الرئيس التنفيذي: «فينشر كابيتال بنك» البحريني يدرس التوسع في أسواق الخليج

جناحي لـ «الشرق الأوسط» : نجحنا في فلسفة القيمة المضافة للاقتصاد الإسلامي.. والاندماجات ستخدم الصناعة المالية الإسلامية

عبد اللطيف جناحي («الشرق الأوسط»)
TT

زاد فينشر كابيتال بنك البحريني رأس ماله من 66 مليون دولار عند إنشائه إلى 145 مليون دولار في أقل من عامين، من بدء نشاطه الفعلي، في السوق المصرفي، بعد نجاحات حققها في هذا الجانب. عبد اللطيف بن محمد جناحي الرئيس التنفيذي وعضو مجلس إدارة «فينشر كابيتال بنك»، أكد في حواره مع «الشرق الأوسط» أن أسباب النجاح تعود إلى المبدأ الذي من أجله أنشئ البنك، وهو أن تكون هناك قيمة مضافة لاقتصاد الدول الإسلامية، ما جعل العديد من استثماراته تنمو بشكل كبير بسبب هذه الاستراتيجية التي يتبعها البنك. وقال جناحي إن صناعة المالية الإسلامية بحاجة ماسة إلى الاندماجات والتكتلات لمواجهة المنافسة الحالية والمستقبلية. إلى التفاصيل:

> كيف كانت فكرة إنشاء فينشر كابيتال بنك؟

ـ عندما كنا طلابا في بريطانيا شد انتباهنا ما تقوم به بعض الشركات هناك من حيث دخولها في المشاركة في شركات ومؤسسات صغيرة، ومن ثم دعمها بالخبرات والاستشارات المالية والتنظيمية. وللأسف فلم يكن يوجد لدينا في منطقة دول الخليج العربي أية مبادرات في القطاع المصرفي في مثل هذا النوع، وهذا ما يعيب الأنظمة المصرفية في المنطقة، بحيث تركز على التمويل فقط وللشركات الكبيرة أو تلك التي تقدم ضمانات. لذلك استطعنا إقناع المسؤولين وعلى رأسهم محافظ البنك المركزي البحريني، وكذلك غسان السليمان رئيس مجلس إدارة «فينشر كابيتال بنك» الحالي وكان في وقتها يشغل رئيس غرفة تجارة جدة، والذي تجاوب مشكورا في تبنى المشروع وكان داعم أساسي للفكرة حتى خرجنا على الساحة، وتم تأسيس البنك في السادس من تشرين الأول (أكتوبر) عام 2005.

وتقوم فكرة البنك على تأسيس مؤسسة مالية استثمارية إسلامية في البحرين تضم نخبة من رجال المال والأعمال في دول مجلس التعاون الخليجي ومجموعة من المؤسسات المالية والتجارية في المنطقة، ويعتبر تأسيس فينشر كابيتال بانك مبادرة جديدة من نوعها حيث يعتبر البنك الإسلامي الأول المتخصص في تمويل والاستثمار في المشاريع الواعدة والناشئة في دول المنطقة وفي الأسواق العالمية. ويقوم النموذج العملي والتوجه الاستراتيجي للبنك على استيفاء متطلبات التمويل لدى قطاع المبادرات التجارية الجديدة والمشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تسعى للنمو والتوسع من خلال خلق وصياغة أدوات وحلول استثمارية إسلامية تلبي الاحتياجات المالية والتقنية لهذه المشاريع. والبنك جاء لسد الفراغ الناتج عن غياب مؤسسة متخصصة لتمويل والاستثمار في المشاريع الناشئة والواعدة في دول مجلس التعاون الخليجي والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وإلى عدم وجود سوق فاعل لمثل هذه المنتجات الاستثمارية المصرفية. > وكم يبلغ رأسمال البنك؟

ـ بدأنا برأس مال 66 مليون دولار وتم زيادته إلى 165 مليون دولار منتصف العام الماضي 2007، وتم إيداع المبالغ في نهاية العام الماضي، فيما بلغت أرباحنا عن العام الماضي 32 مليون دولار. وساهم في البنك 130 مساهما وفي البداية كانوا 80 مساهما، يمثل السعوديون 45 مساهما منهم ويملكون ما يقارب 50 في المائة من رأس المال، ومستثمرون من الكويت يملكون 25 في المائة، ومن البحرين 15 في المائة، ومن قطر والإمارات وعمان النسبة المتبقية. > كيف جاءت فكرة تأسيس مثل هذا البنك؟ ـ منطقة الخليج العربي تمر بمرحلة تغيرات كبيرة، حيث شكل تحرير الاقتصاد إلى جانب ارتفاع أسعار النفط قوة دافعة لنشاط اقتصادي متزايد. ونعتقد أن هذه الفترة ستكون فرصة فريدة للبنوك الاستثمارية في قطاع التمويل والاستثمار في المشاريع والشركات الناشئة والواعدة في المنطقة وشمال أفريقيا والتي تساعد على التنمية الاقتصادية وتحقق عوائد مجزية للمستثمرين في مثل هذه المشاريع.

والبنك توجه إلى المشاريع الصغيرة والمتوسطة والواعدة التي تتميز بالأسس التجارية القوية وذات قابلية للنمو من حيث التغطية السوقية ومستويات الربحية، وتتميز مثل هذه المشاريع بتدني قيمها السوقية وتعاني من محدودية المصادر المالية والإدارية، مما يعيق خططها التوسعية. وأوضاع مثل هذه الشركات تتطلب مشاركة مباشرة وفعالة في الإدارة والتمويل من قبل مؤسسات متخصصة لتنفيذ مشاريعها التوسعية ولتطوير عملياتها وأسواقها. وتعتبر فكرة «فينشر كابيتال بنك» الأولى من نوعها في المنطقة حيث لم يسبق لأي من المؤسسات المالية التقليدية أو الملتزمة بأحكام الشريعة الإسلامية، ولا مصادر التمويل الأخرى في منطقة الخليج والدول المجاورة باغتنام الفرص الاستثمارية الهائلة في هذا القطاع الحيوي من اقتصاديات المنطقة. ويرجع السبب في ذلك أساساَ إلى التحدي الذي تنطوي عليه عملية تمويل المشاريع الناشئة والواعدة وإلى ندرة المعرفة الفنية في هذا المجال وعدم قدرة كثير من المؤسسات الإقليمية على تعديل نطاق أعمالها التجارية وأهدافها ومواردها البشرية والفنية لاستيعاب هذه الأنشطة الاستثمارية غير التقليدية. > كيف يوازن البنك بين العوائد والمخاطر في استثماراتكم؟

ـ تم وضع استراتيجية شاملة للبنك من اجل تحقيق عوائد مجزية على الاستثمار وبدرجات مقبولة من المخاطرة، من خلال طرح سلسلة من الصفقات المدروسة تتم هيكلتها عن طريق القدرات الذاتية للبنك أو عن طريق التعاون والتشاور مع حلفاء البنك وشركائه الفنيين. ويتم اختيار هذه الصفقات حسب المعايير الاستثمارية للبنك، مع الأخذ في الاعتبار تطلعات المستثمرين وتوقعاتهم. ونحن لا نغامر في مبالغ المساهمين، وهناك آلية لاستقطاب الفرص وتقييمها وتحديد المخاطر ومن ثم أخذ القرار بالاستثمار أو عدم الاستثمار، وعند تحديد المخاطر نضع آليات لتفادي وتقليل المخاطر وتوفير وسائل الدعم لهذه الشركات أو الفرص لتحقيق نجاحها. واستقطبنا بعض الكفاءات المتميزة من بيوت الخبرة العريقة من أوروبا والولايات المتحدة، وحتى من دول الخليج العربي، وهذا سبب النجاح وهو الاستثمار في أنشطة مختلفة. > مثل ماذا هذه الأنشطة؟

ـ مثل النشاط العقاري والذي لو نظرنا إليه من ناحية القمية المضافة إلى المنطقة مثل مشروع «كار بارك بلدنغ» مواقف السيارات في المنقطة الدبلوماسية في المنامة، وهي منطقة مكتظة بالسكان والمكاتب. والمبنى رغم ذلك لم يف بالغرض والمنطقة بحاجة لمثل هذه المشاريع، ولكن اختيارنا للمشروع كان لإيماننا بأهمية أن تكون هناك قيمة مضافة للاقتصاد، وكذلك وبما أن منطقة الخليج تعتمد في دخلها على النفط، فجميع الشركات التي تعمل في هذا المجال هي شركات أجنبية عالمية، وليس لدينا شركات خاصة تقدم الخدمات للقطاع النفطي، فبحثنا في السوق ورأينا أحد الشركات الموجودة وهي شركة شارلنجر فاستثمرنا فيها. وبعد دخولنا معها في الاستثمار أصبحت أكبر شركة خاصة لحفر آبار نفط، وتمتلك حوالي 33 حفارة، بعد أن كانت 16 فقط.

> وكم تبلغ حصتكم في هذه الشركة؟

استحوذنا على نسبة 30 في المائة من الشركة، وهي شركة موجودة في الولايات المتحدة، ونهدف إلى أن تدخل كافة أسواق دول الخليج النفطية، خاصة أن شركة أميركية أخرى ستدخل كشريك في الشركة بـ25 في المائة، واشترطنا عليها أن تحول حفارات الشركة الأميركية الجديدة إلى شركة شارلنجر. فالقيمة هي ليست فقط في استثمار المال، وإنما في القيمة المضافة. ودخولنا في هذه الاستثمارات يأتي عن طريق الدعم في المجال المالي، وتقديم الاستشارات المالية، ودمج خبرة الشركات الفنية وخبراتنا في المجال المالي.

> وماذا عن الاستثمارات الأخرى؟

البنك دخل في استثمار في مجمع صناعي في الأردن لشركة عائلية اسمها (جاسكو) والتي كانت ترغب في توسعة إنتاجها، ولكن لصغر حجمها لم تجد الدعم من قبل المصارف، فدخلنا في الاستثمار فيها، وتضاعف حجم إنتاجها إلى حوالي عشرة أضعاف ما كانت عليه. والآن تبلغ حصتنا في هذه الشركة 65 في المائة، وبعد نجاحنا في هذه الشركة، دخلت معنا شركة متخصصة في تقدم المواد الأولية للصناعة، وهي شركة الفوسفات الأردنية، وبلغت حصتها نحو 20 في المائة. وكما ذكرت فإننا نسعى في استثماراتنا، إلى إضافة قيمة للاقتصاد، فهذه الشركة الأردنية مثلا وفرت نحو 300 فرصة عمل على مدى عام ونصف.

كذلك وقعنا في اتفاقية مذكرة تفاهم بتأسيس صندوق مخصص للاستثمار في الفرص الصغيرة والواعدة بقيمة 15 مليون دولار، وتبلغ مساهمة البنك نحو 20 في المائة كمرحلة أولية، وسيتم تعميم التجربة في عمان والكويت والأردن، إلى جانب السعودية.

> وماذا عن استثمارات البنك في السعودية؟

ـ نسعى حاليا لتأسيس شركة استثمارية في السعودية، ونحن قدمنا في المرحلة النهائية من تجهيز الدراسات والطلب إلى هيئة سوق المال السعودية، وهذه الشركة ستكون موجهة للاستثمار في الشركات الصغيرة والمتوسطة والفرص الواعدة في السعودية.

> لديكم هيئة شرعية في البنك، ماذا عنها؟

ـ لدينا هيئة شرعية وجميع معاملات البنك تجيزها الهيئة، وجميع استثمارات البنك لا بد أن تطلع عليها الهيئة وتجيزها قبل الشروع فيها، والهيئة تضم علماء بارزين ولهم خبرتهم في هذا المجال، وهم الشيخ نظام يعقوبي والدكتور عبد الستار أبو غدة، والدكتور عيسى زكي. > هل رفضت الهيئة الشرعية بعض الاستثمارات؟ نعم رفضت الهيئة بعض الفرص الاستثمارية، التي طرحت عليها لعدم شرعيتها، ونحن لا نقوم بأي مشروع إلا بعد دراسة كافة تفاصيله، ومن ثم عرضه على الهيئة الشرعية.

> وهل أنت مع إنشاء هيئة شرعية موحدة للبنوك الإسلامية؟

ـ أنا مع المرونة والدين الإسلامي يسر، وهذا لا يعني تجاهل الآخرين، وليس من المنطقي توحيد الأحكام، وأرى أن الهيئة إذا كانت تنظر إلى المرونة، فإن المسألة هنا ستكون مسألة تنظيمية. > ما خطط البنك التوسعية؟

ـ توجهنا سيكون نحو تمثيل المكاتب أو التحالفات، وهدفنا دائما يركز على الشراكات أو الاستحواذ أو أن يكون البنك من المؤسسين الرئيسيين لأية استثمارات، ونسعى للوصول إلى كافة دول مجلس التعاون الخليجي.

> كيف ترى واقع الصناعة المالية الإسلامية؟

ـ الصناعة المصرفية الإسلامية يجب أن تتوسع بشكل أكثر، خلال الخمسة أعوام المقبلة، وأرى أن البنوك الإسلامية يجب أن تتعاون سواء عن طريق الاندماجات أو تكوين كيانات أو باستقطاب فرص والاستثمار فيها، وهذا شيء ضروري في الوقت الحالي لمواجهة المنافسة والحضور في السوق بشكل قوي، وهو سيخدم الصناعة المالية الإسلامية بشكل عام.