«هيئة التصنيف والرقابة» تضع لمساتها الأخيرة على مبادئها ولوائحها التنظيمية

د. عز الدين خوجة لـ «الشرق الأوسط» : اجتماع آخر للهيئة نهاية الشهر المقبل لبدء العمل

أعضاء الهيئة الشرعية للتصنيف والرقابة بعد اختتام الاجتماع الأول.. ويبدو صالح كامل في الوسط («الشرق الأوسط»)
TT

بدأت الهيئة الشرعية للتصنيف والرقابة تحركاتها لتنظيم لوائحها وتنسيق الجهود نحو البدء الفعلي في عمل الهيئة وتقييم المنتجات المالية الإسلامية المطروحة في سوق الصناعة المالية الإسلامية.

وبعد أن أسمت الهيئة رئيسها الشيخ محمد المختار السلامي الذي يعمل رئيسا للهيئة الشرعية للبنك الإسلامي للتنمية ومفتي تونس السابق، والدكتور عبد السلام العبادي نائبا لرئيس الهيئة، بدأ العمل على تنظيم اللوائح بما يتناسب والهدف الذي من أجله جاءت فكرة الهيئة وتأسيسها، ومناقشة لائحة الهيئة الرئيسية.

وشهد الاجتماع الأول الذي عقد أخيرا في جدة، تشكيل اللجنة التنفيذية المنبثقة عن الهيئة، برئاسة الدكتور العياشي فداد والدكتور أحمد علي عبد الله نائبا للرئيس، إلى جانب مناقشة خطة عمل الهيئة، والتي يتوقع أن تشهد اجتماعات مكثفة لدراسة واقع السوق المصرفي الإسلامي وأبرز الملاحظات عليه. وقال لـ«الشرق الأوسط» الدكتور عز الدين خوجة الأمين العام لمجلس البنوك والمؤسسات الإسلامية، إن اجتماع الهيئة الأول كان مميزا، وشهد حضورا لافتا من كبار العلماء والمصرفيين، أبرزهم الدكتور أحمد محمد علي رئيس البنك الإسلامي للتنمية، ومندوبون عن بنوك مركزية وهيئات مركزية مثل بنك السودان المركزي وبنك باكستان المركزي والبنك الماليزي ومجمع الفقه الإسلامي في الهند. وأضاف خوجة أن الاجتماع حضره ـ كذلك ـ أعضاء من اللجنة الشرعية لوزارة الأوقاف الكويتية التي تقوم برقابة البنوك الإسلامية في الكويت ومدير إدارة الإفتاء في دبي الشيخ أحمد الحداد ومن السودان الدكتور أحمد علي عبد الله والشيخ محمد سعيد البوطي من سورية والدكتور أحمد الطيب رئيس جامعة الأزهر.

وبين الأمين العام أن عقد الاجتماع كان بهدف وضع النظام الأساسي واللوائح التنفيذية والنواحي الفقهية للهيئة الجديدة التي ستقوم بتصنيف المنتجات الإسلامية التي تصدرها البنوك المختلفة للتأكد من مطابقتها للشريعة.

ومن أهم ما ستدرسه الهيئة ـ والحديث للدكتور خوجة ـ كافة المنتجات المالية الإسلامية ومدى ملاءمتها مع الشريعة الإسلامية من ناحية المقصد والآلية، مؤكدا أن هناك عددا من المؤسسات المالية الإسلامية لم تلتزم بالمعايير والفتاوى الخاصة بالمنتجات المالية.

وقال عز الدين خوجة إن المشايخ أثنوا كثيرا في الاجتماع على المبادرة بتأسيس الهيئة، وأنهم أكدوا أن أدوارا كبيرة تقع على عاتق الهيئة في تطوير المنتجات الإسلامية ومواصلة النجاحات التي وصلت إليها المصرفية الإسلامية.

وخلال الاجتماع اطلع الحضور من أعضاء الهيئة على المبادئ الأساسية التي ستقوم عليها عملية التصنيف والرقابة للمنتجات المالية الإسلامية، إلى جانب الاطلاع على المسودة الأولى لمعايير تصنيف المنتجات المالية الإسلامية. ووفق الأمين العام للمجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية، فقد اتفق الحضور على ضرورة تكثيف الاجتماعات خلال الفترة المقبلة، خاصة في اللجنة التنفيذية التي سوف تلتقي خلال الشهر الجاري في جدة مرة أخرى، خلاف اجتماع أعضاء الهيئة في نهاية يونيو (حزيران) المقبل.

وأكد الدكتور عز الدين أنه تم الاتفاق على تحضير عدد من المتطلبات قبل اجتماع الهيئة المقبل، وأهمها إحضار الوثيقة الرئيسية التي ستعمل الهيئة على تحضيرها، وكذلك الانتهاء من وثيقة المبادئ الأساسية للتصنيف، ووثيقة المعايير المعتمدة للرقابة، إلى جانب وثائق أخرى كالمؤشرات القياسية التي سيتم بموجبها تصنيف المنتجات والتي تعتبر المرجع الرئيسي للهيئة.

وأوضح الدكتور عز الدين أن المشاركين في الاجتماع أكدوا ضرورة أن يكون هناك تكامل مع الجهات الرقابية الأخرى في تقييم المنتجات خاصة المعايير المحاسبية والقرارات التي تصدرها الهيئات الشرعية في البنوك التجارية والاستثمارية.

وأوصى الأعضاء على إصدار تقارير دورية عن المنتجات ودراستها من الناحية النظرية، وكذلك الفتاوى التي ستبنى عليها من الناحية التطبيقية، إلى جانب ضرورة الاستعانة بلجنة الخبراء في الهيئة والتي تضم أسماء يجمعون بين الخبرة المصرفية والتأهيل الشرعي، خاصة أن نشاط الهيئة سيكون مركزا لخدمة العميل أكثر من خدمة المؤسسات المالية.

واعتبر خوجة تأسيس الهيئة ونجاح اجتماعها الأول، نقطة تحول كبيرة في مسيرة الصناعة المالية الإسلامية، مشيرا إلى أنها تستهدف خدمة المصرفية الإسلامية التي باتت تتعرض لانتقادات كبيرة في الأعوام الأخيرة. وتشهد صناعة المصرفية الإسلامية نموا هائلا، ووصل حجم تداولها أكثر من 300 مليار دولار، وترتكز في انتشارها في دول الشرق الأوسط أكثر من غيره، تبعا لنمو الثروات الكبيرة مع الارتفاع الحاد في أسعار النفط وتوافر السيولة.

ويذكر أن المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية يضم في عضويته 150 بنكاً، من أهمها البنك الإسلامي للتنمية، ومجموعة الفيصل الإسلامية، ومجموعة البركة، وبيت التمويل الكويتي، وبنك دبي الإسلامي.

على صعيد ذي صلة، أكدت مصادر مقربة من الهيئة أن الميزانية التي سيتم رصدها للهيئة لم يتم تحديدها بعد، وأن هناك بعض التكهنات تفيد بأنه تم رصد مليوني دولار كمرحلة أولى للهيئة، إلى جانب أنه في حال نجاح الهيئة كما خطط له فربما تتقدم مؤسسات مالية كثيرة لدعم الهيئة ضمانا لاستمرارها وتأدية أدوارها. ويعيد قرار تأسيس الهيئة التوازن للمصرفية الإسلامية التي باتت أمام تحديات كبيرة قد تؤثر سلبا على معظم أدواتها المالية وأهمها التمويل والصكوك وغيرها من الأدوات، والتي تدخل تحت مسميات عديدة. ويعول كثير من المتخصصين وخبراء الصيرفة الإسلامية على نشاطات المجلس خلال الأعوام القادمة، خاصة أنه يحتضن كبرى المؤسسات المالية الإسلامية والمصارف الإسلامية، وبالتالي يمكن أن يكون مرجعا معتمدا فيما يتعلق بتقييم أداء المصرفية الإسلامية من حيث سلامة التطبيقات ومدى توافقها مع الشريعة الإسلامية.

والمعروف أن الهيئات الشرعية في البنوك الإسلامية باتت تتعرض للانتقاد كثيرا، خاصة أن معظم الأعضاء ينتمون إلى جهات كثيرة في البنوك وبالتالي فإنهم قد لا يجدون الوقت الكافي للتدقيق في تطبيقات الفتاوى التي يقررونها.

وكان المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية قد أقر في اجتماعه الذي عقد في السادس عشر من ديسمبر (كانون الأول) الماضي في القاهرة، إنشاء هيئة رقابة شرعية عليا بالمجلس للتأكد من سلامة كافة المنتجات التي تطرح في السوق عن المصارف الإسلامية واعتمادها وتصنيفها طبقا للشريعة الحنيفة. وأكد صالح كامل رئيس المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية في حينه أن الهيئة ستضم في تشكيلها علماء أفاضل، وأنه ستتم الاستعانة بأعضاء من الدول التي توجد بها هيئات شرعية مماثلة مثل السودان، إلى جانب وضع خطة تضمنت التواصل مع المتعاملين لمعرفة مقترحاتهم حول هذه الصناعة وبحث شكواهم والعمل على إزالتها.