رئيس الشركة الأولى للاستثمار: القطاع المالي الإسلامي الخليجي سيشهد اندماجات واستحواذات

العلوش لـ «الشرق الأوسط»: ساهمنا بـ40% في رأسمال شركة سعودية.. والكويت من أكبر أسواق المنطقة استثماريا

د. محمد العلوش («الشرق الأوسط»)
TT

كشف الدكتور محمد العلوش رئيس مجلس إدارة الشركة الأولى للاستثمار، لـ«الشرق الأوسط»، عن أن الفترة المقبلة سوف تشهد الكثير من الاندماجات والاستحواذات ما بين الشركات الاستثمارية المحلية والبنوك الإقليمية، معيدا ذلك إلى توافق الأنظمة الخليجية من حيث القوانين والسوق المشتركة، ورغبة هذه الشركات في أن يكون لها وجود في معظم الأسواق، والبحث عن شريك استراتيجي في الأسواق المحلية. وبين العلوش أن ذلك قد يكون بسبب التباطؤ الاقتصادي المتوقع في الفترة المقبلة، الذي قد يؤدي إلى قيام العديد من الشركات بالبحث عن سبل لمزيد من التوفير في التكاليف، والسعي لعمل اندماجات واستحواذات، إلى تفاصيل الحوار:

> تحدثتم عن أن الفترة المقبلة سوف تشهد المزيد من الاندماجات، فهل لدى الأولى للاستثمار نية لعمل أي اندماجات في الفترة المقبلة؟ ـ إن الدخول في أي اندماج يكون طبقاً لرؤية الملاك وكبار المساهمين، متى كان الوقت مناسبا لذلك، وبالفعل كانت هناك مفاوضات في الفترة الماضية عن اندماج الأولى للاستثمار مع إحدى الشركات الكويتية، ولم يتم الوصول إلى اتفاق، وسوف ندرس أي اندماج عندما يكون ذلك متماشيا مع سياسة واستراتيجية الشركة وأهدافها. > يرى البعض أن شركات الاستثمار والمصارف الإسلامية لم تأت بمنتجات جديدة، وإنما تطرح نفس الخدمات التقليدية مع إيجاد صيغة شرعية لها. ما مدى صحة ذلك؟

ـ أنا ضد هذا الرأي، فليس صحيحاً أن الشركات الإسلامية لم تأت بجديد، بل هي أخذت وقتاً وجهداً كبيرين في تطوير المنتجات التقليدية، بالإضافة إلى تطوير منتجات جديدة لتحويلها وفق أحكام الشريعة الإسلامية، وقد نجحت المصارف والشركات الاستثمارية الإسلامية في تطوير منتجات لها خصوصياتها، بعد مرورها بمراحل متعددة، واستطاعت استقطاب حصة جيدة من الأسواق التقليدية واستقطاب عملاء جدد. وصناعة التمويل الإسلامي ظهرت منذ حوالي 30 عاماً فقط، منذ أنشئت أول مؤسسة مالية إسلامية بالكامل، واليوم تبلغ قيمة أصول الصناعة المالية الإسلامية 700 مليار دولار، وسوق الصكوك وحده يبلغ 100 مليار دولار، وهذه الأرقام أكبر دليل على مدى نجاح تلك المؤسسات.

> شهدت السنوات الماضية تحول مصرف تقليدي إلى إسلامي، والموافقة لآخر على التحول، برأيك أيهما أفضل التحول إلى إسلامي؟ أم تأسيس بنك إسلامي جديد؟

ـ بالنسبة للمصارف الإسلامية وزيادتها في الكويت، فمنذ عام 1978 وحتى عام 2004 لم يتغير عدد المصارف الموجودة، التي تمثلت في بيت التمويل الكويتي، وهو بنك يعمل وفق أحكام الشريعة الإسلامية منذ التأسيس، بالإضافة إلى المصارف التقليدية، وبعد تداولات عديدة تمت الموافقة على تأسيس بنك بوبيان الإسلامي برأسمال 100 مليون دينار. ويشهد البنك نمواً مطردا في الأصول منذ تأسيسه. وبعدها وطبقاً لقرار مجلس الأمة بالموافقة على تأسيس بنك جابر الإسلامي، الذي يطرح للاكتتاب العام، وبذلك يكون ثالث بنك إسلامي في الكويت. وبالنسبة للمصارف التقليدية، التي تمت لها الموافقة على التحول إلى مصارف إسلامية فكان أولها البنك العقاري، الذي تحول إلى البنك الدولي الإسلامي، والذي واجه العديد من التحديات، واستطاع اجتياز جميع المعوقات التي مر بها في عملية التحول، وأيضاً نجد مؤخراً قرارا من البنك المركزي على الموافقة لبنك الكويت والشرق الأوسط إلى التحول إلى بنك إسلامي، وبذلك يكون ثاني بنك يقوم بعملية التحول إلى العمل المصرفي الإسلامي. وبالفعل التأسيس يكون أسهل كثيراً من عملية التحول من التقليدي إلى الإسلامي، التي تتطلب العديد من الإجراءات المعقدة، مثل تدريب الموظفين والكوادر الموجودة في البنك على كيفية العمل الإسلامي، وكذلك تحويل كافة عمليات البنك طبقاً لأحكام الشريعة، مثل المحافظ الاستثمارية وغيرها، وأيضاً تأهيل عملاء البنك بكيفية العمل الجديد واستقطاب عملاء جدد يرغبون في التعامل، وفقاً لأحكام الشريعة، ولذلك كل هذه التحديات تحتاج من الجهد والوقت حتى يستطيع البنك تحويل كافة أعماله بنجاح. > ما رأيك في مطالبات بعض البنوك التقليدية الكويتية بفتح منافذ إسلامية لها؟ ـ هناك مدرستان مختلفتان بالكويت، الأولى تتمثل في رأي الجهات الرقابية في المركزي، التي تؤكد ضرورة أن يكون التحول إلى العمل الإسلامي تحولا كليا، ولا تسمح بفتح نوافذ إسلامية لأن ذلك يحتاج إلى أمور غاية في الدقة، مثل كيفية فصل الأموال وتدريب الكوادر والتعامل طبقاً لأحكام الشريعة، ويرى آخرون أن كل هذه الأمور أثبتت نجاحا كبيرا في تنفيذها، خاصة في ماليزيا، التي يسمح القانون فيها للمصارف التقليدية بفتح نوافذ إسلامية، وقد قطعت شوطاً ونجاحاً كبيرين في هذا القطاع. > مع هذه الزيادة في عدد البنوك الإسلامية. كيف ترى للمنافسة بينهما؟ ـ هنا تكون المنافسة غير عادلة، حيث تقوم المصارف التقليدية بطرح المنتجات الإسلامية بعد تطويرها، وبذلك يصبح لديها سوقان التقليدي والإسلامي، وتحرص البنوك التقليدية على طرح منتجات إسلامية نظراً للإقبال الكبير من العملاء على الاستثمار في منتجات تعمل طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية، ولعل نمو صناعة التمويل الإسلامي أكبر دليل على ذلك، حيث يتوقع أن تصل إلى 4 تريليونات دولار، وتعكس زيادة رؤوس أموال المؤسسات الإسلامية الثقة بمستقبل باهر. > واكبت زيادة عدد المصارف الإسلامية في الكويت زيادة كبيرة أيضاً في عدد الشركات الاستثمارية الإسلامية فماذا عن المنافسة؟ ـ تعتبر الكويت من أكبر الدول من حيث إجمالي عدد الشركات الاستثمارية الإسلامية، والتي تصل إلى حوالي 80 شركة، تعمل وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية، ولذلك أصبحت المنافسة أكثر اشتعالاً، خاصة مع زيادة ودخول لاعبين جدد للسوق وتسابقهم في طرح أفضل الخدمات. ولكن يظل أمام الشركات الجديدة الكثير من التحديات التي تقابلها في التأسيس، وأهم هذه التحديات وجود إدارة على درجة كبيرة من الكفاءة والمهنية، ولديها القدرة على اتخاذ أفضل القرارات الاستثمارية. وشهد قطاع الاستثمار الخليجي خلال الأربع السنوات الماضية انتعاشاً كبيراً وازدهارا ملحوظا بسبب كثرة الفوائض المالية وارتفاع أسعار النفط، الذي أدى إلى ظهور المزيد من الشركات.

> شهدت الكويت مؤخراً تعديل بعض القوانين التي تشجع على جذب المزيد من الشركات الأجنبية، فهل يؤثر ذلك على عمل الشركات المحلية؟ ـ إن تعديل قوانين الاستثمار في الكويت وخاصة قانون B.O.T. سوف يتيح فرصا عديدة للمستثمر الأجنبي للاستثمار في العديد من المشاريع، كذلك قانون التخصيص سوف يدفع بالشركات الأجنبية بالاستثمار في الكويت، خاصة قطاع النفط، الذي يحتاج إلى المزيد من الاستثمارات. وكذلك تهيئة البيئة الاستثمارية في الكويت ومنح المزيد من التسهيلات سوف يجعلها سوقا تجاريا واعدا قادرا على اجتذاب الاستثمارات الضخمة، وسوف يفتح المجال أيضاً أمام الشركات المحلية لعمل تحالفات مع الشركات الأجنبية، وحيث نجد أن المستثمر الأجنبي يقبل على الاستثمار في مشاريع مختلفة عن الشركات المحلية، حيث يتركز عملها في القطاع النفطي ومشاريع الطاقة والمشاريع الترفيهية وبالتالي يمكن أن يكون هناك تكامل بين الخبرات الوطنية والأجنبية. > تحرص معظم الشركات الاستثمارية في الكويت على الاستثمارات الخارجية وفتح أسواق متعددة، هل يعني ذلك أن السوق الكويتي طارد للمستثمرين الكويتيين وأنه سوق محدود؟

ـ لا ننسى أن هذه الشركات انطلقت من الكويت برأسمال كويتي، وبعد نجاحها وتحقيقها لأرباح جيدة تقوم بالبحث عن فرص أخرى للاستثمار. وانطلقت الشركة الأولى للاستثمار إلى الخارج، وتوسعت في العديد من الأسواق رغبة منها في البحث عن أفضل الفرص الاستثمارية في مختلف القطاعات مثل قطاع العقار، والبنوك، والشركات الاستثمارية الكويتية تبحث عن تلك الفرص ليس هروباً من السوق الكويتي، ولكن لتنويع مصادرها ولفتح أسواق جديدة.

> ما هي أهم الأسواق التي تستثمرون فيها وهل لديكم نية لدخول أسواق جديدة؟

ـ من أوائل الشركات التي استثمرت في السوق السعودي وأكثر من 40 في المائة من إجمالي استثماراتنا داخل المملكة، والسوق السعودي يعتبر من أكبر الأسواق الاستثمارية في الشرق الأوسط، ولديه فرص متميزة في العديد من القطاعات مثل سوق الأسهم، والتعليم، والنفط، والطاقة، القطاع المالي. وقامت الشركة الأولى للاستثمار بتأسيس شركات عقارية ومالية وأخرى في قطاع الطاقة والغاز ولديها شركاء استراتيجيين وعملاء من مؤسسات وأفراد. وتمتلك الشركة الأولى للاستثمار 40 في المائة من رأسمال شركة «اديم» المالية البالغ 60 مليون ريال (16 مليون دولار)، وتقوم استراتيجيتها على التقليل من مخاطر تقلبات أسواق المال والأسهم مع تعزيز التنوع وزيادة الربحية. وجاء تأسيس «اديم» المالية ليكون بمنزلة داعم رئيس لاستثمارات الشركة الأولى للاستثمار في المملكة العربية السعودية، الحالية والمستقبلية ضمن مختلف القطاعات المالية والعقارية والصحية والتعليمية وغيرها.