المصرفية الإسلامية في الكويت تتفوق لأول مرة على نظيرتها التقليدية

ارتفاع عدد البنوك والنوافذ الإسلامية إلى 300% خلال 3 أعوام

TT

توقع خبراء مصرفيون كويتيون أن تزداد مساحة المنافسة بين كل ما هو تقليدي وإسلامي في السوق الكويتية، اثر قرار بنك الكويت المركزي الأخير الخاص بتحول بنك الكويت والشرق الأوسط إلى بنك إسلامي والذي يعد ثاني بنك كويتي يحصل على موافقة للتحول بالكامل إلى بنك إسلامي. ومع تنفيذ القرار فان عدد البنوك الإسلامية الكويتية ارتفع إلى أربعة بنوك مقابل انخفاض البنوك التقليدية من ستة إلى خمسة بنوك يعني ذلك انخفاض عدد البنوك التقليدية بنسبة 40 في المائة مقابل ارتفاع نسبة الإسلامية 300 في المائة خلال اقل من ثلاثة أعوام.

ويؤخذ في الاعتبار في حساب نسب النمو السابقة تحول بنكين تقليديين إلى بنوك إسلامية وهما البنك العقاري الكويتي الذي أصبح اسمه الآن بنك الكويت الدولي، وبنك الكويت والشرق الأوسط إلى جانب إنشاء بنك جديد وهو بنك بوبيان وقرب الانتهاء من تأسيس بنك جابر الإسلامي.

وأعطى بنك الكويت المركزي الموافقة المبدئية لبنك الكويت والشرق الأوسط للتحول إلى بنك إسلامي وفقا لأحكام القانون رقم 30 لسنة 2003 بإضافة قسم خاص بالبنوك الإسلامية إلى الباب الثالث من القانون رقم 32 لسنة 1968 في شأن النقد وبنك الكويت المركزي وتنظيم المهنة المصرفية.

ويرى بعض الخبراء أن هناك ارتفاعا في عدد البنوك الإسلامية من بنك واحد قبل أعوام قليلة إلى خمسة بنوك، وتراجع البنوك التقليدية من ستة إلى خمسة، مبينين أن ذلك في صالح البنوك الإسلامية في الكويت. وتجيز قوانين البنك المركزي الكويتي للبنوك الكويتية التقليدية القائمة العمل بقانون التحول الكلي للعمل وفقا للشريعة الإسلامية، حيث سبق تفعيل مرحلتين لسياسة الترخيص تم خلالهما تأسيس بنك بوبيان وتحول البنك العقاري الكويتي إلى بنك إسلامي بمسمى جديد (بنك الكويت الدولي) وكذلك الموافقة على افتتاح فرع مصرفي لمصرف الراجحي الإسلامي. وعلى الرغم من أن البنوك التقليدية تجد نفسها منذ سنوات في موقف لا تحسد عليه في ظل النمو المتزايد للبنوك الإسلامية في الكويت وتزايد حصتها السوقية سواء من حيث عدد العملاء أو الودائع، فإنها بدأت واعية لهذه التطورات من خلال مجموعة من الخطوات التي قامت بها.

ومن ابرز هذه الخطوات قيام العديد من البنوك التقليدية بتقديم خدمات ومنتجات إسلامية حيث طرحت عدة صناديق متطابقة مع الشريعة الإسلامية في محاولة منها لاقتناص جزء من السوق المتنامي. وتوسعت العديد من البنوك التقليدية خارج الكويت من خلال افتتاح فروع جديدة لها في الخارج أو القيام بعمليات استحواذ كمحاولة للخروج من السوق المحلي الذي بات ضيقا على هذه البنوك في ظل ارتفاع حدة المنافسة فيه وندرة الفرص. ويطرح الاندماج بين البنوك التقليدية منذ سنوات طويلة كأحد الحلول التي تمكن هذه البنوك من مواجهة مخاطر المنافسة مع البنوك الإسلامية إلا أن تعثر كل محاولات الاندماج وعدم وجود رغبة حقيقية لدى كبار ملاك هذه البنوك يقف دائما في وجه اية محاولة للاندماج.

وخلال الفترة من عام 2003 حتى نهاية ابريل (نيسان) الماضي نما عدد المؤسسات المالية الإسلامية الخاضعة لرقابة بنك الكويت المركزي من 11 مؤسسة إلى 42 مؤسسة بنسبة نمو تصل إلى حوالي 282 في المائة. وارتفع إجمالي أصول هذه المؤسسات من 851 مليون دينار (3.15 مليار دولار) في عام 2003 إلى حوالي 7.21 مليار دينار (26.003 مليار دولار) حتى نهاية ابريل الماضية بنسبة نمو حوالي 800 في المائة وبمتوسط سنوي يصل إلى حوالي 160 في المائة، ومن بين 109 صناديق استثمارية موجودة في الكويت وتخضع لأحكام البنك المركزي فان حوالي 50 منها صناديق استثمار إسلامية أو مطابقة للشريعة الإسلامية.

وقال مسؤول من بنك الكويت والشرق الأوسط فضل عدم ذكر اسمه، إن البنك يعد السابع بين البنوك الكويتية التسعة الشاملة من حيث الموجودات، والسادس بين البنوك التقليدية الستة، أي أنه أصغر البنوك التقليدية، بحجم موجودات بلغ في نهاية العام الماضي 2.238 مليار دينار (8.288 مليار دولار). وبذلك تساوي موجداته ستة في المائة من موجودات البنوك الكويتية.

وأضاف المسؤول أن البنك يتميز بامتداده الخارجي، باعتباره جزءاً من منظومة البنك الأهلي المتحد، يعطيه ميزة فريدة، إذ إنه يمثل المجموعة المصرفية الوحيدة التي يتركز نشاطها خارج الكويت، كما أنها المجموعة الأكثر انتشاراً من البحرين إلى لندن والقاهرة وبغداد وطهران وسواها. وأوضح المسؤول أنه بلغ إجمالي حجم موجودات البنوك المحلية 39.449 مليار دينار (146.107 مليار دولار) في نهاية 2007، فيما بلغت موجودات البنوك التقليدية 28.95 مليار دينار (104.055 مليار دولار) أي ما يعادل 74 في المائة تقريباً، أي بفارق 10.49 مليار دينار (37.218 مليار دولار) للبنوك الإسلامية أي ما يعادل 26 في المائة. وكانت تلك المرة الأولى التي يتجاوز فيها إجمالي موجودات البنوك الإسلامية ربع موجودات القطاع.

ويتوقع أن يصبح بنك الكويت والشرق الأوسط ثاني أكبر البنوك الإسلامية حجماً بعد «بيت التمويل الكويتي»، وبفارق كبير عن «الدولي» و«بوبيان»، وقد ترتفع موجودات البنوك الإسلامية (نظرياً) إلى 32 في المائة، في مقابل تراجع موجودات البنوك التقليدية إلى 68 في المائة. لتقترب للمرة الأولى من حاجز الثلثين.

وتكشف هذه الأرقام عن سرعة نمو هائلة للبنوك الإسلامية في السوق الكويتية، بالمقارنة مع بيانات عام 2004، أي قبل 3 أعوام فقط بعد أن كان هناك بنك إسلامي واحد هو بيت التمويل الكويتي «بيتك»، وكانت موجوداته البالغة حينها 3.4 مليار دينار (11.125 مليار دولار) تشكل نسبة 18 في المائة من موجودات القطاع المصرفي البالغة حينذاك نحو 19 مليار دينار (70.370 مليار دولار)، وكانت أرباحه تشكل 16.73 في المائة من أرباح القطاع.

وارتفعت حصة «بيتك» في العام الماضي إلى 22 في المائة من الموجودات المصرفية، وبلغت حصته من الأرباح 26.6 في المائة، في حين بلغت حصة البنوك الإسلامية مجتمعة 28.3 في المائة.

وجاءت موافقة بنك الكويت المركزي لبنك الكويت والشرق الأوسط على التحول لأسباب أهمها أن هذا التحول يأتي ضمن خطة شاملة لتحول مجموعة البنك الأهلي المتحد على المستوى الإقليمي، إلى العمل وفق الشريعة الإسلامية، في جميع الأسواق التي تعمل فيها. ويفترض أن تكون الموافقة لـ«الأوسط» قد قطعت الطريق على الآخرين، لأن البنك المركزي أعلن عن رخصة واحدة فقط من هذا النوع خلال العام الحالي.

ومن ناحية أخرى قال عبد الوهاب الوزان رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب في بنك الكويت الدولي، إن البنك العقاري الكويتي قدم رغبته قبل سنوات إلى البنك المركزي لطلب الحصول على موافقة للتحول إلى بنك إسلامي وجاءت رغبة ملاك البنك وحملة الأسهم في التحول إلى إسلامي لأنه بنك متخصص في المتاجرة وتمويل العقار ومواد البناء فقط وكانت قروضه وأرباحه محدودة.

وأضاف الوزان أنه بعد صدور قانون المصارف الإسلامية في الكويت عام 2003 قدمنا دراسة مفصلة ودقيقة إلى البنك المركزي وحصل على الموافقة المبدئية في عام 2004، واستغرقت كافة إجراءات التحول طبقا للقوانين والضوابط التي وضعها المركزي حتى عام 2007 للقضاء على كافة العقبات التي واجهت البنك في التحول إلى بنك تجاري يعمل طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية ويعمل تحت إشراف هيئة شرعية.

وأوضح الوزان أن تجربة التحول في الكويت تجربة رائدة وان البنك قادر على ابتكار أدوات جديدة وفي تقدم مستمر، مشيرا إلى أن أعمال المصارف الإسلامية تشهد طلبا متزايد من قبل دول العالم وحيث إن البنوك الأجنبية تتسابق حاليا لفتح نوافذ إسلامية لها وتقديم منتجات وأدوات إسلامية جديدة.

وأكد رئيس مجلس إدارة البنك، أن هناك تسابقا عالميا من قبل البنوك العالمية على التعرف على أسس عمل البنوك الإسلامية لتطبيقها بهدف رفع مستوى الإيداعات الإسلامية على المدى البعيد.

وأشار الوزان إلى أنه تم إنشاء أول بنك إسلامي في بريطانيا ISLAMIC BANK OF BRITAIN، كما اتجهت مؤسسات مالية ودولية عديدة في الولايات المتحدة مثل سيتي بنك وفي أوروبا مثل HSBC، وباركليز والبنك المتحد السويسري UBS وغيرها إلى إطلاق فروع للمعاملات الإسلامية، وهذه النماذج اكبر مثال على انتشار ظاهرة أسلمة عمل البنوك ومدى الاهتمام العالمي المتزايد بالخدمات المصرفية الإسلامية والتنافس لتلبية تزايد الطلب عليها.

وأوضح الوزان أن المصارف الإسلامية الوطنية سوف تشهد منافسة كبيرة وتهديد خلال الفترة المقبلة خاصة مع تحرير التجارة العالمية وحرية تحرك رؤوس الأموال دون حواجز وقيام المصارف العالمية التقليدية بفتح نوافذ وفروع للخدمات المصرفية الإسلامية، مبينا أن هذه المصارف تمتلك رؤوس أموال ضخمة وتقنيات مصرفية عالمية لعبت دورا هاما في انتشار وتطور العمل المصرفي الإسلامي لديها.

وتابع الوزان أن إحصائيات دولية تقدر حجم سوق التمويل الإسلامي بين 700 ـ 750 مليار دولار، ويدعم ذلك بقوة انتشار المؤسسات المالية الإسلامية وظهور منتجات تمويل إسلامية جديدة مثل الصكوك التي باتت البديل الإسلامي للسندات.

وأشار الوزان إلى تقدم المصارف الإسلامية في الكويت ومنطقة الخليج حيث أظهرت قدراتها على المنافسة وتحقيق ربحية عالية، مبينا أن دول مجلس التعاون الخليجي تضم حاليا أكبر تجمع للمصارف الإسلامية في العالم بلغ نحو 20 مصرفا إسلاميا في نهاية عام 2005 وفقا للإحصائيات بلغت أصولها ما يقرب من 80 مليار دولار بخلاف الفروع والأقسام الإسلامية التي خصصتها البنوك التقليدية للمعاملات الإسلامية.

وحول عدم قيام أي من البنوك المحلية الكويتية بفتح منافذ (فروع) إسلامية لها على الرغم من موافقة البنك المركزي الكويتي لهم بذلك، أفاد الوزان أنه وفقا لأحكام المادة 87 من القانون رقم 30 لسنة 2003 الخاص بالبنوك الإسلامية فانه يجوز للبنوك التقليدية المسجلة ـ بعد موافقة البنك المركزي ـ تأسيس شركات تابعة تزاول النشاط الذي تزاوله البنوك الإسلامية وعلى ألا يزيد ما يؤسسه البنك الواحد في هذا الخصوص على شركة واحدة لها مقر واحد وألا يقل رأسمالها عن 15 مليون دينار كويتي (55.55 مليون دولار).

وحول موافقة البنك المركزي الكويتي على تحول بنك الكويت والشرق الأوسط إلى بنك إسلامي وهل يؤثر ذلك على عمل بنك الكويت الدولي والمنافسة بين تلك البنوك، أكد الوزان أن استراتيجية بنك الكويت الدولي سوف تشهد مزيدا من النجاح خلال السنوات المقبلة، والسوق الكويتي يستوعب المزيد من العمل المصرفي الإسلامي وكذلك التقليدي وبالرغم من عمل 10 مصارف محلية في الكويت إلا انه مازال هناك مجال لإعطاء المزيد من التراخيص الجديدة أو التحول إلى مصارف إسلامية.

وبين رئيس بنك الكويت الدولي أن عملية الموافقة على إنشاء بنوك جديدة ربما تؤثر على حركة النمو ولكن بالنسبة للتحول فإنها تقدم فرصا اكبر للنجاح لأن تلك البنوك لديها قاعدتها وعملاءها وفروعها وسوف تكون المنافسة على نوعية الخدمات.

وطالب الوزان بإعطاء المزيد من التراخيص للبنوك والشركات العالمية للدخول إلى السوق الكويتي إذا أردنا أن تكون الكويت مركزا ماليا وتجاريا في المنطقة، لافتا إلى انه لا توجد منافسة بين البنوك المحلية والأجنبية في الكويت.

وشدد الوزان على أن التوسع في البنوك الإسلامية حالة صحية لخلق بيئة تنافسية بين المؤسسات الإسلامية والتقليدية في السوق المحلي لما له مردود ايجابي في عملية تحسين الخدمات وتقديم الاهتمام الأفضل إلى جانب ابتكار منتجات وأدوات استثمارية إسلامية جديدة.

وتحدث الوزان عن أهم العوائق التي تواجه المصارف المحلية الإسلامية في الكويت، وهي النقص الحاد في الكوادر المتخصصة في العمل في القطاع المالي الإسلامي وصعوبة إيجاد تلك الكفاءات وندرتها خاصة مع زيادة عدد المصارف الإسلامية مع ضيق ومحدودية وجود الموظفين المدربين.

وأشار الوزان إلى أن تأخر إعطاء البنك المركزي الموافقة النهائية لبنك الكويت الدولي على التحول بالكامل لمدة عام ونصف العام كانت بسبب عدم وجود كفاءة عالية في السوق المحلي لشغل منصب المدير العام للبنك وان نقص الكفاءات المدربة تعاني منها في صغار الموظفين وأيضا المناصب الإدارية العليا.