خبراء اقتصاديون: التمويل العقاري القائم حاليا الخاسر الأكبر من بين جميع المنتجات الإسلامية

اعتبروا تحديد حجم تأثير الأزمة المالية يجنب عملاء المصرفية الإسلامية الوقوع في التعثرات

TT

أثار خبراء اقتصاديون، حفيظة المتطلعين إلى تمويل عقاري إسلامي رابح، مبينين أن التمويل العقاري القائم حاليا، يعتبر الخاسر الأكبر من بين جميع المنتجات الإسلامية الأخرى، معزين ذلك لمحاصرته بمخاطر تحتاج لنوع معين من المعالجات، والتي ترتكز بشكل أساسي على أعمال معايير وأنظمة أكثر قوة في إدارة المخاطر، وتقوم على الحلول التمويلية المبتكرة وتعزيز الشفافية، بما يبعد العميل عن شبح التعثر.

ودعا الخبراء الاقتصاديون القائمين على أمر المنتجات المصرفية الإسلامية، أن يحددوا بشكل دقيق ومفيد حجم التأثير القائم والمتوقع من انعكاسات الأزمة المالية العالمية خلال العامين الماضيين، مبينين أن هناك مخاطر تتهدد المنتجات المصرفية الإسلامية والتمويلات الإسلامية، بسبب ضعف السيولة وتذبذب أسعار النفط وتراجع أسعار ونوعية الأصول وتوريق الديون بشكل يتسم بكثير من الزيف والتضليل.

من ناحيته طالب الخبير المصرفي الدكتور عبد الرحمن باعشن رئيس مركز الشروق للاستشارات والدراسات الاقتصادية بجازان بالسعودية، بضرورة الإقرار بحجم التأثيرات العكسية للأزمة، مع تأكيده على أن الفرصة مواتية لأن تبرز مميزات المصرفية الإسلامية ومنتجاتها بالشكل الأفضل والحقيقي، داعيا في الوقت نفسه إلى أهمية العمل على تطوير المنتجات الإسلامية الصامدة منها حتى الآن، وبعث الروح في الضعيف منها، مع توفير خيارات أخرى أكثر كفاءة، تتوافق مع المقاصد الإسلامية، وتستوعب مستجدات العصر.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن الركون إلى نشر الوعي بأهمية ومميزات المصرفية الإسلامية ومنتجاتها وتمويلاتها والاستثمار فيها، لا يمكن أن يحقق نجاحا دون أن يتواكب ذلك مع عمل تنسيقي بين المؤسسات المالية الإسلامية والجهات الرقابية فيما يتعلق بأي مستجدات وتطورات في المنتجات والحلول المبتكرة».

وشدد على ضرورة الابتعاد من التركيز على منتج واحد، والعمل على التنويع في حالة طرح الخيارات بمزيد من الحلول التمويلية الإسلامية المبتكرة، مبينا أن شأن ذلك تحقيق درجة من الأمان من المخاطر المحتملة، مؤكدا في الوقت نفسه أن الأزمة المالية العالمية، فرصة ذهبية لتدارك أوضاع المصرفية الإسلامية، بعد الاستفادة من هذه الأزمة بعد التمسك بتجنب أسبابها وآثارها ونتائجها السالبة.

ولفت باعشن إلى أن دعوته للتنويع والابتكارات، لا تعني الأخذ فقط بأسباب التحوط والاحتراز والابتعاد عن كل ابتكارات جديدة دون أن تستوفي شروط موافقتها للقوانين الإسلامية، لأن - برأيه - أن القائمين على أمر المصرفية والمنتجات التقليدية، سوف يبحثون هم الآخرون عن قدرات وكفاءات تطوع منتجاتهم بشكل قد يكون في تحايل على المنتجات الإسلامية.

ويعتقد أن هناك فرصة لتشخيص حجم التأثير للأزمة على بعض المنتجات الإسلامية وعلى رأسها التمويل العقاري، مبينا أن الأخير يعتبر أكثر خسارة في بعض البلدان الخليجية، لافتا إلى أنه مع تضخم المحافظ الخاصة بالتمويل العقاري، وارتفاع أسعار العقار غير المبرر خلال الأعوام الأخيرة، من شأنه أن يدخل حلقة جديدة من حلقات الركود والذي أخذ صفة العالمية، مشيرا إلى أن انخفاضا واضحا حدث لأرباح بعض البنوك التي تعمل في هذا المجال.

وأما المستشار الاقتصادي محمد الحمادي، حمل جزءا من مسؤولية تعثر المستفيدين من هذا التمويل في سداد مديونياتهم، لنقصان المعلومات الكافية لشرح ومعالجة وضع المستفيد دون الدخول في حالة تعثر، والتضليل الذي تمارسه بعض البنوك أحيانا لا سيما عند الشروع في عمليات التمويل، معزيا ذلك لغياب الوعي بمخاطر الإقدام على خطوة تمويلية دون توفير شروحات كافية تبين مفاصل العملية التمويلية بشكل شفاف، في ظل غياب خيارات التنويع في الحلول التمويلية الإسلامية المبتكرة، والتي من شأنها تقليل المخاطر من الوقع في خيار أوحد لا يجد المستفيد بدا منه.

وقال: «إن ميزة البنوك الإسلامية في هذه الحالة على نظيراتها التقليدية، لم يتم الاستفادة منها بالشكل المطلوب مع أنها الأقل مخاطر لو أحسن التعاطي معها بحكم طبيعتها التي تتنافى ومبدأ الفائدة غير الشرعية، بجانب أنها لا تستثمر في القروض ولا تجارة الخيارات الآجلة أو صناديق التحوط أو البيع على المكشوف أو المضاربة»، مشيرا إلى أن أكثر المشاكل تكمن في تدني أسعار الأصول وربحيتها وليس الأصل بحد ذاته.

ويرى الحمادي أن الحديث عن التطوير والمواكبة بالنسبة للمنتجات الإسلامية والبنوك الإسلامية التي لا تفرط في الابتكار الائتماني، لن يكون له معني دون التحضير لبنية تحتية مكتملة له، بعيدا عن ممارسة أنواع مبتدعة من توريق الديون كأداة للتخلص من المخاطر، والتي لا تخرج عن كونها حلقة من حلقات التضليل التي تشجع شراء سندات الديون بفوائد مجزية، وتصنيفها على أنها استثمارات آمنة مدرة للعائد بشكل مجز.

وحذر من مغبة الانزلاق في لعاب بعض شركات الرهن العقاري، والتي تمارس نوعا من المقامرة بأموال المودعين والمستثمرين في ظل غياب تام للرقابة وضوابط الإشراف، مشددا على أنها تسببت بشكل مباشر في محاولة التشبه بالحقيقة، في حين إنها ما هي إلا مشتقات مالية تلتف حول المعايير والأنظمة الرامية إلى ضمان كفاءة الاقتصاد وسلامة النظام المصرفي من المخاطر بشتى أنواعه، مشيرا إلى أن الشريعة الإسلامية لا تبيح بيع الدين بالدين والغرر والإجحاف والظلم والجهالة والغش.

إلى ذلك دعا الحمادي المعنيين بخدمة المصرفية الإسلامية، إلى ضرورة إعادة النظر في المنتجات الإسلامية الضعيفة أو المشبوهة، والعمل على معالجتها ومطابقتها للمعايير الإسلامية، والعمل على تعزيز التنسيق بين المؤسسات المالية الإسلامية والجهات الرقابية فيما يتعلق بأي مستجدات وتطورات في المنتجات والحلول المبتكرة، وتوحيد المرجعية القانونية، والتي يرى أنها أس العملية برمتها.