كيف يمكن للتقنية أن تحل مشاكل الصيرفة الإسلامية؟

لاحم الناصر

TT

تعتبر المصارف من أكثر المؤسسات استفادة من التقنية الحديثة فقد أصبح عملاء هذه المؤسسات ليسوا بحاجة إلى زيارة فروعها حيث يمكن للكثير منهم إجراء عملياته الروتينية ابتداء من سداد فواتير الخدمات وانتهاء بتداول الأسهم في الأسواق المحلية والعالمية. وتختلف درجة هذه الاستفادة وفقا لما تسمح به القوانين والبنية الالكترونية الموجودة فيها هذه المصارف بين بنية قانونية والكترونية متقدمة وأخرى متخلفة. إلا ان منتجات الصيرفة الإسلامية لم تستفد من التقنية الحديثة كما يجب حيث تتم أكثر عملياتها بصورة يدوية مما أدى إلى بطء الإجراءات وكثرة الأعمال الورقية إضافة إلى تعرض الكثير منها لمخالفة قرارات الهيئة الشرعية نتيجة للأخطاء البشرية. ولعل عدم استفادة منتجات الصيرفة الإسلامية من التقنية الحديثة ناتج عن قصر نظر القائمين على هذه الصناعة من حيث حساب الكلفة الباهظة للتطوير التكنولوجي اللازم للاستفادة من التقنية الحديثة دون النظر في المنافع المتوقعة، إضافة إلى ان عدم تبني الجهات الرقابية للتطوير التكنولوجي في جانب الصيرفة الإسلامية أدى إلى فقدان الدافع لدى هذه المؤسسات للتطوير. وقد يسأل البعض وكيف يمكن ان تخدم التكنولوجيا منتجات الصيرفة الإسلامية لاسيما وأننا نعلم ان الصيرفة الإسلامية قائمة على عقود المعاوضات مثل المرابحة والإجارة المنتهية بالتمليك وعقود المشاركات، والحقيقة ان الناظر في حجم السلع المتداولة الكترونيا في الولايات المتحدة عام 2007 والتي بلغت قيمتها 259 مليار دولار (وفقا لتقرير الاتحاد الوطني للتجزئة) يعلم ان استخدام التكنولوجيا لخدمة منتجات الصيرفة الإسلامية أمر لا يحتاج إلا لبصيرة نافذة وإرادة جازمة حيث يمكن استغلال بيئة التجارة الالكترونية بعد تطويرها لإتمام عمليات الصيرفة الإسلامية في جانب التمويل والاستثمار. فعلى سبيل المثال عندما يريد العميل تمويل بالمرابحة لشراء سيارة فما يتم الآن هو انه يذهب للمصرف حيث يقوم بتعبئة نموذج طلب تمويل (بعض المصارف تتيح ذلك عبر الهاتف المصرفي أو الانترنت) ثم بعد الموافقة على طلبه يقوم مرة أخرى بزيارة المصرف لتوقيع طلب ووعد الشراء بالمرابحة ومن ثم يطلب المصرف من العميل تحديد نوع ولون السيارة المطلوبة وذلك عن طريق زيارة المعرض الذي يتعامل معه المصرف وبعد ذلك يقوم المصرف بشراء السيارة من المعرض ومن ثم توقيع عقد المرابحة مع العميل وإعطائه إذنا بتسلم السيارة من المعرض (بعض المصارف تقوم بإتمام هذه الإجراءات داخل المعرض) مع ما قد يصاحب هذه العملية من اجتهادات خاطئة من بعض الموظفين بهدف اختصار الإجراءات على العميل مثل توقيع العميل على عقد المرابحة قبل إتمام شراء السيارة من قبل المصرف ولا شك ان هذا مما يبطل العقد ويدخل المعاملة في دائرة الحرام حيث باع المصرف مالا يملك.

أما ما أتمناه أنا، فهو ان تتم هذه العملية عبر الانترنت حيث يقوم العميل بتقديم طلبه ومن ثم يتم إشعاره بالقبول أو الرفض وفي حال القبول يقوم العميل بالموافقة على نموذج طلب ووعد الشراء الموجود على الموقع ومن ثم يتاح له تصفح السيارات الموجودة في المعرض عبر ربط قاعدة بيانات المعرض مع المصرف وعند اختياره للسيارة يقوم المصرف عبر نظامه آليا بشراء السيارة من المعرض حيث تحكم عملية الشراء هذه اتفاقية يكون المصرف قد قام بتوقيعها مع المعرض توضح الآلية التي تتم بها هذه العملية والالتزامات القانونية الناتجة عنها، ومن ثم يقوم المصرف ببيع السيارة على العميل مرابحة عبر الموقع حيث يقوم العميل بالموافقة على عقد المرابحة آليا ومن ثم يقوم بطباعة الإيصال الذي يوضح نوع السيارة ولونها ورقم الشاسيه لتسليمه للمعرض لتسلم السيارة كل هذه العمليات تتم وفق تسلسل يراعي الشروط الشرعية اللازمة لتحقق ملكية المصرف للسيارة مع تجنب الكثير من الأعمال الورقية والأخطاء البشرية، وهكذا يمكن استغلال التقنية لخدمة جميع منتجات الصيرفة الإسلامية.

بعد كل ما سبق أليس السعي لتطوير التقنية لحل مشاكل منتجات الصيرفة الإسلامية أجدى وأولى من البحث عن الحيل.

* مستشار في المصرفية الإسلامية [email protected]