خبير مصرفي: المصارف الإسلامية مطالبة بالاحتفاظ برأسمال كاف تحسبا لخسائر غير متوقعة وانهيار اقتصادي مقبل

الباحث إدريس عزا ارتفاع عوائدها لزيادة نمو ودائعها واستقطابها لشرائح جديدة

TT

عزا باحث مصرفي ارتفاع العوائد، الذي شهدته بعض المصارف الإسلامية مؤخرا، إلى الزيادة المطردة في نمو الودائع، من خلال جذب مع ارتفاع عوائدها على الاستثمار، بجانب استقطابها لشرائح جديدة لم تكن موجودة أصلا داخل دائرة النشاط الاقتصادي، خاصة بعد ميلاد شركات الاستثمار الإسلامية بتخصصاتها الكثيرة، بالإضافة إلى ظهور المؤسسات الاجتماعية والتعليمية والهيئات الخيرية.

وأوضح الباحث المصرفي الصادق إدريس، أن تلك المصارف التي عظمت عوائدها، أسست بنية تحتية تستهدف من خلالها، تعزيز قيمة استثمارات مساهميه من خلال هيكل مثالي لرأس المال، من شأنه حماية مصالح الجهات المستفيدة، تحت أقسى الظروف، ما مكنها من إتاحة مجال واسع وكاف للنمو، في الوقت الذي لبت فيه المتطلبات النظامية، ومن ثم تحقيق عوائد معقولة للمساهمين.

وزاد أن هناك ثلاثة أهداف رئيسية لإدارة رأس المال من شأنها تعزيز موقف المصارف الإسلامية مستقبلا وتحقيق المزيد من النمو والعوائد، منها ضرورة ابتداع آليات مهمتها تأمين الاستقرار المستقبلي لهذه المصارف، وذلك من خلال الحفاظ على رأسمال كاف لتغطية الخسائر غير المتوقعة والتحوط لأسباب انهيار اقتصادي.

كذلك ضرورة تعزيز الاستخدام الفعال لرأس المال، من خلال تحسين العوائد المعدلة للمخاطر، بجانب تحفيز عملية صنع القرار والإدارة المسبقة للمخاطر من خلال التوزيع الفعال لرأس المال على قطاعات العمل، بالإضافة إلى رفع مستوى قدرات المصارف الجاذبة للمدخرات، ومن ثم رفع عوائدها على الاستثمار، بجانب استقطابه لشرائح جديدة من داخل دائرة النشاط الاقتصادي، مع أهمية تنشيط أذرع أخرى مساندة لها، سواء كان ذلك في شكل شركات استثمارية تشمل كل التخصصات، أو تخصيص مؤسسات اجتماعية وتعليمية وهيئات خيرية، ترتفع بمستوى مسؤولياتها الاجتماعية إلى أقصاها.

ويعتقد الباحث أن المصارف الإسلامية تتمتع بميزات توفرها الصيغة الإسلامية للتمويل، يمكن أن تشجع الكثير من الرغبات وفق الاحتياجات الموضوعية للأفراد، وهي برأيه يمكن أن تحقق عائدا أعلى لأصحاب الودائع في المجتمع، ومن ثم المساهمة بشكل فعال في تعبئة المدخرات، وتحقيق التراكم الرأسمالي المساعد للتنمية، ذلك لأنها كما يعتقد، تقوم على المرونة والسرعة والكفاءة في تدوير الموارد ومشاركة المودع في أي نسب أرباح متحققة مستحقة له.

ويعتقد الباحث أنه أمام المصارف الإسلامية دورا متعاظما، يمكن أن تلعبه في توظيف الموارد، وهو تمويل الاستثمارات، في الوقت الذي يمكنها فيه ابتداع آليات تساعد على تحصيل إيرادات عالية، من خلال تثمين وتنشيط عمليات التقسيط، وعمليات التمويل الأخرى، التي تشمل عمليات المتاجرة والمرابحة، ومن الخدمات المصرفية العادية، مثل فرق العملة والوساطة في الأسهم والحوالات.

كما يعتقد أن المتغيرات الاقتصادية العالمية، أفرزت حالة من الاستكشافات لمعالجات لأزمات قديمة - جديدة، يمكن للمصارف الإسلامية العمل على توظيفها بشكل يعود عليها بمرابحات كبيرة، منها انتعاش سوق الأسهم بعد تجاوزه فترات هبوط حادة سابقة، مشيرا إلى أنه في العادة يتم التمويل بالمرابحة من قبل الأفراد لغرض الاستثمار في سوق الأسهم، غير أن ذلك لا يؤثر على أرباح المصارف، نظرا لأن عمليات المرابحة لا تشكل سوى جزء يسير من عمليات التمويل التي تقوم بها مقارنة مع التمويل بالمتاجرة والتقسيط.

ولفت الباحث إلى أن إيرادات الوساطة في سوق الأسهم وإدارة الصناديق الاستثمارية، تشكل الجزء الأكبر من دخل الخدمات المصرفية، مبينا أن الانهيار الذي أصاب سوق الأسهم في وقت سابق كان له أثر مباشر على أداء هذه المصارف، على الرغم من زيادة الموجودات والودائع وأنشطة التمويل، الأمر الذي انعكس سلبا على أرباحها، جراء تراجع صافي إيرادات الوساطة في سوق الأسهم مع تراجع أحجام التداول، لافتا إلى أن التمويل بالمرابحة من قبل الأفراد كان يتم بغرض الاستثمار في سوق الأسهم، في الوقت الذي كانت تشكل فيه عمليات التقسيط المصدر الرئيسي لمداخيل معظم هذه المصارف.

ودعا الباحث المصارف الإسلامية إلى أن تعمل عمليات مراجعة كافية، لدراسة خبايا رفع مخصصات خسائر الائتمان، وذلك لرفع مستوى التحوط ضد الأخطار المستقبلية وتغطية القروض المتعثرة، مبينا أن المخصصات التي تبنيها البنوك مصدرها من الإيرادات، ويتم بناؤها لمقابلة أي نقص في قيمة الأصول أو لمقابلة التزامات، أو خسائر متوقعة في المستقبل، وتظهر في قائمة الدخل باعتبارها عبئا على الإيرادات، مؤكدا أن عدم تكوين المخصصات، يؤدي في النهاية إلى تضخيم الأرباح، واحتوائها على أرباح صورية، مشيرا إلى أن الأخيرة تختلف عن الاحتياطيات التي تظهر في حقوق المساهمين.