أمين لجنة التوعية المصرفية بالبنوك السعودية: النظام المصرفي العربي يحتاج إلى جهد إعلامي لإبراز دور المصرفية الإسلامية

طلعت حافظ أكد أن الأزمة المالية أفرزت شكوكا حول التعاملات المصرفية بشكل عام

طلعت زكي حافظ
TT

يشتكي بعض عملاء المصارف السعودية من وقوعهم في فخ بعض التعقيدات المصرفية ذات الصبغة الاصطلاحية ومستجداتها، ما جعلهم ضحية جهلهم لبعض العمليات المصرفية سواء كانت تقليدية أو متوافقة مع الشريعة الإسلامية، الأمر الذي جعل من تأسيس لجنة إعلامية تعنى بهذا الجانب أمرا في غاية الأهمية.

ولكنّ ثمة أمرا آخر حار الكثير من المهتمين بالتوعية المصرفية في كيفية وآلية هذه اللجنة في التبصير بالعمليات المصرفية المستجدة في حال المصرفية الإسلامية بجانب التوعية بالمصرفية التقليدية.

وفي الحوار التالي الذي أجرته «الشرق الوسط» مع طلعت زكي حافظ، الأمين العام للجنة الإعلام والتوعية المصرفية بالبنوك السعودية، إجابات لبعض الاستفهامات في هذا الصدد.

* هل تعمل اللجنة على التوعية بالمصرفية التقليدية بجانب التوعية بالمصرفية الإسلامية؟

- الدور التوعوي الذي تقوم به اللجنة ليس محصورا في مجال مصرفي معين، بل إنه يشمل جميع الجوانب التي لها ارتباط بالقطاع المصرفي، بما في ذلك الخدمات والمنتجات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية التي تقدمها البنوك السعودية، حيث إن من بين أهداف اللجنة توعية كل أفراد المجتمع، بمن فيهم عملاء البنوك، بكل الخدمات والمنتجات التي تقدمها البنوك وبما يطرأ عليها من تطوير وتحديث وإضافات.

* ولكن أليس في ذلك تضييق بالعمل على التوعية بالمصرفية الإسلامية؟

- اللجنة تفرد حيزا لا بأس به للتوعية بمجالات العمل الإسلامي في البنوك السعودية، حيث قد قامت بتقديم عدد من المحاضرات والندوات بالجامعات السعودية للطلاب بما في ذلك في أماكن متعددة أخرى بهدف توعية الحاضرين بمجالات التعاملات الإسلامية المختلفة في البنوك.

* أليس في قيام اللجنة بإبراز مميزات المصرفية التقليدية تعارض مع إبرازها لمميزات المصرفية الإسلامية؟

- لكل جانب من التعاملات التقليدية والإسلامية مميزاته وتحدياته، وبكل تأكيد هناك فئة كبيرة جدا من العملاء تفضل التعاملات المصرفية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، لكونها تبعث إلى نفوسهم بالطمأنينة والارتياح النفسي والديني، وتبعا لذلك عكفت البنوك السعودية قاطبة على التوجه إلى تقديم منتجات وخدمات مصرفية تتوافق مع الشريعة الإسلامية، إما من خلال تخصيص فروع بالكامل لتقديم ذلك النوع من الخدمات، وإما تخصيص وحدات، وإما تخصيص نوافذ بالفروع. كما قامت بعض البنوك السعودية بتحويل جميع منافذ البيع (الفروع) لتقديم خدمات ومنتجات إسلامية خاصة على مستوى قطاع الأفراد أو ما يعرف بقطاع التجزئة، كما أن هناك بنوكا في الأساس قد تم إنشاؤها لتكون خدماتها ومنتجاتها متوافقة مع الشريعة الإسلامية.

* هناك اتهام بأن إقدام البنوك السعودية على فتح نوافذ إسلامية كان مجرد منافسة البنوك الإسلامية فقط وليس نتاج إرادة حقيقة من إداراتها.. ما تعليقك؟

- أؤكد في هذا السياق على أن تقديم البنوك السعودية للخدمات والمنتجات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية هو دون أدنى شك يهدف إلى تلبية حاجة العملاء لهذا النوع من التعاملات، ولكن في نفس الوقت هو توجه وإرادة قوية ومطلب من قبل القائمين على إدارات تلك البنوك، ومن ضمنهم المساهمون. ولعلي أشير هنا إلى أن البنوك حققت في مجال التعاملات المصرفية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية نجاحا باهرا يشهد له القاصي والداني، وأصبحت المملكة اليوم مثلا يحتذى به على مستوى العالم في التحول المتدرّج المدروس من المصرفية التقليدية إلى المصرفية الإسلامية، دون الإضرار بمستوى الخدمات التي تقدمها البنوك أو إحداث إرباك لتعاملات العملاء.

* هناك تقاطع وفروقات بين التعاملات المصرفية الإسلامية ونظيرتها التقليدية.. ماذا تقول؟

- بالنسبة للفرق بين التعاملات المصرفية والتقليدية، فهي تتقاطع في الخدمات المصرفية المعتادة أو العادية (غير التخصيصية)، التي تتعلق بحوالات العملاء أو صرف النقد والشيكات، ولكن يختلف بعضها عن بعض، وكما أسلفت في هيكلية وأسلوب تقديم المنتجات المتخصصة، مثل منتجات التمويل، حيث إن هناك بونا شاسعا بين طبيعة ونوعية وهيكلية منتجات التمويل الإسلامي والتمويل التقليدي قد يطول شرحه بالتفصيل في هذا المقام، ونفس الكلام ينطبق تماما على أسلوب إدارة البنك لأموال الخزينة، وصناديق الاستثمار المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، وغير ذلك من المنتجات.

* كيف ترى الدور الذي قام به الإعلام عامة وفي الشرق الأوسط خاصة بالتعريف بالمصرفية الإسلامية وخباياها؟

- أعتقد أن الدور الذي قام به الإعلام في الشرق الأوسط للتعريف بالتعاملات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية دون أدنى شك هو دور جيد، ولكن يحتاج إلى المزيد من التكثيف وتضافر الجهود وبالذات بعد الأزمة المالية العالمية وما خلفته وراءها من مشكلات وشكوك حول التعاملات المصرفية بشكل عام وبالذات في ما يتعلق بمستوى الرقابة التي تمارسها البنوك المركزية على مستوى العالم على التعاملات المصرفية التي تتم بداخل البنوك، وبالتالي فالحاجة ماسة إلى مضاعفة الجهود للتأكيد على سلامة النظام المصرفي العربي بشكل عام وجدية وسلامة التعاملات المصرفية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية بكل خاص، التي تقدمها سواء البنوك الإسلامية أو البنوك التقليدية في العالم العربي، ولا سيما أن عملياتها تخضع لمراقبة ومراجعة هيئات شرعية متخصصة في مجال التعاملات الإسلامية، كما أنها تتمتع بوجود بنوك مركزية تلتزم بالصرامة والرقابة على البنوك التجارية التي تتبع لها في دولها، الأمر الذي يؤكد أن النظام المصرفي العربي بما في ذلك البنوك العربية كان الأقل تأثرا على مستوى العالم بإفرازات وسلبيات وانعكاسات تلك الأزمة، حيث لم يحدث انهيار للنظام المصرفي العربي أو البنوك التابعة له.

* هل لكم شركاء في صناعة وإشاعة ثقافة التوعية المصرفية؟

- بالطبع لنا شركاء في العمل التوعوي وهذا سرّ نجاحنا، ولعلي أشير هناك إلى التعاون الاستراتيجي بين اللجنة والمعهد المصرفي التابع لمؤسسة النقد العربي السعودي المرتبط بتنظيم وإقامة دورات مصرفية متخصصة للصحافيين والإعلاميين عن آخر المستجدات والتطورات في مجال العمل المصرفي وترسيخ أساسياته لديهم. وكنّا قد أقمنا أول دورة في الرياض في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي بمشاركة 22 إعلاميا وصحافيا من مختلف وسائل الإعلام المحلية، كما عقدنا الدورة الثانية في محافظة جدة خلال شهر مارس (آذار) من العام الحالي، حيث شارك فيها 19 إعلاميا وصحافيا من الجنسين.

* هل الرسالة التوعوية التي تقوم بها اللجنة تتركز في كل الأعمال المصرفية والبنكية أم هي مقتصرة على جزئية محددة منها؟

- بطبيعة الحال يتم صياغة الرسالة التوعوية بما يتناسب مع موضوع الرسالة والهدف منها، مع مراعاة فئة العملاء الموجهة إليهم هذه الرسالة، إذ على سبيل المثال هناك رسائل توعوية يتم توجيهها لكل عملاء المصارف مثل الرسائل التي تضمنتها حملة «مرتاح البال»، بينما توجد رسائل توعوية وتعريفية ببرامج خاصة ومعينة لعملاء محددين مثل تلك التي توجه إلى أصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة للتعريف ببرامج كفالة هذه المنشآت (كفالة)، التي نسعى من خلالها إلى التعريف بالأهداف والأبعاد التنموية والاقتصادية للبرنامج.

* ما التحديات التي تواجه عمل هذه اللجنة؟

- بالطبع أهم تحدٍّ واجهنا هو كيف لنا أن ننطلق بشكل مؤسساتي وكيف يمكن أن نستند في برامجنا على رؤية واضحة المعالم بعيدة عن الانطباعات والانفعالات ورد الفعل، الأمر الذي جعلنا نعقد اتفاقا مع بيت خبرة عالمي لإعداد استراتيجية مصرفية توعوية بناءة وهادفة واضحة الرؤى والمعالم ومحددة الأهداف، ومن ثم تم على إثر ذلك إعداد خطة تنفيذية أو ما يعرف بخطة التشغيل. ولعلي أشير في هذا الصدد إلى الدعم اللامحدود الذي وجدته اللجنة من قبل مؤسسة النقد العربي السعودي، التي كانت وراء تأسيسها منذ البداية جنبا إلى جنب مع رؤساء مجلس الإدارة والرؤساء التنفيذيين للبنوك السعودية.

* هل استراتيجيتكم تقوم على المدى البعيد أم المتوسط أم القصير؟

- بالطبع استراتيجية عمل اللجنة طويلة الأمد، غير أنها تخضع بين الفينة والأخرى إلى مراجعة وإعادة النظر وذلك لتقييمها وقياس نجاعة برامجها ومدى مواكبتها للمستجدات والمتغيرات التي تحدث على الساحة المصرفية المحلية، ومع ذلك فهي مرنة وقابلة لأي نوع من المعالجة.

* هل لكم أولويات بالنسبة للشرائح المستهدفة بهذه التوعية المصرفية؟ ولماذا؟

- هناك برامج توعوية لكل المجتمع وأخرى للعملاء، كما أن هناك برامج خاصة بالطلاب والطالبات على مختلف المراحل الدراسية، وذلك ليقيننا أن الطالب أو الطالبة هو أساس البنية المعرفية للعمل المصرفي، ولذلك قمنا بمساندة البنوك السعودية في 12 حملة توعوية مختلفة كان لهذه الفئة نصيب الأسد منها. وأشير هنا إلى برنامج «إنجاز» التوعوي التثقيفي الذي ينفذه البنك الأهلي التجاري لتأهيل طلبة التعليم العام وإعدادهم بما تتطلبه السوق المصرفية من خبرات عملية وخبرات علمية عن طريق تقديم دورات تعليمية واقتصادية.

* هناك شكاوى من العملاء تفيد بعد اطلاعهم على كل الشروط والبنود الخاصة بعقود البطاقات الائتمانية رغم توضيح ذلك في هذه العقود نفسها.. ما دور اللجنة في ذلك؟

- بدءا يحتم على العميل أن يطلع على كل بنود العقد الذي يتم بينه وبين أي بنك، وبالتالي ليس عليه التوقيع، كما عليه أن لا يستخدم إلا البطاقة الإائتمانية أو حتى أي منتج آخر من المنتجات المصرفية، ما لم يتعرف عليها ويستوعبها ليفرق مميزاتها عن سوالبها. أما في ما يلي اللجنة في هذا الجانب فإننا دائما ننصح العملاء بضرورة الاطلاع على كل بنود الخدمات والمنتجات التي تبرم مع البنوك لمعرفة كل المميزات، وفي حالة يجد صعوبة في ذلك عليه التوجه إلى القائمين على بيع المنتج للحصول على إيضاح كافٍ قبل أن يوقّع.