خبراء: غياب منصة عالمية موحدة وقيود العرض تحجمان نمو الصكوك الإسلامية

«إرنست ويونغ»: الصكوك الماليزية تستحوذ على 40% من إجمالي الصكوك العالمية

TT

لمح خبراء اقتصاديون وماليون إلى أنه ربما المتغيرات الاقتصادية التي تتهدد العالم بحزمة من الأزمات على مختلف الصعد، تصلح حال ومستقبل الصكوك الإسلامية، حال اهتم المعنيون بصناعة المصرفية الإسلامية بشأنها، واستهدفوا توافقية معيارية بينها وبين ما يصدر من فتاوى في حقها، مشيرين إلى ضرورة إعادة هيكل الصكوك وإجراء التعديلات اللازمة عليها من قبل الهيئات الشرعية المعنية، مع التأكيد على تضمين التعديلات في المستندات الكاملة للصكوك.

ولفت المحلل المالي عبد الرحمن البخيت، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن المتغيرات المقبلة على مفاصل البنى الاقتصادية العالمية والإقليمية تستدعي استغلال بعض الفرص الاستثمارية في مجال الصكوك، التي تقوم على أمرها بعض المؤسسات المالية الإسلامية، على مستوى منتجاتها والتي من بينها المشاركة أو المضاربة أو الإجارة.

وشدد البخيت، على ضرورة مراعاة ملاءمة النظام المالي الإسلامي، تطبيقات الصكوك الإسلامية المعاصرة التي تتجنب سوءات سندات الدين في النظام المالي والمصرفي التقليدي، والابتعاد عن الصورية في عقوده المختلفة بما في ذلك، الإجارة المنتهية بالتمليك التي تقوم عليها صكوك الإجارة المنتهية بالتمليك ويأتي ذلك في ظل صدور تقرير اقتصادي عن مركز التميز العالمي للخدمات المالية الإسلامية في «إرنست ويونغ»، توقع ازدياد الطلب العالمي على الصكوك ثلاثة أضعاف بحلول عام 2017 ليصل إلى 900 مليار دولار، مقارنة مع حجم الطلب الحالي الذي يبلغ 300 مليار دولار.

من جهته أوضح الخبير الاقتصادي الدكتور عبد الرحمن باعشن رئيس مركز «الشروق للدراسات والاستشارات الاقتصادية» بجازان السعودية، أن مثل هذه التقديرات التي تدل على مستقبل الصكوك الإسلامية شهدت مرحلة انتقالية في السعودية، على مر الأعوام الماضية، غير أنه يرى أن بعض التشريعات والإجراءات الجديدة والتي تم سنها مؤخرا في مجالات العقار في السعودية ربما يكون لها أثر مباشر في تعزيز وزيادة نمو الصكوك الإسلامية.

ويعتقد باعشن أن إقرار قانون الرهن العقاري في السعودية، الذي تمت المصادقة عليه مؤخرا، سينعكس بشكل إيجابي على سوق الصكوك، ذلك لأنه سيسهم بشكل كبير في ضخ مبالغ كبيرة من الأموال تقدر بمليارات الدولارات في قطاع التمويل العقاري، يقابلها النمو المطرد في الطلب على الأوراق المالية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، والمدعومة بأصول حقيقية عالية الجودة.

ووفق مركز التميز العالمي للخدمات المالية الإسلامية في إرنست ويونغ، فإن النمو الكبير الذي شهده قطاع الخدمات المصرفية الإسلامية مؤخرا، بالإضافة إلى زيادة الإقبال على الأوراق المالية السائلة التي تتميز بالموثوقية والمتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، قاد إلى الارتفاع المتصاعد على الصكوك الإسلامية.

من ناحيته أوضح أشعر ناظم مسؤول الخدمات المالية الإسلامية في إرنست ويونغ بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أنه تنبع أهمية الصكوك التي تمتاز بكونها منتجات مدعومة بأصول ومشاريع حقيقية، في الوقت الذي يتهدد الاقتصاد العالمي حزمة من الأزمات والديون، وهي محفوفة بقدر كبير من المخاطر، يمكن أن يؤدي إلى انهيار مالي خلال أي أحداث مفاجئة يصعب التنبؤ بها.

وأكد أن الشركات الكبرى في جنوب شرقي آسيا والشرق الأوسط، تسعى إلى الاستفادة من سوق الصكوك الدولية لجمع الأموال بطريقة متوافقة مع الشريعة الإسلامية، كما تتسابق الشركات المالية العالمية هي الأخرى، لجني الأموال، من خلال الأدوات المالية الإسلامية كالصكوك وعبر توفير منتجات متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية.

وقال، «يعتبر قطاع الصكوك المقومة بعملة الـ(رينغيت) الماليزية الأسرع نموا في السوق؛ حيث استأثر بأكثر من 40 في المائة من إجمالي إصدارات الصكوك العالمية»، مشيرا إلى نجاح ماليزيا في الاستفادة من سوق الصكوك لدعم برنامجها الخاص بتطوير البنية التحتية بشكل منتظم، جعل منها نموذجا يمكن أن تحتذي به الأسواق الأخرى الراغبة بتكرار تجربتها الناجحة.

ومن بين أكبر التحديات، التي تواجه سوق الصكوك وفق ناظم، قيود العرض، في وقت لا يزال الطلب فيه يفوق الإصدارات الجديدة التي تدخل السوق، مشيرا إلى أن غياب منصة عالمية موحدة ومفتوحة أمام جميع المؤسسات المالية الإسلامية والتقليدية لتداول الصكوك، يعد أحد العوامل الرئيسية التي تعرقل نمو هذا السوق على كبر حجمه.

واتفق العطا مع «إرنست ويونغ» إلى ما ذهبت إليه في أنه من المتوقع أن تستفيد الأسواق الكبرى مثل ماليزيا وإندونيسيا وتركيا من الطلب المتزايد على الأوراق المالية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية والمدعومة بأصول حقيقية عالية الجودة، مشيرا إلى أن الأزمة المالية العالمية، دفعت بالمجموعات الاقتصادية العالمية، إلى ضرورة البحث عن سوق أدوات الدين السائلة المتوافقة مع الشريعة الإسلامية.

ومع أن قطاع الصكوك الإسلامية ما زال يمر بعدد من التعثرات والإشكاليات من حيث التشريع والهيكلة، إلا أنه في نظر العطا يمثل نقطة انطلاقة جاذبة للعالم، نحو محاولة تعزيز عمل المؤسسات المالية الإسلامية في بلاد لم تكن تعترف بالمصرفية الإسلامية سابقا، ما من شأنه مضاعفة حجم الطلب على الصكوك الإسلامية بمئات المليارات من الدولارات.