البنوك الإسلامية في اليمن تستحوذ على 40% من السوق المصرفي

عددها 4.. وحققت نجاحاً ملحوظاً رغم حداثة تجربتها

البنك المركزي اليمني («الشرق الاوسط»)
TT

عززت البنوك الإسلامية الأربعة العاملة في اليمن (بنك التضامن الإسلامي الدولي، بنك سبأ الإسلامي، البنك الإسلامي اليمني، وبنك اليمن والبحرين الشامل) صدارتها للسوق المصرفي اليمني للعام الثاني على التوالي.

وسجلت البنوك الإسلامية نموا مقدرا على مستوى الموجودات والأرباح والعائد على الفوائد، ومستوى مساهمتها في علميات التمويل والإقراض على ما نسبته 40 في المائة من السوق المصرفي اليمني، بالرغم من حداثة تجربتها التي تعود إلى عام 1996.

 ووفق تقرير صادر عن البنك المركزي اليمني، بلغ إجمالي التمويلات التي قدمتها البنوك الإسلامية لمختلف القطاعات الاقتصادية العام الماضي 153 مليار ريال يمني (7.6 مليار دولار)، تمثل ما نسبته 45 في المائة من إجمالي التمويلات المصرفية التي قدمتها البنوك التجارية اليمنية مجتمعة، مقارنة مع تمويلات بلغت 83 مليار ريال (4.1 مليار دولار) عام 2006.

وتصدر بنك التضامن الإسلامي الدولي البنوك اليمنية للعام الثاني على التوالي لتصل نسبة مساهمته 18.5 في المائة من إجمالي حجم الموازنة المجمعة للبنوك التجارية والإسلامية ورفع حجم أصوله بنسبة 24 في المائة كما حقق أرباحا بلغت 82 مليون دولار بنسبة نمو قدرها 27 في المائة ورفع مستوى مركزه المالي بنسبة 24 في المائة ليصل إلى 236 مليار ريال (11.8 مليار دولار) نهاية العام الماضي. وحسب عبد الواسع هائل سعيد رئيس مجلس الإدارة، فان بنك التضامن الإسلامي سجل قفزة نوعية في معدل نمو الودائع بنسبة 20 في المائة وتوزيع أرباح مجزية على المودعين بلغت 14.2 في المائة على الودائع بالريال و6 في المائة على الودائع بالدولار، كما ارتفع حجم التمويلات التي قدمها البنك بنسبة 127 في المائة.

ولم تقل مؤشرات الأداء في بنك سبأ الإسلامي خلال العام الماضي شأنا كما يفيد مدير عام البنك، جميل الإنسي، حيث استطاع البنك رفع حجم أصوله بنسبة 41 في المائة وحقق نسبة ارباح على الفوائد في المستوى اليمني بنسبة 15 في المائة على ودائع الريال و6.45 في المائة على الودائع بالدولار محتفظا للعام العاشر على التوالي بمترتبة متقدمة في توزيع أعلى نسبة أرباح.

واستطاعت البنوك الإسلامية اليمنية خلال فترة قياسية تحقيق تطورات مهمة في أدائها لتصبح قوة أساسية في الأداء الاقتصادي اليمني مستفيدة في ذلك من مجمل الاختلالات التي رافقت تجربة البنوك التجارية اليمنية وما واجهته من صعوبات ومشكلات مالية منعتها من الإسهام في دفع عجلة التنمية الاقتصادية على النحو المفترض لتصبح بديونها المتعثرة والبالغة 45 مليار ريال يمني عقبة أمام أداء وتطور الجهاز المصرفي اليمني.

وفي الوقت الذي نجحت فيه البنوك الإسلامية حديثة النشأة في جذب مبالغ كبيرة من الودائع والمدخرات من مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والعمل على إعادة تدويرها في الأنشطة الاقتصادية المختلفة إلى جانب إسهامها بشكل فعال في تمويل القطاعات الاقتصادية والاستثمارية وفق صيغ التمويل الإسلامي المختلفة.

 وما يؤخذ على تجربة البنوك الإسلامية اليمنية أن نشاطها التمويلي ظل قاصرا على المرابحات برغم دورها الأساسي والمتزايد في الأداء المصرفي والاقتصادي، وهو ما يوضحه احمد عبد الرحمن السماوي محافظ البنك المركزي اليمني بإشارته إلى أن البنوك الإسلامية استطاعت استقطاب فئات جديدة من المستثمرين كانت أموالهم خارج الدورة الاقتصادية، والتي كانت هذه الفئات تتحرج من التعامل مع البنوك التقليدية لاعتبارات دينية وشرعية.

وقال السماوي إن ما يؤسف له هو أن هذه البنوك ورغم النجاحات التي حققتها قصرت نشاطها التمويلي على صيغ المرابحة ولم تنشط في مجالات التمويل والاستثمار الأخرى كالمشاركة والمضاربة والاستصناع، مطالبا بطرح صيغ تمويلية جديدة تولد فرصاً اضافية لهذه البنوك وتخدم اغراض التنمية الاقتصادية.

وينفي القائمون على البنوك الإسلامية هذه التهمة بتأكيدهم أن استثماراتهم في قطاعات الإنتاج والسلع والخدمات تصل إلى 47 في المائة سنويا من إجمالي حجم أصول هذه البنوك مما يؤكد طبيعة نشاطها التنموي في الوقت الذي لا تزيد فيه مساهمة البنوك التجارية في تمويل القطاعات الاقتصادية المختلفة عن 15 في المائة في المتوسط. كما أن نجاح البنوك الإسلامية في ربط الجانب الاجتماعي بالجانب الاقتصادي يؤكد مساهمتها الفاعلة في التنمية ويعزز من فرص تنامي دورها مستقبلا.

ويثير مشروع قانون جديد لتعديل قانون المصارف الإسلامية جدلا واسعا في الأوساط التشريعية والاقتصادية اليمنية بين مؤيد ومعارض ويهدف تعديل المادة 6 من القانون إلى إعطاء البنك المركزي اليمني حق تقرير الحد الأدنى لرأسمال أي بنك، وجواز مساهمة غير اليمنيين في رأسمال أي بنك إسلامي. بالإضافة إلى ذلك، منح البنوك التجارية الحق في فتح نوافذ تعمل وفقا للشريعة الإسلامية. كما يهدف إلغاء المادة 21 من القانون إلى حرمان البنوك الإسلامية من الإعفاءات والامتيازات الواردة في قانون الاستثمار.

وتبدي البنك الإسلامية رفضا قاطعا لمشروع تعديل القانون وترى فيه محاولة للالتفاف على النجاح الذي حصدته هذه البنوك في فترة قياسية والعمل على تحجيم نشاطها لصالح البنوك التقليدية.

 ويكشف حميد الأحمر رئيس مجلس إدارة بنك سبأ الإسلامي أن سعي البنك المركزي لتعديل قانون البنوك الإسلامية يهدف بدرجة أساسية لتحقيق رغبة بنك التسليف الزراعي اليمني في إدخال شريك اجنبي (بنك الدوحة الإسلامي) من خلال نافذة تعمل وفقا للشريعة الإسلامية، موضحا أن البنوك الإسلامية اليمنية استطاعت اجتذاب 45 إلى 50 في المائة من مدخرات اليمنيين وعملت على توظيفها في مشروعات إنتاجية وتنموية، مشددا على رفضه لمشروع تعديل القانون.

في مقابل ذلك، يؤيد النائب البرلماني ووزير التخطيط السابق احمد صوفان مشروع تعديل قانون البنوك الإسلامية تحقيقا للمصلحة العامة، وبما يكفل التوافق في السياسة الاقتصادية للدولة ويحقق العدالة الاجتماعية ويكسر احتكار النشاط الاقتصادي بقصره على نخب وفئات، متهما البنوك الإسلامية بالتحايل على الشريعة وعدم ممارستها لأنشطة تنموية واستثمارية حقيقية.  كما عزا محمد حسن الزبيري رئيس مجلس إدارة بنك اليمن والخليج النشاط الذي حققته البنوك الإسلامية إلى طبيعة المجتمع اليمني المتدين والمحافظ، فمعظم الشرائح تفضل التعامل وفقا للشريعة الإسلامية تجنباً للربا مع أن الآلية التي تعمل من خلالها البنوك التقليدية والإسلامية تعتبر واحدة وليس هناك خلاف إلا في المسميات. وتأسيساً على مؤشرات الأداء المالي والمصرفي للبنوك الإسلامية في اليمن فإنها مرشحة للاضطلاع بدور اكبر خلال الأعوام المقبلة على ما يبدو على الصعيدين المصرفي والاقتصادي، استنادا إلى قدرتها على تعبئة الموارد لتمويل الاستثمارات المنتجة وذات الأولوية الاجتماعية الاقتصادية.

بالإضافة إلى كونها وثيقة الصلة بالموارد البشرية للمجتمع اليمني على عكس البنوك التجارية التي أسست صلاتها بكبار البيوت التجارية ورجال الأعمال من الأفراد والذين غالبا ما يستحوذون على مواردها المتاحة وتوظيفها لخدمة مصالح ذاتية أو قاصرة على فئات محددة.