الصيرفة الإسلامية والإنفاق في رمضان

لاحم الناصر

TT

بداية أهنئ نفسي وجميع إخواني المسلمين بلوغ هذا الشهر الكريم واسأل المولى جلت قدرته ان يعيننا على صيامه وقيامه وصيانته مما قد ينقص أجره من الأعمال الظاهرة والباطنة. ولا شك ان رمضان تشرق علينا أنواره وتحل علينا بركاته هذا العام في ظروف تختلف عن الأعوام السابقة حيث الكثير من المواطنين يكتوون بنار غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار والتي أتت بعد انخفاض سوق الأسهم التي قضت على الأخضر واليابس وتركت الكثير من الموطنين دون أي مدخرات بل مدينين لفترات طويلة تستهلك هذه المديونيات جل دخلهم. ومع تسابق أهل الخير والموسرين للبذل والعطاء في هذا الشهر الكريم، الذي سماه الرسول صلى الله عليه وسلم شهر المواساة، بطرق متنوعة ما بين صدقة على الفقراء والمساكين وسداد ديون المدينين وإقامة خيم إفطار للصائمين. كل ذلك طلبا للأجر من الله وإقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم حيث ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيُدارسه القرآن، فالرسول صلى الله عليه وسلم أجودُ بالخير من الريح المرسَلة». واستجابة لحث رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين المقتدرين على تفطير إخوانهم الصائمين فقال صلى الله عليه وسلم «من فطر فيه صائما؛ كان كفارة لذنوبه، وعتق رقبته من النار، وكان له من الأجر مثل أجر الصائم من غير أن ينقص من أجره شيئا». إلا ان المتابع لهذه الأعمال الخيرية والفعاليات الاجتماعية ليعجب اشد العجب من غياب وجود أي نشاط أو فعاليات للمؤسسات المالية الإسلامية أو النوافذ الإسلامية في المؤسسات المالية التقليدية مع زعمها أنها تنطلق في عملها من قواعد الشرع الحنيف، مما أهلها لتكون من أكثر المؤسسات المالية استفادة من هذا المجتمع. حيث تنشط أعمالها وتتضاعف أرباحها فأينها من مسؤولياتها الاجتماعية وواجباتها الشرعية، وهي المؤسسات الأقدر على القيام بهذه الفعاليات على أكمل وجه. إذ تملك الخبرة الإدارية والقدرة المالية فكان الأولى بها والأجدر ان ترعى مثل هذه الفعاليات وان تتبنى بعض المبادرات التي تخفف عن كاهل المواطن البسيط في هذا الشهر الكريم، مثل برنامج حقيبة مقاضي رمضان للأسر الفقيرة وخيم الإفطار الجماعي في المساجد بالتعاون مع وزارة الشؤون الإسلامية ودعم اسر السجناء والمرضى إضافة إلى قيامها برعاية الحملات الإعلانية والبرامج الإعلامية التي تهدف إلى التعريف بهذه الفعاليات وتحث الناس عليها. وتضع برامج داخل هذه المؤسسات لعملائها تساهم بها في تعريف العملاء بهذه الفعاليات وتقدم لهم خدمات القيام بها نيابة عنهم سواء في باب الزكاة أو الصدقات، على ان تكون رعاية هذه الفعاليات والحملات والبرامج من مالها الخاص أو من تبرعات عملائها. وليس من أموال التطهير التي لا تحل لها ولا من أموال الزكاة الواجبة عليها.

ان مثل هذه المساهمات والبرامج من قبل المؤسسات المالية تساهم في تحسين الصورة الذهنية لها في المجتمعات التي تعمل فيها بإعطائها صبغة إنسانية وبعدا أخلاقيا، وتعزز صورتها الإسلامية بعيدا عن صورتها الرأسمالية المتوحشة التي انطبعت في مخيلة الكثيرين عنها، وتكسبها ولاء عملائها والمتعاملين معها فيصبح المجتمع حاضنا لها يحميها من التعرض لأي هزات مالية في المستقبل، كما أنها تعود بالأجر والمثوبة على ملاك أسهمها والعاملين بها.

* مستشار في المصرفية الإسلامية [email protected]