مطالب بإلزام البنوك الإسلامية الاستعانة بمراقب شرعي خارجي

للقضاء على الشكوك والمخاوف التي تواجه بعض المتعاملين

ندوة البركة التي نظمت الشهر الماضي ناقشت موضوع الرقابة الشرعية («الشرق الأوسط»)
TT

طالبت مجموعة من المتعاملين مع البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية، بضرورة استعانة المؤسسات والبنوك بجهات رقابية شرعية مستقلة لا تخضع لها، على أن يكون ذلك بشكل إلزامي ليعطي مصداقية أكثر للبنوك التي تقدم منتجات مصرفية إسلامية.

ويرى العملاء أنه بالرغم من نجاح المصرفية الإسلامية في الوقوف في وجه الانهيارات التي تعرضت لها النظم المالية الغربية، إلا أن ذلك لا يجعلها في مأمن من المحاسبة من قبل جمهور المتعاملين معها.

وغالبا ما تأتي هذه المطالب مع عدم الإلمام الجيد بآليات عمل البنوك الإسلامية ومنتجاتها، على اعتبار أن العميل كان في السابق يحصل على قروض بفوائد محددة مسبقا، أما الآن فيحصل على تمويل بنسب مرابحة هي نفسها التي كانت تقدم، الأمر الذي يجعل العميل غير مدرك للفروق بين التقليدي والإسلامي.

كما أن عدم وجود موظفين متخصصين في كثير من البنوك الإسلامية ساهم في وجود ضبابية في عملها، حتى باتت المصطلحات مثل «التورق» و«المرابحة» غير واضحة للعميل الذي ليس ملما بأساسيات العمل المصرفي الإسلامي.

في المقابل يرى بعض الخبراء والمتخصصين في المصرفية الإسلامية أن تباهي المصارف الإسلامية أنها في مأمن من انهيارات الأسواق ليس له ما يبرره، خاصة أن الكثير مما تقدمه هذه المصارف هو في الأصل قادم من المصارف التقليدية، فضلا عن بعض اللبس والشكوك في ما تقدمه المؤسسات المالية الإسلامية من منتجات قد تدور حولها شبهات ربوية.

واعتبر المتخصصون ما تقدمه المصارف الإسلامية يحتاج إلى جملة من الإجراءات من أهمها متابعة المنتجات المالية التي تقدم للعملاء، حيث أن بعض الهيئات الشرعية في البنوك لا تتابع تطبيقات المنتجات التي أجازتها من الناحية الشرعية. إلى جانب أن كثير من أعضاء الهيئات الشرعية يواجهون ضغوطا كبيرة من المؤسسات المالية الإسلامية من حيث كثرة اجتماعاتها مع الشح الكبير في المتخصصين في هذا المجال.

وطرح بعض الخبراء موضوع الرقابة الشرعية الخارجية كبديل يمكنه أن يزيل الشكوك والمخاوف التي تعتري بعض المتعاملين مع البنوك الإسلامية، مشيرين إلى أن الرقابة الخارجية هي شبيهة في عملها في المحاسبة الخارجية التي تُلزم بها المؤسسات المالية.

وقال لـ«الشرق الأوسط» الدكتور حمزة حسين الفعر، مدير عام بيت الخبرة العالمي، إن الرقابة يمكن أن تكون قسمين، داخلي يمكن أن تمارسه البنوك والمؤسسات من خلال ما عندها من أجهزة وكوادر مخصصة لمتابعة تطبيق المنتجات والتأكد من العمليات، والآخر رقابة خارجية، وهو الأمر الذي يندر تطبيق المؤسسات المالية الإسلامية له.

واعتبر الفعر عدم اهتمام المؤسسات والبنوك الإسلامية بموضوع الرقابة الشرعية الخارجية، كون الرقابة تعطي شفافية ووضوحا أكثر، وأن بعض المؤسسات والبنوك لا ترغب في التعامل بمثل هذه الأشياء.

واعتبر مدير عام بيت الخبرة العالمي لجوء بعض المؤسسات المالية إلى المراقب الشرعي الخارجي فرصة لزيادة المصداقية لدى شريحة كبيرة من العملاء الذين يرغبون في معرفة تفاصيل تطبيقات المنتجات المالية التي تقدمها المؤسسات.

وأوضح الفعر أن الرقابة الخارجية تزيد من مصداقية المؤسسة نفسها من خلال الاعتماد على الرقابة الخارجية التي هي شبيهة بمراقب الحسابات الخارجي، ويعتبر جهة مستقلة غير خاضعة للمؤسسة المالية، ولا تربطه أي علاقة سوى علاقة تعاقدية بين الطرفين.

وأضاف الفعر أن الرقابة الخارجية تدفع المؤسسات المالية والبنوك إلى معرفة الأخطاء التطبيقية، ومعالجة أوجه القصور والخلل حتى تزيد من طمأنينة العملاء، كما يدفع المؤسسات إلى تطوير ذاتها، وعدم الركون إلى إجازة الهيئة الشرعية للمنتج.

وتابع الدكتور حمزة الفعر حديثه بالإشارة الى نداءات كبيرة يطالب بها عملاء البنوك بوجود جهات رقابية شرعية بعيدة عن تأثير البنك وسلطته، موضحا أن الهيئات الشرعية الموجودة حاليا تُعين بمعرفة إدارة البنك، وأنه من الضروري تعيين جهات مستقلة خارجية لمتابعة المنتج، وأن يكون تعيينها عن طريق الجمعية العمومية للمؤسسات أو البنوك.

وأعطى الدكتور الفعر مثلا في البيوع في السلع الدولية التي تتم عن طريقة البورصات العالمية وأن فيها كثير من المخالفات الشرعية الكبيرة. وهذه البورصات يمكن متابعتها وتقييم المنتجات فيها عن طريق جهات مستقلة خارجية في الرقابة.

من جهته أكد ياسر دهلوي المدير التنفيذي لدار المراجعة الشرعية على أهمية الرقابة الشرعية الخارجية، وأن الصناعة المالية الإسلامية بحاجة إليها مع النمو المتواصل لها. مشيراً الى ان المراجع الشرعي الخارجي يؤدي ادوارا كبيرة، وبخاصة في نقل الصورة الصحيحة للمؤسسة المالية الإسلامية أو البنك الذي يقدم منتجات متوافقة مع الشريعة الإسلامية. لافتاً أن هدف وجود مراقب أو مراجع شرعي خارجي هو تعزيز المصداقية ودعم الهيئة الشرعية للمؤسسة مع استقلالية المراقب الخارجي.

وطالب دهلوي بضرورة معاملة المراقب الشرعي الخارجي كما هو الحال مع مدقق الحسابات الخارجي، حيث أن كل منهما جهة مستقلة تقوم بالتدقيق ومتابعة سلامة الأداء، وأن الحاجة ماسة أكثر للبنوك التي تتعامل بالمنتجات المتوافقة مع الشريعة، كون العملاء يبحثون دائما عن مدى مصداقية ما يقدم ومدى توافقه مع ما أجازته الهيئات الشرعية.

ويؤكد المدير التنفيذي لدار المراجعة الشرعية على أهمية المراقب الشرعي الخارجي، كونه يتولى فحص وتدقيق مدى التزام المؤسسة أو البنك بالمعايير المحاسبية الشرعية أو بما اعتمدته الهيئة الشرعية للمؤسسة، وبالتالي يعطي رأيا مستقلا للمؤسسة، مشيراً أن دور المراقب الشرعي يتجاوز متابعة المنتجات إلى تقويم المؤسسات والشركات التي ترغب في طرح الاكتتابات وتنتهج العمل وفق الشريعة الإسلامية، حيث إن كثير من المراقبين الشرعيين المستقلين يقوم بفحص أداء وعمل المؤسسات الجديدة أو التي ترغب في التحول إلى عمل وفق الشريعة.

وشهدت مؤسسات الرقابة الشرعية، بالرغم من قلتها وندرتها، إقبالا جيدا خلال العامين الماضيين بسبب مطالبات كثير من عملاء البنوك والمؤسسات بضرورة وجود مراقبين خارجيين مستقلين يتولون الرقابة على ما يتم تقديمه من منتجات وإعطاء الرأي المستقل بذلك.