متخصص في إدارة الأملاك: عدم الاحترافية وضعف الكفاءة أفقدا الثروات الإسلامية الكثير من التريليونات

ساندويك كشف لـ «الشرق الأوسط» عن تأسيس شركة خليجية قوامها بليونا دولار.. يملك الشركاء السعوديون 90% منها

جون ساندويك الخبير المتخصص في إدارة الثروات الإسلامية («الشرق الأوسط»)
TT

رغم نجاح صناعة المصرفية الإسلامية والتمويل الإسلامي في تحقيق الكثير من المكاسب على المستوى التشريعي والاقتصادي والاستثماري والمصرفي وسعة حجم ثرواته التي تقدر بأكثر من 3,5 تريليون دولار، فإن هناك الكثير من التحديات التي تقف حجر عثرة في طريق التطوير وكسب ثقة العالم بشكل أفضل مما هو عليه الآن، في وقت ما زال البؤس يخيّم على أنظمة المال المصرفي في الدول الاقتصادية الكبرى.

بهذا الحديث بدأ جون ساندويك الخبير المتخصص في إدارة الثروات الإسلامية حواره مع «الشرق الأوسط»، مؤكدا أن عدم الاحترافية في إدارة الثروات الإسلامية والأوقاف أضاع عليها التريليونات من الدولارات التي كان بالإمكان جنيها من ثرواتها الهائلة.

كما كشف في الوقت ذاته عن جهود حثيثة يبذلها في الوقت الحالي لتأسيس شركة يستودع فيها من الثروات الإسلامية ما لا يقل عن بليوني دولار، مشيرا إلى أنه سيصب خبرته الطويلة في إدارتها بشكل توصل أصحابها إلى قمة الرضا وتحقق للاقتصاد الإسلامي الكثير من أسباب المنعة والقوة.

* كما علمت، فأنت في زيارة للسعودية تسعى من خلالها لإنشاء شركة مالية عالمية ضخمة.. هلا حدثتنا عن الشركة وتوجهاتكم من خلالها؟

- نعم، نحن نعمل على تأسيس شركة مالية عالمية ضخمة آمل أن أجذب لها كبار المستثمرين الخليجيين بصفة عامة والسعوديين بصفة خاصة، وبالفعل قطعت فيها شوطا كبيرا، وذلك لمجموعة محفزات تدفعني دفعا للقيام بهذا العمل. أولا تحتضن البلاد العربية وبخاصة المنطقة الخليجية ثروات ضخمة جدا مغرية للاهتمام بها وبإدارتها وفق الشريعة الإسلامية بشكل أكثر احترافية، حيث كنت قد قمت بدراسة توصلت من خلالها إلى أن حجم الثروات والأصول والودائع التي تعود ملكتها للمسلمن أو جهات وشركات خاصة وعامة إسلامة تبلغ نحو 3.5 ترلون دولا، وأن هذه الإحصاءات التي اشتملت عليها هذه الدراسة تتضمن فقط نحو 850 صندوقا من الصنادق التي تبلغ قمة أصولها أكثر من 50 ملون دولار ومضى على تأسسها أكثر من ثلاث سنوات ولها هئة رقابة شرعة. ثانيا هذه الأرقام الفلكية من الأموال تفتقد حسن الإدارة المحترفة، الأمر الذي أفقدها الكثير من الأهمية التي كان بالإمكان لعبها في اقتصادات هذه الدول بشكل أفضل مما هي عليه الآن، الأمر الذي دعاني إلى الاستفادة مما لي من خبرة في إدارة الثروات الإسلامية بشكل احترافي من خلال تكوين إدارة متخصصة ومحترفة ومتطورة لإدارة هذه الثروات الكبيرة.

* ما حجم المال الذي تتطلع لجمعه والانطلاق به في شركتك الجديدة؟

- حتى الآن أستطيع أن أقول لك إنني أتطلع لإدارة بليوني دولار يملك فيها شركاؤنا من السعوديين 90 في المائة تقريبا.

* ولكنك أميركي الجنسية وعقيدتك مختلفة.. فمن أين لك بالقدرة على إدارة الثروات وفق الشريعة الإسلامية التي تتطلب إيمانا راسخا بها كقواعد التفريق بين حلالها وحرامها واستيعابها وتطبيقها بشكل دقيق؟

- أتفهم سؤالك جيّدا، وأرى أنه منطقي، ولكن لا بد لك أن تعرف أنني خبير مصرفي محترف، وعملت في أكبر المصارف العالمية وعملت في دبي، ولوقت قريب كنت أعمل في بنوك عريقة في سويسرا قبل أن أتفرغ بشكل نهائي للعمل كخبير مصرفي محترف ومتخصص في إدارة الثروات وفق الشريعة الإسلامية في جنيف بسويسرا. كما أنني عشت في أوساط المسلمين لفترات طويلة وكنت أقوم بزيارات متكررة ومتعددة لمنطقة الخليج عامة وللسعودية خاصة، وكنت أرى كيف يهتم الناس بالإسلام وتعاليمه، فحينما أكون مع أحد كبار المسؤولين أو الشيوخ في السعودية وحوله جمع كبير من الناس يتناقشون في مسألة من المسائل أو يقضون شأنا من شؤون الحياة، فبمجرد أن ينادى فيهم نداء الصلاة فإذا بالجميع يترك ما بيديه من مشاغل أو أحاديث فينصرف الجميع إلى المساجد لأداء الصلاة، وهذا المشهد وغيره من المشاهد الأخرى جعلتني أهتم جدا بالإسلام كدين وكتعاليم، وعندما برزت إلى السطح صناعة المصرفية الإسلامية حفزّني حب الاستطلاع لمعرفة إدارة المصارف والأموال وفق الشريعة الإسلامية ومن ثم مقارنتها بالمصارف التقليدية، فوجدت أن البون شاسع وأن المصرفية الإسلامية تملك مقوّمات النجاح لو أحسنت إدارتها وصناعتها.

* ولكن هذا لا يكفي ليمنحك القدرة الكافية لإدارة الثروات وفق الشريعة الإسلامية ما لم تستوعب الفتاوى ودواعيها وتداعياتها، فضلا عن ممارسة التطبيقات المصرفية وإدارة الثروات وفق الشريعة.

- أنا لم أكن فقط هاويا، بل إنني كنت في الأساس مصرفيا واكتسبت من الخبرة ما يكفيني لمعرفة محاسن ومساوئ المصرفية الإسلامية والمصرفية التقليدية، حيث إنني كنت أطلع باستمرار على كل ما يصدر من جديد في هذا الأمر، فضلا عن الجلوس والاحتكاك بكبار المصرفيين الإسلاميين بجانب أفذاذ التشريع في الهيئات الشرعية وأجهزة الرقابة الخاصة به، كما كنت أدعى وأشارك بأوراق عمل في الكثير من المؤتمرات التي تعنى بالمصرفية الإسلامية والتمويل الإسلامي في دول منطقة الخليج والدول الإسلامية وغيرها في جنوب وشرق آسيا. والآن لي الكثير من الصداقات مع عدد كبير من هؤلاء الخبراء والشيوخ الخليجيين والسعوديين وغيرهم.

* إذن ماذا تقول عن إدارة المحافظ التي تعمل وفق القوانين الإسلامية؟

- في ما يتعلق بإدارة المحافظ المتوافقة مع الشرعة الإسلامة فهناك ما عادل 2,5 ترلون دولار كأصول للثروات الإسلامة التي تطلع مالكوها لإدارتها وفقا للشرعة ومقاصدها، كما أن هناك 30 ملار دولار مستثمرة بشكلها الصحح في الوقت الذي فيه 100 ملار دولار غر مستثمرة على نحو صحيح، وبالتأكيد فإن هذه الأرقام تدفعنا نحو تبني مجموعة من القواعد المهنة ومعار تنطوي على شفافة عالة ف ما تعلق بإدارة المخاطر واستراتجات النمو ومعار التوازن في عموم الصنادق الاستثمارة، ومن هنا مكننا تطبق النظرة الحدثة في إدارة المحافظ الاستثمارة الإسلامة.

* برأيك ما التحديات التي تواجه إدارة الثروات المالية الإسلامية؟

- مع التسليم بأن هناك ثروات مالية ضخمة جدا في المنطقة العربية الخليجية تتجاوز 3,5 تريليون دولار، فإن هذه الثروات الكبيرة تفتقد حسن الإدارة المحترفة وصاحبة الخبرة العريقة في شؤون الإدارة المالية بهذا الحجم، في ظل الكثير من التحديات التي تواجهها مع أن كل المؤشرات تؤكد أن المصرفة الإسلامة مستمرة في أخذ مساحة واسعة من الاهتمام، وأول هذه التحديات الحاجة الماسة إلى إعادة بناء واستكمال حققي لهاكل المصرفة الإسلامة وبخاصة في دول الخلج العربة، التي بالتأكيد تحتاج إلى إدارة ناجحة وتحتاج إلى وضوح في الهاكل والأسس والإجراءات الشرعة وتطور للأدوات المالة والمنتجات الإسلامة.

* برأيك ما أكثر الإدارات الإسلامية التي تحتاج إلى إعادة تأهيل ولماذا؟

- أعتقد أن أكثر المجالات الإسلامية التي تحتاج فعلا إلى إعادة تأهيل هي الأوقاف الإسلامية، لأن هذا المجال يحتاج إلى نوع من التطوير في مجال البنوك الإسلامية بشكل ينافس الوضع الذي عليه في دولة ماليزيا التي قطعت شوطا كبيرا في مجال الأوقاف. وبحسب ما رأيت فإن الأوقاف الإسلامية على سعة مجالها وكبر حجم ثرواتها فإنها تعاني من سوء إدارة، بخلاف ما عليه الحال في أوروبا وأميركا، فعلى سبيل المثال فإن الأوقاف في جامعة هارفارد أخذت في التطوير والتوسع خلال ثلاثمائة عام إلى أن وصلت إلى ما يساوي 3 بلايين دولار حاليا، ولذلك الشبيه المماثل في السعودية للأوقاف في أميركا نظام الأوقاف في الجامعات، خصوصا تلك التي تعود لبيل غيتس، حيث كان الرجل الذي يعتبر أغنى رجل في العالم قد وهب كل ماله للأوقاف في أميركا، تماما كما فعل الشيخ صالح الراجحي في السعودية. وأستطيع القول إن الأوقاف في أميركا وفي أوروبا وفي عموم الغرب هي نفس الأوقاف في العالم الإسلامي من حيث الفكرة وطريقة الاستثمار، غير أن توزيع أرباحها في البلاد الإسلامية يقتصر على الذين يحتاجون إليها سواء للأطفال أو المساجد أو لطباعة القرآن الكريم في الجامعات أو في الأبحاث أو العلاج... إلخ، بينما في الغرب أشمل من ذلك. والملاحظ في السعودية أن الأوقاف تقوم على العقار 100 في المائة، بعكس الحال في الغرب، فمثلا إن الوقف في جامعة هارفارد ليس كله عقارا بنسبة 100 في المائة، حيث يقوم على أمره أناس على درجة كبيرة من الاحترافية، وكان من باب أولى أن تدخل أموال الأوقاف في الدول الإسلامية في استثمارات كبيرة وحلال وتحترم القوانين الإسلامية.

* وكيف تنظر إلى واقع التأمين التعاوني والتأمين التجاري في المنطقة؟

- هناك عدد كبير من تريليونات الدولارات، وهي محصلة ودائع العملاء، توظف في استثمارات شركات التأمين التي تجني منها التريليونات، في الوقت الذي لا تضيع أو تصرف منها الكثير على هؤلاء العملاء، ذلك على سبيل المثال لا يمكن أن يحدث لعميل حادث بشكل يومي، وهكذا في المعاملات الأخرى الشبيهة، بخلاف ما هو عليه الحال في شركات التأمين التعاوني والأوقاف لعدم وجود الخبرة الإدارية المحترفة الكافية لتفادي أي نوع من الخسائر الفادحة، التي تكبدتها خلال السنوات الخمس الماضية، وتراوحت من 40 إلى 50 وحتى 60 في المائة، بسبب استثمار أموالها في مجالات خاسرة، وهذا حدث في عقارات دبي وفي الاستثمارات المحلية الأخرى داخل المنطقة الخليجية، وللأسف فإن أغلب شركات التأمين التعاوني أي شركات التكافل يعمل عمل شركات التأمين تحت غطاء إسلامي، وهذا نتج عن أنها غير محترفة في طريقة استثمارها.

* وما تقديراتك لأموال الأوقاف والتأمين بشقيه في المنطقة الخليجية وما رؤيتك للاستفادة منها؟

- هناك استثمارات عائلية في عدد من البلدان الخليجية والعربية الناجحة، حيث تمكنت من بناء ثروات كبيرة كما هو الحال في البرازيل وفي كاليفورنيا، وكذلك في بعض البلاد الإسلامية الأخرى، حيث أُودعت أموال كثيرة لدبي ولعقارات دبي، غير أنه للأسف فإن الكثير من هذه الاستثمارات انهار لغياب احترافية الإدارة الكفؤة. وأقدر مجموع معدل أموال الوقف والتكافل والاستثمارات العائلية في القطاع الخاص في الخليج بما يصل إلى أكثر من تريليون دولار، و90 في المائة منها سعودية، أما في ما يتعلق بالقطاع العامل في الأوقاف فهناك ما يفوق 5 تريليونات دولار، منها أكثر من تريليوني دولار سعودية. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: مَن باستطاعته أن يدير كل هذه الأموال بشكل محترف وفق الشريعة الإسلامية؟ ذلك أن كلا مجالي الوقف والتكافل يحتاج إلى إدارة محترفة تعرف كيف تختار مجالات الاستثمارات الناجحة.

* كيف تنظر إلى مفهوم القيمة الإضافية في النظام المالي العالمي مقارنة بالنظام المالي الإسلامي؟

- إن مفهوم القيمة الإضافية في الأصل لم يكن معروفا فعليا في دوائر المصرفية العالمية، ويكاد يكون مقصورا على البنوك الاستثمارية الإسلامية، وعلى سبيل المثال فإن إحدى الشركات الكبيرة في البحرين يمكن أن تشتري بعض الموجودات مثل قطعة أرض أو كأن تقوم إحدى الشركات باستخدام ميزانيتها العمومية في مثل هذه الممارسات، ثم بعد ذلك تبيع مشترياتها بعد بضعة أشهر إلى المستثمرين بسعر مضخم إلى حد هائل. وأعتقد أن مثل الممارسات من هذا القبيل كانت ممتازة بالنسبة لحملة الأسهم في البنوك الاستثمارية الإسلامية، ولكنها في نفس الوقت مؤذية تماما بالنسبة للمستثمرين الخاصين في صفقاتهم. ومن الناحية العملية فإن هذا المسلك ساهم في إنجاح البنوك الاستثمارية الإسلامية في بداية صفقاتها وليس عند نهايتها المنطقية التي تنتمي إليها.

* ماذا تقصد بذلك؟

- بمعنى آخر نحن لسنا بحاجة إلى قدر كبير من التفكير لندرك أنه بإمكان أي شخص أن يقوم بالشراء، غير أن الأمر يتطلب قدرا من الانضباط والعمل الجاد والحرفية لإدارة الموجودات والخروج منها بأقل الأرباح على الأقل. أما الشركات التي تعتمد فقط على الاستحواذ على الموجودات، وليس على إدارتها وبيعها، سرعان ما تدرك أن مثل هذه الأعمال لا يمكن استدامتها على مدى الزمن، ذلك لأنه في نهاية المطاف ستكون هناك أزمة بشكل أو بآخر تعمل على إيقاف العملية بكاملها. وأعتقد أنه يجدر بنا إلى حد ما أن نشعر بالامتنان لأزمة الائتمان، ذلك لأنها وضعت حدا لنوع غير قابل للاستدامة من الأعمال التي خلقت قيما مزيفة وتوقعات مزيفة، نأمل أن يكون ذلك حدا نهائيا ودائما، حيث كان قد احتاج الأمر إلى مبالغ هائلة من الأموال من الجمهور في وقت كانت فيه مجرد سوق متخصصة.

* هل تعني أن الأعمال الأخرى من الأعمال الاستثمارية كانت في مأمن من آثار الأزمة المالية العالمية؟

- لا، لم أقل ذلك، ولكن بالطبع فإن الأنواع الأخرى من الأعمال الاستثمارية عانت من الأزمة، لكن لم يكن ذلك بسبب أنها لم تكن أعمالا سليمة أو لأنها لم تكن تستحق صب المال فيها، وإنما عانت فقط لأن الجمهور الاستثماري ووسائل الإعلام والأجهزة التنظيمية كانت مغرمة إلى حد كبير بالأسهم الخاصة.

* وكيف تنظر إلى قدرة التقييم الائتماني الذي حصلت عليه البنوك الاستثمارية الإسلامية في مواكبتها هذا الواقع؟

- أعتقد أن البنوك الاستثمارية الإسلامية حاولت أن تطوّر أو بالأحرى تحوّر السوق بما يخدم مصلحتها فقط دون النظر إلى سلامة خططها وإجراءاتها، الأمر الذي أدى إلى تشويه في حركة رأس المال من المدخرين إلى المستخدمين، حيث يتم بعض التوسط المالي للمستثمرين من ذوي المخاطر المتدنية، وبعضها للمستثمرين الذين لا يمانعون في الاستثمارات ذات الخطورة الأعلى مع أنه من المفترض أن يعمل التوسط المالي على تخصيص رأس المال بكفاءة. ومن الملاحظ أن الكثير من بيوت الأسهم الخاصة، مثل البنوك الاستثمارية الإسلامية التي انتشرت وتكاثرت في منطقة الخليج العربي من عام 2002 إلى عام 2007، لم يكن في الحكمة في شيء في أن تتلقى هذا القدر الكبير من رأس المال ومن الاهتمام، بل كان من الأجدر بها أن تظل دائما نطاقا متخصصا من الأعمال في سوق متخصصة، حتى تتفادى آثار هذا التشويه في المشهد المالي، الذي تسبب فيه التقييم الائتماني، الذي منحها مرتبة ائتمانية عالية لعدد من أكبر الأسماء في المصرفية الاستثمارية الإسلامية، دون إعطاء اعتبار لقابليتها للاستدامة في نماذجها العملية التي تقوم عليها.

* هل تعتقد أن هذا الواقع له آثار إيجابية لهذه البنوك لأخذ الحيطة والحذر في مهدداتها في المستقبل؟

- لابد من إدراك أن الأعمال الكامنة غير قادرة على تكرار الأداء إلى ما لا نهاية، وبالطبع لهذه الآثار السلبية جانب آخر، فلا بد للبنوك الاستثمارية أن تدرس مسببات ما تعرضت له من فوضى مالية لتبحث عن كيفية تفاديها والأخذ بالعبر في صناعة أفكار متأنية ومتعقلة في إدارة رؤوس أموالها حتى يكون المستقبل أكثر إشراقا، مع مزيد من التريث عند إقدامها لتطوير نماذج أعمال تعتمد فقط على الدخل المتكرر، وليس على مقامرات عالية بأموال الناس الآخرين، مع أهمية إيجاد جهاز رقابة فعّال يقيها شرور الاستدانات المفلسة وحالات الإعسار المكدرة لصفة العيش، إذ هناك حاجة ماسة إلى استخدام القدرات التخيلية مع قدر من الحدس لحماية المدخرات من الموجودات.

* هناك الكثير من البلاد تقع في ظل الأزمة المالية العالمية.. إلى أي مدى هناك قابلية للاطلاع على الأسس القانونة والمعارة المالية الإسلامية للاستعانة بها في معالجة أوضاعها المصرفية والمالية؟

- أعتقد أن الأزمة المالية العالمية وفرت فرصة طيبة لإبراز إمكانيات وقدرات الاقتصاد الإسلامي والمصرفية الإسلامية وصناعتها ومنتجاتها، ولا شك أن هناك اهتماما غر عادي بده العالم بالاقتصاد والتمول الإسلامي، غر أن هذه تحتاج إلى مزيد من الجدّ والاجتهاد من القائمين على أمرها حتى تكون أكثر وضوحا ونفوذا. وهذا بالطبع يتطلب جهودا جبارة تعمل على تكامل أطر صناعة المصرفية الإسلامية وهاكلها القانونة والفنة، لتصبح أكثر استقلالا عن نظيرتها التقلدة في كثر من جوانبها، وهذا من شأنه الإسهام بشكل فعال في تعزز هذه الصناعة وتمهيد الطريق أمامها للانطلاق بقوة حتى تكسب ثقة العالم غير الإسلامي.

* وبرأيك ما أولى الخطوات التي يمكن أن تحقق هذا الرضا العالمي عنها؟

- أعتقد أن صناعة المصرفية الإسلامية قامت على جهود فردية تطورت مع مرور الزمن، ولكنها تواجه بين الفينة والأخرى خلافات واختلافات في وجهات نظر المشرعين الإسلاميين من جهة، والاقتصاديين الإسلاميين من جهة أخرى. وفي ظني أن أمر المصرفية الإسلامية يحتاج إلى توحيد المرجعية التشريعية والاقتصادية على حد سواء، مع دور مطلوب من قبل الأجهزة الرقابية، وذلك للحد من العوامل الفردة في تحدد مسارها. وذلك - مع احترامي للهئات الشرعة التي تعمل في المصارف الإسلامية والتي بلا شك تقوم بدور حساس ومهم - لأن المستثمر الاستراتجي بحث عن الحوكمة والإدارة والقوانن الضابطة لهذه الصناعة، خصوصا أن هناك شكاوى من تعدد الفتاوى واختلافها وتبانها. والمطلوب أن تتوصل هذه الهئات والمجامع الفقهة إلى آلة ومرجعة تحكم مسار العمل المصرفي الإسلامي، تضع فها الهئات الشرعة الملامح والأطر الشرعة العامة للعمل المصرفي الإسلامي، وأيضا تضع بنودا لما اتفق عله وفما اختلف فه وما حرم منه، حينها صبح لأرباب هذه الصناعة القدرة على رسم خارطة طرق واضحة للعمل بمقتضياتها.