مدير «دار المراجعة الشرعية»: البنوك المركزية مطالبة بتطوير الجوانب التشريعية والرقابية

قال في حوار مع «الشرق الأوسط» : هناك حاجة ملحة لوجود دعم تنظيمي للصناعة المالية الإسلامية بشكل عام

ياسر سعود دهلوي (تصوير: خضر الزهراني)
TT

لضمان أداء رقابة شرعية متكاملة داخل المصرفية الإسلامية، اشترط خبير مصرفي تطوير الجوانب التشريعية والرقابية بواسطة البنوك المركزية، مؤكدا أنه ما زالت الحاجة ملحة لوجود دعم تنظيمي للصناعة المالية الإسلامية بشكل عام ولوظيفة الرقابة الشرعية بشكل خاص، كأحد المكونات الأساسية للبنية التحتية للصناعة.

وشدد ياسر سعود دهلوي المدير التنفيذي لـ«دار المراجعة الشرعية»، في حواره مع «الشرق الأوسط» على أهمية وجود نظام رقابة شرعية متكامل وفعال داخل أي مؤسسة، وذلك لضبط العمل وفق المعايير والضوابط الشرعية، متوقعا في ذات الوقت أن تشهد السنوات الخمس المقبلة تقدما في استكمال بناء وتطوير البنية التحتية لأنظمة الرقابة الشرعية على مستوى المؤسسات العاملة في الصناعة المالية الإسلامية.

وأشار دهلوي المدير التنفيذي لـ«دار المراجعة الشرعية» التي تتخذ من البحرين مقرها الرئيسي وتمارس أعمالها أيضا في الرياض وجدة، إلى تطور العمل المصرفي الإسلامي وتحقيقه نموا كبيرا خلال ثلاثة العقود الماضية، وهو ما يستوجب بحسب المدير التنفيذي إيجاد تشريعات رقابية تستوفي متطلبات الالتزام بالعمل المصرفي الإسلامي مثل إلزامية التدقيق الشرعي الخارجي، وتحديد حد أدنى لمتطلبات الرقابة الشرعية للمؤسسات المالية والتفتيش على ذلك بواسطة البنك المركزي.

* في البداية، كيف ترى أهمية الرقابة الشرعية؟

- الرقابة الشرعية هي إحدى الخصائص المميزة للصناعة المالية الإسلامية، وأي ضعف يشوبها سيكون له تأثير سلبي على الصناعة بشكل عام، ومع تطور ونمو الصناعة في جانب المنتجات المصرفية والاستثمارية وحجم الأعمال، فلا بد أن يصاحب ذلك تطور ودعم لنظم وهياكل ووظائف الرقابة الشرعية، فوجود الهيئة الشرعية مع أهميته وكونه محور نظام الرقابة الشرعية لم يعد كافيا في المرحلة الحالية ولن يكفي في المراحل المستقبلية لتطبيق رقابة شرعية فعالة من الجوانب كافة، وعلى وجه التحديد الجانب المتعلق بالتحقق من صحة تطبيق قرارات الهيئة الشرعية عمليا، وهنا يأتي دور أعمال التدقيق والمراجعة الشرعية كإحدى وظائف الرقابة الشرعية.

* كيف نشأت فكرة التخصص في مجال الرقابة الشرعية؟

- إن فكرة التخصص في مجال الرقابة الشرعية جاءت من إدراك الحاجة لدعم أنظمة الرقابة الشرعية من خلال جهات متخصصة تمتهن هذه الوظيفة وتقدمها بشكل احترافي وفي إطار عمل مؤسسي، وذلك على المستوى الداخلي للمؤسسة لتطوير أنظمة الرقابة الشرعية الداخلية، وكذلك تقديمها بشكل مستقل كمراجع خارجي.

* هل هناك تعارض بين عملكم وعمل الهيئات الشرعية؟

- إن دورنا مكمل لعمل الهيئات الشرعية ولا يوجد تعارض، فالهيئات هي التي تعتمد المنتجات المصرفية والمالية وتضع لها الضوابط، ويكون دورنا في هذه الحالة هو مساندة الهيئة في عملها من خلال عدة خدمات نقدمها لدعم نظم الرقابة الشرعية من ناحية، ومن خلال أعمال التدقيق الشرعي والتحقق من صحة التنفيذ من ناحية أخرى. ووجود الهيئات الشرعية مطلب مهم وهو حجر الأساس لنظام الرقابة الشرعية، لكن في الوقت ذاته تحتاج هذه الهيئات إلى أنظمة وجهات تساندها في أعمال المراجعة والرقابة والتدقيق الشرعي، وخاصة فيما يتعلق بالتحقق من صحة التنفيذ من الناحية الشرعية.

* ما الذي دفعكم للدخول في هذا النشاط؟

- التطور السريع في الصناعة المالية والمصرفية الإسلامية أبرز لنا الحاجة إلى وجود جهة متخصصة في أعمال الرقابة الشرعية تقدم خدماتها بشكل مهني ومؤسسي، وقد تأسست الدار في عام 2005م، وفي ذلك الوقت لم يكن هناك من يقدم هذه الخدمات بهذا المفهوم.

* على ضوء حداثة صناعة الرقابة الشرعية، كيف تقيم مستوى الخبرة التي اكتسبتها «دار المراجعة الشرعية» منذ تأسيسها؟

- تأسست «دار المراجعة الشرعية» في عام 2005، وقد طورت مجموعة من الخدمات المختصة بالرقابة الشرعية كما كونت رصيدا معتبرا من الخبرة العملية، وقد ساهم في بناء تلك الخبرة العمل مع نخبة من المصارف والمؤسسات المالية الرائدة، ومن جهة أخرى فقد نجحت الدار بفضل الله في تكوين فريق عمل من المتخصصين في تطبيقات المصرفية الإسلامية والرقابة الشرعية يتميزون جميعهم بالخبرة والتأهيل المطلوب لتطوير آليات العمل وتقديم خدمات الرقابة الشرعية بأسلوب مهني.

* ما هو رأيكم في البنية التحتية لنشاط الرقابة الشرعية في منطقة الخليج بشكل عام؟

- لدينا في منطقة الخليج عموما بعض المبادرات الجيدة في سبيل تطوير البنية التحتية لهذا النشاط، ومن ذلك هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية التي اهتمت بإصدار معايير محاسبية إسلامية وكذلك المعايير الشرعية، بالإضافة إلى بعض المؤسسات الأخرى الداعمة للصناعة، ولكن لا تزال الحاجة موجودة إلى الدعم التنظيمي للصناعة المالية الإسلامية بشكل عام ولوظيفة الرقابة الشرعية بشكل خاص كأحد المكونات الأساسية للبنية التحتية للصناعة. ومن وقع خبرتنا العملية، فإن وجود نظام رقابة شرعية متكامل وفعال داخل أي مؤسسة ضروري لضبط العمل وفق المعايير والضوابط الشرعية، مع التأكيد على أن نظام الرقابة لا يقتصر فقط على وجود هيئة الرقابة الشرعية وإنما يتطلب أيضا وجود آليات عمل محددة وسياسات وإجراءات تنفيذ واضحة لمنتجات المصرفية الإسلامية لضمان صحة التطبيق، كما يجب أن يشمل النظام وظائف التدقيق الشرعي داخليا من خلال أقسام التدقيق الداخلي والخارجي بالاستعانة بمؤسسات التدقيق الشرعي المستقلة. ومن الجانب الآخر، فلا بد من تطوير الجوانب التشريعية والرقابية بواسطة البنوك المركزية، فقد تطور العمل المصرفي الإسلامي وحقق نموا كبيرا خلال ثلاثة العقود الماضية، مما يستوجب تشريعات رقابية تستوفي متطلبات الالتزام بالعمل المصرفي الإسلامي مثل إلزامية التدقيق الشرعي الخارجي، وتحديد حد أدنى لمتطلبات الرقابة الشرعية للمؤسسات المالية والتفتيش على ذلك بواسطة البنك المركزي.

* كيف تنظر إلى تجربة البنوك السعودية في المصرفية الإسلامية؟

- التجربة جيدة والأهم في الأمر أنها بدأت وحققت نجاحات ولكن الواجب علينا الاستمرار في العمل والتطوير لتجنب الوقوع في أخطاء قد تفقد المصرفية الإسلامية مصداقيتها، وبشكل عام، ما زلنا في حاجة إلى قوانين خاصة بالمصرفية الإسلامية والرقابة عليها.

* هل واجهتم تحديات فيما يتعلق بالعاملين في مجال المراجعة الشرعية؟

- في بداية تأسيس الدار لم يكن هناك متخصصون في أعمال المراجعة والتدقيق الشرعي، ولكن خلال خمس السنوات الماضية لمسنا زيادة في الاهتمام بتأهيل كوادر بشرية لهذا العمل، ومن أبرز تلك المبادرات استحداث زمالات مهنية للتدقيق الشرعي، كما أن الدار بفضل الله تعالى ساهمت في توفير الخبرة العملية للمدققين الشرعيين والمتخصصين في المصرفية الإسلامية.

* كيف ترى التطور المستقبلي للرقابة الشرعية على مستوى المصرفية الإسلامية بشكل عام؟

- على ضوء ما شهدناه في السنوات السابقة، والتطور الذي تحقق، فإننا نتوقع بإذن الله تعالى في السنوات الخمس القادمة المضي قدما في استكمال بناء وتطوير البنية التحتية لأنظمة الرقابة الشرعية على مستوى المؤسسات العاملة في الصناعة المالية الإسلامية، ومن جهة أخرى سيتكامل ذلك مع زيادة الوعي لدى جمهور المتعاملين بالمصرفية، ذلك الوعي الذي أحدثته وسائل الإعلام حول تطبيقات الصناعة المالية الإسلامية، والذي نرجو أن يحفز الاهتمام بالجانب التنظيمي والتشريعي لهذه الصناعة.