باحث شرعي يدعو الهيئات والمراكز العلمية إلى العناية بشرط «تمام الملك» في الزكاة

شدد في بحث له على وجوب العمل على ضبطه وتحريره ودراسة آثاره

TT

دعا باحث وخبير شرعي متخصص في المصرفية الإسلامية، الهيئات والمراكز العلمية المتخصصة والباحثين إلى العناية بشرط تمام الملك في الزكاة، والعمل على ضبطه وتحريره ودراسة آثاره في نوازل الزكاة.

وحث الدكتور صالح الفوزان في بحث له تحت عنوان «زكاة المال العام وشرط الملك والنماء وأثرها في مال الضمار وديون المؤسسات»، المسلمين دولا وشركات وأفرادا على تطبيق فريضة الزكاة تطبيقا صحيحا، مع التحلي بالتقوى والإيمان والإحساس بالمسؤولية تجاه هذا الركن العظيم والبعد عن المصالح الشخصية واتباع الهوى وحظوظ النفس بما يؤثر على إخراج الزكاة.

وخلص الفوزان في بحثه إلى أهمية التنسيق بين الفقهاء والمتخصصين في المحاسبة في دراسة نوازل الزكاة والعمل على تجسير العلاقة بين الطرفين بتنظيم اللقاءات والفعاليات العلمية المشتركة، وتقديم المراكز المتخصصة دورات تدريبية في محاسبة الزكاة للفقهاء، وتقديم دورات في فقه الزكاة للمحاسبين، ومراعاة ذلك في الجامعات والمعاهد والمؤسسات الأكاديمية والحكومية.

كما شدد على ضرورة التنسيق بين المؤسسات الحكومية المختصة بجباية الزكاة وصرفها والفقهاء والباحثين في مجال الزكاة، وتقديم الدراسات والاستشارات المتخصصة لهذه الجهات وفق الأسس العلمية المعتمدة، ويكون ذلك عبر التعاون المباشر أو توقيع مذكرات التفاهم واتفاقيات التعاون مع المؤسسات الأكاديمية والمراكز والهيئات المتخصصة.

وتناول الفوزان من خلال بحثه قضايا مهمة خاصة بالزكاة جاء على رأسها، زكاة الأموال العامة، مبينا أن الزكاة لا تجب في الأموال العامة كأموال الدولة حتى ولو كانت مستثمرة من خلال شركات مملوكة للدولة بالكامل، أو المشاركة في شركات القطاع الخاص لأنه مال عام ليس له مالك معين.

أما فيما يتعلق بالديون المشكوك في تحصيلها، فقال: «إذا دلت القرائن على أنها غير مرجوة فإنها تعامل معاملة الدين على غير المليء فلا تجب زكاتها، وإذا قبضت يستأنف بها حول جديد».

وأشار الدكتور صالح إلى أن تمام الملك يعد أهم شروط وجوب الزكاة، ولا بد فيه من ثلاثة معايير: استقرار الملك والتمكن من التصرف أو الانتفاع أو التنمية، مستدركا بأن تمام الملك ليس على مستوى واحد من القوة بل إن له درجات.

وأوضح أن درجات قوة تمام الملك تنقسم إلى ثلاث درجات، فإما أن يكون الملك تاما بالحد الأعلى وهو الأصل كما في ملك الشخص لأمواله الخاصة ملكا مستقرا بحيث لا ينازعه فيها أحد ولا يتعلق بها حق غيره، ويتمكن من التصرف فيها والانتفاع بها وتنميتها فلا يكون في إيجاب الزكاة في ماله شائبة. أو يكون الملك تاما بالحد الأدنى، بحيث يكفي لإيجاب الزكاة في بعض الأموال حتى مع ضعف تصرف أصحابها فيها كالدين المرجو المؤجل والمرهون وبعض مخصصات الشركات وملك المساهمين لأسهم الشركة المساهمة. بينما قد ينزل الملك عن الحد الأدنى وهو الدرجة الثالثة، بحيث لا يكون للمال مالك معين (كما في المال العام) أو يكون الملك غير مستقر (كما في دين الكتابة)، أو يمتنع تصرف المالك كما في الأموال المحجور عليها والمصادرة من قبل السلطان ومال الضمار والديون غير المرجوة، وفي هذه الحالة، فإن الملك يكفي لإيجاب الزكاة (ويقصد بمال الضمار هنا الغائب، بمعنى المال الذي لا يرجى عوده، كالمال المغصوب والمسروق والمجحود إن لم يكن ثمة بينة ونحو ذلك).

وأبان الدكتور صالح الفوزان في بحثه، أنه إذا كان المال المملوك للمكلف في جهات اعتبارية لا يمنع تمام الملك، مضيفا أنه من الأرجح أن الزكاة تجب على المساهمين في الشركة المساهمة، وللشركة أن تخرج الزكاة نيابة عنهم.

أما إذا كان المكلف ممنوعا من التصرف في ماله لقيود قانونية ونحوها فإن الزكاة لا تجب عليه بحسب الفوزان، مضيفا: «فإذا عاد إليه التصرف فإنه يستأنف بماله حولا جديدا، والمراد المنع القانوني الذي يؤدي إلى عدم التصرف في المال مطلقا، فإن أمكن التصرف أو تمكن المكلف من الانتفاع بماله المحجور عليه فإن الزكاة تجب عليه بمقدار انتفاعه».

وعن الديون المؤجلة، خلص الفوزان إلى أن الأرجح وجوب زكاة الديون المؤجلة المرجوة سواء أكانت قروضا أم ديونا تجارية، وتزكى عند قبضها عما مضى، وللدائن أن يخرج زكاتها قبل القبض، إلا أن الديون التجارية المؤجلة تقوم كل عام بقيمتها الحالة وتحسم الأرباح المؤجلة. وفيما يتعلق بالمخصصات من أجل التزامات مستقبلية متوقعة، بين الفوزان أن لها حالتين: الأولى هي أن تكون هذه المخصصات احتمالية، وليس لها ما يقابلها من حقوق أو التزامات مؤكدة، وهذه المخصصات تضاف إلى الوعاء الزكوي ولا تحسم منه، لأنها مملوكة للشركة ملكا تاما، أما الحالة الثانية فهي أن تكون هذه المخصصات لمواجهة التزامات مؤكدة، وإن كانت غير محددة، مضيفا: «وهي نوعان فإما ما يكون مخصصا لالتزامات مؤكدة الحدوث حالة السداد، وهذا النوع يجوز حسمه من الوعاء الزكوي لأنه كالدين الحال الذي ينقص النصاب، وإما ما يكون مخصصا لالتزامات مؤكدة الحدوث مؤجلة السداد، وهي التي تحل بعد نهاية السنة المالية، أي بعد مضي الحول (وقت وجوب الزكاة)، وهذا النوع لا يحسم من الوعاء الزكوي، لأنه دين مؤجل، والدين المؤجل لا يمنع الزكاة».

وفي ما يخص الأموال المحجوزة، أوضح الدكتور صالح الفوزان أن لها حالتين أيضا، فالأولى أن يتحقق للمالك التصرف في المال أو الانتفاع به وأخذ نمائه ولو على شيء من الضعف، وفي هذه الحالة فإن الحد الأدنى من تمام الملك قد تحقق فتجب الزكاة فيها، كما في العين المرهونة بالنسبة إلى الراهن، والوديعة الاستثمارية المحجوزة. أما الثانية فهي ألا يتحقق للمالك الحد الأدنى من تمام الملك، فلا يقدر على التصرف في المال ولا الانتفاع به بسبب احتجازه فلا تجب زكاته، لكن بالنظر إلى احتجازه لدى جهات مليئة في الغالب فإنه يزكيها عن سنة واحدة إذا قبضها.