دراسة شرعية تجيز تعهد حملة الصكوك ببيع العين للمستأجر بالقيمة الاسمية حال سداده التزامات الإجارة

في خطوة لطرحها كمشروع قرار ينتظر مجمع الفقه الإسلامي

د. عبد الباري مشعل مدير عام شركة «رقابة البريطانية للاستشارات الشرعية» («الشرق الأوسط»)
TT

أجازت دراسة حديثة عن الصكوك للمستأجر الذي لا يكون مضاربا ولا شريكا ولا وكيلا، بالتعهد لشراء أصول الصكوك بقيمتها الاسمية في نهاية مدة الإجارة، أو خلالها لأي سبب كان كالإخفاق في سداد الالتزامات، أو الرغبة في التملك المبكر، وفي حال كان المستأجر هو مالك الأصول قبل بيعها على حملة الصكوك فلا بد من تجنب العينة.

وأجازت الدراسة، أن يتعهد حملة الصكوك ببيع العين للمستأجر بالقيمة الاسمية في حال سداده لجميع التزامات الإجارة، ويجوز أن يقابل ذلك تعهد آخر، دون ربط بين التعهدين، من المصدر المستأجر بشراء الأصول، في حال إخفاقه في سداد الأقساط، ويأخذ كل من الوعدين حكم الوعد الملزم من طرف واحد لاختلاف المورد. ولا يلزم المصدر الوفاء بالتعهد بشراء الأصول المؤجرة بقيمتها الاسمية، إذا تغيرت العين محل التعهد بعيب، ولو تغير العين بنقص في الكمية، فإن التعهد لا يلزم إلا إن كان واردا على أجزاء المبيع كلها أو بعضها.

وفيما يتعلق بضمان القيمة الاسمية والعائد في صكوك المضاربة والمشاركة والوكالة، فإن الدراسة توضح أنه لا يجوز للمصدر التعهد، بإقراض حملة الصكوك في حال الخسارة، وإنما يجوز للمصدر تكوين احتياطي من أرباح حملة الصكوك لجبر النقص عن القيمة الاسمية، وكذلك احتياطي لتوزيع قدر محدد من الأرباح على حملة الصكوك.

وأجازت الدراسة التي أعدها الدكتور عبد الباري مشعل مدير عام شركة «رقابة» البريطانية للاستشارات الشرعية، للمصدر التعهد بإعادة شراء الصكوك بقيمتها السوقية، خلال مدة الإصدار، أو في نهايتها، غير أنه لا يجوز التعهد بالقيمة الاسمية، في الوقت الذي يجوز فيه للمصدر، التعهد بشراء أصول الصكوك بقيمتها السوقية، خلال مدة الإصدار، أو في نهايتها، مع ملاحظ أنه لا يجوز التعهد بالقيمة الاسمية.

وأبانت الدراسة أنه يجوز للمصدر التعهد بشراء الصكوك، في حال بدأت قيمتها السوقية بالهبوط عن قيمتها الاسمية، على أن يتم الشراء بالقيمة السوقية في تاريخ الشراء، وليس بالقيمة الاسمية، كما يجوز أن يقابل هذا التعهد تعهد آخر دون ربط بين التعهدين من حملة الصكوك، ببيع أصول الصكوك في حال ارتفاع القيمة السوقية عن القيمة السوقية؛ حيث يسري على كل تعهد قرار المجمع الخاصة بالوفاء بالوعد.

كذلك أجازت الدراسة الشرعية، التي جاءت تحت عنوان (الصكوك.. حكم ضمان الطرف الثالث، وضمان القيمة الاسمية والعائد، والضمان بعوض، والتعهد بشراء الصكوك مع تغير العين)، تعهد المصدر المضارب أو الشريك أو الوكيل بشراء أصول الصكوك، إذا كانت أصولا مؤجرة بقيمتها السوقية، غير أنها لم تجز أن يكون التعهد بالقيمة الاسمية.

وأما فيما يتعلق بضمان الطرف الثالث والضمان بعوض، فإنه يجوز أن يتعهد طرف ثالث بجبر النقص في القيمة الاسمية، بل وقدرا من الربح أيضا لحملة الصكوك، على سبيل التبرع، من دون عوض، كما يجوز أن يتعهد طرف ثالث بشراء أصول صكوك الإجارة والمضاربة والمشاركة والوكالة بقيمتها الاسمية، ويطبق بشأنه قرار المجمع المتعلق بشأن الوفاء بالوعد، غير أنه لا يجوز أن يتقاضى عوضا عن مجرد التعهد، في وقت يجوز فيه اتخاذ الإجراءات الكفيلة بضمان القيمة الاسمية للصكوك، وقدر من العائد، وفقا لآلية التأمين التعاوني.

وأوضحت الدراسة أنه في حال التعهد بالشراء بالقيمة الاسمية، تنشأ إشكالية تغير الأعيان محل التعهد في تاريخ تنفيذ التعهد عن حالتها عند إنشاء التعهد، مستعرضة أثر ذلك على تنفيذ التعهد، ومن ثم على فاعلية الضمان.

ومن ذلك، إن كان التغير بنقص كميتها أي أعدادها، فللمتعهد حق الرجوع عن تعهده، إذا كان التعهد واردا على الأعيان جميعها، أما إذا كانت الأعيان مما يقبل التفرقة والتجزئة ووقع التعهد على أجزائها كلها أو بعضها، فيبقى التعهد نافذا في الباقي من أجزاء المبيع، مشيرة إلى أن هذا مراعاة لمحل التعهد أسوة بمحل العقد.

أما إن كان التغير بحدوث عيب خفي فيها أو بظهوره، فللمتعهد الحق في الرجوع أو إمضاء التعهد مع مراعاة أرش النقص عند التنفيذ، مبينة أنه لا وجه للإلزام بالتعهد على الرغم من العيب بحجة اشتراط البراءة من العيوب؛ لأنه محل شرط الإبراء من العيوب الخفية هو العقد مع شرط عدم العلم بها عند الحنفية وليس التعهد.

وعلى صعيد التعهد بشراء الصكوك مع تغير العين، فإن هذه المسألة برأي الباحث، تدخل في سياق صكوك الموجودات المؤجرة، إذ تؤول في هيكلتها إلى إجارة موجودات الصكوك من الأعيان على المصدر المستأجر بأجرة دورية معلومة، مع وعد بتمليك الأعيان للمصدر بقيمتها الاسمية في تاريخ الإطفاء أو في تواريخ أخرى قبل ذلك خلال مدة الإجارة.

وبناء على ما ذكره الباحث من معنى الأمانة والضمان، فإن الأجرة الدورية مضمونة على المصدر المستأجر بموجب العقد، والأعيان أمانة لدى المستأجر، ولا يجوز اشتراط ضمانها على المصدر المستأجر، عدا حالات التعدي والتقصير ومخالفة الشروط.

وبرأي الباحث فإن يف ذلك، ضامن لما يحدث بسبب ذلك من ضرر بالأعيان ويعوض عنه بقيمته عند حدوثه، وفقا لما يجب ضمانه في حال المسؤولية التقصيرية، منوها أنه تضمن الفقه المعاصر صيغا مختلفة، تستهدف تخفيف هذا الخطر المتعلق بعدم ضمان القيمة الاسمية للأعيان في صكوك الإجارة.

ومن ذلك، المواعدة الملزمة (التعهدات المتقابلة) مع اختلاف المورد، وصورتها وعد ملزم من المؤجر ببيع العين للمستأجر بالقيمة الاسمية في حال سداده لجميع التزامات الإجارة، ووعد من المستأجر بالشراء بالقيمة الاسمية في حال إخفاقه في سداد الأقساط في مواعيدها.

والمحل هنا وإن واحدا وهو العين المؤجرة، لكن مورد العقدين مختلف، مبينا أن الموعود غير ملزم في أي من الوعدين بقبول ما صدر عن الواعد من إيجاب وتنفيذ الوعد.

وعلى أساس أن اختلاف المورد، يخرج هذه المسألة عن المواعدة الملزمة الممنوعة بقرار مجمع الفقه الإسلامي ونصه المواعدة، وهي التي تصدر من الطرفين؛ حيث تجوز في بيع المرابحة بشرط الخيار للمتواعدين، كليهما أو أحدهما، فإذا لم يكن هناك خيار فإنها لا تجوز؛ لأن المواعدة الملزمة في بيع المرابحة تشبه البيع نفسه؛ حيث يشترط عندئذ أن يكون البائع مالكا للمبيع حتى لا تكون هناك مخالفة شرعية.

وأوضح الباحث أن الوعد الملزم (التعهد) من المصدر (المستأجر) في صكوك الإجارة شراء الأصول المؤجرة عند إطفاء الصكوك بقيمتها الاسمية، يشترط فيه ألا يكون شريكا أو مضاربا أو وكيلا بالاستثمار ومثله لو كان التعهد بالشراء في أثناء مدة الإصدار لأي سبب.

ووفق الدراسة فإنه من أمثلة ذلك، إخفاق المستأجر بالتزامات الإجارة أو سداد أقساطها أو لرغبته بالتملك المبكر لأصول الصكوك، وأما في حال كان المستأجر هو مالك الموجودات قبل بيعها على حملة الصكوك، فيراعى تجنب العينة.