باحث مصرفي يطرح «جدلية» جواز الاستثمار في أسهم الشركات الإسرائيلية المتوافقة مع المعايير الشرعية

الزيادات: مخاطر العمل الشرعي تودي بمنجزات الصناعة المالية الإسلامية

ناصر الزيادات
TT

تتوالى الأمور المثيرة للجدل في العمل الشرعي في الصناعة المالية الإسلامية بالتكشف تباعا، نتيجة للطفرة المعلوماتية والتكنولوجية التي تتيح سهولة تدفق المعلومات ورقابتها. وعلى الرغم من أن أمر الرقابة على عمل الهيئات الشرعية في المؤسسات المالية الإسلامية، يكاد يكون معدوما من النواحي التنظيمية الرسمية، فإن الإنترنت وتوابعه خلق أجواء جديدة من الرقابة، ليس على المشايخ وحسب، بل على كل أمر يتعلق بالرأي العام.

وبعد حادثة صكوك «غولدمان ساكس»، التي كشفتها «الشرق الأوسط» مؤخرا، وكان فيها «زج» أسماء مشايخ على أنهم من الهيئة الشرعية المجيزة للصكوك المثيرة للجدل، وقضية الاستبدال بهيئة شرعية هيئة شرعية أخرى دون علم الجمعية العمومية لشركة المدينة للاستثمار (الإسلامية)، مع ثبوت اقتراضها بالفائدة غير الشرعية من عدة مصادر، تظهر على الساحة اليوم قضية لا تقل خطورة عن سالفاتها.

وتتمثل القضية الجديدة في اشتمال المؤشرات الإسلامية لـ«ستاندرد آند بورز» على أسهم لشركات إسرائيلية، ضمن عيناتها الحسابية، هذا بالإضافة لدخول أسهم الشركات الإسرائيلية ضمنيا في قوائم الشركات التي يجوز الاستثمار فيها شرعا، وفقا لما تروج له «إس آند بي».

وفي هذا السياق، يؤكد الباحث في التمويل الإسلامي ناصر الزيادات من جامعة درم البريطانية، على أحقية «ستاندرد آند بورز» في أن تشتمل مؤشراتها على أسهم إسرائيلية، لكنه يستنكر في نفس الوقت وجود تلك الأسهم في المؤشرات الإسلامية وضمن قوائم الأسهم المتاحة للمستثمر الإسلامي، على الرغم من وجود هيئة شرعية من المفترض، كما يرى، أنها تشرف على أعمال مؤشرات «إس آند بي» الشرعية.

وأضاف الزيادات في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»، أنه منذ قرابة عام وهو يتابع الموضوع، الذي كتب عنه في أكثر من مناسبة، إلا أن المؤشرات لا تزال تشتمل على الأسهم الإسرائيلية، وفقا للكتيب التعريفي الذي يروج لتلك المؤشرات على الإنترنت. وأكد الزيادات أنه اطلع على ذلك الكتيب أول مرة في أبريل (نيسان) 2011، مبينا أنه قبل أن يكتب عنه تأكد من أن هناك من قام بإبلاغ عضو من الهيئة الشرعية لمؤشرات «إس آند بي»، التي استنكرها آنذاك، إلا أن المفاجأة، كما أوضح الزيادات، كانت عند ظهور كتيب آخر في أغسطس 2011 يشتمل على أسهم إسرائيلية، ويشتمل على نفس أسماء الهيئة الشرعية، بما فيها الذي تأكد الاتصال معه وإبلاغه.

ويظهر الكتيب التعريفي لمؤشرات «إس آند بي» الإسلامية، الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه أسماء أربعة مشايخ في الهيئة الشرعية، وهم الدكتور علي القري والدكتور نزيه حماد والدكتور عبد الستار أبو غدة والدكتور محمد أمين القطان، كما أن الشركة التي تتعامل معها «إس آند بي» في مجال إعداد قوائم الأسهم الإسلامية هي شركة «إنتيليجنس ريتنغ»، التي تتخذ من كل من بريطانيا ودولة عربية مقرا لها. كما يظهر الكتيب بالفعل اشتمال بعض المؤشرات الإسلامية على أسهم إسرائيلية.

وأفاد ناصر الزيادات بأنه قام بالاتصال بفرع شركة «إنتيليجنس ريتنج» في الدولة العربية، حتى يتسنى له التأكد من عدم وجود لبس في الموضوع، إلا أنه تفاجأ بأن العنوان المذكور صحيح بالكامل لكن لا وجود لفرع الشركة، بل كان المجيب سكرتارية لمكتب محاماة مشهور.

وأوضح الزيادات أن الشريعة الإسلامية الغراء لا تحرم التعامل المالي مع اليهود، مشيرا إلى أن الكيان الإسرائيلي هو كيان معاد رسميا للدول العربية التي لا ترتبط معه باتفاقيات سلام، لأن المبادرة العربية التي طرحها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، ووافقت عليها الجامعة العربية، لم تلق أي تجاوب من الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، وآخرها الحكومة اليمينية التي يقودوها نتنياهو، مشددا في الوقت ذاته على أن هذا الرأي يعتبر حلا ناجعا لمن يخاف أن يوسم بتهمة العداء للسامية، لا سيما المشايخ الذين يتجولون في أوروبا لتلبية متطلبات عضوياتهم في الهيئات الشرعية.

ولدى سؤال لـ«الشرق الأوسط»، عما إذا كانت معايير هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية تشير إلى عدم جواز الاستثمار في الأسهم الإسرائيلية، أفاد الزيادات بأن تلك المعايير لا تتضمن مثل تلك المحددات، لكن المشكلة لا تكمن في قصور المعايير وحسب، بل تتعداها لأن الكثير من المشايخ الذين وضعوا تلك المعايير يخرقونها في فتاواهم لتحقيق مصالح المؤسسات التي يفتون لها، فهل يعقل أن لا يتم خرق معيار لتحقيق مصلحة الأمة مثلا؟! واختتم الزيادات حديثه لـ«الشرق الأوسط»، مؤملا في أن تصدر توضيحات من قبل الهيئة الشرعية المذكورة، مبينا أن حسن النية هو الأصل في التعامل مع العلماء، مشددا قي الوقت نفسه على أحقية الرأي العام المسلم في الاطلاع على مثل تلك القضايا، لا سيما إن كان التناصح السري فيها كان قد أخذ دوره دون أن يثبت جدواه.