برامج الصيرفة الإسلامية التلفزيونية

TT

ركز الإعلام بجميع أدواته في السنتين الأخيرتين على الصيرفة الإسلامية. ومن هذه الأدوات؛ القنوات التلفزيونية. وتتنوع برامج هذه القنوات بين الإفتاء والبرامج الحوارية، لكن المتابع لهذه البرامج سواء كان مختصا أو من عموم المشاهدين يتضح له جليا ضعفها من جميع الجوانب، مع ان بعضها كان مخصصا لهذه الصناعة. ولعلني أعزو السبب في هذا الضعف إلى افتقار أطقم هذه البرامج، وعلى وجه الخصوص، المعدين منهم للخبرة والمعرفة في هذه الصناعة، ويظهر هذا الضعف في اختيار مواضيع هذه البرامج، فتجدها مكررة أو هامشية لا تهم الشريحة العظمى من المهتمين بهذه الصناعة. كما ان الضيوف الذين يتم اختيارهم تجد في الغالب ان من بينهم من ليس من أهل هذه الصناعة. أما إذا وفقوا في اختيار الموضوع والضيوف، فإن محاور الحلقة تكون سطحية لا تناقش الموضوع بتعمق ولا تطرح إشكالاته بصورة مهنية. ويزيد الطين بلة عدم استيعاب مقدم البرنامج لما يطرح من محاور، مما يوقع الضيف في حرج بالغ في بعض الأحيان عندما يحاول المقدم الخروج على النص أو ان يستفسر عن نقطة في الحوار لم يفهمها. ولقد ساهم هذا الضعف في انصراف الكثير من المشاهدين عن متابعة هذه البرامج، مما حدا بهذه القنوات إلى إلغائها أو اختزالها. والحقيقة ان جمهور المشاهدين والعاملين في هذه الصناعة تواقون إلى وجود مثل هذه البرامج المتخصصة في هذه الصناعة بل تكثيفها شرط ان يتم الإعداد لها بشكل مهني واحترافي يرضي المشاهد ويشبع رغبته في المعرفة ويطرح إشكالات هذه الصناعة بكل شفافية ووضوح على المختصين وأصحاب القرار فيها دون مواربة أو مداهنة طرحا موضوعيا بعيدا عن التجني والأحكام المسبقة، ولا يستطيع ذلك إلا أهل الخبرة والمعرفة بهذه الصناعة. فيجب على هذه القنوات إن كانت تريد النجاح لبرامجها في هذه الصناعة السعي إلى استقطاب الكفاءات المهنية في هذه الصناعة للعمل كمعدين ومقدمين لهذه البرامج أو في أقل الأحول مستشارين لها يقترحون المواضيع التي يجب طرحها ومناقشتها ويرشحون ضيوف البرامج ويعدون المحاور. كما يجب على هذه القنوات إضافة على ذلك العناية بتأهيل مقدمي هذه البرامج ـ إن لم يكونوا من أهل هذه الصناعة ـ تأهيلا معرفيا عبر إشراكهم في الدورات التدريبية الخاصة بهذه الصناعة، وعلى وجه الخصوص دورة أساسيات العمل المصرفي الإسلامي. ان صناعة بحجم صناعة الصيرفة الإسلامية وسرعة نموها التي تبلغ في المتوسط 20% سنويا، وترتفع هذه النسبة في بعض الدول إلى 35% سنويا تعتبر سوقا إعلانيا ضخما، وحري بجميع القنوات التلفزيونية السعي لإيجاد موطئ قدم لها فيه، حيث تتنافس المؤسسات المالية الإسلامية والتقليدية التي تقدم منتجات إسلامية على الوصول إلى العملاء المستهدفين بجميع الطرق المتاحة، وذلك بهدف بيع منتجاتها وبناء علاماتها التجارية وتعزيز ثقة عملائها بها. ولعل مما يشير إلى ما ستحققه هذه القنوات من عائد مادي مجز من مثل هذه البرامج هو النجاح الذي تحققه اليوم صفحات الصيرفة الإسلامية في الصحافة المطبوعة في استقطاب المعلنين حيث تتسابق المؤسسات المالية الإسلامية والتقليدية التي تقدم منتجات إسلامية إلى رعايتها. كما فطنت لذلك مؤسسات النشر المتخصص، فبدأت تنشط في هذا المجال بإنشاء المجلات المتخصصة بهذه الصناعة باللغتين العربية والإنجليزية. فهل نرى برامج الصيرفة الإسلامية المعدة بمهنية عالية على القنوات الرائدة قريبا؟ أتمنى ذلك خدمة للمشاهد.

* مستشار في المصرفية الإسلامية [email protected]