مصرفي إسلامي: الرقابة الشرعية في المصارف مستقلة.. وهي العمود الفقري للصناعة

رئيس دائرة الالتزام الشرعي بالبنك الأهلي السعودي: مصارف عالمية تقلد منتجاتنا بتطوير المعايير الإسلامية

د. موسى آدم عيسى رئيس دائرة الالتزام الشرعي بالبنك الأهلي
TT

نفى رئيس دائرة الالتزام الشرعي بالبنك الأهلي السعودي بشكل قاطع، اعتبار الهيئات الشرعية في البنوك الإسلامية، مجرد أجهزة لتمرير القضايا والمسائل المعروضة عليها لإرضاء للمصارف، وبيّن أنه فهم خاطئ وظلم بيِّن، مؤكدا أن توحيد الأدوات والصيغ والمنتجات وردم هوة الاختلافات بينها، يتطلب إيجاد معايير شرعية موحدة.

وأكد الدكتور موسى آدم عيسى، رئيس دائرة الالتزام الشرعي بالبنك الأهلي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن تطوير نموذج المصرف الإسلامي، وإعداد الكوادر البشرية وتثقيف العملاء وتطوير النظم المالية والقانونية والمحاسبية والتقنية، تعتبر أبرز تحديات صناعة المصرفية الإسلامية. وقال: «إن مهام الهيئة الشرعية بالبنك، تتمثل في إبداء الرأي الشرعي وإصدار الفتوى والقرارات الشرعية، حول المسائل والمنتجات، كما أن للهيئة الصلاحية في الاطلاع على جميع العقود والمستندات المتعلقة بالعمل المصرفي الإسلامي والرقابة الشرعية عليها».

وعلى صعيد البنك الأهلي بالسعودية، أكد عيسى أن البنك اتخذ قرارا استراتيجيا بتحويل جميع فروعه إلى المصرفية الإسلامية، مبينا أن إدارة العلاقة بين الهيئة الشرعية والبنك والإرشاد والرقابة وتطوير المنتجات، أبرز مهام الالتزام الشرعي بالبنك.

وأوضح أن هيئة الفتوى والرقابة الشرعية، جهاز مستقل عن البنك يتكون من فقهاء موثوق بعلمهم وأمانتهم، حيث تتمثل مهام الهيئة الشرعية، في إبداء الرأي الشرعي وإصدار الفتوى والقرارات الشرعية، حول المسائل والمنتجات.

وأضاف عيسى أن للهيئة الصلاحية في الاطلاع، على جميع العقود والمستندات المتعلقة بالعمل المصرفي الإسلامي والرقابة الشرعية عليها، مشيرا إلى أن النجاحات التي حققها البنك الأهلي، مكنته من تطوير وابتكار المنتجات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية.

وإلى تفاصيل الحوار.

* حدثنا عن طبيعة عمل دائرة الالتزام الشرعي بالبنك الأهلي وما أبرز مهام ذلك المنصب؟

- مهام دائرة الالتزام الشرعي بالبنك الأهلي، تندرج تحت دوائر مجموعة تطوير العمل المصرفي الإسلامي بالبنك، وهي الجهة المسؤولة عن كل ما يتعلق بالعمل المصرفي الإسلامي والوسائل اللازمة لتطويره، وتتولى مهام إدارة العلاقة بين الهيئة الشرعية، وإدارات البنك المختلفة، وذلك عن طريق تحديد الأسئلة والاستفسارات، التي ترغب وحدات البنك في معرفة الرأي الشرعي فيها وصياغتها، ثم عرضها على الهيئة الشرعية، التي تقوم بإبداء رأيها الشرعي فيها، إما بالموافقة أو بالرفض، ثم تتولى دائرة الالتزام الشرعي تبليغ ذلك القرار للجهات المختصة وشرح مضمونه لهم. كما تتولى الدائرة مسؤولية تزويد إدارات البنك بالتوجيهات والإرشادات، التي تساعد هذه الإدارات على فهم القرارات والضوابط الصادرة عن الهيئة الشرعية ومتطلبات تطبيقها والالتزام بها. أيضا يقع على عاتق الدائرة القيام بمهام الرقابة الشرعية والوقوف على الملاحظات والأخطاء الشرعية، التي يمكن أن تقع أثناء التنفيذ ورفع تقارير للهيئة الشرعية، بذلك تكون متضمنة للخطط التصحيحية لتلك الأخطاء. ومن مهام الدائرة العمل جنبا إلى جنب مع وحدات البنك العاملة في مجال تطوير المنتجات ومساندتها في كيفية المزج بين الضوابط الشرعية والتطبيقات المصرفية للخروج بمنتج يكون منضبطا من الناحية الشرعية وقابلا للتطبيق من الناحية العملية. كذلك تتولى الدائرة مهام تدريب موظفي البنك على الضوابط الشرعية للمنتجات المصرفية الإسلامية، وكذلك دعم العمل المصرفي الإسلامي، من خلال عقد الندوات وورش العمل بين أعضاء الهيئة الشرعية والعملاء والموظفين للإجابة عن استفساراتهم وزيادة وعيهم بالعمل المصرفي الإسلامي.

* ما الفرق بين الهيئة الشرعية واللجنة الرقابية في البنوك الإسلامية، وما شروط تكوينها واعتمادها وصلاحياتها؟

- تتعدد مسميات «الأجهزة الشرعية» العاملة بالمصارف، فهناك من يسميها بالهيئات الشرعية والبعض يطلق عليها اللجان الشرعية، وآخرون يسمونها هيئة الفتوى والرقابة الشرعية. وعلى أي حال فالمهام التي تقوم بها هذه «الأجهزة» متماثلة. ومسمى هذا الجهاز في البنك الأهلي التجاري، هو هيئة الفتوى والرقابة الشرعية، وتنظم أعمال الهيئة وعلاقتها بالبنك لائحة تنظيمية توضح طبيعة عملها واختصاصاتها وصلاحياتها، وتكون تلك اللائحة معتمدة إما من الجمعية العمومية أو مجلس الإدارة من الرئيس التنفيذي للبنك، وذلك طبقا للوائح المنظمة لكل بنك. وتبين لائحة الهيئة المهام التي تقوم بها الهيئة والتي تتمثل في إبداء الرأي الشرعي وإصدار الفتوى والقرارات الشرعية حول المسائل والمنتجات التي تعرض عليها من قبل إدارات البنك المختلفة، والإسهام في تطوير المنتجات المصرفية الجديدة وصلاحيات الهيئة في الاطلاع على جميع العقود والمستندات المتعلقة بالعمل المصرفي الإسلامي والرقابة الشرعية عليها، بحيث تكون منضبطة بالضوابط الشرعية؛ فالرقابة الشرعية على العمل المصرفي الإسلامي جزء أصيل من مهام الهيئة الشرعية تقوم به إما بصورة مباشرة، وإما من خلال وحدات الرقابة الشرعية أو إدارة المراجعة الداخلية أو المراجع القانوني الخارجي، ومن أهم ما تنص عليه اللائحة المنظمة لأعمال الهيئة، أن الهيئة جهاز فتوى ورقابة شرعية، مستقل عن البنك، يتكون من فقهاء موثوق بعلمهم وأمانتهم، يتم اختيارهم من قبل إدارة البنك، فتواها وقراراتها ملزمة للجهات المعنية بالبنك، كل حسب اختصاصه.

* يعتقد البعض أن هناك بعض الهيئات الشرعية تسمح بتمرير منتجات على أنها إسلامية، غير أنها في حقيقة الأمر بها بعض الشوائب.. إلى أي حد هذا الوضع موجود، وما أسبابه، وكيف يمكن تفاديه؟

- على الرغم من اتساع الاجتهاد في الأعوام الأخيرة، بصورة لم يشهد العالم الإسلامي مثلها منذ مئات السنين، فإن الفقهاء في مجموعهم وأعضاء الهيئات الشرعية على وجه الخصوص، يتعرضون للضيم والظلم؛ فالذين لا يعرفون المهام التي يقوم بها الفقهاء ومنهم أعضاء الهيئات الشرعية وآلية مناقشة القضايا والمسائل المعروضة عليهم، يظنون أن الهيئات الشرعية هي أجهزة لتمرير القضايا والمسائل المعروضة عليها إرضاء للمصارف دون التحقق من شرعية تلك المنتجات. وهذا في واقع الأمر فهم خاطئ وظلم بيّن لأعضاء تلك الهيئات، الذين وإن اختلفنا معهم في بعض المسائل، فلا يخفى أنهم أناس يتمتعون بالعلم والثقة والأمانة، وقد أثروا الواقع الفقهي باجتهادات مقدرة في كثير من المسائل والقضايا المستجدة. وما ينبغي التأكيد عليه أن أعضاء الهيئات حريصون على مخافة الله وعلى سمعتهم العلمية، مثلما أن البنوك أيضا حريصة على أن تكون منتجاتها معتمدة من الهيئة الشرعية، لأن هذا هو أساس المصداقية أمام الله وأمام العملاء، وبالتالي لا أحسب أنه من الممكن تمرير منتجات على النحو المذكور، في السؤال لأن هذا يضر بالهيئات مثلما هو مضر بالبنوك. نعم قد تكون هناك فتاوى يُختلف حولها وهذا أمر طبيعي، أما التمرير لإرضاء لجهات معينة، فهو يخالف قواعد الشرع وأخلاقيات المهنة. وأؤكد أن ما يصدر عن الهيئات الشرعية من فتاوى وقرارات شرعية، يكون موثقا بتوقيع أعضاء تلك الهيئات، وبإمكان من يذهبون إلى هذا القول، مطالبة البنوك بالفتاوى المعتمدة لديها بغرض دراستها، وبيان ما فيها من أخطاء، على أن يكون ذلك وفق قواعد المنهج العلمي في النقد.

* البعض يعتقد أن إشكالية المنتجات الإسلامية في التطبيق والتنفيذ؛ برأيك كيف يمكن حدوث ذلك، ومن المسؤول عنه؟

- المنتجات المصرفية الإسلامية، هي تطبيق للعقود الشرعية، التي تمثل أساس فقه المعاملات، وفي اعتقادي ليست هناك إشكاليات في العقود الشرعية، التي تتولد منها المنتجات المصرفية الإسلامية، فلا يوجد خلاف حول المشاركة أو المضاربة أو السلم أو الاستصناع، ولكن يأتي الاختلاف من زاوية أن هذه العقود من الصعوبة بمكان تطبيقها بنفس صورتها التي وجدت بها في كتب الفقه الإسلامي، إذ لا بد من إدخال بعض المعالجات عليها حتى يسهل تطبيقها مصرفيا. فعلى سبيل المثال، ما كان بالإمكان تطبيق عقد المرابحة للآمر بالشراء والإجارة إذا لم يدخل ضمن منظومتهما الوعد بالشراء أو بالتملك، وفي المقابل فإن ما يدرج ضمن العقود الشرعية لتسهيل تنفيذها، قد يكون مصدرا للاختلاف بين الفقهاء. فمنهم من يرى مثلا أن الوعد الملزم يتعارض مع مقتضى عقدي البيع بالمرابحة والإجارة بينما يخالفهم في ذلك آخرون. وهذا الأمر، وأعنى به إضافة بعض الشروط للعقد، يمثل أساس الاختلاف بين فقهاء العصر.

* ولكن يبرز أحيانا تباين بين المؤسسات المالية في المفاهيم التطبيقية للصيغة الواحدة؟

- هذا جانب آخر لا يمكن إغفاله، ذلك أن هناك تباينا بين المؤسسات المالية في المفاهيم التطبيقية للصيغة الواحدة، سواء كانت مرابحة أو إجارة أو غيرها من الصيغ، ومرد هذا التباين هو الفتاوى المستندة عليها هذه العقود، إذ نجد أن كل مؤسسة مصرفية تعمل طبقا للفتاوى الصادرة من هيئتها الشرعية، وفي ظل تعدد الهيئات الشرعية، وتعدد العلماء الذين يمثلون كل هيئة، يكون من الطبيعي أن تتعدد الآراء ووجهات النظر، ولهذا فإن توحيد هذه الأدوات والصيغ والمنتجات المصرفية الإسلامية في المستقبل وردم هوة الاختلافات بينها، يتطلب إيجاد معايير شرعية موحدة، على النحو الذي تقوم به الآن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، كما ينبغي إيجاد إطار عام موحد للجوانب الفنية التفصيلية لكل صيغة من الصيغ، وفقا للمتطلبات الشرعية والمصرفية.

* هناك بعض البنوك التقليدية تتعامل مع المصرفية الإسلامية بالتجزئة.. ما الذي يدفعها لذلك، وما أثر ذلك على صناعة المصرفية الإسلامية ومستقبلها؟

- الصناعة المصرفية الإسلامية هي صناعة حديثة لا يتعدى عمرها 4 عقود، وجاءت في وقت بلغت فيه الصناعة المصرفية التقليدية مراحل متقدمة، سواء من حيث حجم تلك المصارف، أو من حيث النظم والقوانين المنظمة لأعمالها، أو المنتجات التي تتعامل فيها. وفي ظل هذه الظروف نشأت المصارف الإسلامية كوحدات صغيرة مقارنة بالمؤسسات المصرفية التقليدية، ولم تستطع المصارف الإسلامية كسر حاجز المحلية والانتشار عالميا إلا بعد دخول بعض المؤسسات التقليدية المحلية منها والعالمية التي تعاملت مع الصناعة المصرفية الإسلامية من باب الاستجابة لرغبات عملائها وبعض ملاكها، الذين رأوا فيها مقومات النجاح والاستمرارية، وقد كان من الصعوبة بمكان لتلك المصارف، التحول ما بين ليلة وضحاها إلى العمل المصرفي الإسلامي الكامل، في ظل عدم وجود القوانين المنظمة أو الخبرات العملية الكافية أو المنتجات التي تفي باحتياجات عملائها. ولهذا انتهجت تلك البنوك سياسة التدرج، بحيث كلما تم تطوير منتج معين وتم اختباره أخذت به تلك المصارف وطورت إجراءاته وسوقته لعملائها. وهذه الأسباب هي التي دفعت عددا من المصارف التقليدية للتعامل مع نموذج المصرفية الإسلامية بالتجزئة دون القيام بالتحول الكامل. وقد دلت التجارب التي اتبعتها بعض الدول في التحول الكامل غير المدروس أن أضراره تفوق كثيرا فوائده.

* ما أكثر المنتجات التي تحدث فيها مشكلة شوائب، وكيف يمكن تنقيتها، وما أكثر المنتجات المسوقة وفي ظاهرها إسلامي وجوهرها ليس كذلك؟

- لا يمكن القول إن هناك منتجات يتم تسويقها على أنها إسلامية ظاهريا بينما جوهرها مخالف لظاهرها، ولكن يمكن الاعتراف بأن هناك منتجات يثار جدل شرعي حول مشروعيتها، وعلى رأسها منتجات الصكوك ومنتجات الخزينة. ويعود السبب في ذلك إلى طبيعة تلك المنتجات، التي تتسم بالتعقيد وارتباطها في أغلب الأحيان بالمؤسسات المالية الدولية، التي تنظر إلى هذه المنتجات من واقع القوانين الوضعية وليس من واقع الأحكام الشرعية، فضلا عن ذلك يظهر في هذه المنتجات طابع المحاكاة لما هو تقليدي. وعلى الرغم من أن تلك المنتجات قد تكون مستندة إلى فتاوى شرعية، فإن الخلاف حولها في ظني ينشأ من مصدرين رئيسيين؛ أولهما: تركيب العقود، فهذه المنتجات لا تتكون من عقد واحد بسيط، وإنما هي توليفة من مجموعة من العقود تمثل في مجموعها المنتج وهذا الأمر ينشأ عنه تضاد في أحكام بعض العقود. وثانيها: السعي من قبل بعض المصرفيين إلى محاكاة المنتجات التقليدية على نحو يجعل من المنتج الإسلامي مماثلا للمنتج التقليدي، على الرغم من الاختلاف في الأساس التعاقدي الذي يقوم عليه كل واحد منهما، فمثلا أخطأ الذين سعوا لأن تكون الصكوك بديلا كاملا للسندات التقليدية غير الشرعية، عن طريق إضافة بعض الشروط، إلي عقودها مثل التعهد بالشراء والالتزام بالإقراض، الأمر الذي أخلّ بمشروعية تلك الصكوك. وما ينشرح إليه الصدر المراجعات الشرعية المستمرة للمنتجات المصرفية الإسلامية، وذلك من خلال إعادة مناقشتها في المؤتمرات والندوات، التي تنظمها المجامع الفقهية والمؤسسات الراعية للصناعة، وهو ما نتج عنه تصحيح لكثير من القضايا الجدلية، سواء في منتجات الصكوك أو الخزينة أو التورق أو الإجارة مع الوعد بالتمليك.

* ما أبرز التحديات التي تواجه صناعة المصرفية الإسلامية والتمويل الإسلامي؟

- رغم النجاحات التي حققتها الصيرفة الإسلامية، خلال السنوات القليلة الماضية والنمو المطرد في معدلات نموها، فهي ما زالت تجابه كثيرا من التحديات، لعل من أبرزها الحاجة لتطوير نموذج المصرف الإسلامي، الذي يكون مستقلا عن محاكاة النموذج المصرفي التقليدي، ويكون في نفس الوقت قادرا على القيام بوظيفة الوساطة المالية التي تقوم بها المصارف، وثانيا إعداد الكوادر البشرية التي تتمتع بالخبرة والمعرفة في العمل المصرفي والإلمام بالضوابط والأحكام الشرعية، وثانيا تطوير المنتجات المصرفية الإسلامية، التي تلبي جميع احتياجات العملاء بشرائحهم المختلفة، وتكون تلك المنتجات محققة في ذات الوقت مصلحة المجتمع من حيث النمو والتطور، وثالثا تثقيف العملاء وتعريفهم بأحكام الصيرفة الإسلامية، وبمنتجاتها وما يتطلبه تنفيذ تلك المنتجات من إجراءات تختلف عن ما اعتادوه أثناء تعاملهم مع المصرفية التقليدية، ورابعا تطوير النظم المالية والقانونية والمحاسبية والتقنية.

* البعض يحمل جزءا من المسؤولية في حل تلك التحديات لمجلس الخدمات المالية الإسلامية والبعض يحملها للبنوك المركزية، وآخرون يحملونها للمجمع الفقهي الإسلامي.. ما حدود مسؤولية كل من هذه الجهات وما رؤيتك للمعالجة؟

- إن التطورات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، في العادة، تأخذ وقتا طويلا، حتى تتبلور وتأخذ شكلها الكامل، فالصناعة المصرفية التقليدية أخذت ما يربو على 400 عام لتأخذ هذا الشكل الذي نراه اليوم، وصناعة السيارات مضى عليها ما يزيد عن 250 عاما، حتى وصلت إلى ما وصلت إليه.. وهكذا، فالذين لا يقدرون حجم التحديات، التي تتطلبها التحولات الاقتصادية، يتبادر إلى أذهانهم أن صياغة النموذج المصرفي الإسلامي المتكامل، يمكن أن يتم ما بين ليلة وضحاها، وهم في هذا الأمر مخطئون، فالمصارف تتعامل بالمال، وبالتالي تكون خطوات الذين يديرون المال في العادة خطوات محسوبة تتجنب المخاطر المهلكة. كما أن تطور الصناعة المصرفية الإسلامية لا يمكن أن تقوم به جهة واحدة، فهو تطور مسؤولة عنه جميع الجهات المذكورة أعلاه.