مصرف الإنماء.. طموح القيادة وأسباب النجاح

لاحم الناصر

TT

حضرت الأسبوع الماضي لقاءً تعريفياً بمصرف الإنماء، وهو مصرف سعودي في طور الإنشاء يبلغ رأسماله 15 مليار ريال. وتحدث في هذا اللقاء الأستاذ عبد المحسن الفارس، الرئيس التنفيذي للمصرف، فركز في حديثه على التزام المصرف بأحكام الشريعة الإسلامية في جميع معاملاته شكلا ومضمونا بما يحقق مقاصد الشرع الحنيف مع النأي بالمصرف عن جميع صيغ الصيرفة الإسلامية التي تحيط بها الشبهات، والتي انتشرت في هذه الصناعة أخيرا. وأكد هذا التوجه فضيلة الشيخ عبد الرحمن الاطرم رئيس الهيئة الشرعية للمصرف. وهذا اللقاء وما دار فيه رفع من سقف الطموح لدي في إمكانية عودة الصيرفة الإسلامية لتحقيق أهدافها والمبادئ التي تقوم عليها والغايات التي أنشئت من اجلها، ليرى العالم من خلالها ما يمكن ان يقدمه الإسلام من حلول لمشاكله المالية المستعصية، وذلك بعد ان اختطفت الصيرفة الإسلامية في السنوات الأخيرة من قبل من لم ير فيها سوى أداة لمضاعفة أرباحه.

فهل يا ترى يستطيعُ القائمون على المصرف إنجاز ما وعدوه وتحقيق الآمال المعقودة عليهم؟ الجواب ودون تردد نعم.

فلا شيءَ يقف أمام الإرادة المتسلحة بالإمكانات والمعرفة مع الصبر والتوكل على الله قال تعالى «إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت واليه أنيب» (هود 88). أما النوايا الحسنة لوحدها فإنها لا تحقق شيئا لذا يجب على القائمين على المصرف ترجمة الأقوال إلى أفعال عبر وضع الخطط المبنية على دراسة الواقع ومعطياته مع توفير الأسباب اللازمة للنجاح، والتي أرى ان من أهمها ما يلي:

اولا: استقطاب القيادات والكوادر البشرية المشهود لها بالنجاح في عملها في أوساط صناعة الصيرفة حتى ولو لم تكن ذات خبرة في الصيرفة الإسلامية، حيث أن الكوادر البشرية المؤهلة هي مَنْ يصنع النجاح بعد توفيق الله. ومع ان هذا الاستقطاب يكون مكلفاً حيث تشح الكفاءات البشرية في هذه الصناعة وتشتد المنافسة بين المؤسسات إلا ان المصرف قادر بما يملك من امكانات مادية على الفوز بأفضل الخبرات في هذا المجال. ثانيا: استخدام أسلوب الإحلال في التعامل مع منتجات الصيرفة الإسلامية التي تحيط بها الشبهات بحيث لا يتم إيقاف التعامل بها إلا بعد إيجاد بديل عنها ليس به شبهة، وهذا من الحكمة حيث ان المصرف هو جهة مالية ربحية يعمل في بيئة تنافسية فيجب ان تراعى مصالح المستثمرين فيه حتى لا تفشل التجربة. ثالثا: تأسيس وحدة للأبحاث والتطوير ترتبط مباشرة بالرئيس التنفيذي تتكون من فريق خبراء أو ما اصطلح على تسميته بـ(Think Tank) تكون مهمة هذا الفريق إيجاد الحلول للمشكلات وابتكار وتطوير الأدوات. رابعا: فتح قنوات الاتصال بين المصرف والمبدعين من خارجه للاستفادة من أفكارهم وإبداعاتهم عبر عقد ورش العمل وطرح المشكلات عليهم مع تقديم الحوافز لهم وحفظ حقوقهم المادية والأدبية فيما يقدمونه للمصرف من حلول وابتكارات. خامسا: الاستثمار في التقنية عبر الدخول في شراكات استراتيجية مع الشركات الرائدة في هذا المجال لتطويع التقنية لخدمة الصيرفة الإسلامية كما ذكرت ذلك سابقا في مقالي كيف يمكن للتقنية ان تحل مشاكل الصيرفة الإسلامية. سادسا: السعي لإيجاد سوق لتبادل السلع الأساسية داخل المملكة العربية السعودية وذلك عبر إنشاء شركات لهذا الغرض مع موردي السلع الأساسية كسابك وأرامكو وشركات الاسمنت والحديد ومؤسسة الصوامع على ان تكون هذه الشركات نواة لبورصة لتبادل السلع. سابعا: السعي لتطوير أدوات لقياس المخاطر في أدوات التمويل القائمة على المشاركة في الربح والخسارة، ولعل عدم القدرة على قياس المخاطر في الأدوات القائمة على المشاركة في الربح والخسارة هو ما أدى بالصيرفة الإسلامية إلى التوجه لأدوات المداينة كالمرابحة والتورق.

* مستشار في المصرفية الإسلامية