اليمن: تعثر مشروع تعديل قانون البنوك الإسلامية

يهدد بعرقلة دخول 8 مصارف خليجية وعربية للسوق المالية

TT

أثار تعثر مشروع تعديل قانون البنوك الإسلامية في اليمن، والمقدم من البنك المركزي اليمني إلى مجلس النواب (البرلمان)، قلقا كثيرا من البنوك التجارية اليمنية والخليجية التي تعتزم دخول سوق المصرفية الإسلامية باليمن. ويتيح القانون المعدل في حال إجازته للبنوك التجارية اليمنية فتح نوافذ تعمل وفقا لمبادئ الشريعة الإسلامية، كما يتيح للبنوك العربية والأجنبية المساهمة في رأسمال البنوك اليمنية (التجارية والإسلامية) دون قيد أو تحديد وإيجاد فروع لهذه البنوك في اليمن. ويرجع تعثر مشروع تعديل القانون داخل البرلمان اليمني إلى معارضة عددٍ كبيرٍ من نواب لمشروع تعديل القانون باعتباره محاولة للالتفاف على النجاح الذي حققته البنوك الإسلامية في اليمن (بنك التضامن الإسلامي الدولي، بنك سبأ الإسلامي، البنك الإسلامي اليمني، وبنك اليمن والبحرين الشامل) خلال العاميين الماضيين بعد أن سجلت نموا مقدرا على مستوى الموجودات والأرباح والودائع وساهمت بنحو 45 في المائة من إجمالي القروض والتمويلات التي قدمتها البنوك اليمنية مجتمعة، فضلا عن استحواذها على 30 في المائة من حجم السوق المصرفي اليمني، وذلك برغم حداثة تجربتها التي تعود إلى عام 1996. وكان البنك المركزي اليمني قد تقدم خلال شهر مارس (آذار) الماضي بمشروع لتعديل القانون رقم 21 الخاص بالبنوك الإسلامية، وتتضمن التعديلات المقترحة إعطاء البنك المركزي اليمني حق تقرير الحد الأدنى لرأسمال أي بنك، وجواز مساهمة البنوك غير اليمنية في رأسمال أي بنك إسلامي دون قيد أو شرط. وتشمل التعديلات منح البنوك التجارية حق فتح نوافذ تعمل وفقا لمبادئ المصرفية الإسلامية، كما تشمل التعديلات إلغاء المواد التي تمنح البنوك الإسلامية الامتيازات والإعفاءات الواردة في قانون الاستثمار دون غيرها.

وبحسب محمد صالح اللاعي، وكيل محافظ البنك المركزي لقطاع الرقابة على البنوك، فان تعديل قانون البنوك الإسلامية يأتي استجابة لرغبة عدد من البنوك التجارية اليمنية في فتح نوافذ إسلامية نظراً لإقبال شرائح عريضة من العملاء على هذه النوافذ. كما يهدف إلى إزالة القيود التي يحتويها القانون السابق؛ ومنها تحديد مساهمة المستثمرين والبنوك غير اليمنية في رأسمال البنوك الإسلامية بما لا يزيد على 20 في المائة، وهو ما يتعارض مع توجهات الدولة لجذب الاستثمارات العربية والأجنبية.

في المقابل، يؤكد الشيخ حميد الأحمر رئيس مجلس إدارة بنك سبأ الإسلامي أن مشروع تعديل قانون البنوك الإسلامية يهدف بدرجة أساسية لتطويق نجاح هذه البنوك وتحجيم نشاطها لصالح البنوك التجارية من خلال تمكينها من فتح نوافذ إسلامية، موضحا أن البنوك الإسلامية استطاعت خلال فترة قياسية اجتذاب 45 في المائة من مدخرات اليمنيين وتوظيفها في مشروعات إنتاجية وتنموية، مشددا على رفضه لتعديل القانون.

لكن النائب البرلماني ووزير التخطيط السابق احمد صوفان يؤيد مشروع تعديل قانون البنوك الإسلامية كخطوة لتحقيق المصلحة العامة وضمان التوافق في السياسة الاقتصادية للدولة. كما أن القانون المعدل يكسر احتكار النشاط الاقتصادي من قبل نخب أو فئات. واتهم صوفان البنوك الإسلامية بالتحايل على الشريعة الإسلامية وعدم ممارستها لأنشطة تنموية واستثمارية حقيقية بقصر نشاطها على صيغ المرابحة دون الصيغ المتعددة الأخرى.

وتبدي أوساط اقتصادية يمنية تخوفاً من فتح الباب أمام دخول البنوك العربية والأجنبية إلى السوق المصرفي بالنظر للاختلالات الهيكلية التي تعانيها البنوك التجارية ومحدودية رأسمالها؛ الأمر الذي يجعلها في مستوى المنافسة، إلا ان غير ذات الأوساط ترى أن مشروع تعديل قانون البنوك الإسلامية الجديد، سيجاز في نهاية الأمر من قبل مجلس النواب طالما انه يحظى بتأييد نواب الحكومة، والذين يشكلون ثلثي أعضاء المجلس.

وفى سياق متصل، دعا أحمد دعميم الوكيل المساعد لقطاع الرقابة على البنوك في البنك المركزي البنوك الإسلامية في اليمن إلى إيجاد تكتل مصرفي إسلامي قوي يمكنها من منافسة البنوك العربية والأجنبية التي ستدخل خلال الفترة القادمة إلى السوق اليمني بدلا من معارضة مشروع القانون الجديد.

وأوضح دعميم أن 8 بنوك خليجية وعربية (أغلبها بنوك إسلامية) تقدمت بطلبات للبنك المركزي اليمني لفتح فروع لها في اليمن أو للمساهمة في رأسمال عدد من البنوك القائمة، وان البنك المركزي اليمني يدرس منح تراخيص لهذه البنوك خلال الفترة القادمة. وتبدي أوساط اقتصادية يمنية تخوفاً من فتح الباب أمام دخول البنوك العربية والأجنبية إلى السوق المصرفي بالنظر للاختلالات الهيكلية التي تعانيها البنوك التجارية ومحدودية رأسمالها، الأمر الذي يجعلها في مستوى المنافسة، غير أن ذات الأوساط ترى أن مشروع تعديل قانون البنوك الإسلامية الجديد، سيجاز في نهاية الأمر من قبل مجلس النواب طالما انه يحظى بتأييد نواب الحكومة، والذين يشكلون ثلثى أعضاء المجلس.

لكن فتحي عبد الواسع، مدير بنك التضامن الإسلامي الدولي (أكبر البنوك التجارية والإسلامية العاملة في اليمن) يكشف عن أن البنوك الإسلامية تدرس حاليا إنشاء مشاريع مشتركة فيما بينها؛ موضحا أن بنك التضامن لا يمانع فكرة الاندماج مع البنوك الأخرى، كما لا يتخوف من دخول بنوك منافسة إلى السوق اليمني، مؤكدا أن وجود بنوك عربية وأجنبية ستكون له مردودات ايجابية ويسهم في تطوير الأداء المصرفي في اليمن.

يشار إلى أن بنك التسليف التعاوني الزراعي وقع بالأحرف الأولى مع بنك الدوحة قطر مطلع العام الحالي اتفاقا لإنشاء بنك إسلامي مشترك في صنعاء برأسمال قدره 100 مليون دولار مناصفة بين الجانبين. وتم تحديد رأس المال المدفوع بـ50 مليون دولار غير أن هذا المشروع ما زال رهن بإيجازة مشروع القانون من قبل البرلمان اليمني، كما سبق أن تقدمت 6 بنوك تجارية يمنية بطلبات للبنك المركزي اليمني لفتح نوافذ إسلامية.