فيليب توشارد المدير المالي للبنك السعودي ـ الفرنسي: 48% من تمويلات البنك قائمة على المصرفية الإسلامية والتمويل الإسلامي

أكد أن البنك يدير المخاطر في مجال الائتمان بطريقة قوية

مبنى البنك السعودي - الفرنسي في الرياض
TT

في بادرة تحسب لصالح المصرفية الإسلامية وانتشارها، أصدر البنك السعودي - الفرنسي لأول مرة صكوكا إسلامية تبلغ 750 مليون دولار، حيث حقق سجل الأوامر لهذا الإصدار في أول 12 ساعة انطلق فيها 4 مليارات دولار.

وعزا مسؤول بارز بالبنك هذا النجاح، إلى متانة الاقتصاد السعودي ومتانة وقوة البنك وقدرته على تحديد تسعير منافس، بجانب التصنيف الائتماني، الذي حصل عليه البنك من قبل وكالات الائتمان العالمية، مبينا أنه تم رفع رأسمال البنك مؤخرا إلى 2.4 مليار دولار، أما حجم الأصول، فيبلغ نحو 37.3 مليار دولار، فيما يبلغ حجم المطلوبات 32 مليار دولار، في الوقت الذي تصل فيه حقوق الملكية إلى 5.3 مليار دولار. وقال فيليب توشارد المدير المالي للبنك السعودي - الفرنسي لـ«الشرق الأوسط»: «البنك السعودي - الفرنسي، يولي اهتماما كبيرا بالمصرفية الإسلامية، حيث إن 48 في المائة من التمويل الذي يقوم به البنك، قائم على المصرفية الإسلامية والتمويل الإسلامي».

وفي ما يلي الحوار الذي أجرته «الشرق الأوسط» مع فيليب توشارد المدير المالي للبنك السعودي - الفرنسي بالعاصمة السعودية الرياض.

* إلى أي مدى يولي البنك السعودي - الفرنسي اهتماما بالمصرفية الإسلامية؟

- بالطبع البنك السعودي - الفرنسي، يولي اهتماما كبيرا بالمصرفية الإسلامية، حيث إن 48 في المائة من التمويل الذي يقوم به البنك، قائم على المصرفية الإسلامية، والتمويل الإسلامي، والقائم هو الآخر على أسس الشريعة الإسلامية، وما يعزز ذلك، توجه البنك الآن نحو الإيفاء الكامل بالطلب الكبير الذي يلبي رغبات العملاء من حيث القروض الإسلامية والمنتجات الإسلامية، خصوصا في مجال الشراكة والشركات والقروض التمويلية الأخرى وغيرها.

* هل هناك منتجات إسلامية بعينها يقوم عليها البنك السعودي - الفرنسي حاليا؟

- لدينا منتجات إسلامية قائمة أصلا، ومنها منتجات تورق ومنتجات مرابحة ومنتجات مشاركة وغيرها من المنتجات الإسلامية، وهي منتجات متوفرة لقطاع الشركات، وكذلك يتوفر لدى الأفراد، في شكل قروض ومنتجات إسلامية.

* هل للبنك كوادر مصرفية إسلامية ورجال هيئات شرعية يقومون على أمر توجهه نحو المصرفية الإسلامية وطرح الصكوك الإسلامية.. أم ما زال يعتمد على كوادره المصرفية التقليدية في ذلك؟

- ما أستطيع قوله إن المصرفية الإسلامية خيار موجود في البنك السعودي - الفرنسي، بجانب المصرفية التقليدية، كما أن للبنك عملاء لكلتا المصرفيتين، ولذلك فالبنك يقوم بتوفير طلبات كلتيهما، علما بأن لدى البنك هيئة شرعية تعمل على مراجعة المنتجات التي تحمل الطابع الإسلامي، بالإضافة إلى أن اللجنة الشرعية تقوم بواجبها تماما، مثلها مثل نظيراتها في البنوك السعودية.

* هلا حدثتنا عن تجربة البنك الحديثة في إصدار الصكوك الإسلامية؟

- بفضل جهود كبيرة ومقدرة، انتهينا في البنك السعودي - الفرنسي مؤخرا، من طرح صكوك لغرض تمويل مشاريع الإقراض بقيمة تبلغ 750 مليون دولار، وهذا طبعا بعد أن قمنا برحلة تسويقية في بداية الأسبوع الثاني من مايو (أيار) 2012، بدأت من الرياض ودبي وأبوظبي وكوالالمبور وسنغافورة وانتهت بلندن، حيث وجدنا استجابة وإقبالا كبيرا من قبل العديد من المستثمرين، الذين يقوم استثمارهم على التمويل الإسلامي، خصوصا في لندن. وبذلك حققت مستوى منخفضا من العائد، حيث بلغ 2.947 في المائة، بالإضافة إلى الإقبال الكبير، الذي حظيت به، فالنجاح جاء على غير المتوقع، حيث حقق سجل الأوامر 4 مليارات دولار في أول 12 ساعة انطلق فيها، وهذا هو الذي يحدد تسعير الصكوك.

* ما الأسباب التي جعلت البنك السعودي يحقق نجاحا كبير في أولى الصكوك الإسلامية؟

- أعتقد أن هذا النجاح الكبير الذي تحقق مؤخرا كان بسبب متانة الاقتصاد السعودي أولا، وكذلك بسبب متانة وقوة البنك السعودي - الفرنسي، وقدرته على تحديد تسعير منافس، بجانب التصنيف الائتماني للبنك من قبل وكالات الائتمان العالمية، مثل «موديز» و«فيتش» وغيرهما، عند مستويات عالية جدا واستقرار تام، وأنا أعتقد أن هذه العوامل مجتمعة، تضافرت وانتهت بنا إلى هذا النجاح المنقطع النظير.

* ما القناعات التي قادت البنك لتبني الفكرة من أصلها؟

- نعم هناك ما أقنعنا في البنك بتبني فكرة إصدار صكوك إسلامية، ذلك لأننا نعتقد أن الصكوك منتج جيد، بجانب أن البنك يحتاج للدولار بصفته عملة، بالإضافة إلى رغبتنا في البنك في الوصول إلى المؤسسات المالية العالمية من خلال هذا الطرح، الذي لفت الأنظار وأصبح عليه إقبال كبير وقوي على مستوى العالم.

* هل هناك مشروع مستقبلي بناء على الإقبال على هذا النجاح الذي حققته الصكوك التي أصدرها البنك مؤخرا؟

- هذا يعتمد بشكل أساسي على مدى احتياج البنك السيولة بالدولار أو العملة الصعبة الأخرى، حيث في حالة الحاجة، سيتم الطرح للصكوك مرة أخرى لتمويل المشاريع التي يتم حولها توافق، عند الطلب عليها، وبالتالي أكيد سيكون هناك طرح ثان وثالث، ولكن لن يكون ذلك عملية أوتوماتيكية، بقدر ما هي عملية وقتية، يحكمها حجم الاحتياج، الذي يقع على البنك.

* هل ما حققه طرح البنك في الحصول على 4 مليارات دولار في أول إصدار له للصكوك الإسلامية حفز البنك ليحدد مدى معينا من القيمة المستهدفة في مدى مستقبلي معين؟

- بطبيعة الحال ما حققه البنك في طرحه الأخير، يشجع على طرح جديد، ولكن كما قلت لك، فإن ذلك يحدده حجم الاحتياج للبنك من العملة الصعبة، وعموما، يتوقف الأمر على إدارة السيولة في البنك، وذلك لأن الاقتصاد السعودي اقتصاد قوي ومتين ومشبع بالسيولة ومشجع للاستثمار، ولذلك من الصعوبة بمكان تحديد وقت معين لطرح صكوك أخرى. من جهة أخرى، فالبنك يهتم جدا بعنصر المخاطرة، حيث يدير المخاطر في مجال الائتمان بطريقة قوية جدا مع الشكر الخالص للجهات التنظيمية بدءا من «ساما» وغيرها، وبالطبع، فإن البنك يحاول تطبيق المعايير العالمية سواء كانت ذلك «بازل1» أو «بازل2» أو «بازل3» أو غيرها من المعايير العالمية، خصوصا في ما يتعلق بمجال المخاطرة، ولذلك، فالبنك يدير المخاطر بشكل ممتاز، الأمر الذي جعله يحقق نموا مستقرا وثابتا، حيث ينمو البنك ينمو بطريقة ممتازة على مستوى المؤسسات المالية في السعودية، أو على مستوى السوق العالمي.

* ما حجم رأسمال البنك الذي يعمل به الآن؟

-تم رفع رأسمال البنك السعودي - الفرنسي في 7 أبريل (نيسان) الماضي، إلى 2.4 مليار دولار (9 مليارات ريال)، أما حجم الأصول، فيبلغ نحو 37.3 مليار دولار (140 مليار ريال)، فيما يبلغ حجم المطلوبات 32 مليار دولار (120 مليار ريال)، في الوقت الذي تصل فيه حقوق الملكية حتى 5.3 مليار دولار (20 مليار ريال).

* في ظل توجه عالمي للتعاطي مع المصرفية الإسلامية ساعدت فيه الأزمة المالية.. هل للبنك أي توجه في هذا المجال لنشرها في بلاد أوروبا وغيرها من أنحاء العالم؟

- أولا، لا بد هنا من الإشارة إلى علاقتنا الممتازة مع المجموعة المالية العالمية الفرنسية «كريدي أغريكول»، فهي الشريك الاستراتيجي، حيث تملك 31 في المائة من رأسمال البنك، وبالتالي، فالبنك امتداد لها، كما هي امتداد للبنك على صعيد المنتجات الإسلامية التي أثبتت نجاحها في أوروبا، وهذا التوجه يقوم عليه البنك بشكل يجعل كلا المنتجين الإسلامي والتقليدي متوفرا لدينا في البنك، ما دامت لدينا الآن طلبات عالية لكلا عملائهما.

* بهذه المناسبة، ليتك تحدثنا قليلا عن البنك السعودي - الفرنسي من حيث الفكرة والتأسيس؟

- تأسس البنك السعودي - الفرنسي، بوصفه شركة مساهمة سعودية، بموجب المرسوم الملكي الصادر بتاريخ 4 يونيو (حزيران) 1977م، ويجدر بي أن أشير إلى أن للبنك شراكة عالمية، حيث يرتبط البنك السعودي - الفرنسي بشراكة استراتيجية مع «كريدي أغريكول» بنك التمويل والاستثمار، الذي يمتلك تحديدا 31.1 في المائة، من رأسمال البنك، ويعتبر أحد الأعضاء البارزين في مجموعة «كريدي أغريكول»، الذي كان أول بنك يؤسس في فرنسا، ويعد واحدا من أكبر سبعة بنوك عالمية في منطقة اليورو، من حيث الحجم الإجمالي لحقوق المساهمين.

* وما الأهداف والنشاطات التي يعمل عليها البنك السعودي - الفرنسي؟

- تتمثل أهداف البنك السعودي - الفرنسي في تقديم كل أنواع الخدمات المصرفية التجارية للعملاء المحليين والدوليين، ونسعى إلى تكوين علاقات عمل وثيقة وطويلة المدى مع كل العملاء واكتساب ولائهم من خلال تقديم الخبرات المصرفية المتميزة والحلول المالية المبتكرة.

* وماذا عن انتشار البنك في السعودية؟

- بالتأكيد البنك يتمتع بانتشار مدروس في السعودية، حيث يقع مركزنا الرئيسي في مدينة الرياض، ولدينا ثلاث إدارات إقليمية، في كل من جدة والرياض والخبر بالإضافة إلى 84 فرعا و18 فرعا نسائيا و12 فرعا فرنسيا «كونيكشن» من فروع الخدمة الذاتية، كذلك 424 جهاز صراف آلي، و5128 من أجهزة نقاط البيع في كل مدن السعودية، بينما بلغ مجموع نقاط البيع للتجار 5432. وهناك 107 أجهزة للإيداع النقدي، ووصل عدد موظفي البنك السعودي - الفرنسي حتى نهاية 2011 إلى 2609 موظفين.

* وهل تعتقد أن الانتشار المكاني والخدمي يواكب النشاط الاجتماعي للبنك؟

- بصفته عضوا فاعلا في المجتمع، يدعم البنك الجهود الحثيثة للحكومة السعودية في برامج الإصلاحات الاقتصادية والتنمية المحلية الرامية إلى تدعيم الاقتصاد وتعزيز رفاه المجتمع، كما يرتبط مع وزارة الشؤون الاجتماعية بمذكرة تعاون لدعم برامج وأنشطة الوزارة وتوحيد جهود العمل الخيري، وتوجيه التبرعات والمساعدات، التي يقدمها البنك من خلال الوزارة، والتنسيق بشأن توزيعها، والمشاركة في الحملات الإعلامية الهادفة إلى التوعية الاجتماعية، كما تهدف المذكرة إلى تبادل الأفكار بشأن العمل الخيري ومد جسور التعاون بين الجهتين في إطار مشاركة القطاع الخاص ومؤسساته في دعم جهود القطاع العام.

* إلى أي حد أنت راض عن ريادية البنك في المنطقة؟

- أؤكد أن البنك حقق نموا متواصلا على مر السنوات، مما أسهم في دعم قوته المالية وموقعه الريادي في السوق السعودية، وجعله يتبوأ مركزا متقدما، بوصفه إحدى المؤسسات الوطنية الحديثة والفاعلة، والمؤهلة تماما لمواجهة تحديات المستقبل، وفي مجال الخدمات المصرفية الإسلامية، فإن البنك السعودي - الفرنسي قطع شوطا كبيرا في تطوير منتجات وفروع وخدمات تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، وتقديم منتجات بديلة لمعظم المنتجات التقليدية في مجال الخدمات المصرفية للشركات والأفراد وخدمات الاستثمار والخزينة، كما أن البنك السعودي - الفرنسي، يلعب دورا قياديا في تقديم خدمات المشاركة والإجارة والتورق لعملائه من الشركات.

* وهل أنت راض عن الأرباح التي حققها البنك حتى الآن؟

- بالتأكيد نحن راضون عن أداء البنك ونطمح في المزيد، حيث حقق البنك السعودي - الفرنسي دخلا صافيا بلغ 2.9 مليار ريال سعودي للسنة المالية المنتهية في 31 ديسمبر (كانون الأول) 2011، كما بلغ العائد على السهم مبلغا وقدره 4.03 ريال سعودي للعام 2011.

* كيف ترى التشريعات التي صادق عليها البرلمان الفرنسي مؤخرا في ما يختص بالاستعانة بالمصرفية الإسلامية وقوانينها في النظام المالي الفرنسي وكيف ترى مثيلاتها في البلاد الأخرى؟

- هذا توجه فعلا مطروح وموجود في فرنسا، ولكنه محصور في المستوى المؤسساتي الحكومي وليس على مستوى الأفراد، بخلاف ما هي عليه الحال في بعض البلاد الأوروبية الأخرى، التي بدأت مؤخرا الاهتمام بالمصرفية الإسلامية بشكل موسع ولافت، كما هي الحال في لندن.

* هل رأيت أي أثر للأزمة المالية العالمية على القطاع المالي والمصرفي السعودي؟

- أستطيع أن أقول إجمالا إن السعودية لم تتأثر بالأزمة المالية العالمية ولا حتى بالديون الأوروبية، فضلا عن عدم تأثر القطاع المالي والمصرفي السعودي هو الآخر بها، نظرا لأن السعودية تتمتع باقتصاد قوي ومتنوع، ونظرا للتشريعات المالية القوية الصادرة من قبل «ساما» والجهات التنظيمية الأخرى.. لم يتأثر القطاع المالي السعودي؛ بل لم يظهر أي تأثير حتى على حياة المجتمع السعودي وحياة المواطن العادي.

* في ختام هذا اللقاء، ماذا تقول؟

- أقول بكل وضوح، إن متانة الاقتصاد السعودي وقوة التشريعات التنظيمية المالية التي تطبقها «ساما»، وكذلك المتانة والتسعير اللذان يتمتع بهما البنك السعودي - الفرنسي، وفق تصنيف وكالات الائتمان العالمية.. كل ذلك عكس مدى النجاح والإقبال اللذين حظيت بهما الصكوك التي تم طرحها في الأيام الماضية.