مصرفيون: قصور المهارات لا يزال يعرقل المعاملات المالية الإسلامية

أكدوا أن أكبر تحد يواجه الصيرفة والمعاملات الشرعية هو الموارد البشرية

TT

بعد أكثر من 20 عاماً منذ أن دشنت ماليزيا خطتها الطموحة التي تؤهلها لأن تكون مركزاً للمعاملات المصرفية الإسلامية، يحاول البنك المركزي للبلاد ـ بنك نيجارا ماليزيا BNM ـ إقناع المجموعات العالمية لدخول السوق. وتأتي هذه الخطوة في وقت أثبتت فيه قلة الأيدي العاملة المؤهلة أنها هي التي تقف حجر عثرة في وجه هذه الصناعة.

ويشير مصرفيون الى أن تشجيع البنك المركزي لجذب مؤسسات دولية أكثر متخصصة في هذا المجال يأتي في وقت مبكر عن موعد الانتهاء المحدد عام 2010 عندما يتحول 20 في المائة من القطاع المصرفي إلى المعاملات المالية الإسلامية. النسبة الحالية تقف عند مستوى 15 في المائة.

من جهته ذكر داتو محمد رظيف عبد القادر، نائب محافظ بنك «نيجارا ماليزيا»، أن العنصر المهم بالنسبة للبنك هو الجودة، وجودة المؤسسات ترتبط مباشرة بمدى انجذاب أغلب الخبراء الواعدين بهذا المجال.

وغالبية سكان ماليزيا هم من المسلمين. كما ان هذه الدولة الآسيوية نجحت في ترسيخ مفاهيم وممارسة الصيرفة والمعاملات المالية الإسلامية. وربما كانت جهود ماليزيا لتعزيز نمو هذا القطاع مدفوعة لاعتبارات محلية. ولكن هذه الدفعة تتزامن أيضاً مع الانتعاشة التي شهدها النفط في منطقة الشرق الأوسط، الأمر الذي دعا المستثمرين العرب المسلحين بأرباح بيع النفط إلى السعي وراء الاستثمارات خارج المنطقة.

وفي ظل الارتفاع التاريخي المستمر الذي يشهده النفط وتوقعات المحللين بزيادات جديدة، لن يكون هناك قصور في رؤوس الأموال المزمع استغلالها في اقتناص فرص الاستثمار. ويأمل بنك «نيجارا ماليزيا» في إرساء الأساس المتين في ماليزيا لتصبح وجهة عالمية للمستثمرين الإسلاميين.

كما ان بعض أبرز المشاركين في هذه الصناعة في منطقة الشرق الأوسط هم أول من أقر بمشكلة قصور العمالة.

الى ذلك بين حسين القمزي، كبير تنفيذيي بنك نور الإسلامي في دبي، والذي افتتح في العام السابق، أنهم في موقف يطارد فيه الطلب الشديد على المواهب عدد قليل جداً من الأشخاص.

ويرى القمزي أن إبراز صورة البنك في القطاع سيعتمد إلى حد كبير على عثوره على خبراء ليسوا مؤهلين فحسب، بل يملكون خبرة في هذا المجال أيضاً.

وفي ماليزيا أيضاً، يسلط كبار الساسة والتنفيذيين بالبنوك الإسلامية الضوء على أهمية العثور على خبراء من الطراز الأول لتعزيز نجاح أعمالهم.

ويقول السيد عبد القادر من بنك «نيجارا ماليزيا» إننا ننظر بترقب شديد إلى البيئة الجديدة، ولا نحصر أنفسنا بالبيئة المحلية فقط، وندرس تدويل المعاملات المالية الإسلامية.

ويعلق يعقوب بوبات، المدير الإداري لأمانة بنك HSBC في ماليزيا، وهو الفرع المصرفي الإسلامي للبنك على ذلك بقوله: إن أكبر تحد «يواجه الصيرفة والمعاملات الإسلامية» هو العمالة. ومن الحلول المطروحة تقديم تدريب أكاديمي في مجال المعاملات المالية الإسلامية. وفي السنوات القليلة الماضية، بدأت بعض الأقطار مثل ماليزيا ودبي استضافة برامج أكاديمية ومهنية في هذه المضمار.

وتستهدف هذه البرامج العاملين الطموحين في مجال الصيرفة والمعاملات الإسلامية، علاوة على من يملكون خبرة واسعة في مجال الصيرفة العادية.

ويرى المصرفيون أن هذه الفرص الأكاديمية ليست بديلاً عن التدريب العملي أثناء العمل في البنوك والمؤسسات المالية، حيث يلقن العاملون الجدد رسمياً ويمنحوا إجادة للدراسة.

ومع ذلك، فقد تباطأت الشركات في تبني هذا المنحى لعدد مختلف من الأسباب بما في ذلك الخوف من أن ينتهك المنافسون المتدربين.

ويوضح أحد كبار المصرفيين إن هذه فجوة ضخمة، فإذا كان من المزمع أن تقدم جميع المؤسسات المالية على استضافة برامج تدريب داخلية منظمة، فربما تسنح الفرصة للحد من هذه القصورات، مشيراً أنه في حال نظرت البنوك الإسلامية وغيرها من المؤسسات إلى مصالحها البعيدة الأجل بعين الاعتبار فسيكون التغلب على القصورات في الموارد البشرية ملائم للجميع.

ويرى الآخرون أنه يمكن إحراز التقدم من خلال التشبه بدول مثل ماليزيا التي شجعت على نمو صناعة المعاملات المالية الإسلامية.

وبينما دعم عدد من الدول في منطقة آسيا، بما في ذلك باكستان وإندونيسيا، نمو الصيرفة والمعاملات المالية الإسلامية، إلا أن هذه الدول لا تقارن بماليزيا التي يضرب بها المثل كدولة شهدت المشاركة الفعالة للبنك المركزي الذي ارتبط بشبكة من المؤسسات المالية المشاركة في القطاع.