رئيس بنك المشرق: فصل البنوك التقليدية عن الإسلامية لا يخدم القطاع المصرفي والعملاء

عبد العزيز الغرير يطالب البنك المركزي الإماراتي بمراجعة القرار

عبد العزيز الغرير («الشرق الأوسط»)
TT

أكد عبد العزيز الغرير رئيس مجلس إدارة مجموعة «بنك المشرق»، أن بنك بدر الإسلامي التابع للمجموعة، شهد نشاطا ملحوظا على الرغم من قصر المدة التي بدأ العمل بها، قبل عام تقريبا، وتمكن من اقتطاع حصة جيدة له من السوق المصرفي الإماراتي. وأوضح الغرير الذي يشغل كذلك رئيس المجلس الوطني الاتحادي (البرلمان) أن قرارات البنك المركزي الإماراتي، بفصل العمل المصرفي التقليدي عن الإسلامي، لا يخدم القطاع المصرفي بوجه عام، مطالبا بضرورة أن يراجع البنك المركزي هذا القرار، وترك البنوك تعمل بطريقتها الاختيارية، من حيث تقديم منتجات إسلامية أو تقليدية مع الفصل التام بينهما في نفس البنك. > كيف ترى واقع المصرفية الإسلامية في الإمارات؟

ـ المصرفية الإسلامية في الإمارات تتقدم بشكل جيد، وأرى أن هناك شبه صحوة من الطرفين سواء البنوك الإسلامية والعملاء، وأرى أن عدد البنوك الإسلامية في تزايد مستمر، ويشهد زيادة في الطلب من الجمهور للتحول إلى العمل المصرفي الإسلامي.

> هل أنت مع أو ضد فصل البنوك الإسلامية عن التقليدية في مصارف مستقلة؟

ـ لماذا نحن نفصل البنوك الإسلامية عن التقليدية بهذه الطريقة، وطالما أن الترخيص قائم بإنشاء بنوك، فأرى أنه ليس ضروريا أن تلزم البنوك التقليدية بالفصل التام عن عملياتها الإسلامية في بنوك مستقلة. فالترخيص الذي قد يكون عائقا في السابق الآن تغير، وإني أستغرب أنه في الإمارات ما زال هناك إصرار من البنك المركزي بالفصل التام بين الخدمات المصرفية التقليدية والإسلامية، وذلك بأن يكون البنك تقليديا أو إسلاميا. وهذا ما دعانا إلى تأسيس بنك بدر الإسلامي، الذي يقدم خدماته المتنوعة للأفراد والشركات وغيرهم، وبرأسمال 500 مليون درهم إماراتي. وقد تحدثت مع محافظ البنك المركزي حول قانون الفصل هذا، وأوضحت له أن هناك مزجا بين التقليدي والإسلامي في كثير من الدول، وليس هناك مشكلة مثل قطر والسعودية، طالما أن هناك فصل تام في الميزانية بين العمليات التقليدية والإسلامية.

> ولماذا أنت ضد هذا القانون؟

ـ نحن نهدف إلى إعطاء العميل الخيار لاختيار ما يناسبه في بنك واحد، وهو يرى أن كل خدمة مصرفية تقدم له مستقلة حتى لو كانت في فرع بنك واحد. هذا برأيي أفضل من ناحية الكفاءة، على الرغم من أن هناك نسبة قليلة جدا من العملاء يريد العمل المصرفي «النقي الخالص» الذي لا يوجد فيه شوائب، ولكنهم فئة قليلة جدا.

> هل لديكم النية كمجموعة «المشرق» في دخول السوق السعودي؟

ـ نعم لدينا هذه النية، وقد تقدمنا بطلب إلى مؤسسة النقد السعودي، ونتمنى أن يجد طلبنا القبول منهم.

> ما هو الهدف من تأسيس شركة بدر للتمويل الإسلامي؟

ـ الهدف هو تقديم خدمات إسلامية لعميل بنك المشرق، وكذلك جذب شريحة جديدة للمصرفية الإسلامية التي لا يملك بنك المشرق نافذة يعمل في ظلها.

> وما هي الخطوة التالية التي ستقومون بها، بعد الاتجاه لفتح نافذة للعمل تحت مظلة الشريعة الإسلامية؟

ـ سنقدم جميع خدماتنا الإسلامية تحت مظلة «بدر الإسلامي»، بحيث تقدم الفروع التابعة له الخدمات المصرفية الإسلامية التي يحتاجها عميل بنك المشرق، وهناك فصل كامل في الخدمات ومجلس الرقابة الشرعية عن البنك. ربما يقدم البنك بعض الخدمات، لكن المصنع والمروج هو «بدر الإسلامي»، وسنقدم جميع الخدمات المصرفية الإسلامية المطروحة في الإمارات حاليا.

> ما هي أبعاد هذه الخطوة لفتح نافذة إسلامية؟ هل هي نابعة من قناعات معينة؟ أم لأن السوق الخليجي بدأ في التوجه لهذا النوع من المصارف؟

ـ لا شك أن المصرفية الإسلامية مقارنة بالمصرفية التقليدية، تعد منتجا جديدا، وخلال العشر سنوات الماضية تقدمت بشكل كبير بخطوات سريعة، وأصبحت الآن صناعة قوية وأصبح لها جذورها وفلسفتها، ولا يمكن تقديم عمل مصرفي من دون تقديم هذه الخدمة، ولدينا قناعة بأن الصيرفة الإسلامية عملية أثبتت نجاحها وتحولت إلى قوة اقتصادية، وأصبح لها من يميلون لها، ويقتنعون بها بفعل النجاحات السابقة.

> وكيف هو العمل في مجموعة بنك المشرق؟

ـ بدأنا في بنك المشرق كبنك تقليدي لم نكن على خبرة كافية بالمصرفية الإسلامية، أما الآن فقد تغير الحال، وهو ما أدى بنا إلى البدء بالخطوة الأولى نحو بتأسيس شركة بدر الإسلامي، ومنذ فترة طويلة كانت القناعة موجودة للاستثمار في الصيرفة الإسلامية، لكن النواحي القانونية لم تساعدنا على المضي قدما في هذه الخطوة الضرورية، فالمصرف المركزي كان يمنع علينا الازدواجية في تقديم الخدمات المصرفية الإسلامية، بالإضافة إلى الخدمات التقليدية، ولكن يبدو أن هناك تحولا في نظرة البنك المركزي، بعد أن رأى التحولات في صناعة الصيرفة الإسلامية في العالم وفي دول المنطقة. وهو الأمر الذي تسبب في سماحه بتقديم هذه الخدمات طالما كان هناك فصل كامل بين الخدمات الإسلامية والتقليدية، وأعتقد أن خطوتنا الأولى كانت بافتتاح هذه الشركة، وأننا كنا من أوائل من تقدم للبنك المركزي بطلب رخصة لافتتاح هذه الشركة، كان ذلك منذ أربع سنوات قبل أن توافق الجهات المختصة على طلبنا، وهذا فتح لنا نافذة للدخول لهذا القطاع بقوة.

> وفي حال نجاح خطوتكم الأولى في الصيرفة الإسلامية، ما مصير العمليات التقليدية في بنك المشرق؟

ـ في حال نجاحنا، وأصبحت لدينا الخبرة الكافية، لا يوجد ما يمنع من تحويل عمليات بنك المشرق بالكامل إلى عمليات مصرفية إسلامية، طالما أنني استطيع أن أغير هذه العمليات المصرفية بكل سهولة، سواء للعملاء أو للمساهمين أو لجميع المتعاملين. فبدلا من أن أقرر تغيير العمليات المصرفية للبنك في يوم وليلة، أستطيع الآن بعد حصولي على الخبرة الكافية التي تساندني في عملية التحول هذه، وأستطيع أن أقول خيار تحويل بنك المشرق إلى بنك إسلامي خيار مطروح ومتاح أمام مساهمي البنك في حال نجاحنا في مهمتنا الحالية.

> هل تعتقد أن البنوك التقليدية ستجد نفسها مضطرة لموجة ما يمكن أن نطلق عليه «هجمة» الصيرفة الإسلامية؟

ـ أعتقد أن البنوك التقليدية والبنوك الإسلامية ستظل تعمل من دون أن تطغى واحدة على الأخرى، وسيظل عملاء كل منها يرغبون في الخدمات التي تقدم إليهم من مصارفهم. لا أظن أنه ستكون هناك نقلة 100 في المائة للبنوك الإسلامية، فالسعودية مثلا لا يوجد لديها إلا بنكان إسلاميان ولم تؤثر على وجود بقية البنوك، هي تأتي عن فلسفة ورغبة من المساهمين والمودعين في عملية البقاء تحت غطاء معين من العمليات المصرفية.

> كيف تقييم وضع المصارف الإسلامية، ونسبة نموها مستقبلا؟

ـ أنا أرى أن المصارف الإسلامية ستزدهر وتنمو وتكبر، لكن أيضا ستشتد عليها المنافسة في المرحلة المقبلة، فقبل 30 عاما لم يكن العميل مخيرا، لا يوجد إلا مصرف إسلامي واحد. ومع التطور الذي شهده القطاع المصرفي اشتدت المنافسة، فالبنوك الإسلامية تواجه منافسة شرسة، فالخيارات أمام العميل زادت، وستنجح المصرفية الإسلامية في حال قدمت خدماتها بشكل أفضل وبوقت أسرع، أما مسألة التعاطف مع البنوك الإسلامية ستنتهي فور وجود بنوك إسلامية متعددة، وسيكون هناك انتقاء للاختيار بين البنوك.

> وماذا عن توقعاتكم لنسبة النمو المستقبلية للمصارف الإسلامية؟

ـ لا أعتقد أن نسبة النمو في العشر سنوات الماضية للمصارف الإسلامية، ستتكرر في العشر سنوات المقبلة، ستتغير المعادلة بكل تأكيد كما ذكرنا، بسبب حجم المنافسة، إلا أن ذلك لا يمنع من وجود نسبة نمو ملحوظة بالمصرفية الإسلامية في العقد المقبل. > لماذا في رأيكم تتجه المجموعات المصرفية العالمية إلى فتح نوافذ تعمل تحت الشريعة الإسلامية؟

ـ البنوك العالمية المؤسسة في دول غير إسلامية التي تقوم بافتتاح نوافذ إسلامية، لم تقم بذلك عن قناعة ذاتية، ولكنه بالنسبة إليهم كان منتجا مربحا، يستطيعون الخروج به والاستفادة منه وهو ما كان دافعا لهم لتقديم هذه الخدمات المصرفية الإسلامية.

> هل ترون أن البنوك الإسلامية في المنطقة الخليجية، قادرة على تحقيق منافسة عادلة مع المصارف التقليدية؟

ـ دعني أبين أن البنوك التقليدية ما ازالت أقدم، ولديها خبرة وافية عن نظيرتها الإسلامية، فيما لا تزال البنوك الإسلامية تتلمس خطواتها، ولكن من الممكن أن تنافس البنوك الإسلامية، مع التأكيد على فارق الخبرة الذي يصب لصالح البنوك التقليدية.

> لكن قوانين البنوك المركزية الخليجية لا تزال تستخدم معايير تتناسب مع المصارف التقليدية، ولا يوجد لديها أي قوانين تتوافق مع عمليات البنوك الإسلامية، ألا ترى أن ذلك يقلل من العدالة التنافسية بين الطرفين؟

ـ لذلك يجب تطوير أنظمتنا المصرفية بفتح المجال للطرفين، فلا أميز بنك عن آخر، لذا يجب أن يكون هناك نظامان وأترك المصارف تختار الذي يناسبها من القوانين، وهنا نطالب البنوك المركزية بتطوير النظام المصرفي التقليدي، وأيضا تطوير النظام الخاص بالمصارف الإسلامية.