سنغافورة تجذب المستثمرين الآسيويين بـ«الشريعة الإسلامية»

تهدف لأن تكون ممراً للفرص الاستثمارية بمنطقة الشرق الأوسط

سنغافورة تسعى الى ان تكون مركزا للثروة الاسلامية
TT

بعد انتشار المصرفية الاسلامية في كثير من دول العالم، تسعى سنغافورة الى ان تكون مركزا للثروة الاسلامية وممرا للمستثمرين الاسيويين الذين يسعون لفرص في الشرق الاوسط بالتعاون مع ماليزيا لتحقيق ذلك الهدف. ويعد مصرف سنغافورة المركزي اجراءات وقواعد لتسهيل عرض منتجات التمويل الاسلامي. وكانت مجموعة «دي بي اس»، وهو اكبر مصرف في جنوب شرقي اسيا قد اتفقت مع مجموعة من المستثمرين من الشرق الاوسط على تأسيس اول مصرف اسلامي في سنغافورة. وبدا مصرف التعاون الدولي الياباني الذي اصبح مراقبا في مجلس الخدمات المالية الاسلامية في يناير (كانون الثاني) الماضي، يروج ايضا لمشاريع التمويل الاسلامي في منطقة اسيا عبر مبادرتين هما «مبادرة اسواق السندات الآسيوية ومبادرة ممر اسيا، بهدف مساعدة تأسيس سوق تمويل اسلامي موحد في اسيا، برغم عدم وجود جالية اسلامية كبيرة في اليابان». ويهدف المصرف ايضا الى جذب استثمارات البترودولار من دول مجلس التعاون الخليجي في مشاريع استراتيجية ومشاريع البنية الاساسية في الدول الاسيوية. وفي الوقت نفسه بدأت الصين بدخول سوق الاستثمارات الاسلامية. اما سنغافورة فلديها عقارات قيمتها 1.32 مليار دولار ملتزمة بالشريعة و500 مليون دولار من صناديق التأمين الاسلامي.

وتسعى الكثير من الدول الاسيوية، التي يعيش بها 800 مليون مسلم إلى التحول لتكون مركز تمويل متوافقا مع الشريعة. ويزداد نشاط التمويل الاسلامي ـ مع وجود 50 مليون مسلم في الصين و250 مليون مسلم في اتحاد دول جنوب شرقي اسيا وما يزيد على 500 مليون مسلم في الهند وباكستان وبنغلاديش وسري لانكا والدول الصغيرة المحيطة بها ـ زيادة كبيرة في ظل عدم وجود معلومات رسمية عن الصناديق الاسلامية في المنطقة.

وعلى الرغم من أن ماليزيا هي مركز المصارف الاسلامية في المنطقة، فإن بعض الدول مثل اندونيسيا وهونغ كونغ بدأت تدخل هذا المجال.

وقالت نشرة «سيرفاي ماغازين» التي يصدرها صندوق النقد الدولي ان ماليزيا هي اكبر سوق للسندات الاسلامية في العالم حيث يوجد بها ما يقرب من 47 مليار دولار تمثل ثلثي السوق العالمي في هذا المجال.

وأوضحت النشرة «ان بورصة ماليزيا هي اكبر سوق إسلامي للاوراق المالية في العالم، مع وجود 86 في المائة من الاسهم المسجلة ملتزمة بالشريعة الاسلامية».

وكانت ماليزيا قد بدأت نظام المصارف الاسلامية قبل 25 سنة، واصبح لديها الان نموذج شامل ومتقدم ليس له مثيل في أي مكان آخر في العالم. وتصل قيمة قطاع التمويل الاسلامي العالمي الى ما بين 700 مليار الى تريليون دولار. ويصل نصيب ماليزيا من السوق الى 12 في المائة بالمقارنة بـ17 في المائة في دول مجلس التعاون الخليجي الست.

اما اندونيسيا اكبر دولة اسلامية حيث يدين 86 في المائة بالاسلام، فهي تأتي بعد ماليزيا وسنغافورا عندما يتعلق الامر بالتمويل الاسلامي.

ويقول اقتصاديون ان المصارف الاسلامية بطيئة التطور في اندونيسيا بسبب اللوائح والقوانين، فقانون المصارف الاسلامية ولوائح تطبيق الضرائب والسندات الاسلامية لم تصدر بعد لتسهيل دخول المستثمرين في مجال التمويل الاسلامي. وقد اصدر بنك اندونيسيا وهو المصرف المركزي في البلاد خطة للمصارف الاسلامية تتوقع ان تمثل 5 في المائة من اجمالي ودائع المصارف في اندونيسيا بحلول عام 2011 ويصل حجم التمويل الاسلامي في اندونيسيا الى 9.58 مليار دولار.

وأسس قسم التمويل الاسلامي بلندن شركة ضمان لتوفير الائتمان الإسلامي وخدمات الضمان للشركات غرب الصين. وكانت سنة 2006 هي نقطة انطلاق صندوق النقد الإسلامي في الصين حينما بدأ بنك شامل المتمركز في البحرين بتقديم خدماته النقدية ضمن شركة «المضاربة الواقعية الصينية». كما أطلق البنك الألماني (دويتشه بنك) نفس النوع من الخدمات تحت اسم «دي. دبليو. اس نور شينا ايكويتي».

وعلى الرغم من أن الهند تمتلك أكبر جمهور مسلم بعد اندونيسيا، فإنها لم تطلق بعد الصيرفة الإسلامية. وأسست الاستثمارات الإسلامية ابتداء من قيمة دولار واحد في سوق العاصمة الهندية، وفي قطاع البنى التحتية سنة 2007. وأشارت مصادر في السوق الى ان الهند شهدت خلال الاشهر القليلة السابقة استثمارات بقيمة تزيد على 800 مليون دولار في أسواق رأس المال تتبع النهج والشروط الاسلامية ولكنها ليست استثمارات اسلامية رسمياً.

الشرط الوحيد هو أن الأموال يجب أن تستثمر في شركات تلتزم بالشريعة وإقصاء الشركات التي تستثمر في حقول الكحول والتبغ والمقامرة والتسلية والخلاعة والفنادق ولحم الخنزير والأسلحة والذخيرة والخدمات المصرفية والمالية (لأنها تستفيد من الربح القادم من الدخل ذي الفائدة).

وأغلب الصناديق المالية الهندية المرتبطة بالشريعة هي في الخارج مثل صندوق نقد بنك مسقط والخليج للتمويل والاستثمار وشركة الاستثمار الكويتية، وبيت التمويل الكويتي وبنك طيب وبنك المدينة والخليج. وأطلق صندوق النقد الهندي صندوق نقد إسلامي. أما شركة «بارسولي كوربوريشن» فارتبطت مع «بدر بنك» الألماني لإطلاق صندوق نقد إسلامي في الهند. وقال الدكتور شارق نيسار الخبير في الاستثمارات الاسلامية: «مركز جاذبية العالم الاقتصادي بدأ يتحول تدريجياً من أوروبا واليابان وشمال أميركا إلى الصين والهند وجنوب شرقي آسيا».

وحسب دراسة أعدها الدكتور نيسار، فإن أسواق البورصة الملتزمة بالشريعة في الهند أكثر مما هو موجود في البلدان المسلمة إذا جمعت معاً. وحسبما جاء فيها فإن 61 في المائة من الشركات الهندية ملتزمة بالشريعة مقابل 57 في المائة بماليزيا و51 في المائة في باكستان ومجرد 6 في المائة بالبحرين. وقال إن هناك 335 من 1000 شركة في سوق البورصة الوطنية و237 من 500 شركة في سوق بورصة مومباي ملتزمة بالشريعة.

وتم تبنِّي الصيرفة الإسلامية على مستوى وطني في باكستان، وهناك حاليا ستة بنوك ملتزمة تماماً بالشريعة في باكستان. وهناك ما يقرب من خمسة صناديق نقد إسلامية بينما منحت اجازات لشركتين تعملان في مجال التأمين. ويوجد ما يقرب من 300 مؤسسة مالية إسلامية تتحكم في مبلغ يتراوح ما بين 800 مليار إلى تريليون من الأرصدة. وتزداد الودائع سنوياً بمعدل 10 في المائة.