مع منعطف «الربيع العربي».. المصرفية الإسلامية تنتعش

توقعات بتوسع عمليات التمويل.. وزيادة عدد المصارف في الدول العربية

من المتوقع أن تشهد بعض الدول العربية في المستقبل القريب زيادة وانتشارا في عمليات المصرفية الإسلامية («الشرق الأوسط»)
TT

في ظل التحولات التي تعصف بالمنطقة العربية، والتطورات الملازمة للنظام المالي العالمي من أزمات الديون السيادية في أوروبا أو الدين القومي الأميركي وما يتبع ذلك من تأثيرات على باقي الاقتصاديات العالمية، تبرز صناعة المصرفية الإسلامية كأكثر القطاعات تحركا وتوسعا، بل والأسرع نموا في النظام المالي العالمي.

وبالتوازي مع استعداد الكثير من الأسواق الدولية لفتح أبوابها أمام النظام المالي الإسلامي، شهدت دول عربية خلال المنعطفات السياسية التي تلف المنطقة، انفتاحا أكبر على صناعة المصرفية الإسلامية في فهم سريع للتطورات المتغيرة، وبهدف بناء علاقة أعمق بين الأسواق لكي تكون المؤسسات في موقع أفضل من أجل المنافسة على نطاق إقليمي وعالمي، بعد تغير بعض الأنظمة السياسية وتعزيز مكانة البعض الآخر.

على ضوء ذلك، توقع أكاديمي وخبير في الشؤون المصرفية الإسلامية، أن تشهد بعض الدول العربية خلال الفترات المقبلة زيادة وانتشارا في عمليات المصرفية الإسلامية؛ سواء من خلال إنشاء مصارف إسلامية أو التوجه نحو التنظيم ووضع القوانين والأطر للعمليات المالية الإسلامية من قبل البنوك المركزية في بعض الدول، وذلك بعد أن لاقت الصناعة المالية الإسلامية انفتاحا أكبر خلال الفترة القريبة الماضية.

وقال الدكتور صلاح الشلهوب، مدير مركز التميز للدراسات المصرفية والتمويل الإسلامي بمعهد البحوث في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن في السعودية، أن تغير الأنظمة السياسية في بعض الدول، مثل تونس، طرح فرصا أمام صناعة المصرفية الإسلامية للانتشار، بعد أن تجلت بوادر انفتاح نحو الاستفادة من صناعة المصرفية الإسلامية، متوقعا أن يزيد عدد المصارف الإسلامية في الدول العربية قريبا.

وتأتي هذه التوقعات والتحركات في الوقت الذي تتسع فيه أنشطة المصرفية الإسلامية في قطاعات عدة، مثل التأمين التعاوني والصكوك والصناديق الاستثمارية وبرامج التمويل الإسلامي، في حين تشير آخر الإحصائيات إلى أن المصارف الإسلامية تدير نحو 700 مليار دولار، ويتوقع أن ينمو الرقم إلى 1.2 تريليون دولار بحلول عام 2012.

ولعل ما قدمته مجموعة البنك الإسلامي للتنمية من حزمة تمويلية إسلامية للحكومة المصرية تقدر بنحو 2.5 مليار دولار على مدى السنوات الثلاث المقبلة، يعد من أول المبادرات، حيث تم تخصيصها لتمويل المشاريع التنموية وعمليات تأمين الصادرات والواردات وعمليات تنمية القطاع الخاص.

كما أن ما ذكره عدنان يوسف، رئيس مجلس إدارة اتحاد المصارف العربية والرئيس التنفيذي لمجموعة البركة، من أن مجموعة «البركة» وضعت خطة لتفعيل الشركات الصغرى والمتوسطة في تونس، يعد من الخطوات المهمة، التي أعلنت عنها مجموعة «البركة» خلال الملتقى المغاربي الأول للمالية الإسلامية، الذي انعقد أخيرا في تونس، تحت شعار «التمويل الإسلامي: فرص واسعة لمنطقة المغرب العربي»، مشيرا إلى أن بنوكا ستسهم في خلق صناديق لتمويل الشركات الصغيرة، وهذا ما سوف تواصله خلال الفترة المقبلة في تونس.

أمام ذلك اعتبر الدكتور صلاح الشلهوب هذه الخطوة بالإيجابية، مضيفا أنه، على الرغم من وجود عوائق أمام تطور المصرفية الإسلامية في بعض الدول، ومن ضمنها تونس، نظرا لغياب الأطر التشريعية القانونية التي تضبط العمليات المصرفية الإسلامية وتتواءم معها، فإن تغير النظام السياسي فيها، والتنافس الدولي على استقطاب الاستثمارات الإسلامية سيمهد الطريق لوضع التنظيمات اللازمة، لا سيما أن دولا عربية بدأت من خلال بنوكها المركزية بالتوجه للتنظيم ووضع الضوابط والمعايير المتفقة مع النظام المالي الإسلامي، مثل الأردن وقبلها البحرين التي كان لها قصب السبق في ذلك. يذكر أن ملتقى تونس الأخير، الذي نظمه المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية، المنضوي تحت إطار منظمة المؤتمر الإسلامي، بالتعاون مع البنك الإسلامي بجدة، ومؤسسة «الكافي» للخدمات المالية الإسلامية، قد انعقد في ظل تصاعد الاهتمام بتعزيز التمويل الإسلامي في دول المغرب العربي، من أجل إثراء النظام المالي المحلي، وتقديم حلول ومنتجات جديدة مبتكرة وقادرة على إحداث حركة مالية وتداول بين مختلف فئات المجتمع بما يتوافق وأحكام الشريعة الإسلامية.

كما مثل الملتقى مناسبة التقى فيها خبراء المؤسسات المالية الإسلامية، ومكنهم من تبادل الخبرات والتجارب، ودراسة فرص تحقيق التنمية في الدول المغاربية، التي تعيش تحولات متسارعة وفترة انتقالية، وخاصة تونس، بينت أنها في حاجة أكيدة للاستفادة من آليات بنكية ومالية جديدة، تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية. وتدارس المشاركون عدة قضايا ومحاور وورشات عمل حول «التمويل الإسلامي آليات ومبادئ»، و«الصكوك الإسلامية أداة متميزة لاستقطاب الموارد المالية»، و«الجوانب التطبيقية لصناديق الاستثمار الإسلامية»، و«قصص النجاح العالمية في الصيرفة والمالية الإسلامية»، و«المتطلبات القانونية للمالية الإسلامية»، و«دور الزكاة والوقوف في التنمية الإسلامية»، و«آفاق المالية الإسلامية في الدول المغاربية».

وشهد الملتقى حضور ومشاركة شخصيات وخبراء في المالية الإسلامية، بعد أن شهدت دول المغرب العربي في السنوات الأخيرة اهتماما ملحوظا وسعيا حثيثا لتطوير قطاعاتها المالية، بما يسهل ظهور خدمات ومنتجات جديدة مبتكرة، وإدماج الصيرفة والمالية الإسلامية في النسيج المالي الوطني.

وبحسب القائمين على الملتقى، فقد ناقش فرص التمويل الإسلامي في منطقة المغرب العربي، مستضيفا عددا من المتحدثين ورواد العمل المصرفي والمالي الإسلامي من جميع أنحاء العالم.