دراسة: البنوك القطرية في مأمن من المخاطر ولديها ملاءة مالية تفوق نسبة توصيات «بازل 3»

قطر: 9 بنوك مدرجة في البورصة من أصل 25 بنكا.. منها 4 إسلامية و5 تجارية

TT

هل تستطيع البنوك الخليجية الوفاء بمتطلبات «بازل 3» أم لا؟ سؤال يخطر على بال كل خليجي.. غير أن دراسة صدرت حديثا، حاولت في إجابتها عن هذا السؤال أن تصل إلى نتيجة تنطبق على واقع البنوك القطرية والبالغ عددها 25 بنكا منها 9 بنوك فقط مدرجة في البورصة القطرية، منها 4 بنوك إسلامية و5 بنوك تجارية، ركزت في ثناياها تشخيص فحوى «بازل 1» و2 و3 لتتطرق بعده إلى مدى قدرة البنوك القطرية على الالتزام بهذه المتطلبات.

وتوصلت الدراسة التي شخّصت مدى قدرة البنوك القطرية، على تطبيق «بازل 3»، من خلال مراجعة نسبة كفاية رأس المال لعام 2011، إلى أن البنوك القطرية لديها الملاءة المالية، التي تفوق 10.5 في المائة الموصى عليها من قبل «بازل 3»، حيث وصلت إلى أكثر من 24.7 في المائة في بعض البنوك القطرية، وهي ضعف النسبة الموصى بها، مما يؤكد قدرة ومتانة البنوك القطرية بما يجعلها في مأمن من المخاطر.

وتوقعت الدراسة أن تبلغ البنوك القطرية أعلى درجات الاستفادة من «بازل 3»، ومع إقرارها بصعوبة تطبيقه بسهولة، فإنها ترى أن هذه الإجراءات الدولية لا تعيق تماما أي وجه من أوجه التعامل البنكي، مؤكدة أن البنوك الإسلامية القطرية أكثر أمانا من نظيرتها التقليدية، حيث تصل النسبة لديها إلى 22 في المائة في المتوسط، مقرّة في الوقت نفسه بأن ذلك لا ينفي قوة ومتانة البنوك القطرية التقليدية، التي وصلت لديها النسبة إلى 19.7في المائة في المتوسط.

وأضافت الدراسة التي أعدتها الباحثة بهناز علي القره داغي، الباحث الأول في مركز الاقتصاد والتمويل الإسلامي التابع لكلية الدراسات الإسلامية في مؤسسة قطر، أن مصرف قطر المركزي يشرف على كل البنوك الموجودة في الدولة، موضحة أنه أولى اهتماما كبيرا بمعايير الرقابة الدولية، حيث جهّز الأرضية المناسبة لتطبيق «بازل 2»، بل إنه تعزيزا للاحتراز، فقد رفع من الحد الأدنى لنسبة كفاية رأس المال من 8 في المائة كما في «بازل 2»، لتصل إلى 10 في المائة، مع منع توزيع الأرباح من طرف البنك عند انخفاض رأس المال عن حده الأدنى، مشيرة إلى أن نظرة مصرف قطر المركزي اقتربت كثيرا من «بازل 3».

ولتقييم قدرة البنوك القطرية على اتباع «بازل 3»، فإن داغي دعت إلى أهمية النظر إلى نسبة كفاية رأس المال، أي الملاءة المصرفية الحالية، طارحة بذلك سؤالا: هل هي ضمن الحدود القريبة من «بازل 3» أم لا، وهل تستطيع البنوك القطرية الوصول إلى هذه النسبة (10.5 في المائة) أم لا؟

وبمراجعة ميزانيات البنوك الـ9 المدرجة في البورصة القطرية، تذهب داغي إلى أن نسبة كفاية رأس المال بالنسبة للبنوك القطرية عام 2011 كانت بالنسبة لمصرف قطر المركزي تبلغ 10 في المائة، وبالنسبة لـ«بازل 1» تبلغ 8 في المائة، وبالنسبة لـ«بازل 3» تبلغ 10.5 في المائة، وبالنسبة لبنك قطر الوطني تبلغ 22 في المائة، وبالنسبة للبنك الخليجي تبلغ 23.3 في المائة، وبالنسبة للبنك التجاري تبلغ 17.9 في المائة، وبالنسبة لبنك الدوحة تبلغ 13.22 في المائة، وبالنسبة للبنك الأهلي 22.1 في المائة، وفي بنك قطر الدولي تبلغ 24.7 في المائة، وفي بنك قطر الإسلامي تبلغ 18.6 في المائة، وفي مصرف الريان تبلغ 22 في المائة.

وبذلك تعتقد أن البنوك القطرية تتفوق على «بازل 3»، حيث إن أقل نسبة في السوق القطرية هي 17.9 في المائة وهي تفوق 10.5 في المائة المطالب بها من قبل «بازل 3»، في الوقت الذي وجدت فيه أن متوسط البنوك التقليدية يساوي 19.7 في المائة، بينما متوسط البنوك الإسلامية يساوي 21.8 في المائة، مما يعني أن متوسط نسبة كفاية رأس المال في البنوك القطرية الإسلامية أعلى من متوسط نسبة كفاية رأس المال في البنوك القطرية التقليدية.

وقالت داغي: «إن لجنة بازل عام 1975 جاءت كأول منتدى للتعاون المنظم بشأن مسائل الإشراف المصرفي، وهدفها تعزيز فهم القضايا الرئيسية والإشراف على تحسين نوعية الرقابة المصرفية في جميع أنحاء العالم».

وأضافت أن اللجنة تضع الأطر الإرشادية ومبادئها في المجالات المختلفة في الصناعة البنكية، لتمثل أفضل الممارسات العالمية في مجال كفاية رأس المال، الذي برأيها هو المبدأ الأساسي للرقابة المصرفية الفعالة، مبينة أن لجنة بازل تقوم بصياغة المبادئ التوجيهية وأفضل الممارسات في مجال الرقابة المصرفية.

وقامت اللجنة بذلك وفق داغي، على أمل أن السلطات في الدول الأعضاء والدول الأخرى تقوم باتخاذ الخطوات اللازمة لتنفيذها، من خلال النظم الوطنية الخاصة بها سواء على شكل قوانين تصدرها السلطات الرقابية أو غير ذلك، لأن اللجنة ليست لها سلطة في إلزام الأعضاء، بقدر ما تقوم بعملية تشجيع الحكومات نحو معايير ونهج مشتركة.

وزادت أنه نتج عن لجنة بازل، 3 قوانين أو إرشادات، اشتملت على «بازل 1» و2 و3، مبينة أن «بازل 1» كانت صدورها في عام 1988، استجابة لرغبة الدول الأعضاء في تحديد معيار رسمي لضمان رأس المال المناسب للبنوك الناشطة دوليا، حيث كان الهدف من «بازل 1» توفير رأس المال اللازم ضد المخاطر في الاستحقاق الائتماني فقط، دون أي اعتبارات للمخاطر الأخرى، مثل تقلبات العملة في البلاد، أو التغييرات في أسعار الفائدة، أو كل العوامل المسببة للركود الاقتصادي الكلي.

ولفتت إلى أن لجنة بازل ارتأت ترك ذلك للدول الأعضاء الـ11، في ذلك الوقت لتقديرها، حيث تكونت «بازل 1» من 4 ركائز أساسية هي مكونات رأس المال، وقسمت رأس المال إلى شريحتين «تير 1.2»، وتم وضع أوزان للمخاطر تبدأ من صفر وتنتهي بـ100 في المائة، حسب نوع الأصل والدول الموجودة فيها، ووجود نسبة أساسية، مستهدفة من رأس المال وهي 8 في المائة من الموجودات المرجحة بالمخاطر مغطاة برأس المال «تير 1.2»، مشيرة إلى أن الركيزة الأخيرة مطالبة الدول بتطبيقها في حدود 4 أعوام.

وأوضحت أن التطبيق حصل بسلاسة مع غير اليابان، التي لم تستطع اللحاق بالتطبيق إلا في عام 1996، وذلك بسبب الأزمة الاقتصادية الحادة التي كانت تعاني منها في أواخر الثمانينات، مشيرة إلى أنه لم يخل تنفيذ «بازل 1» من أخطاء وانتقادات، مما استدعى إعادة النظر فيها ظهور «بازل 2»، فيما كانت البداية عام 2001 مع فتح الباب للاقتراحات حتى عام 2006.

وقالت: «لقد كانت ركائز (بازل 2) قائمة على المتطلبات الدنيا لرأس المال، وهي 8 في المائة، وانضباط الإدارة والهيئات الرقابية، وأخيرا شفافية السوق. وأخذت (بازل 2) في اعتبارها المخاطر التشغيلية ومخاطر السوق، بالإضافة إلى المخاطر الائتمانية، وقامت بزيادة أوزان المخاطر عن 100 في المائة».

غير أن داغي استدركت بأن الأزمة المالية العالمية أثبت فشل «بازل 2» في تحقيق الاستقرار المالي المنشود، لافتة إلى أن الدعوات إلى تعديلها بدأت، فجاءت «بازل 3» باعتبارها مجموعة شاملة من التدابير الإصلاحية، التي وضعتها لجنة بازل للرقابة المصرفية، لتعزيز التنظيم والإشراف وإدارة المخاطر في القطاع المصرفي.

وتهدف التدابير إلى تحسين قدرة القطاع المصرفي على امتصاص الصدمات الناجمة عن الضغوط المالية والاقتصادية وتحسين إدارة المخاطر والإدارة، بالإضافة إلى تعزيز الشفافية لدى البنوك والإفصاحات، بينما تستهدف الإصلاحات على مستوى البنك أو التنظيم والإجراءات التي ستساعد على رفع قدرة المؤسسات المصرفية الفردية لمواجهة فترات التوتر، أما على مستوى الدولة للتغلب على المخاطر الدورية وبناء القطاع المصرفي، مشيرة إلى أن هذين الهدفين حسب آراء المراقبين، مفيدان جدا للبنوك على المستوى الفردي في تقليل مخاطره النظامية.

ومن بين ما اشتملت عليه نصوص الاتفاقية، مطالبة البنوك بالاحتفاظ بـ4.5 في المائة من الأسهم العادية بدلا من 2 في المائة كما في «بازل 2»، كما تطالب البنوك بالاحتفاظ بـ6 في المائة من «تير 1» من الأصول المرجحة المخاطر، بدلا من 4 في المائة كما في «بازل 2».

كذلك قدمت ارتفاعا في رؤوس الأموال لتصل إلى 2.5 في المائة، بالإضافة إلى رفع من نسب رأس المال خلال فترات النمو المرتفع للائتمان، مما يسمح للسلطات الرقابية الوطنية في قطر، بأن تطلب 2.5 في المائة أخرى من رأس المال خلال فترات النمو المرتفعة.

كما قدمت الحد الأدنى من نسب الرفع المالي لتصل إلى 3 في المائة، وقدمت نسبتين للسيولة، وهما نسبة جودة الأصول من التدفقات النقدية التي تستحق خلال 30 يوما، وكذلك من نسبة معدل صافي التمويل لتصل إلى عام من اختبار الـ«استريس تيست».

واحتملت داغي أن تشمل التغييرات المقترحة جودة وشفافية قاعدة رأس المال، وذلك بأن ترفع مستواها من خلال «تير 1» بأن تتكون من الأسهم العادية والأرباح المدورة، و«تير 2» بأن تكون أكثر ملاءمة، في الوقت الذي يلغى فيه «تير 3».

وتوقعت أن يتم تعزيز تغطية المخاطر لرأس المال، من خلال تعزيز إدارة متكاملة أكثر لمخاطر السوق والمخاطر الائتمانية، بجانب خطر «سي في أ» وذلك بتقييم معدل الائتمان المعدل إلى التصنيف الائتماني، بالإضافة إلى تقوية وتعزيز متطلبات رأس المال لمخاطر الائتمان الناشئة من مشتقات البنوك، وتعاملات الأوراق المالية.

كما تعتقد أن يساهم ذلك في رفع رأس المال الذي يدعم هذه التعرضات، مع توفير حوافز إضافية لنقل عقود المشتقات خارج البورصة، وتقديم حوافز لتعزيز إدارة المخاطر من التعرضات الائتمانية، بالإضافة إلى رفع مبادئ إدارة المخاطر الائتمانية من خلال إضافة عنصر خطأ طريق المخاطرة.

كما تتوقع داغي أن تقدم اللجنة نسب الرفع المالي، كمقياس مكمل بالإضافة إلى الأطر السابقة في «بازل 2»، وذلك بهدف وضع سقف يبنى عليه لنسب الرفع المالي في قطاع البنوك، بالإضافة إلى تقديم ضمانات إضافية ضد المخاطر وأخطاء القياس، من خلال ربط قياس المخاطر مع مقياس بسيط يستند إلى التعرض الإجمالي.

فضلا عن ذلك، فإن اللجنة ستقدم سلسلة من التدابير لتعزيز رأس المال في وقت مناسب قبل حدوث الخطر، من خلال تقديم مجموعة من القياسات للحد من التقلبات الاقتصادية، من خلال تعزيز الاحتياطيات المستقبلية، والحد من أي تقلبات اقتصادية، من خلال توفير الحد الأدنى من رأس المال القادر على الحد من هذه التقلبات، بالإضافة إلى المحافظة على بناء رأس المال قوي لكل بنك على حدة وللقطاع البنكي بشكل عام، التي يمكن استخدامها في فترات الإجهاد أو الضعف.

وتحتمل داغي أن يتم تحقيق الهدف على مستوى ماكرو من حماية القطاع المصرفي من فترات النمو الائتماني المفرط، لافتة إلى حاجة لاستخدام البيانات بشكل طويل الأجل لتقدير احتمالات التخلف عن السداد، بالإضافة إلى جعل توقعات الخسارة والربح التي جاءت في «بازل 2» إلزامية في هذه الحالة.

وثمة تحسين قد يطرأ على أوصاف الخطر، وخاصة التي تحول تقديرات الخسائر إلى متطلبات رأس المال التنظيمي، وحينها يتعين على البنوك إجراء اختبارات التحمل مع الوضع في الاعتبار سيناريوهات الركود، ومن ثم العمل على تشجيع قوي للاحتياطيات، ودعوة إلى تغيير معايير المحاسبة نحو مبادئ الخسارة المتوقعة.

ونوهت داغي بأن اللجنة تقدم المبادئ الدنيا للسيولة العالمية للبنوك النشطة دوليا خلال 30 يوما بشرط وجود نسب هيكلة طويلة المدى، وتسمى معدل صافي التمويل المستقر، وعليه فإن اللجنة لا بد لها أن تراجع أيضا الحاجة إلى المزيد من رأس المال، والسيولة والتدابير الوقائية الأخرى للحد من العوامل الخارجية، التي نشأت بفعل المؤسسات ذات الأهمية النظامية، مشيرة إلى أنه في سبتمبر (أيلول) 2010 طلبت النسب أن تكون على نحو 10.5 إلى 13 في المائة لإجمالي رأس المال.

يشار إلى أن قطر أنشأت بنك قطر الوطني، كأول بنك قطري في عام 1964، وبعد عقدين من ذلك، تم إنشاء أول بنك إسلامي في قطر، وهو مصرف قطر الإسلامي في عام 1982، حيث إن عدد البنوك العاملة في الدولة وصل إلى أكثر من 25 بنكا، بينما المدرج منها في البورصة القطرية 9 بنوك، وهي 5 بنوك تقليدية تشمل بنك قطر الوطني، البنك التجاري، البنك الأهلي، بنك الدوحة، البنك الخليجي، و4 بنوك إسلامية تشمل مصرف قطر الإسلامي، بنك قطر الدولي الإسلامي، مصرف الريان، بنك بروة.