خبير مصرفي: غياب آليات المعايير الزكوية بقطاع البنوك والشركات الاستثمارية السعودية

القايدي: اجتهاد مصلحة الزكاة وحدها في احتسابها لا يكفي

أحمد بن عبد الرحمن القايدي
TT

يتجدد النقاش والخلاف حول الوعاء الزكوي كل عام ميلادي، بتجدد أنواع المال وأشكاله، فيما يتعلق بآلية احتساب الزكاة.

وفي هذا السياق أوضح أحمد بن عبد الرحمن القايدي، مدير إدارة البحث والتطوير بالمجموعة الشرعية بشركة «جدوى للاستثمار»، أن واقع الزكاة في السعودية يعاني عدم وضوح آليات المعايير الزكوية، خصوصا في قطاع البنوك والشركات الاستثمارية، مبينا أنه قطاع لا يقبل الاجتهاد في احتساب الزكاة فيه من قبل المصلحة لوحدها.

وشدد على ضرورة رفع الأمور التفصيلية في الزكاة، والمرجعية الشرعية بالمصلحة إلى هيئة كبار العلماء، ذلك لأن الاجتهاد في هذا النوع برأيه من الأعمال التي تستحق مثل هذا الاهتمام، مشيرا إلى أن كان ذلك المسلك، سيرفع إيرادات المصحة لأرقام قياسية على المدى القصير، فإنه سيؤثر سلبا على القطاعات الاستثمارية للشركات والمؤسسات على المدى الطويل، وبالتالي يوقع الضرر الفعلي على هذه المنشآت.

وزاد القايدي أن الأمر لا يقف عند ذلك، بل سيدفع كثيرا من الشركات، إلى جعل المال في قنوات محددة لا زكاة على أصولها، مما يتسبب في لجوء الشركات مثلا إلى شراء الأراضي التجارية بمبالغ كبيرة، باعتبار أنه لا زكاة عليها. ويرى أن الأولى في ذلك إيقاع الزكاة على هذه الأراضي، والتخفيف على من يستصلح الأرض أو يطورها، ضاربا مثلا أنه إذا استثمرت شركة أموالها استثمارا طويل الأجل، من خلال صندوق طرح خاص بشراء جزء من أسهم شركة خاضعة لنظام المصلحة، فإن المصلحة توجب الزكاة على الاستثمارات من خلال الصندوق، وتوجب الزكاة على الشركة المدرجة أيضا.

إلى ذلك، أوضح أن الشريعة الإسلامية فصلت الأحكام الشرعية الدقيقة لهذه الشعيرة، وبينت بالتفصيل شروط الزكاة، وأنواعها.

وأضاف أن الشريعة حددت كذلك الأموال التي تجب فيها الزكاة وما لا يجب، موضحة أحكام الثني في الزكاة حتى لا يزكي المال الواحد مرتين، مؤكدا أن الزكاة عبادة وليست عقوبة.

وصرح القايدي، بأن الشارع لم يترك الزكاة أمرا للعباد، بل فصل حتى مصارف الزكاة، مبينا أن هذا الاهتمام بشعيرة الزكاة يعكس أهميتها شرعا وأثرها اجتماعيا.

وقال: «إن الشارع يعلم أن الزكاة مما تضن به النفوس، فيحصل التحايل والتهرب من الناس، فأنزل الشارع أحكاما دقيقة لهذه الزكاة، وجعل هناك أيضا مساحة للاجتهادات الشرعية؛ لأنواع المال بأشكاله الجديدة».

وولفت إلى أن ذلك يكون المال الواحد مزكى مرتين، وستكون الاستثمارات من خلال صناديق الطرح الخاص غير مجدية، خصوصا إذا أخذ في الاعتبار أن شركات الطرح الخاص لا تربح في السنوات الأولى من عمرها.

ووفق القايدي ليس المقصود هنا بيان الرأي الشرعي لهذا النوع من الزكاة، بل بيان أن الاجتهادات في هذا المجال مؤثرة على الشركات، وأن الصيغ الجديدة في الاستثمارات تستوجب دراسة متأنية بين المصلحة، وذلك بالتعاون مع الشركات ذات العلاقة.

لأنه ليس من مصلحة الطرفين خوض المكلف للتدرج القضائي لدى لجان الاعتراض الزكوية على حد وصفه، مبينا أن ما يسببه ذلك من تأخر الزكاة عن مستحقيها لسنين كثيرة.

ويفترض رفع التوصيات والدراسات للجهات المختصة المحايدة، وهي هيئة كبار العلماء؛ لأن المصلحة تريد زيادة إيراداتها، والشركات لا تريد أن تدفع إلا الزكاة الواجبة فقط، ولذلك لا بد من جهة محايدة تدرس هذه القضايا.

وزاد: «إلى أن المصلحة، بذلت جهودا مشكورة في نظام الزكاة، غير أنه ما زالت هناك تطلعات لمزيد من تطوير النظام الزكوي، بحيث توضح المصلحة للشركات النظام الخاص باحتساب الزكاة، وتوصفه وصفا دقيقا، حتى تعلم الشركات مسبقا ما تجب فيه الزكاة وما لا تجب فيه».

ويعتقد أن هذه معالجة، لا تشعر الشركات أن احتساب الزكاة عبارة عن اجتهادات من قبل المصلحة ولا تخضع لنظام واضح، مبينا أن كل عام يدخل في الوعاء الزكوي أنشطة لم تحتسب بالعام الذي سبق، مشيرا إلى أنه ليس على ذلك مستند بين من المصلحة.

وأضاف أنه من الأهمية بمكان، إعادة النظر في الأنظمة القائمة وتجديدها وتحديثها بما يتناسب مع تطور أعمال الشركات والاقتصاد ويحقق لهم الاستقرار والربح، وفي الوقت نفسه لا يضيع حق الله في الزكاة، بجانب أن دفعها لمستحقيها تطهير للمال وتنميه حقيقة.