الهيئات الشرعية للمصارف ليست خدعة

TT

يقول الله تعالى: «ولا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولا» الإسراء آية (36).

في الحقيقة لم يكن من عادتي ان اخصص هذه الزاوية للرد على ما تتعرض له الصيرفة الإسلامية من اتهامات، ولكنني اليوم سأخالف هذه العادة وذلك لشناعة التهمة وجلالة قدر المتهمين عندي وعند الكثير من القراء مع مجافاة التهمة للحقيقة وبعدها عن الإنصاف حيث كال الكاتب التهم جزافا مدغدغا عواطف القراء المشحونين على صناعة الصيرفة بوجه عام والصيرفة الإسلامية على وجه الخصوص لاعتقادهم إنها جزء من النكبة التي يعيشونها. ولو كان النقد منصفا ومبنيا على علم لما أحوجني للرد ولكنني رأيته متشنجا مبنيا على العواطف خاليا من الدليل، فرأيت ان الواجب الشرعي والمهني يلزمني بالرد وذلك من باب إحقاق الحق والدفاع عن عرض مشائخنا وإخواننا من أعضاء الهيئات الشرعية. لقد بدأ الكاتب أولى هذه التهم بأن نفى وجود أي لجان للرقابة الشرعية في المصارف السعودية وان المسماة تجاوزا لجان رقابة هي في الواقع لا تملك أي دور رقابي على البنك. والحقيقة أنني لا اعلم كيف بنى الكاتب رأيه هذا؟! فهل اطلع على لوائح عمل الهيئات الشرعية المنظمة لعلاقتها مع المؤسسات المالية التي تراقبها؟! فوجد ذلك مكتوبا؟ وما هي الوقائع التي تسند قوله؟

الذي اعلمه وبحكم خبرتي في هذا القطاع ان اللوائح المنظمة للعلاقة بين الهيئات الشرعية والمؤسسات المالية جعلت سلطة الهيئة الشرعية سلطة مطلقة في الرقابة والإجازة والمنع. كما ان قراراتها ملزمة لمجلس الإدارة فضلا عن الإدارة التنفيذية لا يجوز مخالفتها في جميع أعمال المصرف ان كان إسلاميا بالكامل أو في المنتجات المطابقة للشريعة الإسلامية في المصارف التقليدية. ولا يجوز ان تحجب عنها أي معلومة أو يحال دون وصولها إليها هي أو من تنيبه ليقوم بهذا العمل نيابة عنها، والحقيقة التي أود تأكيدها هنا هي ان أصحاب الفضيلة لا يقبلون بأقل من هذا عند قبولهم عضوية الهيئة الشرعية.

كما ان الوقائع تنفي ما ادعاه الكاتب، فعلى اقل تقدير توجد أربعة مصارف سعودية تحتوي على إدارات للرقابة الشرعية يعمل بها العديد من المراقبين الشرعيين المفرغين لهذا العمل يقومون بالمراجعة والتدقيق الشرعي ورفع التقارير للهيئة الشرعية. كما ان بعض المصارف التقليدية قام بإسناد مهمة الرقابة الشرعية حسب توجيهات الهيئة الشرعية لبعض المراكز المستقلة المتخصصة في ذلك، فهل سعى الكاتب للوصول للحقيقة قبل ان يكتب ما كتب؟ ازعم انه لم يكلف نفسه ذلك وإلا لكف عنا عناء الرد عليه.

أما التهمة الثانية التي كالها الكاتب لأصحاب الفضيلة فهي عدم الحيادية والطعن في نزاهتهم، لماذا؟ لان المصرف هو الذي يختارهم، كما انه يقوم بدفع مخصصاتهم، فهل يرى الكاتب ان هذا القول ينطبق كذلك على مراجع الحسابات الخارجي؟! بحكم ان المصرف هو من يعينه وانه يأخذ أتعابه من المصرف على عمله، أم ان أعضاء الهيئات الشرعية هم من يجب عليهم العمل احتسابا وتقديم خدماتهم بالمجان لمؤسسات تكسب من عملهم الملايين، أليس من العدل معاملتهم أسوة بمراجع الحسابات الخارجي.

ان ما ساقه الكاتب من تهم تدل على جهل منه بواقع الهيئات الشرعية وآليات عملها والأطر التي تحكمها. كما أنها تنم عن اندفاع غير مبرر تحركه العواطف حيث تكال الاتهامات جزافا بعيدا عن العقل والحكمة وتحكيم الشرع وإلا كيف يبرر الكاتب وقوعه في خطأ اتهام أصحاب الفضيلة أعضاء الهيئات الشرعية وهم من هم في العلم والفضل والمكانة، في ذممهم باتهامه لهم ببيع دينهم بدنياهم حين يقول «إن أعضاء لجان الرقابة الشرعية قد سمحوا لأنفسهم بأن يستغلوا من قبل البنوك لتضليل العامة واستغلال عواطف الناس ورغبتهم في التعامل مع البنوك وفق ضوابط شرعية) إنني اذكر أخي الكاتب الكريم هو وكل من يخوض فيما لا علم له به بالآية الكريمة أعلاه.

* مستشار في المصرفية الإسلامية [email protected]