الرئيس التنفيذي لبنك مسقط في الرياض: أسلمنا مصرفية الأفراد وإدارة الخزينة

أحمد البلوشي: بنك مسقط استحوذ على 45% من السوق العمانية وله ذراع استثمارية في السعودية والهند

البنك المركزي العماني («الشرق الأوسط»)
TT

يزعم مسؤول مصرفي عماني، أن سلطنة عمان استطاعت أن تحجز مقعدها في عالم المصرفية الإسلامية بعد طول غياب، وذلك من خلال قيام مصرفيين إسلاميين، كانا قد حصلا على التراخيص اللازمة من البنك المركزي العماني، وهما بنك نزوى وبنك عز الدولي، وهو ترخيص متكامل، بهدف أن يكونا بنكين إسلاميين بنسبة 100 في المائة، وكلاهما ينتمي للقطاع الخاص.

وقال أحمد فقير البلوشي، الرئيس التنفيذي لبنك مسقط فرع الرياض، في حوار خاص لـ«الشرق الأوسط»: «إن السلطنة استعدت للانطلاقة في مجال المصرفية الإسلامية، بعد أن بعد أن تزودت بخبرات وتجارب كبيرة في هذا المجال، خلال زيارات متكررة لها لعدد من الدول التي أسست لتجارب جديرة بالاهتمام في هذا المجال، مثل ماليزيا والسودان وباكستان والسعودية، تحاول من خلالها أن تتعاطى مع إيجابيات مع البحث لمعالجة لما تعتريها من تحديات تواجه المصرفية الإسلامية بشكل عام».

وفي السياق نفسه، أوضح البلوشي، أن فرع بنك مسقط في الرياض انطلق، بعد أن حصل تصريح العمل، من قبل مؤسسة النقد العربي السعودي، في عام 2007، حيث تم البدء في العمليات المصرفية للفرع بكافة أقسامها، ومن ثم تم ربطها بشبكة البنوك العاملة في السعودية».

هذا ويأتي التوجه العماني نحو المصرفية الإسلامية في وقت، بدأت فيه أغلب البنوك التقليدية الموجودة في السلطنة، في اتخاذ إجراءات الحصول على تراخيص، تخولهم لافتتاح أقسام مستقلة للمصرفية الإسلامية، على نظام النافذتين، علما بأن بنك مسقط، يعد أكبر بنك في السلطنة، ويعمل عبر 135 فرعا وأكثر من 500 جهاز صراف آلي، ويطمح في زيادة مساحات نشاطه، حيث يتطلع لافتتاح فروع إضافية للبنك، وحاليا تصل حصة هذا البنك في السوق العمانية، إلى 45 في المائة، وفيما يلي تفاصيل الحوار:

* في البداية.. هلا حدثتنا عن بنك مسقط من حيث التأسيس والأهداف ومساحات امتداد أعماله؟

- يعتبر بنك مسقط أكبر البنوك العاملة في سلطنة عمان، ولديه حتى هذا اليوم 135 فرعا وأكثر من 500 جهاز صراف آلي، ويطمح في زيادة مساحات نشاطه، وذلك من خلال العمل على افتتاح فروع إضافية له، وحاليا تصل حصة هذا البنك في السوق العمانية، إلى 45 في المائة، وما زال يمارس البنك هذه الرغبة، بهدف الحصول على مزيد من التوسع والانتشار بأكبر قدر ممكن، على امتداد دول مجلس التعاون الخليجي خاصة، والأسواق العالمية بشكل عام، وأشير هنا إلى أنه تم على مستوى الدول الخليجية، افتتاح فرع البنك بالسعودية مؤخرا، كما أننا استحوذنا على بنك في البحرين، وتم كذلك إنشاء بنك مستقل، وهو «بي إم آي» والذي لديه 8 فروع حاليا، ويمتلك بنك مسقط فيه نسبة مقدرة منه، بالإضافة إلى أنه تم افتتاح فرع للبنك في الكويت، أما عالميا فللبنك أيضا شركات وأذرع استثمارية تشهد توسعا مستمرا، حيث لدينا شركة استثمارية للوساطة، تمارس نشاطها في الهند وهي شركة «منقل كيتشاف».

* ما الدور الذي تقوم به حاليا في العاصمة السعودية الرياض بوصفك الرئيس التنفيذي لبنك مسقط بالرياض؟

- بطبيعة الحال قمنا بتأسيس فرع بنك مسقط بالرياض، وذلك بعد حصول البنك على تصريح مؤسسة النقد العربي السعودي، هيأنا له بيئة العمل بشكل مدروس، في كافة ما يتعلق بممارسة جميع العمليات المصرفية التجارية المتعلقة بالشركات، بجانب مصرفية الأفراد وإدارة الخزينة، كجزء أساسي من نشاطنا بشكل عام، كما يحضرني أن أشير إلى أن لدينا ذراعا استثمارية مهمة، وهي شركة مسقط المالية، والحاصلة بدورها على ترخيص من هيئة السوق المالية، شاملة الوساطة والاستشارة وإدارة الأصول وإدارة المحافظ إلى ما إلى ذلك من مجالات ذات صلة.

* ولكن من الواضح أن بنك مسقط ركز بشكل أساسي على السعودية.. ما السر في ذلك؟

- بطبيعة الحال كان لا بد لنشاطنا في السعودية يكون ذا صفة مميزة وموسعة، وذلك لأن السوق السعودية، تعد إحدى أكبر الأسواق في المنطقة، والتي تشهد طفرة في التنمية ونقلة في مرحلة ازدهاره، غير أننا في مجالنا تم التركيز على نشاط المصرفية في الشركات بشكل خاصة، وذلك لأن هذا القطاع من الأعمال يتميز بأنه مدعوم بالصرف الحكومي للمشاريع، علما بأن هناك احتياجا واضحا لدى الشركات العاملة في هذه السوق الكبيرة، تحديدا في مجال خدمات المصرفية والتمويل اللازم، الأمر الذي جعل نشاطنا يبدو كبيرا جدا، ازداد مع مرور الأيام خاصة في آخر عامين في قطاع الشركات.

* كيف انطلقت أعمال بنك مسقط بالرياض وما آلية وكيفية عمله؟

- بدأ نشاط فرع بنك مسقط في الرياض في عام 2007، وذلك بعد أن حصل على التصريح المتعلق بانطلاقة أعماله، من قبل مؤسسة النقد العربي السعودي، حيث إن بدء النشاط كان نتيجة التنسيق المستمر بيننا كبنك، مع فريق عمل المؤسسة في جميع المجالات كجهة مسؤولة، وبكل وضوح أستطيع أن أقول إنهم بذلوا جهدا مقدرا في سير عملياتنا البنكية، إذ على أثر ذلك، تم البدء في العمليات المصرفية للفرع بكافة أقسامها، ومن ثم تم ربطها بشبكة البنوك العاملة في السعودية، أما فيما يتعلق بذراع البنك الاستثمارية، فهي ممثلة في الشركة الاستثمارية التابعة للبنك وهي شركة مسقط المالية، حيث بدأنا في إطلاق نشاطه في عام 2010.

* برأيك ما أهم المنجزات بنك مسقط فرع الرياض حتى الآن؟

- كثيرة هي الإنجازات التي حققناها من خلال هذا الفرع في السعودية، ولكن دعني أقل لك بشيء قليل من التفاصيل، إنه لوحظ أن الأصول في فرع البنك في الرياض نمت بشكل لافت، حيث وصلت تقريبا إلى ما يقدر بـ55 في المائة من نمو الأصول، في الفترة الممتدة من 2010 حتى 2011، وبرأيي هذا مؤشر قوي للنمو السريع الاقتصادي الذي شهدته السوق السعودية في 2010، ويعود ذلك بطبيعة الحال، إلى الدعم الحكومي المتنامي، وما زلنا نتوقع زيادة أكبر في نسبة النمو في عام 2012، في الوقت الذي نمت فيه علاقات البنك بشكل كبير مع عدد من الجهات الحكومية والخاصة، غير أن البنك ركز في علاقاته الممتدة، مع الشركات شبه الحكومية الموجودة والعاملة في السوق السعودية، بما في ذلك الشركات العاملة في قطاع المقاولات، كما أن لدينا علاقة مقدرة مع الشركات العاملة في القطاع الصحي وكذلك الشركات العاملة في قطاع التصنيع.

* هل لنا من تقديرات توضح ذلك؟

- لم يتم حتى الآن حصر هذه التقديرات بشكل نهائي، ولكن أستطيع أن أقول إننا نتوقع زيادة كبيرة في نسبة النمو هذا العام، تؤدي بدورها إلى زيادة في الأصول، تكون مقاربة أو تزيد على السنة الماضية.

* هل نستطيع القول إن بنك مسقط فرع الرياض إسلامي متكامل بنسبة 100 في المائة؟

- كما ذكرت لك في أعلى هذا الحوار، فإن البنك استعان بخبرات كبيرة ومتعمقة في المصرفية الإسلامية الموجودة في السعودية، حيث تمت مراجعة وإقرار المنتجات، التي يقدمها البنك، وذلك من ناحية مطابقتها للمصرفية الإسلامية.

* إجرائيا وقانونيا.. إلى أي جهة تتبعون وما علاقتكم بمؤسسة النقد السعودي؟

- نحن في الأساس فرع حاصل على ترخيص من مؤسسة النقد العربي السعودي، وبالتالي نمارس العمل المصرفي كأي بنك محلي في السعودية، ولذلك فإن مرجعية البنك المباشرة تعود إلى مؤسسة النقد العربي السعودي، كما أننا ومن خلال التعامل المباشر مع المسؤولين وفرق العمل في المؤسسة، وجدنا كل التأييد والدعم الكافيين من قبلهم، مولين كل التقدير والاعتزاز لهذه العلاقة المهنية الجيدة، ومؤملين دوام التواصل والتطوير في ما يخدم العمل المصرفي بشكل عام.

* وماذا تقول عن الرقابة التي تضبط عمل البنك ومن أين يستمدها هي الأخرى؟

- طبعا الرقابة عنصر مهم جدا في مسيرة العمل المصرفي، لأنها تعتبر بمثابة المقّوم لبعض الخلل الذي قد يحدث من دون قصد، ولذلك أقول إن الرقابة المباشرة والمستمرة من قبل مؤسسة النقد العربي السعودي، نتلقاها بكل شفافية ونعيرها كل اهتمامنا كأي بنك محلي، إضافة إلى اهتمامنا بشكل كبير، بتقديم تقارير معينة للمكتب الرئيسي والبنك المركزي العماني في السلطنة.

* حدثنا عن اتجاه سلطنة عمان لاعتماد المصرفية الإسلامية في أسواقها؟

- من المؤكد أن سلطنة عمان تقدمت خطوات جبارة في طريق الاستفادة من مزايا المصرفية الإسلامية، حيث إنها تؤسس حاليا لقاعدة انطلاق للمصرفية الإسلامية، وكنا قد أنشأنا فرعا لبنك مسقط في الرياض كما تعلم، وقمنا بالاستعانة بخبرات كبيرة في مجال المصرفية الإسلامية، إذ يعتبر بنك مسقط فرع الرياض من أوائل المصارف في سلطنة عمان، التي تقوم بتوفير خدمات إسلامية لعملائنا، وبلا أي نوع من التردد أخذنا معنا هذه الخبرات للسلطنة، وكنا قد أنشأنا قسما مستقلا للمصرفية الإسلامية بالبنك، وهو جار العمل فيه، سيتم الانتهاء منه خلال الأشهر القليلة المقبلة، وأما على مستوى السلطنة بشكل عام، فإنه يوجد لدينا مصرفيان إسلاميان، كانا قد حصلا على التراخيص اللازمة من البنك المركزي العماني، وهما بنك نزوى وبنك عز الدولي، حيث حصلا على التراخيص اللازمة من البنك المركزي العماني وهو ترخيص متكامل، بهدف أن يكون بنك إسلاميا بنسبة 100 في المائة، وكلاهما يعتبر من القطاع الخاص، في وقت قد بدأت فيه أغلب البنوك التقليدية الموجودة في السلطنة في إجراءات الحصول على تراخيص، تخولهم لافتتاح قسم مستقل للمصرفية الإسلامية، ومن المتوقع أن تشهد المصرفية الإسلامية في السلطنة خلال العامين المقبلين نشاطا ونموا كبيرا، الأمر الذي سيحدث نقلة كبيرة في القطاع المصرفي هناك، وخاصة فيما يتعلق بقسم مصرفية الأفراد.

* برأيك لماذا اتجهت السلطنة لاعتماد المصرفية الإسلامية؟

- من وجهة نظري فإن المصرفية الإسلامية أصبحت خيارا منافسا ليس فقط في السلطنة فقط، بل في سائر البلاد الخليجية وأبعد من ذلك بعض البلاد الغربية، ولذلك تبقى مسألة توفير الخيارات والتنوع في طرح المنتجات الاستثمارية المتعددة، مسألة مهمة لأنها تحقق شيئا من تطلعات المستفيدين تلبية، وبالتالي يأتي خيارها منسجما مع حاجة السوق، في ظل السعي الحثيث الذي يهدف إلى خلق بيئة تنافسية مصرفية متعددة الخيارات.

* ما التحديات التي تواجه نشر المصرفية الإسلامية في سلطنة عمان وما توقعاتك لها؟

- أنا لا أعتقد أن هناك تحديات بالمعنى الذي يوحي بانتكاسة تمدد المصرفية الإسلامية، أكثر من كونها إيجابيات، وذلك لأن الجهات المسؤولة في السلطنة، أخذوا يقومون بدراسة كل التجارب من كل الدول والجهات المعنية بالمصرفية الإسلامية لتمحيصها وتشخيصها بهدف الاطلاع عليها ومعرفة إمكانية تطبيقها بشكل يتفادى كافة السلبيات التي صاحبت بعضها ويستفيد من إيجابياتها في نفس الوقت، وذلك من خلال القيام بعدة زيارات متكررة لعدد كبير من الدول صاحبة التجارب المعروفة، ومنها السعودية وماليزيا وباكستان والسودان ودول أخرى، فوقفوا على هذه التجارب من حيث إيجابياتها وسلبياتها وتحدياتها، حتى يؤسسوها على نحو صحيح، وذلك بهدف بناء قوانين سليمة مستفيدة من كل الإيجابيات المستوحاة من التجارب الأخرى مع معالجة كافة السلبيات التي تشتمل عليها مع محاولة بذل المزيد من الجهد لتجاوز كافة تحدياتها، وتعلمون أن بعض الدول الأوروبية بدأت في تطبيق المصرفية الإسلامية في بعض مؤسساتها المالية، للاستفادة من مزاياها بجانب وجود موطئ قدم لها في بعض الأسواق الإسلامية وخاصة الخليجية منها.

* برأيك ما التحديات التي تواجه المصرفية الإسلامية على مستوى عالمي؟

- أعتقد أن تطوير المنتجات في المصرفية الإسلامية، لتتوافق مع متطلبات متخصصة في الأسواق العالمية، خاصة في مجال الخزينة والنقد الأجنبي على سبيل المثال تمثل تحديا كبيرا، ولكن مع العمل الجاد والرغبة في التغلب على ذلك سوف نحقق الحلول المناسبة، أما على مستوى تصميم المنتج المصرفي الإسلامي نفسه، أعتقد أنه ما زال يعاني بعض الرداءة ويرجع ذلك لعدة أسباب، وبشكل متفاوت من بنك إسلامي إلى آخر، ومنها نقص الكوادر المؤهلة للعمل في هذا الجانب في مجال المصرفية الإسلامية، في ظل شيوع بعض الأخطاء الشرعية، واختلاف بعض الفتاوى في مصير بعض المنتجات، الأمر الذي يلح بإلحاح، بضرورة توفير كوادر مؤهلة ومدربة من حيث المهنية الاقتصادية والشرعية على حد سواء، وهذا بطبيعة الحال يتطلب خطوات معينة ليكون متوافقا مع الشريعة، ولو ضبطت مثل هذه الخطوات عبر أنظمة المعلومات على سبيل المثال، لتفادينا كثيرا من الأخطاء المهنية المصرفية والشرعية.

* كيف تنظر إلى مستقبل المصرفية الإسلامية؟

- أعتقد أن المستقبل للمصرفية الإسلامية، حيث إن كافة المؤشرات تدل على ذلك، خاصة في قطاع الأفراد أو قطاع الشركات سواء في سلطنة عمان أو في دول أخرى، في ظل حاضر لها يعتبر جيدا، قياسا على المؤشرات في هذا الخصوص.