية الساحة العالمية، وبإمكانها خلخلة النظام المالي الرأسمالي المنهار عمليا، غير أن عبد الحميد يشير إلى قصور مؤسف من قبل القائمين على أمر المصرفية الإسلامية سواء كانوا حكوميين أو خبراء مصرفيين، ذلك لأنهم لم يفهموا أهمية انتهاز هذه الفرص المتاحة ومن ثم القيام بمبادرات من قبله ليقدموها كنموذج حي لمن يدين بالنظام الرأسمالي.

وقال: «النظام المالي الإسلامي مجهول لدى غير المسلمين، وخصوصا الأميركيين وبعض الأوروبيين، ويتحمّل هذه المسؤولية عدة أطراف رئيسية في هذه العملية وأولها البنوك المركزية والحكومات الإسلامية، ومن بعد ذلك المؤسسات المالية ورجال الأعمال الذي يريدون تحقيق أكبر منفعة دون الالتزام بأي نوع من الأخلاق المالية الإسلامية».

وشنّ مستعين حملة شعواء على أولئك الذين أخذوا يدّعون أنهم خبراء مصرفية إسلامية، وفي نفس الوقت تقع على عاتقهم مسؤولية تشويه سمعة الكثير من المنتجات الإسلامية وتشويه الكثير من صورها، وذلك بإصدارها لبعض المنتجات غير الشرعية والدخول في البورصات والأسهم والمعادن وغيرها من المنتجات التي وصفها بالمزيفة، حيث يقوم المتعاملون معها بتغطية قروض غير شرعية باعتمادات سندية.

ويرى أن هناك تقليدا منظما لمنتجات تقليدية، وتصويرها بأنها إسلامية من قبل بعض خبراء المصرفية، الأمر الذي عتّم على الصورة المشرقة للمصرفية الإسلامية في السوق المالية الأميركية، ترتب عليه تشويش لشكل وقوة المنتج الإسلامي في نظر رجال الأعمال، في الوقت الذي يتطلع فيه الأميركان للبديل فعليا وينتظرون من يقدمه لهم.

وزاد: «التشويه الذي أصاب المصرفية الإسلامية أخفى محاسنها الحقيقة وجعلها غير جاذبة بسبب ما تواجهه من محاربة من قبل بعض القائمين على أمر القطاع المالي في عدد من البلاد الإسلامية، الأمر الذي جعل الكثير من منتجاتها لقيطة لا أب لها».

ويعتقد أن الفرصة الوحيدة لنشر المصرفية الإسلامية في السوق الأميركية خاصة والعالم الآخر عامة هي العمل على جعل الاحتكاك بالأسواق العالمية سمة ملازمة لكثير من المشاريع والمنتجات والصادرات والواردات.

ودعا عبد الحميد إلى ضرورة العمل الحثيث نحو ترويج المنتجات المشاركة، لأنه يرى فيها أفضل أدوات التمويل والاستثمار، مبينا أن النظام المالي الإسلامي فيه من المميزات ما يغنيه عن المكابرة والتزييف، حيث إن له المئات من الأصناف والصيغ مثل المشاركات في العمل الاستثماري المالي أو الإنتاجي بجانب السلم والاستصناع والاستزراع والإجارة وغيرها عشرات الصيغ الإسلامية، مشيرا إلى أن هناك ميزات المرابحة الإسلامية والبيوع والتي تتعدد أشكالها وأنواعها.

ومع أن هناك التفاتا دوليا لتجربة المصارف الإسلامية، ولكن برأي عبد الحميد فالتحديات تقاعست بها عن الوصول إلى مرحلة النضج، والذي يجعلها في موقع البديل المنافس عالميا، مشيرا إلى وجود عمق حقيقي لها وحلول لكل ما يدور حول الأزمة المالية العالمية، وقال: «لكن الأجدر بنا نحن كدول إسلامية أن ننطلق بهذه المبادرات ونوجد حلولا مصرفية فعالة، وأن نتفق على هذه الحلول ولا يكون لكل منا طريقته الخاصة في المصرفية الإسلامية».

وأضاف: «من الأهمية بمكان العمل على جعل المصرفية الإسلامية مصرفية شركات ونشجع الاستثمار، لأنها تتميز بأنها مدعومة بالأصول الحقيقية، فليس هناك ما يدعو للانهيار المالي، وإنما في الخارج كان هناك المتاجرة بصروح من الورق، إذ بها الكثير من العمق المالي وحتى طريقة العقود المصرفية والمعاملات بين البنك والأفراد تحكمها نظم غاية في الدقة، مما يجعل من هذه المصرفية المستقبل للسوق العالمية في العالم، حيث تتوجه الأنظار العالمية حاليا إلى تطبيقاتها».

من جانبه أكد الخبير المصرفي الدكتور أحمد الصديق جبريل رئيس مركز الأبحاث والدراسات الاقتصادية في بنك فيصل الإسلامي السوداني بالعاصمة السودانية الخرطوم، أن الفائدة التي يرتكز عليها النظام المالي الرأسمالي أساس المشكلة، حيث إن الدَّين انحصر فقط في ما يمكن تبادله من أصول مادية مقابل الدَّين - التجارة بكل أشكالها - لأن الدَّين العادي هو آلية معقولة لانتقال الأصول عبر الزمان والمكان، فهو لازم – أحيانا - للتجارة.

وأضاف: «هو في هذا يدخل في باب البيع المشروع، ولهذا قفل باب الدَّين غير المشروع إلى باب الدَّين العادي الذي يخلق النماء عن طريق التبادل مع الأصول، أي التجارة».

وقال جبريل: «إن الخلل في النظام المالي الرأسمالي هو ارتكازه في عملياته على الجشع بالاستدانة المتعاظمة والاسترسال في الاستدانة لتحقيق ربح لا يمكن تحقيقه بالتعامل الاقتصادي أو المالي العادي، لأن ذلك لا يشبع رغبة الجشعين والساعين لتحقيق أرباح سريعة وهائلة لا يمكن الحصول عليها بتمويل مشاريع حقيقية وانتظار نتائجها، ولهذا بدأ الانفصال عن الواقع الحقيقي لإيجاد عالم مالي له زخم داخلي خاص به».

من ناحيته اقترح الدكتور فهد بن حمود العنزي خبير القانون والمنازعات التأمينية أن تهتم الجهات المعنية بصناعة المصرفية الإسلامية بمسألة مواجهة الكثير من النزاعات المصرفية الإسلامية للخروج بما يناسب الاحتكاك بوضع النظام المالي وتطبيقاته في الدول الغربية التي تستمد قوتها التشريعية المالية من النظام المالي الرأسمالي.

وقال العنزي: «العالم في حاجة الآن أكثر مما كان عليه سابقا إلى إيجاد صيغة تشريعية مالية تعالج معضلاته المالية، خصوصا بعد الانهيارات التي وقعت في السوق الأميركية مع إعلان ما يقارب 200 من البنوك والمؤسسات المالية الكبيرة»، مشيرا إلى أنه بالإمكان تسويق القوانين المالية الإسلامية لحل هذه المعضلات، لما تتميز به من قدرة على استيعاب الأوضاع المالية المنهارة وبث روح الحياة فيها من جديد.

وبالعودة إلى الدكتور مستعين علي عبد الحميد أشار إلى أن مكامن القوة في المصرفية الإسلامية كثيرة، منها أنها لا تتعامل معها المؤسسات المالية بتبادل الديون والتعامل بالمشتقات المالية، ولكن قد تكون هناك خطورة في الأزمة المالية على الصناعة المالية الإسلامية في بعض منتجات إدارة السيولة أو بعض منتجات بدائل الودائع، أي المرابح العكسية، إذا كانت مع بنوك خارجية تعرضت لمثل تلك الأزمة.

ولفت إلى أنه من الممكن وجود خطورة في خسائر استثمارات تكون خارج الميزانية وليس داخلها بأموال المستثمرين، خصوصا في سوق الأسهم، وهناك صناديق كثيرة في البنوك الإسلامية تتعامل مع أسواق الأسهم العالمية.

ودعا عبد الحميد الأجهزة الحكومية بتبني قرار سياسي يتبنى الصناعة المالية الإسلامية باعتبارها فرصة للعالم الإسلامي لتسويق مثل هذه الصناعة، مع الاستعانة بمراكز متخصصة في الصناعة المالية الإسلامية، حتى يكون للعالم الإسلامي دور ريادي لمجابهة مثل هذه الأزمات.

وبحسب الخبير المصرفي فإن الصعوبات التي تواجهها المصارف الإسلامية في الانتشار سواء في العالم الإسلامي أو الغرب تختلف باختلاف الأنظمة والأهداف، مستدركا أن أداء المصارف الإسلامية في أغلب البلدان تنقصه التشريعات المصرفية اللازمة للنهوض بأداء هذه المصارف في البلدان العربية والإسلامية المختلفة.

وقال: «لو وجدت هذه البنوك البيئة الصالحة للنمو والتقدم لتقدمت بشكل أكثر كثيرا، وعموما يواجه العمل المصرفي الإسلامي عدة صعوبات ومعوقات».

ويعتقد أنه إذا كان هناك مكمن خلل واحد فهو ندرة الكادر البشري المحترف والمتدرب على صناعة وتسويق وتقييم المنتج الإسلامي، مؤكدا أن النظام المالي الإسلامي متكامل، غير أنه لن يؤتي ثماره كاملة إذا تم تجزئته والتعامل مع بعضه دون الجزء المكمل، مشيرا إلى أن المتطفلين ودخلاء النظام المالي الإسلامي انحرف به عن مساره وشوهوا قوته وصلابته ومميزاته الكبيرة.

في حين يرى الدكتور أحمد الصديق جبريل ضرورة إعادة النظر في مراجعة آلية الدَّين نفسها، وما يقود إليها هو وجود سعر الفائدة، حتى لو كان هناك إجماع على أن الأزمة أو الانهيار وقع عندما توقفت البنوك عن إقراض بعضها تماما، وأن مظهر ذلك كان ارتفاع سعر الفائدة في سوق ما بين البنوك أو سعر الفائدة الليلية للمدد القصيرة قد ارتفع بصورة جنونية - لعدم وجود العرض - ولم يخطر لهم العلاقة الأساسية بين الدَّين وسعر الفائدة.

وأشار: «لم تظهر لهم القاعدة التي تقول إنه إذا اختفى سعر الفائدة اختفى الدَّين غير المشروع»، مبينا أنه لم يبقَ للبنوك من ملجأ إلا أن تلجأ لتسييل أصولها من أسهم وعقارات، أو تطلب رؤوس أموال جديدة، أو تطلب قروضا من الحكومات أو البنوك المركزية».

ويعتقد جبريل أن مكامن ضعف النظام المالي العالمي ما زالت قائمة، متوقعا امتداد الأزمة المالية لسنوات مقبلة، ومشيرا إلى أن اتجاهات الحلول التي جرى ويجري اتخاذها لمعالجة الأزمة إجرائية فقط غير مرتبطة بأساس المشكلة، مؤكدا أن مشكلة الجشع التي أنتجت الدَّين الهائل الذي أطاح بالأسواق المالية أحيلت إلى عدة بنوك أو قادة بعض هذه البنوك أو تقاعس بعض السياسيين أو المنظمين عن كبح جماح الأسواق.

وأوضح أنه على الرغم من كل الإجراءات المحكمة التي تقوم بها الهيئات الدولية لإحكام التعامل المصرفي مثل مقررات بازل II والأسس والقواعد التي تدار بها المصارف ونظام إدارة المخاطر، وكذلك على الرغم من وجود هيئات التصنيف الدولية ووفق أسس دقيقة، انهار النظام الرأسمالي وبدأ العالم يبحث عن الحلول ولجأ إلى الضخ السيولي، فإن الأزمة ما زالت قائمة، والعالم في حيرة حتى هذه اللحظة.

ويرى العنزي أنه من الأهمية بمكان تنشيط المبادرات والاجتهادات المصرفية الإسلامية وإدخالها في صلب السوق الأوروبية والأميركية من خلال تشجيع مسألة المنتجات المشاركة وتمويل قطاعات الصناعة بشكل متطور من خلال الاحتكاك المباشر وتوقيع اتفاقيات ثنائية مع الكيانات المالية والقانونية العالمية العملاقة في قطاعات الشركات وعقود المشروعات والتمويل، إلى غير ذلك.

ودعا العنزي إلى رفع كفاءة الخبراء المصرفيين والقانونيين والمحاسبين، مشيرا إلى أن لهم تجربة في ذلك، بالإشارة إلى اتفاقية سابقة لمكتبهم وقعها مع «كرويل آند مورينغ»، يقع ضمن ما تلزم به الاتفاقية من بحث وبتّ في القضايا والمشاريع المشتركة التي تتعلق بالخدمات القانونية ذات الصلة بالمنتجات المصرفية الإسلامية والتمويل الإسلامي في مجالات كبيرة مثل التأمين والطاقة والمقاولات والاندماج الذي ترى فيه بعض الشركات علاجا للخروج من عنق الأزمات القادمة.

وأوضح العنزي أن توقيعهم اتفاقية قانونية مع مكتب «كرويل آند مورينغ» الأميركي المختص في فض النزاعات القانونية والذي كان قد وقع اتفاقية شراكة مع «مكتب العنزي وشركائه للمحاماة والاستشارات القانونية» للتعاون معه في هذا المجال، أن مكتبهم انطلق في تسويات القضايا ذات العلاقة بمنتجات المصرفية، وخصوصا الإسلامية منها، مشيرا إلى وجود تجارب سابقة في هذا المجال، مبينا توفر محامين ضليعين ينشطون في مجال التسويات القانونية الإسلامية في كثير من بلاد العالم، لا سيما أميركا وبلاد غربية وشرق أوسطية، مقرّا بحاجته إلى خبراء لهم القدرة على البتّ في القضايا ذات الأصول الإسلامية سواء في المصارف أو غيرها وتثبت وجودها في أميركا.

وأضاف الدكتور فهد بن حمود العنزي ان نظرية الاشتراكية التحكمية التي كانت سائدة في السابق انهارت، على الرغم من أنها كانت القطب الأوحد في العالم، وازدهر النظام الرأسمالي من بعدها، وجمعت الأموال في صعيد واحد تأتلف فيه الدول والمؤسسات حتى تحكم خبطة المال والتصرف فيه في العالم أجمع، واستخدمت في ذلك أدوات مختلفة، منها التجارة العالمية، ومن بعد ذلك مسميات أخرى، ومن لا يكون في هذا النظام يكون مخالفا وبعدها يتحمل وزرهم ووزره.

وقال: «لم يقتصر هذا الانهيار على دولة بعينها، بل شمل كل العالم وذلك لارتباط العالم بعضه ببعض، حيث إن النظريات قائمة على غير حقائق حلّت بموجبها خسائر جسيمة، ويمكن تفسير تأثر العالم بهذه الأزمة لظهور ظاهرة الاتصال والتمازج التي سميت مؤخرا بالعولمة، حتى إذا ظهرت المشكلة في اقتصاد معين، انتقلت بسرعة إلى أماكن أخرى كما وجدت في جنوب شرقي آسيا في نهاية التسعينات، وكما يحدث الآن في العالم كله رويدا رويدا».

وأشار العنزي إلى أن التدخل لإصلاح الأوضاع من قبل حكومات أو حكومة العالم كان دائما هو رد الفعل الأساسي عن طريق إعطاء جرعات مالية إضافية أو جرعات تنظيمية عن طريق صندوق النقد الدولي أو شبكات المانحين لتبرير التدخل السياسي، كما حدث في فلسطين والعراق وأفغانستان والسودان، وذلك عندما برزت إلى السطح الاشتراطات السياسية في معالجة الاختلالات المالية، ولعل أبرزها هو معالجة دَين العالم الثالث عن طريق آلية الدول الأكثر مديونية، وهو برأيه تدخل انتقائي سلبي ليس بإعطاء موارد ولكن بإعفاء ديون، ما يعني ظلما مبينا.