خبير مصرفي: بطاقات الائتمان المصدرة من البنوك الإسلامية تشوبها سلبيات

متخصص بفقه المعاملات يؤكد استغلال بعض المصارف حاجة المستهلك

التعامل بالبطاقات الائتمانية من أهم إبداعات هذا العصر الحديث باعتبار أنها أصبحت تشكل شبه بديل أساسي للنقود («الشرق الأوسط»)
TT

أكد متخصص بالمصرفية الإسلامية وفقه المعاملات، أن بطاقات الائتمان التي تصدرها البنوك الإسلامية يشوبها العديد من السلبيات، مبينا أن المستهلك يتعرض في هذه الحالة لما يسمى الانتهازية من قبل تلك البنوك، لعلمها أنه يلجأ إليها نظرا لحاجته إلى النقود، مما يعني أنه لو كان يملك نقودا لما لجأ للبطاقة.

وقال الخبير المصرفي عثمان بن ظهير لـ«الشرق الأوسط»، إنه وعلى الرغم من حرص القائمين على المصرفية الإسلامية على إيجاد البدائل التي تحقق الفوائد والميزات المستفادة من هذه البطاقات حتى تكون متوافقة مع الضوابط الشرعية، فإن البنوك استغلت حاجة الأفراد للنقود في ترويج خدمات بطاقات الائتمان للاستفادة من عمولات التأخير والاستخدام. وأضاف عثمان بن ظهير: «هذا الأمر وإن كان صحيحا خاصة مع انتشار ثقافة الدين في المجتمع، إلا أن تنويع المنتجات للعميل أمر محمود ويعود بالنفع على المصرف والعميل، فليس كل العملاء من شاكلة واحدة، فكلما نوع المصرف منتجاته تعدد عملاؤه وكثروا».

ومع ذلك، فإن بن ظهير يعتقد أن هذه السلبية لا تسلم بأنها سلبية، بل من الجيد ألا يلجأ الناس إلى الاقتراض عن طريق بطاقات الائتمان، كونها الأداة الأكثر ضررا خاصة مع عدم وجود الثقافة لدى العدد الكبير من أفراد المجتمع في حالة الحديث عن العميل، وأما من جانب البنك فبالإضافة إلى ما سبق ذكره من تنويع المنتجات للعملاء، فإن هذه السلبية، وفق بن ظهير، تغرق في بحر الإيجابيات الموجودة في هذه البطاقة، ذلك أنها تعود على المصرف بالربح الكبير من عدة جهات.

وفي هذا السياق، قال الخبير المصرفي عن بطاقة الائتمان كمخترع في التعامل النقدي: «تتبدل الحياة الاقتصادية وتتطور وفقا لتطور الحياة بأكملها ولا شك في أن الإسلام وضع القواعد الأساسية لحياة الناس الاقتصادية وترك للمجتهدين معرفة حكم النوازل عن طريق تحقيق المناط والقياس والأدلة المعلومة في علم أصول الفقه».

ووفق بن ظهير، فإن التعامل بالبطاقات الائتمانية، من أهم إبداعات هذا العصر الحديث، باعتبار أنها أصبحت تشكل شبه بديل أساسي للنقود، وأصبح التعامل بها اليوم أكثر من أي وقت مضى، مشيرا إلى أن هذه البطاقات شهدت أيضا مرحلة من التطور والنمو خاصة بعد أن حرص القائمون على المصرفية الإسلامية على إيجاد البدائل التي تحقق الفوائد والميزات المستفادة من هذه البطاقات وتكون متوافقة مع الضوابط الشرعية.

وأضاف: «في سبيل ذلك، ظهرت العديد من بطاقات الائتمان، فمنها بطاقة الحسم الفوري وبطاقة الدفع الآجل، حيث قامت بعضها على صيغة البيع الفضولي وأخرى استخدمت التورق كبديل لتقسيط المديونية على العميل»، مبينا أن هذه الصيغ لقيت اهتمام العلماء في الهيئات الشرعية والمجامع الفقهية، وظهر عبر أبحاثهم وقراءاتهم علم وفير وكنز عظيم يجب الاعتناء به والاستفادة منه». ومن البطاقات التي ظهرت في الفترة الأخيرة وتوجه اهتمام بعض البنوك حول تسويقها، ما تسمى بطاقة مسبقة الدفع التي يقوم فيها العميل بإيداع مبلغ محدد في حسابه، يكون هذا المبلغ هو الحد الائتماني للبطاقة ويقوم العميل بدفع رسوم سنوية للمصرف، كما يتقاضى المصرف رسوما مقابل السحب النقدي، إضافة إلى ما يحصل عليه المصرف من التاجر عند استخدام العميل البطاقة في المشتريات.

ويتميز هذا النوع من البطاقات عن غيره، بأن تكون مسبقة الدفع، وهذا النوع برأي الخبير المصرفي، من أفضل البطاقات الائتمانية وأكثرها توافقا من الناحية الشرعية وأقلها خلافا بين الفقهاء، ومع ذلك فهذه البطاقة، وفق بن ظهير تكون مثالية من ناحية التسويق وتحقيق الأرباح للمصارف، منوها إلى ضرورة دعم القائمين على المصرفية الإسلامية لهذه البطاقة وابتكار صيغ أكثر تطورا لها تحقق الفائدة للمصارف والعميل، إذ إنها تساعد على تقليل المديونية على العملاء، مما يساعد في تحقيق المقاصد الشرعية.

وفي إشارة إلى أهم الأحكام الفقهية في هذا الصدد، قال بن ظهير: «من المعلوم أن البطاقة الائتمانية يمكن أن تستخدم في السحب النقدي وفي المشتريات، ويمكن أن يكون هذا السحب بالعملة نفسها التي أودعها العميل لدى البنك أو بعملة مغايرة، وكذلك الحال في المشتريات فقد يكون المبلغ المراد دفعه للتاجر هو نفس العملة التي أودعها العميل لدى البنك وقد تكون عملة مغايرة».

ففي حالة السحب النقدي، يعتقد الخبير المصرفي أنه إذا كان السحب النقدي بنفس العملة تكون هذه البطاقة من باب أن حامل البطاقة يقتضي جزءا من دينه، لأن الحساب الجاري برأيه قرض لدى البنك، أما إذا كان السحب بعملة مغايرة فتكون هذه البطاقة من عملية الصرف الجائزة كما يعتقد، مشيرا إلى أن الرسم الذي يتقاضاه البنك مقابل السحب النقدي، من الضروري أن يكون رسما ثابتا لا يتغير بتغير المبلغ المسحوب، ولا بأس بأخذه بناء على أنه أجرة مقابل تسهيل الخدمة من قبل البنك.

أما في حالة استخدام البطاقة في المشتريات، يرى الخبير المصرفي أن هناك قسمين، وهما إما أن تكون عملة السداد للعميل هي نفس العملة المودعة في البنك من قبل العميل وفي هذه الحالة يمكن تخريج المسألة على شكلين، فأما الشكل الأول فهو أن البنك ضامن لحامل البطاقة ووكيل عنه في السداد فالعلاقة تكون هنا علاقة وكالة بأجر، مشيرا إلى أن هذا تخريج الشيخ بكر أبو زيد، وهو الذي أيدته هيئة بنك البلاد في الضوابط الصادرة عنها وتكيف الرسوم السنوية التي يتقاضاها البنك من العميل على أنها أجرة الوكالة، وفق بن ظهير.

أما الشكل الثاني، وهو أن التكييف هنا على أنه حوالة، فحامل البطاقة كما يعتقد بن ظهير، مقترض من التاجر ومحيل له على البنك، إذ له في ذمة البنك دين وهي حوالة صحيحة كما يرى، وفي هذه الحالة تكون الرسوم السنوية التي يتقاضاها البنك مقابل الاشتراك في البطاقة ومقابل تقديم الخدمة للعميل، وفقا لابن ظهير.

ومما يؤيد هذا التخريج بحسب الخبير المصرفي، هو أن المبلغ الموجود لدى البنك والمودع من حامل البطاقة يعامل على أنه قرض ولا ينظر له البنك على أنه أمانة، وقال: «فإذا قلنا بأنه دين كان التخريج الفقهي الأقرب هو الحوالة، والذي يؤيد أن البنوك تنظر لهذه المبالغ المودعة على أنها قرض عليها هو استثمارها لهذه المبالغ، إذ لو كان المبلغ ضمانا أو أمانة لدى البنك لما جاز له استثماره».

وتبقى الحالة الأخيرة وفق بن ظهير، وهو أنه إذا كان السداد للتاجر بعملة مغايرة للعملة التي أودعها العميل لدى البنك، فإنه من الضروري، أن يجري البنك عقد صرف وذلك بسعر يوم الأداء وليس بسعر يوم السحب، لأن شرط الصرف فورية التقابض والصرف، وهنا يعتقد ضرورة أن يجري يوم السداد للتاجر، إذ هو برأيه، يوم السداد نيابة عن العميل.

وأما في ما يتعلق بأهم الإيجابيات والسلبيات لمثل هذه البطاقات، فقال بن ظهير: «أبرز السلبيات التي قد ترد على البطاقة هي أن المستهلك الذي يريد البطاقة يلجأ إليها نظرا لحاجته إلى النقود، ولو كان هذا المستهلك يملك نقودا لما لجأ للبطاقة، وهذا الأمر وإن كان صحيحا خاصة مع انتشار ثقافة الدين في المجتمع، إلا أن تنويع المنتجات للعميل أمر محمود ويعود بالنفع على المصرف والعميل، فليس كل العملاء من شاكلة واحدة، فكلما نوع المصرف منتجاته تعدد عملاؤه وكثروا».

وأضاف أنه مع ذلك فإن هذه السلبية المذكورة لا تسلم بأنها سلبية، بل من الجيد ألا يلجأ الناس إلى الاقتراض عن طريق بطاقات الائتمان، كونها الأداة الأكثر ضررا خاصة مع عدم وجود الثقافة لدى العدد الكبير من أفراد المجتمع هذا عند الحديث عن العميل، وأما عند الحديث عن الجانب البنكي، فبالإضافة إلى ما سبق ذكره من تنويع المنتجات للعملاء، يعتقد بن ظهير أن هذه السلبية تغرق في بحر الإيجابيات الموجودة في هذه البطاقة، مشيرا إلى أنها تعود على المصرف بالربح الكبير من عدة جهات.

ومن إيجابيات هذه البطاقات، وفق بن ظهير، هو أنها ترفع مجموع الودائع لدى المصرف، فالمصرف برأيه دائما يحرص على تضخيم ودائعه خاصة عن طريق الحسابات الجارية، وهذه الودائع التي يودعها أصحاب هذه البطاقات، كما يعتقد، سترفع من النقد لدى المصرف، مما يعني أنه يستثمره في صالحه، ولذلك فإنه يرى على المصرف أن يطبق هذه البطاقة بصيغة الحوالة ويعتبر مبلغ العميل المودع لدى البنك قرضا عليه يستثمره لصالحه ولا يعتبر المبلغ ضمانا لأنه لو كان ضمانا لما جاز للمصرف استثماره.

من ناحية أخرى، يعتقد بن ظهير أن هذه البطاقات تجذب إلى المصرف عملاء جددا لم يتعاملوا مع هذا المصرف في السابق، ويكفي هذا المكسب للمصرف.

وأوضح أن هذه البطاقة تؤدي إلى انتشار عمليات الشراء بالبطاقة الائتمانية، وسيقوم أغلب حملة هذه البطاقات باستخدامها في المشتريات وغير ذلك بدلا من بطاقة الصراف الآلي، كونها لن تؤدي إلى مديونية وتحقق نفس النفع، بل ربما يحصل العميل على خصم أيضا أو جوائز مقابل الاستخدام، ومما لا يخفى فإن كثرة عمليات الشراء عن طريقها تزيد من عمولة البنك لدى التاجر، مما يعني تعدد ربحية هذه البطاقة من قنوات مختلفة. كما يعتقد بن ظهير أن من محاسن البطاقات، تحسين صورة المصرف في عيون الناس وارتفاع سمعته، إذ ينظر إلى مثل هذه المنتجات برأيه، أنها من حرص المصرف على تحقيق التنمية وعدم إرهاق الناس بالديون، والسمعة الحسنة في مقدمة الأمور التي تحرص عليها المصارف عموما والإسلامية خصوصا.