السعودية: التحذير من سماسرة يروجون لتسديد القروض بطرق متوافقة مع الشريعة

«سمة»: استفادوا من ثغرة عدم وجود نظام للتحصيل * خبير شرعي: التسديد يأخذ حكمين جائزاً وغير جائز

ازدادت خلال الفترة الماضية ملصقات الجهات التي تروج لتسديد القروض بشكل شرعي ومن خلال تعاملات غير واضحة (تصوير: خالد الخميس)
TT

حذر مختصون في أسواق المال السعودية من التعامل مع جهات غير رسمية للتمويل، والذي يشهده سوق القروض والتمويل في البلاد، حيث يروج حالياً لمنتج جديد غير رسمي تحت مسمى «تسديد قروض وتمويل عقاري» بطريقة شرعية إسلامية، مع الادعاء انه خلال 30 دقيقة، بحجة عدم معرفة مصادر تلك الأموال، والشبهات الإسلامية حولها.

وتأتي تحذيرات المختصون بعد ازدياد المكاتب التي تقدم ذلك النوع من الخدمات والتي بدأت ملصقاتها الترويجية تزداد بشكل كبير على واجهات فروع البنوك المحلية وأجهزة الصرف الآلي، خاصة أن تلك الأموال لا يعرف أين مصدرها، وفي شأن آخر هي تدخل ضمن استغلال حاجة الفرد.

وتشهد عملية الاقراض والتمويل في السعودية نمواً كبيراً بنسبة سنوية بلغت 100 في المائة، من خلال حجم القروض والذي وصل الى 200 مليار ريال (53.3 مليار دولار) حتى العام الجاري.

وذكر مصدر مسؤول في الشركة السعودية للمعلومات الائتمانية أن حجم القروض المتعثرة في السعودية يصل إلى 8 مليارات ريال (مليارا دولار) بشكل تقريبي، مشيراً إلى أن تلك المكاتب والسماسرة يسعون للعمل ضمن ذلك النطاق، وهو ما يشكل سوق كبيرة واسعة المدى.

وذكر نبيل المبارك المدير العام لشركة سمة للائتمان أن مقدمي ذلك النوع من القروض استفادوا من ثغرة عدم وجود نظام للتحصيل، وهو ما يساعد على إيجاد سوق لتسديد القروض والتمويل، مبيناً أن العملية تتم من خلال حاجة بعض المقترضين إلى قروض جديدة، إلا أنه لا يسمح لهم بالاقتراض وذلك يعود لكونهم متعثرين في سداد قروضهم الأصلية، مما يسجل لدى شركة سمه في السجل الائتماني، وبالتالي لا يمكنه الحصول على قرض جديد.

وأضاف أن ذلك يساعد تلك المكاتب من خلال المساعدة على تسديد القرض والحصول على قرض جديد بالنسبة للمتعثر، لافتاً أن العملية تتم من خلال حصول المقترض المتعثر على المبلغ المتبقى عليه لدى البنك، حتى يتم سداد القرض ومن ثم الرفع إلى شركة «سمة» بأن المتعثر سدد قرضه المتعثر، وبالتالي فأن «سمة» تسجل لديها بأن الفرد سدد قرضه وثم يتم الرفع من سجله الائتماني بأنه متعثر، مما يسمح له بان يحصل على قرض جديد من قبل البنوك والشركات المسجلة لدى الشركة السعودية للمعلومات الائتمانية.

وقال المبارك إن العملية هي عملية تدوير للمال، والمقترض في الغالب المتعثر يعمل على تسديد قرضه، مما فتح المجال إمام ذلك النوع من المنتجات غير الرسمية، مشيراً أن تكلفتها تكون عالية، حيث تسعى تلك المكاتب إلى تحديد نسبة تتراوح ما بين 30 إلى 40 في المائة كأرباح يدفعها المقترض من خلال تسديد قرضه أو دفعها بعد الحصول على قرض جديد.

وحذر المدير العام لشركة سمة من أن ذلك النوع من القروض قد يكون فرصة لتمرير عمليات غسيل الأموال، خاصة أنه لا يعرف من أين مصدرها، وبالتالي قد تشكل فرص لذلك النوع من العمليات الممنوعة، خاصة أن تسديد القروض والتمويل من تلك المكاتب لا يخضع لرقابة ولا جهة رسمية، وإنما هو استغلال لثغرة وحاجة أفراد لتسديد ديونهم من القروض.

وحسب متعامل في سوق تسديد القروض والتمويل العقاري فضل تسميته بـ«ابو خالد» فأن العملية تتضمن عددا من التعاملات المالية الإسلامية لسد حاجة أو حصول المقترض المتعثر لتسديد قرضه بطريقة سريعة لا تتجاوز نصف ساعه على حسب قوله.

وبين المتعامل في سوق تسديد القروض أن المنتج التمويلي يتم عن طريق بيع سيارة على المقترض بطريقة الآجل على حسب ما تبقى عليه من أموال، ومن ثم بيعها على احد الأشخاص الذين يختصون في شراء تلك السيارات بسعر ارخص، ليحصل المقترض على المال للازم ومن ثم يسدد قرضه الأول، ليتم رفعه من سجل المقترضين المتعثرين، مما يمكنه من الحصول على قرض آخر، ومن ثم يسدد قيمة السيارة، ويأخذ الفرق، حتى يتمكن من الحصول على مبلغ من المال قد يكون المقترض في حاجة اليه.

وأكد «ابو خالد» أن جميع التعاملات التي تتم في تسديد القروض والتمويل العقاري لا تخرج عن الأطار الإسلامي.

وحسب مصادر مطلعة فان أكثر المتعاملين في سوق تسديد القروض هم أصحاب معارض السيارات والمتعاملين فيه، والذين يستغلون فترة ركود سوق السيارات من خلال تدويرها، عن طريق بيعها على المقترضين المحتاجين للسداد.

إلى ذلك ذكر الشيخ خالد الدعيجي الأمين العام لموقع الفقه الإسلامي أن ذلك النوع من القروض يتحتم أمرين، جائز وغير جائز، مبيناً انه يجب التأكد من تلك العملية حتى يتم النظر في شرعيتها.

وأشار الدعيجي الى أنه في حال تمت العملية من خلال اتفاق مبطن بين الممول والمقترض، بمعنى بين البنك، وصاحب معرض السيارات، فإن ذلك لا يجوز شرعاً ويدخل ضمن الربا، وحتى أن لم يكون هناك اتفاق مكتوب، وكان عن طريق التفاهم الشفوي، في حين أذ لم يكون هناك اتفاق مكتوب وكان صاحب معرض السيارات يقرض لأي نوع من البنوك أو الجهات دون أن يكون هناك اتفاق مع تلك الجهات المالية فإن ذلك يدخل ضمن إطار ما يعرف بـ«التورق» والخلاف عليه معروف، وان كان يدخل ضمن الإجازة.

وبين الدعيجي أنه يجب على المقترض إن يكون ملماً في عملية تسديد قرضه، حتى لا يدخل في الشبهات، وبالتالي تكون جميع تعاملاته إسلامية بشكل صحيح، مشيراً الى أن الكثير من المقترضين يتوجهون إلى ذلك النوع من القروض حتى يستطيع الحصول على سيولة نقدية او تخفيض القسط الشهري الذي يدفعه، مما يساعده خفض التكاليف الشهرية والاستفادة من الراتب بشكل اكبر، إلا أنه سيواجه مدة أطول في تسديد القرض.

من جهة أخرى بين موظف في بنك محلي «فضل عدم ذكر اسمه» يعمل في اجراء عمليات التمويل أن الكثير من المقترضين يتوجهون إلى ذلك النوع من الاقتراض بهدف حصولهم على عدة فوائد، منها السيولة السريعة، رفع اسمه من سجلات شركة «سمة» للمتعثرين من السداد، ليتمكن من الحصول على تمويلات جديدة، مشيراً الى أن سرعة التسديد والحصول على قرض جديد هي ابرز الأسباب التي تدفع المقترضين إلى اخذ قروض جديدة.

وبين أن ذلك المنتج غير الرسمي يتسبب في خسارة العميل تكاليف كبيرة، والذي قد يخسر ما نسبته 30 في المائة يدفعها لأصحاب المعارض من السيارات، الذي حقق عوائد ربحية خلال يوم واحد، مبيناً أن الكثير من العملاء المقترضين لدى البنوك لا يهمهم كم يخسرون، بقدر ما يهمهم ما قد يحصلون عليه من سيولة نقدية، والتي قد تؤثر عليه على المدى المتوسط والبعيد.

وأوضح الموظف البنكي أن الكثير لا يتعاملون مع ذلك النوع من القروض بشكل واسع، وإنما ينظرون إليه بشكل ضيق قد يسبب لهم عواقب مستقبلية لا تحمد عقباها.

يذكر أن الكثير من الجهات التمويلية كالبنوك وشركات التقسيط، ترفض تقديم قروض او التمويلات للمقترضين المتعثرين في السداد، وذلك عن طريق الشركة السعودية للتعاملات الائتمانية «سمة» وهي أول شركة تقوم بجمع وتزويد كافة البنوك المحلية والشركات ذات العلاقة بمختلف المعلومات الائتمانية ذات الصلة، مما يفتح المجال إلى جهات تمويلية أخرى تساعد على رواج منتجات غير رسمية للمحتاجين من المتعثرين بالسداد.