اتهامات لبعض البنوك الإسلامية بترويج بطاقات ائتمانية خارج الضوابط الشرعية

بعض الخبراء يرون أنها صورة من «قلب الدين»

بعض البنوك الإسلامية تكثف من حملاتها الإعلانية للبطاقات الائتمانية لاكتساب مزيد من العملاء («الشرق الأوسط»)
TT

تزايدت المنافسة بين البنوك الإسلامية في الأعوام الأخيرة، في تقديم بطاقات ائتمانية متوافقة مع الشريعة الإسلامية، بعد أن كانت مثار جدل عند علماء الفقه. ومع بروز هذه البطاقات وانتشارها بكثرة لدى المتعاملين، إلا أن العملاء تزايدت شكاواهم من التكاليف الباهظة التي تتقاضها بعض البنوك الإسلامية على البطاقات، والتي تفوق البطاقات التي تقدمها البنوك التقليدية.

ويرى المتعاملون مع بعض البنوك، أنهم تفاجئوا من تكلفة الحصول على بطاقة الائتمان التي تقدمها تلك البنوك على أنها متوافقة مع الشريعة الإسلامية أو «مجازة من الهيئة الشرعية» للبنوك نفسها.

وتتمثل معظم شكاوى عملاء بعض البنوك في تقديم هذه البطاقات على أنها متوافقة مع الشريعة الإسلامية، مدعومة بفتاوى من الهيئات الشرعية في البنوك، وتحمل مسميات أقرب ما تكون إلى الاستغلال وخداع العملاء في السعودية، والذين يفضل معظمهم المعاملات البعيدة عن الربا.

ويؤكد بعض عملاء البنوك، أنهم وقعوا ضحية لإعلانات البنوك، بعد إغراءات مسمى البطاقة وأنها مجازة شرعا، وأن العميل يظل لفترة طويلة يسدد المبالغ التي تراكمت عليه من خلال الرسوم الشهرية التي تتقاضها البنوك لقاء البطاقة، خلاف رسوم الإصدار التي يقتطعها البنك فور صدور البطاقة.

وهنا يرى باحث في المصرفية الإسلامي (فضل عدم ذكر اسمه) أن البطاقات التي تقدمها حاليا البنوك تدخل في الربا، وأنها تطبق احتساب الفوائد بطرق أخرى، حتى إنها فاقت بطاقات الائتمان التي تقدمها البنوك التقليدية من حيث زيادة الفوائد. وقال الباحث الخبير إن البنوك تدعي أنها تقوم بعملية تورق وبيع سلع نيابة عن العميل في الأسواق العالمية وقبض الثمن وتسديد مستحقات البطاقات على أن يقوم العميل بتقسيط المبالغ المتبقية على البطاقة، مؤكدا أن المجمع الفقهي الإسلامي في دورته الأخيرة التي أقيمت في مسقط شن هجوما حادا على من يجيز مثل هذه البطاقات.

وتتمثل طريقة الفوائد التي تحصل عليها البنوك الإسلامية أو البنوك التقليدية التي لديها نوافذ أو فروع للمصرفية الإسلامية تكون من خلال احتساب رسوم شهرية على البطاقة بين 60 إلى 100 ريال أو أكثر بحسب نوع البطاقة، خلاف الرسوم السنوية للبطاقة، ما يعني أن البنوك تأخذ فائدة على العميل سواء استخدم البطاقة أم لا؟

ويرى الباحث أن البطاقات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية عددها محدود وهي بطاقة الائتمان والحسم الآجل CHARG CARD، والتي يمنح فيها البنك المصدِر حامل البطاقة قرضاً في حدود معينة، بحسب درجة البطاقة: فضية أو ذهبية، ولزمن معين، ويجب تسديد المبلغ كاملاً في وقت محدد متفق عليه عند الإصدار، ولا يترتب على حاملها لدى تأخير السداد زيادة مالية ربوية، وغالبا ما تكون مهلة التسديد بين 45 إلى 54 يوما تقريبا يتم بعدها الحسم مباشرة من حسابه الجاري لكامل المبلغ.

في حين يرى خبير في شؤون المصرفية الإسلامية، أن ما تقوم به بعض البنوك الإسلامية في تقديم البطاقات الائتمانية الإسلامية، ما هو إلا تحايل على الربا وفيها ظلم وأكل لمال العميل وأنها صورة من صور (قلب الدين).

ويوضح الخبير المتخصص في الشريعة الإسلامية وفي فقه المعاملات أن صورة (قلب الدين) تكون عن طريق بيع سلعة بالأجل للعميل في السوق العالمية بما يسمى التورق وبموافقة العميل الذي هو بالأصل موافق على ذلك، ومن يقبض البنك الثمن ويسدد فيه مستحقات البطاقة على أن يقوم العميل بتقسيط المبلغ والرسوم الشهرية الثابتة والسنوية للبنك.

ويرى الخبير أن العبء الأكبر في موضوع البطاقات الائتمانية يقع على الهيئات الشرعية للبنوك، وأن هي من شجع البنوك على طرح مثل هذه المنتجات التي أجمع معظم علماء المسلمين في الوقت الحاضر على عدم مشروعيتها، مستدلا في هجومه هذا على أن غاية البنوك من إصدار البطاقة هو (الوصول إلى أمر محرم وهو الفائدة)، وأنه لا يجوز أن تؤخذ وسيلة إلى المحرم، و«كل قرض جر نفع فهو ربا».

ويحذر الخبير عملاء البنوك من مغبة الوقوع في شرك البطاقات الائتمانية والتي تنشط حملاتها الإعلانية وإغراءاتها في مثل هذه الفترة من كل عام، مؤكدا أنه لا يوجد بطاقات ائتمانية جائزة شرعا إلا بطاقات الحسم الآجل والتي يطبقها عدد محدود من البنوك. وأمام ذلك، تدافع الهيئات الشرعية العاملة في البنوك المحلية والعالمية، عن الاتهامات التي تطال البنوك الإسلامية في تقديمها للبطاقات الائتمانية، مؤكدا أن البطاقة الائتمانية تمثل كفالة من البنك للعميل، خاصة عند استخدامها في أماكن كالفنادق والتي تطلب بطاقة الائتمان فور وصول العميل للفندق.

ويرى أعضاء الهيئات الشرعية أن ما تأخذه البنوك من رسوم إدارية هي حق لها لأنها تبحث عن الربح، وأن الرسوم هذه خير من الفائدة الربوية التي تؤخذ من البنوك التقليدية، غير أنه يؤيد ما يتناقله البعض من أن الرسوم الإدارية مبالغ فيها لدى معظم البنوك المحلية.

كما يرون أن ما يقال عن وجود صورة (قلب الدين) غير صحيح، وأن العميل له الخيار في قبول أو تفويض البنك في بيع سلع عن طريق التورق وتسديد مستحقات البطاقة من مبلغ التورق، مشيرا إلى أن هذا الإجراء يسمى (البيع الفضولي) وهو شراء السلعة نيابة عن العميل وبيعها وتسديد البطاقة بالثمن بموافقة العميل.

وبالرغم من أن دور الهيئات الشرعية في موضوع الرسوم الإدارية للبطاقات الائتمانية التي تبالغ فيها البنوك يقتصر على الجانب الشرعي، إلا أن لهم محاولات عديدة مع كثير من البنوك لحثها على تخفيض الرسوم.

ويشهد العديد من البنوك هذه الأيام حملات إعلانية ضخمة لبطاقات الائتمان بالتزامن مع فترة العطلة الصيفية، وتبرز البطاقات الإسلامية في الصدارة ومنها ما هو موجه للسيدات، خاصة مع ابتكار مسميات ومصطلحات توحي للعميل بجوازها وسهولة اقتنائها وتسديدها.