إشراقات

لاحم الناصر

TT

الإشراقة الأولى ـ شيخ الصيرفة الإسلامية: في وقت كان نشاط الصيرفة التقليدية هو الغالب على النشاط المصرفي في المملكة العربية السعودية حيث لم يكن يوجد سوى مصرف واحد يعمل بأدوات الصيرفة الإسلامية. وحيث ان نشاط الصيرفة التقليدية قائم في غالب عمله على الإقراض والاقتراض بالفائدة المحرمة في الشريعة الإسلامية فلم تكن هذه المصارف محل قبول من غالبية أطياف المجتمع سواء من حيث التعامل معها أو العمل بها لان المجتمع السعودي في عمومه وبجميع أطيافه كان ولا يزال محافظا يرغب في ان تجري معاملاته وفق أحكام الشريعة الإسلامية. ويزهد فيما عدى ذلك مهما كانت المغريات، في مثل هذا المجتمع لا يمكن لأي شخص المغامرة بسمعته بالدخول في عمل مع المصارف التقليدية حتى ولو كان عمله مباحا أو ذا أهداف ومقاصد شرعية، فكيف إذا كان هذا المتعامل هو شيخ جليل ينتسب إلى هيئة كبار العلماء، لا شك أن الأمر سيكون أصعب عليه والمحنة اشد حيث سيكون أول مخالفيه ومعاتبيه هم إخوانه وأحبابه من المشايخ وطلبة العلم الآخرين فضلا عن شانئيه. إلا ان هذا الشيخ الجليل كان مستعدا للتضحية بكل شيء في سبيل تحقيق أهداف الشرع ومقاصده التي آمن بها، غير عابئ بما قد يصيبه من أذى في ذلك جاعلا نصب عينيه سير الأنبياء والصالحين من قبله وما أصابهم في سبيل الدعوة إلى الله وكأني به يردد قوله تعالى على لسان نبيه شعيب إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وما توفيقي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (هود: 88). ولم يمض على عمل الشيخ مع المصارف التقليدية وقت طويل حتى أحس القائمون عليها ببركة الحلال وتيقنوا من نجاح الصيرفة الإسلامية فتسارعت وتيرة تحول عمليات هذه المصارف إلى عمليات تعمل وفق أحكام الشريعة الإسلامية بل ان بعضها تحول بالكامل إلى العمل وفق أحكام الشريعة الإسلامية والبعض الآخر لا يزال يحاول الوصول إلى هذا الهدف كل ذلك بتوفيق الله ثم ببركة عمل هذا الشيخ وجهاده في هذا السبيل هو وإخوانه أعضاء الهيئات الشرعية فهل عرفتم هذا الشيخ الجليل؟ انه الشيخ عبد الله بن سليمان المنيع (حفظه الله) والذي لا يزال حتى اليوم يسعى هو وبقية إخوانه أعضاء الهيئات الشرعية دون كلل أو ملل إلى تحويل جميع المصارف السعودية للعمل وفق أحكام الشريعة الإسلامية. اسأل الله ان يتمم علينا هذه النعمة.

ان الجميع اليوم ولله الحمد يقرّ للشيخ بهذا الفضل والفضيلة وان اختلف معه في الرأي.

الاشراقة الثانية ـ الصيرفة الإسلامية في المصارف التقليدية: وجود قناعات مسبقة لدى الكثير من أفراد المجتمع، ان من يعمل في المصرف التقليدي هو مقر بممارسة المصرف راض بها لا يفرق بين الحلال والحرام والحقيقة في كثير من الأحيان تكون خلاف ذلك خصوصا لدى طبقة الموظفين الوسطى والدنيا. حيث تجد ان الكثيرين ممن يعملون في هذه المصارف مقتنعون بحرمة عملهم يؤرقهم ذلك ويقظ مضاجعهم ولكنها الحاجة التي ألجأتهم إلى ذلك. وقد لمست ذلك عن قرب وأحسست بمعاناتهم عن كثب عندما كنت اعمل في بنك الجزيرة السعودي في بداية التحول حيث كان الكثير من الموظفين مستبشرين بهذه الخطوة ويستعجلوننا في إتمامها وبالتالي فالكثير ممن يعمل في الصيرفة التقليدية سيكون حريصا على تطبيق الضوابط الشرعية لو قدر له العمل في منتجات أو إدارات الصيرفة الإسلامية. بل إنني اعرف احد الإخوة كان يعمل مصرفيا تقليديا في احد المصارف التقليدية وبعد ان عين رئيسا لإدارة المصرفية الإسلامية في هذا المصرف أصبح من احرص الناس على تطبيق الضوابط الشرعية سعيا لبراءة ذمته وخوفا من تبعات خيانة الأمانة مما قد لا تجده أخي القارئ الكريم عند بعض الإداريين من يعمل في مصرف إسلامي خالص ولولا أنني أخشى أنه لا يحب ان اذكره لذكرته، فلنحسن الظن بإخواننا.

والله من وراء القصد.

* مستشار في المصرفية الإسلامية [email protected]